الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل دنت ساعة الحسم العسكري في أوكرانيا ؟

كريم المظفر

2022 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


مع قرب دخول العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا شهرها التاسع، تزايدت الدعوات الأوكرانية والأمريكية والبريطانية، والدول " الطفيلية " من شرق أوربا ، بضرورة الاستمرار في دعم أوكرانيا بالسلاح ، بنفس الوتيرة التي كانت سابقا ، قابل ذلك أطلاق تحذيرات مقابلة في العديد من الدول الغربية ، تحذر من بعض الارتدادات السلبية للتوسع في عمليات تسليح أوكرانيا، سواء على مستوى التأثير على تسليح الجيوش الوطنية لهذه الدول، أو على مستوى تصاعد الاضطرابات الداخلية نتيجة معارضة هذا التوجه.
ومع طول فترة العمليات العسكرية، تكشفت الكثير من الحقائق في المقدمة منها، أن تسليح أوكرانيا هو مطلب أميركي، يهدف الى تشجيع الرئيس الأوكراني على الاستمرار في عناده ، ورفض كل الدعوات الروسية للجلوس على طاولة المفاوضات ، وتصوير " المهرج زيزو " ، على انه بطل قومي ليس في أوكرانيا وحدها ، بل في العالم كله ، وترسيخ شعور " داء العظمة " لديه ، من خلال حملة ترويجية كبيرة في المحافل الدولية والمؤتمرات ، والتصريحات " الكارثية " التي يطلقها هنا وهناك ، يأنب فيها هذه الدولة او تلك لتقاعسها في دعمه ، ويقترح على الدول ان تعمل هذا وذاك ، وسط ذهول دولي لم يسبق ان تمتع بهذه الصلاحيات أي شخصية عبر التاريخ ، ما يعني استمرار الحرب من غير أن تكون المفاوضات ذات نفع يُذكر.
ومع مرور الوقت تتكشف حقائق " مذهلة " ن واقع المجتمعات الغربية ، فقد كشفت الولايات المتحدة وبريطانيا وأوربا عن وجههم القبيح و" المقزز " ، واثبتوا انهم مجموعة من " السارقين " وقطاعي الطرق ، والعنصريون حتى النخاع ، فلم يكفيهم ان جمدوا الأموال والممتلكات الروسية ، بل يحاولون "طمس " كل ما هو يرتبط بالثقافة الروسية من أدب وثقافة وفن موسيقي ، تلك الثقافات التي عرفها القاصي والداني على مر التاريخ ، وتربت عليه أجيال متعددة ، لما تحمله هذه الثقافات من سمات إنسانية وأجتماعية وإبداعية ، وكذلك " أبعاد " كل الرياضيين الروس ، والذي لم باع طويل في حصد الاوسمة والمداليات المختلفة من المشاركات الدولية ، واليوم يدور الحديث ، على تقاسم هذه " السرقات ، فقد اقترح رئيس وزراء بولندا ماتيوس مورافيتسكي تقاسم الأصول الروسية المجمدة، وتحويلها لمساعدة كييف والاتحاد الأوروبي ، حيث يصل حجم هذه الأصول إلى حوالي 350 مليار يورو ، لتنفيذ أعظم السرقات في التاريخ.
إن فكرة تسليح أوكرانيا في حرب خاسرة هي فكرة أميركية، الغرض منها إظهار أوروبا العاجزة عن وضع حد لحرب تضر بها بالدرجة الأساس ، ولم يختلف الخبراء العسكريون والمحللون السياسيون في تقدير قوة روسيا وعظمة ترسانتها التسليحية والقتالية ، ففي هذه المعادلة روسيا هي الطرف الأقوى ، وهي أيضا لم تكن راغبة في إسقاط العاصمة كييف ، لأنها لا تريد إنهاء الحرب بطريقة تكلفها الكثير ، وعلى خلاف الماكنة الإعلامية الغربية وما تبثه من معلومات " مظللة " وبشكل كبير ومفضوح ، فإن روسيا قادرة على حسم الحرب لصالحها بسبب تفوقها في كل شيء كما أن المجتمع الدولي لن يقوى على اتخاذ قرار ضدها .

" الخبث والتآمر " هو عنوان دائم في أدبيات الفكر السياسي الأميركي ، لذلك تحاول الولايات المتحدة الامريكية ضرب عصفورين بحجر واحد ، فهي تؤكد ان مصالحها الاستراتيجية تتعزز مع وجود اتحاد اوربي " ضعيف وهزيل " ، وبعكسه فوجود اتحاد اوربي قوي هو أكثر خطورة على النفوذ الأميركي من روسيا القوية ، فروسيا لا تنافس الولايات المتحدة على زعامة العالم الغربي ، بل العكس ، ان روسيا كانت دائما تنادي الى ضرورة ان يكون هناك اتحادا اوربيا متماسكا يقود نفسه بنفسه ، وبناء علاقات ذات مصالح مشتركة معها ، مبنية على الاحترام والتفاهم ، وبعيدا عن سياسة الهيمنة الامريكية والتسلط على الحكومات الاوربية ، ولذلك وقفت الولايات المتحدة بكامل قوتها وأكاذيبها مع مشروع الانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) ، وهي اليوم تعمل على أن تكون كل الطرق مسدودة بين روسيا والاتحاد الأوروبي ، مستغلة غياب السياسيين الأوروبيين الكبار فصارت تعبث بعقول السياسيين الهواة الذين لم ينجحوا في تخطي العقبة الأوكرانية في علاقتهم بروسيا.
كما ان الولايات المتحدة ومن خلال حرب أوكرانيا ، عملت على توحيد الاتحاد الأوربي للسير خلفها ، ونجحت الى حد ما في ذلك ، فهي من جهة وجدت في تلك الحرب مناسبة لفرض كل أنواع العقوبات على روسيا بمشاركة الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا ، ومن جهة أخرى، فإنها أوقعت الاتحاد الأوروبي في واحدة من أخطر الأزمات التي كشفت عن ضعفه ورداءة الأداء السياسي لزعمائه ، الذين لم يكونوا جادين في إنقاذ أوكرانيا ، بقدر ما كانوا يحاولون إرضاء الولايات المتحدة ، من غير أن يضمنوا أنها ستقف مع أوكرانيا وتدفع عن شعبها اضرار حرب مدمرة.
والمتتبع لمجريات الخطوات الاوربية تجاه مسألة تسليح أوكرانيا وبضغط أمريكي كبير، يرى ان دول الاتحاد باتت تستشعر مكامن الخطر على نفسها، فقد شهدت الفترة الأخيرة صعود العديد من المؤشرات والمواقف التي عكست قلق بعض دوائر صنع القرار الغربية من التداعيات السلبية التي قد تترتب على التوسع في عمليات تسليح أوكرانيا، وفي هذا السياق، تتصاعد التساؤلات حول تداعيات عمليات تسليح أوكرانيا على الدول الغربية، وأبرز المؤشرات التي عكست هذه التخوفات لدى بعض الدول الغربية.
وأقتنعت العديد من الدول الاوربية الكبرى ان حرب أوكرانيا كان مخططا لها أميركيا ولكن المخطط الأميركي ما كان له أن ينجح لو أن الاتحاد الأوروبي كان في أقوى حالاته، ورفض جميع الخطوات الامريكية المدعومة من " طفيليات " الاتحاد من أوربا الشرقية، ونخص بالذكر منها بولندا ودول البلطيق ، في عقوبات أقتصادية ضخمة ، كانت مساحتها الارتدادية أكبر إيلاما على دول الاتحاد نفسها ، واسهمت في التقليل من الاستقلالية الاوربية المنشودة .
وبدأت تتعالى صيحات القادة العسكريين الغربيين من خطورة الوضع الحالي بشأن تسليح اوكراني ، فمثلا عبَّر عن هذه التخوفات تصريحات وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرشيت بأن برلين وصلت إلى “الحد الأقصى” من السلاح الذي يمكن منحه لكييف، دون الإضرار بقدرات وتسليح الجيش الألماني ، و عن قرب وصول الدعم العسكري الألماني لأوكرانيا إلى الحد الأقصى؛ ما يعني محدودية خيارات ألمانيا في هذا الصدد في الفترات المقبلة، وكذا تباطؤ وتيرة الدعم لأوكرانيا ، كما صرح ” توني راداكين” رئيس أركان الدفاع البريطاني، في شهر يونيو الماضي “الأمر سوف يستغرق عدة سنوات؛ فليس بمقدورنا بلمسة سحرية الإنتاج السريع للأنواع المتطورة من الأسلحة”.
أما في فرنسا فإن شركة “نيكستر” الفرنسية الدفاعية لتصنيع مدافع من نوع “هاوتزر قيصر” اعترضت على طلب الحكومة الفرنسية التي أرسلت 18 مدفعاً إلى أوكرانيا، بتزويدها مدافع من هذا النوع ، وقالت إنها بحاجة إلى عام ونصف العام تقريباً لإتمام المهمة؛ ما يعني أن الدول الغربية تعاني من أزمة ذات بُعدَيْن في هذا الصدد: البعد الأول يتمثل في نقص مخزون الأسلحة والذخائر والمعدات بدرجة مقلقة، والبعد الثاني يتمثل في الصعوبات التي تواجه شركات الدفاع فيما يتعلق بعمليات إنتاج أسلحة جديدة خلال مدى زمني قريب.
التحذيرات الروسية من المخاوف بشأن وصول الأسلحة الغربية المرسلة الى أوكرانيا ، الى أيدي الإرهابيين ، ونشرها مقاطع مصورة أظهرت مقاتلين متمركزين في سوريا يحملون أسلحة غربية مضادة للدبابات ، كانت قد أُرسلت إلى أوكرانيا، بالإضافة الى ما يتردد من معلومات حول بيع الأسلحة الغربية في الأسواق السوداء، لم يأخذها الغرب في البداية " بجدية " ، لكن اليوم برزت مخاوف كبيرة لدى الاوربيين ، الذي تحصلوا على معلومات تفيد أن هناك عصابات إجرامية من أوروبا الشرقية تدخل أوكرانيا من بولندا، وتدفع أموالاً مقابل شراء الأسلحة الغربية ليعودوا بها إلى الاتحاد الأوروبي ، وقد تتحول إلى مصدر تهديد كبير بالنسبة إلى أوروبا حال وقوعها في أيدي جماعات إرهابية أو إجرامية .
كما ان تداعيات عمليات تسليح أوكرانيا ، أمتدت لتشمل زيادة معدلات الاضطراب الداخلية في بعض البلدان الغربية ، وارتفاع وتيرة الاحتجاجات داخل بلدان الاتحاد الأوروبي اعتراضاً على عمليات تسليح أوكرانيا، لما يحمله هذا التوجه من تداعيات اقتصادية على الدول الأوروبية ، ما أدى الى أندلاع احتجاجات شعبية، في مدن أوربية كبيرة في ألمانيا، والتشيك ، منتقدين موقف حكومة بلادهم من الحرب في أوكرانيا، ومتهمين إياهم إلى أنها اهتمت بالحرب أكثر من معالجة الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة ، وربما يدفع الدعم العسكري المتنامي لأوكرانيا نحو تصاعد الضغوط السياسية على الحكومات الغربية، وخصوصاً أن بعض قوى المعارضة تنتقد الحكومات ودعمها الكبير لأوكرانيا .
إن الرد الروسي المباشر بقصف مدن اوكرانية عديدة ومن بينها كييف ، ردا على عملية تفجير جسر القرم في الثامن من أكتوبر الجاري ، وتعيين جنرال الجيش سيرغي سوروفيكين قائداً لمجموعة القوات المشتركة في منطقة العملية العسكرية الروسية الخاصة ، وهو من الجنرالات «الصقور» الأكثر ميلاً للحسم في مناطق عمله ، وكان في فترات سابقة يقود العمليات الروسية في سوريا ، ثم غدا قائداً لسلاح الجو ، ووجود تحركات عسكرية روسية ملحوظة على خطوط التماس ، تظهر عكس ما يردده عدد من المسؤولين الأميركيين والغربيين، من أن الحرب الأوكرانية لا تبدو أنها بصدد الوصول إلى خواتيمها في أي وقت قريب ، وهو ما يثير مسألة بالغة الأهمية تتعلق بكيفية مواصلة توفير الإمدادات العسكرية للقوات الأوكرانية، في ظل إشارات واضحة، صدرت من قادة الـ«بنتاغون» ، وأن منظومات «هيمارس» الجديدة، التي وعدت واشنطن بتسليمها لأوكرانيا ستأتي من مصانع الشركة المصنعة، (لوكهيد مارتن)، وليس من مخزونات الجيش الأميركي، وهو ما قد يحتاج إلى «بضع سنوات» ، وازدياد تذمر العواصم الاوربية الأخرى بأن مخزوناته اقتربت من حدها الأقصى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة