الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهداءُ مصرَ -المصريون- ... لأجل الوطن!

فاطمة ناعوت

2022 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بدايةً أرجو أن يسامحني القارئُ العزيزُ على ركاكة الصياغة في عنوان المقال. فليس أكثرَ انتهاكًا للغة من تعريفَ المُعرَّف، وتفسير الماء بالماء! هذا ما يُسمِّيه النقادُ وعلماءُ اللغة: “الترهُّل اللغوي". حين تضعُ في الجملة كلماتٍ زائدةً ليس لها داعٍ؛ فتُثقِلُ الجُملةَ وتُضعِف المعنى، ويَمَلُّ القارئُ؛ مثلما بالتأكيد قد مللتَ الآن أيها القارئ العزيز. “شهداءُ مصرَ المصريون"! هل نحتاجُ إلى كلمة "المصريون" بعد عبارة "شهداءُ مصرَ"؟ ثم هل نحتاج كذلك إلى تنصيص الكلمة بقوسين “...” لا داعٍ لهما؟! لماذا نعذِّبُ اللغةَ العربية الجميلة بهذا الترهُل والإثقال في شرح البديهيات وتكرارها، ثم التأكيد عليها بعلامات الترقيم؟! هل نحتاج إلى كل هذا؟! للأسف يبدو أننا نحتاجُ إلى ذلك طالما تغيبُ البديهياتُ عن عقول البعض! وللأسف حين يكون هذا البعضُ من الكبار الذين يُسمع إليهم ويؤخذ عنهم! (انتصاراتُ أكتوبر أعزَّ اللهُ بها العربَ والمسلمين وأيدهم بنصره). هذا التصريحُ المجحفُ قاله البعضُ، منهم أدعياءُ وتجّارُ دين، لا وزن لهم عندي، فابتسمنا وضربنا عنهم صفحًا. ولكن حين قالها الإمامُ الأكبرُ شيخُ الأزهر الشريف، الدكتور "أحمد الطيب"، الذي أكنُّ له الاحترام، حزنتُ ولم أستطع الصمت! فثِقَلُ الرجل وعلوُّ مُقامه العلمي، ورفعةُ مكانته الاعتبارية بوصفه ممثل الأزهر الشريف، بكل ما يحملُ من معنى و تاريخ، تجعلنا ننظرُ في كل حرف من كل كلمة ينطق بها، لأننا نأخذُ عنه ونتعلم. فهل صحيح أن حرب أكتوبر المجيدة كانت حربًا بين "المسلمين" والعدو؟ هل كانت حربًا دينية؟ أم حربٌ من أجل الوطن والكرامة وقضية فلسطين الغالية؟! هل جيشنا المصري الباسلُ كيانٌ طائفيّ لا يضمُّ بين كتائبه إلا المسلمين، أم جيشٌ وطني يحمل لواء الوطن ويذود عن شعبه بكامل طوائفه؟! ألم يخض حربَ السادس من أكتوبر مصريون مسيحيون؟! ألم يحارب ويُستشهد مصريون مسيحيون في جميع حروبنا منذ حرب ٤٨، والعدوان الثلاثي ٥٦، وحرب اليمن ٦٢، وحرب الرمال ٦٣، وحرب الاستنزاف ٦٧، وصولا إلى دُرّة التاج في ٦ أكتوبر ٧٣؟! وغيرها من الحروب كحرب شابا، والمصرية الليبية، وحرب الخليج الثانية، وحرب كاتانغا، وغيرها من المعارك والحروب. هل كان الضباطُ والجنودُ المسيحيون يجلسون في بيوتهم أثناء كل هذا وذاك، أم كانوا على الجبهة يقاتلون ببسالة من أجل الوطن ويستشهدون؟ ألم يتيتَّم أطفالٌ مسيحيون فقدوا آباءهم، وترمّلت مسيحياتٌ فقدن أزواجَهن، وثكلت أمهاتٌ مسيحياتٌ أبناءهن؟! ألم تتشح بيوتٌ مصريةٌ مسيحية بالسواد في جميع حروب الوطن، ليس فقط في حروبنا الخارجية مع إسرائيل الغاشمة وغيرها، بل كذلك في حربنا الداخلية المريرة مع الإرهاب الإخواني في سيناء وسائر جنبات الوطن العزيز؟! ألم تُفجَّرُ كنائسُ ويُقتل مسيحيون على يد التكفيريين أثناء الاحتلال الإخواني وبعد ثورتنا الشريفة في ٣٠ يونيو ٢٠١٣؟! ما بالكم كيف تعقلون؟! يقول اللهُ تعالى في كتابه العزيز: “ولا تبخسوا الناسَ أشياءهم" (الأعراف ٨٥)؛ ليُعلِّمَنا الاعترافَ بفضل كل إنسان أتقن عمله وأدى واجبَه وعمل صالحًا. فكيف لا نطيع أمرًا إلهيًّا رفيعًا علمنا اللهُ إياه، فنبخسُ حقَّ الناس على هذا النحو غير الكريم؟!
وماذا نقول عن قادة رفيعي المقام في حرب أكتوبر من أبطالنا المسيحيين مثل الفريق: "فؤاد عزيز غالي" قائد الفرقة ١٨ مشاة الذي صار قائد الجيش الثاني الميداني وشارك في حرب ٤٨، والعدوان الثلاثي، وحرب ٦٧، وحرب الاستنزاف، وأكتوبر ٧٣؟! ماذا نقول عن اللواء طيار أ.ح.: "سمير عزيز ميخائيل" أسطورة الطيران المصري الذي يهاب الإسرائيليون اسمَه وقيل عنه: إن "قمم الأشجار تئنُ من طائرته" والذي أسقط ثلاث طيارات معادية في حرب الاستنزاف، وأحد أبطال أكتوبر، والحديث عنه يحتاج مجلدًا غزير الشرف؟! ماذا نقول عن العميد طيار "مجدي بشارة قليني" قائد موقع الجزيرة الخضراء في حرب الاستنزاف، والذي توقع مكانها العسكري الاستراتيجي وأهميتها بالنسبة لبني صهيون، وأحد أبطال أكتوبر؟! ثم ماذا نقول عن اللواء أركان حرب "باقي زكي يوسف" الذي منحه الرئيسُ السادات نوطَ الجمهورية من الدرجة الأولى، وخلّده الرئيسُ السيسي بوضع اسمه على نفق شارع التسعين بالتجمع تقديرًا لذكائه الهندسي بعدما ابتكر فكرة هدم خط برليف الإسرائيلي الذي شيّدته إسرائيلُ على الساحل الشرقي لقناة السويس، لمنع القوات المصرية من العبور، وكان ابتكاره العظيم بتفتيت الحاجز العنيد عن طريق الماء وفتح ثغراتسببا في عبور قواتنا المصرية من فرق المشاة والمدرعات لنهاجم الحصون الإسرائيلية وكانت الخطوةَ الأولى في انتصارنا التاريخي على إسرائيل في أكتوبر ١٩٧٣؟! "حربُ أكتوبر المجيدة أعزَّ اللهُ بها الوطنَ" بجيشنا المصري الباسل الذي لا يعرفُ الطائفية. وتحيا مصر.



               ***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي