الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السابعة عشرة) ما هي الحرب ؟!
ثامر عباس
2022 / 10 / 13الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
(الحلقة السابعة عشرة) ما هي الحرب ؟!
يمكننا ، ودون تردد ، اعتبار الحرب بمثابة الأب والأم الشرعيين لكل أنماط العنف وأشكال العدوان التي يوقعها البشر بعضهم ضد البعض الآخر ، بصرف النظر عن تنوع المجتمعات وتباين الحضارات واختلاف الديانات ، لاسيما وإنها ظاهرة قديمة قدم التجمعات البشرية الأولى التي وجد التعارض بين مصالحها والتناقض بين خياراتها سبيله إلى تأزيم علاقاتها وتعظيم خلافاتها ، وتسريع وتأجيج من ثم وتيرة صراعاتها وصداماتها . ذلك لأن ظاهرة الحرب (( رافقت المجتمعات البشرية منذ فجر الحضارة الإنسانية حتى اليوم ، وستبقى إلى زمن طويل قادم إلى أن تلغى الأسباب الاجتماعية التي تولد الحروب ))(80) .
وعلى الرغم من تنوع الانتقادات وتباين الاعتراضات وتعدد الإضافات التي طرأت على مفهوم (الحرب) ، لاسيما في صيغته الكلاسيكية التي صاغها فيلسوف الحرب الجنرال الألماني (كارل فون كلاوزوفيتز) الذي أوجز وصف الحرب بأنها (( عمل من أعمال العنف ، يستهدف إكراه الخصم على تنفيذ إرادتنا ))(81) . بيد إن هذا التعريف استمر فارضا"نفسه على أغلب الدراسات السياسية والعسكرية بلا منازع ، كونه استطاع أن يلخص ويكثف جوهر ظاهرة الحرب ويعكس دورها في حياة الإنسان على مرّ العصور . وكل ما استطاع الفكر الاجتماعي بشكل عام والفكر السياسي على نحو خاص أضافته لهذا التوصيف ، هو تصنيفها إلى نوعين رئيسين ؛ أضفى على الأول طابع الشرعية (عادلة) ، حين تكون دفاعا"عن النفس (أرضا"وشعبا"وسيادة) ، في حين أسبغ على الثاني طابع اللاشرعية (غير عادلة) حين ترتبط بنوازع العدوان العسكري والتوسع الجغرافي ، الذي اعتمدته الإمبراطوريات في الفترات السابقة ، والذي ارتبط بسياسات الدول الاستعمارية الحديثة في الفترات اللاحقة .
والجدير بالملاحظة إن لمفهوم الحرب وجهين / جانبين وان اختلفت سبلهما على صعيد الوسائل ، إلاّ إنهما على صعيد الغايات متوافقان ومتممان لبعضهما البعض ؛ الأول سياسي / إجرائي يتمثل بالخطط العسكرية والعمليات الحربية والمناورات السياسية ، والثاني اجتماعي / نفسي ويشتمل على الممارسات التي تستهدف أساسات البناء المعنوي والقيمي والرمزي والأخلاقي . على انه لكثرة شيوع وتداول الدلالات المرتبطة (بالعنف والقتل والموت) ، فقد طغى الجانب الأول لمفهوم الحرب على حساب الجانب الثاني وجبّه في إطار من وحدة الظاهرة وتماثل خصائصها وشمول مظاهرها .
ومع التطور الهائل في تكنولوجيات القتل والإبادة التي بلغت من خطورة الإفناء الشامل للجنس البشري ، حدودا"لم يعد من المعقول استخدامها بالكيفية التقليدية التي سبق للعصر ما قبل النووي إباحة استخدامها ، الأمر الذي دفع قادة الدول الكبرى وصانعي القرار السيادي فيها ، التفكير مليا" بالعواقب الكارثية التي يرجح حصلها في حالة اللجوء لمثل هذا الخيار المدمر . وعلى الرغم من تراجع احتمالات تسوية الخلافات بين الدول عن طريق الحروب – لاسيما النووية منها - إلاّ أن فرص اللجوء إليها كخيار (رادع) تواترت وتضاعفت . وهنا تبدو الحرب الروسية – الأوكرانية ومن خلفهما دول العالمين الغربي والشرقي مثالا"صارخا"يستحق التأمل ! .
الهوامش
1. منير شفيق ؛ علم الحرب ، ( بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات ، 1975 ) ، ص7 .
2. كارل فون كلاوزوفيتز ؛ في الحرب ، ثلاثة أجزاء ، ترجمة أكرم ديري والهيثم الأيوبي ، ( القاهرة ، دار الكاتب العربي ، 1969 ) ، الجزء الأول ، ص80 . وانظر أيضا"؛ الوجيز في الحرب ، ترجمة أكرم ديري والهيثم الأيوبي ، ( بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات ، 1974 ) ، ص74 .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل تقوم بأكبر عملية مصادرة لأراض فلسطينية في الأغوار من
.. إسرائيل تغلق معبر الملك حسين مع الأردن بعد عملية إطلاق نار ق
.. تركيا: مواجهة انتخابية جديدة على رئاسة البلديات، ماذا يريد ا
.. نتنياهو يوافق على إرسال وفد إسرائيلي لواشنطن لبحث الهجوم الب
.. قصف عنيف وغارات ومعارك محتدمة قرب مدينة غزة وفي خان يونس