الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاث تطورات مؤخّرا.. واحد لصالح روسيا واثنان لا

عبد الحميد فجر سلوم
كاتب ووزير مفوض دبلوماسي سابق/ نُشِرَ لي سابقا ما يقرب من ألف مقال في صحف عديدة

(Abdul-hamid Fajr Salloum)

2022 / 10 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


التطور الأول: تخفيض (أوبك +) يوم 5 تشرين أول/ أكتوبر 2022، إنتاج النفط بمعدّل مليوني برميل يوميا، فهذا جاء في مصلحة موسكو، التي لم تُخفي سرورها من هذا القرار، إذ أنه سيرفعُ من سعر النفط وهذا سينعكس إيجابا على خزينة روسيا.. بينما بالمقابل أغضبَ واشنطن، التي انتقدتهُ بشدّة وصبّت جام غضبها على السعودية لأنها وافقت على ذلك، واتهمتها واشنطن بعدم الوفاء، والانحياز إلى جانب موسكو، حتى برزت أصوات أعضاء في الكونغرس تهدِّد وتتوعّد وتدعو السعودية لأن تذهب وتطلب الحماية من روسيا بدل أمريكا.. ودفعَ بواشنطن إلى التفكير بمراجعة كل أشكال العلاقة مع السعودية..
المسؤولون السعوديون، باعتقادي، لم يكونوا يتوقعون رد الفعل العنيف هذا من واشنطن وحجم الغضب الأمريكي، وربما تفاجئوا، ولذلك بدأت تصريحات المسؤولين تأخذُ طابعا تودّديا لواشنطن، وتعزفُ على وتر العلاقات السعودية الأمريكية التاريخية، علّهم يُبدِّدون مخاوفَ وشكوكَ واشنطن، ولكن هذا لن يفلح حسب التوقعات، ولن يُهدِّئ من غضب واشنطن سوى تراجع السعودية عن هذا القرار، أو عدم الالتزام به.. لاسيما أن الولايات المتحدة هي من رعَت وحمَت المملكة منذ تأسيسها عام 1932، وهي من اكتشفت النفط تحت الرمال عام 1938، وإلا كانوا في الخليج حتى اليوم يتبولون على تلك الرمال ولا يعرفون ماذا يوجد تحتها، كما جاء في مسرحية (باي باي لندن) الكويتية..
ولذلك لم تحتمل الولايات المتحدة خروج السعودية عن بيت الطاعة..
وباكتشاف النفط انتقلت السعودية من بلدٍ تعتمد على تربية المواشي والزراعة والتجارة والصناعات البدائية البسيطة، وعوائد الحج والعُمرَة، إلى دولةٍ ثرية، تطورت ونهضت بفضلِ النقط..
**
التطور الثاني: هو انعقاد قمة أوروبية شاملة في براغ يومي الخميس والجمعة، 6 و 7 تشرين أول /أكتوبر، حضرها زعماء 44 بلدا، وبينهم زعماء تركيا وأرمينيا وأذربيجان..
ونجمَ عنها ولادة تكتُّل أوروبي جديد تحت عنوان (المجموعة السياسية الأوروبية).. لِتُصبِح هناك ثلاث تكتلات أوروبية (الاتحاد الأوروبي، حلف الناتو، والمجموعة السياسية الأوروبية).
وهذه كانت فكرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ما كرون، طرحها في أيار 2022 بعد الحرب في أوكرانيا، وقامت على أساس أنه ليست كافة الدول الأوروبية أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وليست كلها أعضاء في الناتو، ولذل لا بُدّ من وجود تكتُّل، أو تجمُّع جديد يصهرُ كافة الدول الأوروبية في بوتقة واحدة، إلى جانب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وفي الناتو..
وأكّد ماكرون أن هذه المجموعة الجديدة ليست بديلا عن الاتحاد الأوروبي، وذلك سعيا منه لتبديد مخاوف بعض الدول الأوروبية التي تتطلّع للانضمام للاتحاد، كما أوكرانيا ومولدافيا وتركيا وصُربيا.. بل ربما أن هذا التكتل الجديد قد يُساهم في سرعة انضمام تلك الدول للاتحاد الأوروبي..
وواضحٌ ان هذا التكتل يهدف إلى زيادة عُزلة روسيا وبيلا روسيا أوروبيا..
وركّزت القمة على أربع محاور: الطاقة، حماية البُنى التحتية الحسّاسة، مواجهة الحرب السيبرانية، والهجرات وتعزيز التواصُل بين الشباب..
وكانت هناك تفاهمات استراتيجية حول التحديات المشتركة لأوروبا.. والاتفاق على عقدِ قمّتين في كل عام للمجموعة السياسية الأوروبية الوليدة..
هذه القمة نجحت في جمعِ كافة دول القارة الأوروبية في تجمُّع واحد، رغم كافة التناقضات بوجهات النظر في كثيرٍ من القضايا.. ولذلك تخللها لقاء بين رئيس أذربيجان، ورئيس وزراء أرمينيا، بحضور الرئيس الفرنسي ماكرون، ورئيس الاتحاد الأوروبي شارل ميشال، كوسطاء.. وكانت هناك نتائج إيجابية..
وقد أكّد الزعماء الحاضرون في خِتام قمّتهم على الالتزام بمواصلة الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا..
طبعا هذه القمة وولادة هذه المجموعة الجديدة ليست في مصلحة روسيا..
**
التطور الثالث: كان في الجمعية العامة للأمم المتحدة.. فبعد أن مارست موسكو حق النقض ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يُدينُ ضمّ مناطق شرق أوكرانيا، انتقلَ الموضوع للجمعية العامة، وهذه صوّتت يوم الأربعاء 12 تشرين أول/أكتوبر، على مشروع قرار "يُدينُ ضمّ روسيا لمناطق من أوكرانيا، ويعتبرهُ غير قانوني"..
وقد فاز القرار بالأغلبية الساحقة، حيثُ صوّتت لصالحهِ 143 دولة، وعارضتهُ خمس دول، وهي (روسيا، وبيلاروسيا، وكوريا الشمالية، وسورية، ونيكاراغوا)..
بينما امتنعت عن التصويت 35 دولة، بينها الصين والهند وجنوب أفريقيا (وهؤلاء شركاء روسيا، وأعضاء معها في مجموعة البريكس الخمسة)، وصوّتت مع القرار "البرازيل" وهي أحد أعضاء البريكس.. كما امتنعت الباكستان..
وهذا الامتناع من هذه الدول يعني الوقوف على الحياد من هذا الصراع..
وكان تصويت الدول العربية على النحو التالي: سورية ضد القرار، الجزائر والسودان امتناع، بينما كافة الدول العربية الأخرى صوّتت مع القرار..
كما امتنعت كوبا وإريتيريا (وهما حلفاء روسيا عادة)، والمُتوقّع أن يكونوا ضد القرار..
وامتنعت كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأرمينيا (وهي دول أعضاء مع روسيا في معاهدة منظمة الأمن الجماعي) والمُتوقّع أن يكونوا ضد القرار..
وكانت روسيا قد طلبت قبل ذلك بيومين أن يكون التصويت سريا، ولكن لم يحظى طلبها بالنجاح.. وعارضت ذلك 107 دول..
إذا واضح أن مواقف غالبية الدول في الجمعية العامة، لم تصبّ في مصلحة روسيا، الأمر الذي أفرحَ واشنطن، وهذا تجلّى بتصريح للرئيس جو بايدن مباشرة بعد التصويت، ولوزير خارجيته أنتوني بلينكن..
وكان وزير خارجية روسيا السيد سيرجي لافروف، قد صرّح في 4 تشرين أول /أكتوبر، كما نقلت وكالة نوفوستي الروسية: " أن معظم دول العالم تُدرِكُ أن روسيا على حق"..
فهل ما زال السيد لافروف يعتقد ذلك بعد هذا التصويت؟. أم أن ثقتهُ تلك لم تكن في موضعهاِ، وهو الدبلوماسي المُحترف أساسا؟.
الدول مصالح.. ولا يُمكن الرهان بشكلٍ مُطلق على أي دولة، فحينما تقتضي مصالحها، تُعدِّل، أو تُغيِّر موقفها.. وحتى تنتقل إلى ضفّةٍ أخرى..
وأخيرا لا بُدّ من السؤال: إلى أين تتّجه الحرب في أوكرانيا؟. وإلى أين يتّجه الناتو والغرب؟. وإلى اين يتّجه العالم؟. لاسيما أن بعض الأصوات من روسيا التي أشارت إلى إمكانية استخدام النووي، قابلها أصوات من دول الناتو تُشير أن هذا سوف يدفع بها لتفعيل النووي أيضا.. فهُم يمتلكونه..
عالمٌ لا مكان فيه إلا للقوة.. أعان الله فقرائه وضعفائه..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل