الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
(مجنون يرتل)
كاظم حسن سعيد
2022 / 10 / 13الادب والفن
كنت جالسا في محل صديق لبيع وصيانة الحاسبات وقطع غيارها, المحل ضيق يتكون من طابقين , يعمل فيه شاب ساكن واخر خبير بتأهيل الحاسبات , يتحرك بحيوية , قليل الكلام, وفتاة تعهدت امام مرآتها ان تظهر اناقة متزنة , تقف لتستنسخ او تشغل نفسها بتصفيح الانترنيت, العامل الثالث وصل متاخرا, مكتنز, معتدل القامة , دائم الحزن,
الشارع من خلال البوابة الزجاجية يضج بضوء الضحى الساطع وحركة الناس السريعة القلقة..
دخل : قصير القامة , قوي السمرة , اشعث يرتدي سترة وبنطالا وسخين , عيناه تنضحان بمعان تصعب ترجمتها ,الق داكن, يبدو شعره مقنفذا , يضع ربعين من العملة الورقية على الطاولة: (انهم لا يعطون ,لا يخشون الله.. , اريد ربعا , ) قال صديقي صاحب المحل ـ وهو يتأمله مبتسما, , ضاغطا بيسراه على فخذي لانتبه ـ : (ساعطيك دينارا ـ واظهر العملة الورقية له ـ شرط ان تجوّد الآن ايات من القرآن ).
مباشرة بدأت التلاوة من عينين لا تعكسان الخشوع ولا السخرية , جادتين ( اذا الشمس كورت .....) واكمل حتى اخر السورة .
كان تجويدا مقلدا اداء القاريء المصري عبد الباسط .
فتذكرت طفولتي , كان والدي يدير احدى المقاهي في ام البروم اخر الستينيات من القرن الماضي يوم كانت المقاهي ملاذا ومستقرا للمعارضين والجائعين والعاطلين , وللوافدين من المحافظات الجنوبية , طلبا للرزق او هربا من الثأر .
الصباح هناك يبدأ بعدس, وهو رجل تركماني سمين قصير , ترك الجدري آثاره على وجهه , حتما هذا ليس اسمه الا ان الفجر يبدأ معه,عربته ليست بعيدة عن المقهى , وهو يصدح -عدددس .. عدس - ضاربا بمسه الواسع المصفر على قدر واسعة ,تتوسط العربة والناس تزدحم ,لم يتعطل يوما, الا في ذلك الفجر الصاخب , يوم علق الجواسيس في مشانق على مقربة منه بام البروم.وعلى مسافة قصيرة , تستعد قبيل الغروب الملهى فتعد الكؤوس وتتأهب الراقصات, للاستعراض. في تلك اللحظة ــ حيث يبدأن بالتشاور لوضع زينتهن واختيار الازياء ــ تصدح كل غروب حنجرة الشيخ عبد الباسط بترتيل عصي على تقليدهم حتى ينتهي بأداء يخشع له الملحدون (بأي ذنب قتلت )
وتساءلت في نفسي عندما ختم المجنون ترتيله ودس الدينار , وهو صامت , في جيب سترته الزرقاء المتسخة : (كيف يجّود مجنون , وينسى المبصرون ذكر الله !!) .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هذا ما قالته الممثلة مي سحاب عن سبب عدم لعبها أدواراً رئيسية
.. -مساء العربية- يفتح صندوق أسرار النجم سعيد العويران.. وقصة ح
.. بيع -الباب الطافي- الذي حدد نهاية فيلم تيتانيك بسعر خيالي
.. الفنان #محمد_عطية ضيف #قبل_وبعد Podcast مع الاعلامي دومينيك
.. الفنان عبد الرحمان معمري من فرقة Raïm ضيف مونت كارلو الدولية