الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام النيابي ام البنية الطلئفية وراء عنف الحوار في العراق ؟؟؟

اسماعيل شاكر الرفاعي

2022 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الجزء الاول
1 -
بدأَتْ حماستي للنظام البرلماني تتضاءل وتخبو مع نهاية كل دورة انتخابية ، فبدلاً من ان تسود البلاد حالة من الابتهاج والفرح ، تعبيراً عن بلوغ المجتمع العراقي : مرحلة الرُشد وهو يتداول السلطة سلمياً ، تتحول البلاد - ما ان يتم الاعلان عن نتائج الانتخابات - الى سوق هرج تعلو فيها الاصوات المطالبة بالمناصب والامتيازات ، وتخفت فيها الاصوات المطالبة بحقوق الشعب ، ويصبح الاعلام ميداناً للمهاترات وتبادل الهجاء والشتائم ورسائل التسقيط ، فتشعر بان النظام النيابي المبني على الثقة والحوار لم يعد له من وجود : فلا حوار ولا تبادل للرأي ، بل حضور طاغٍ للغة العنف والرصاص . ووسط هذه الفوضى التي تتكرر مع اعلان نتائج كل دورة انتخابية : يقتنع المراقب بأن النظام النيابي ليس هو النظام الصالح لادارة الشأن العام في العراق ابداً ، فها هم قادة الفريقين القياديين اللذين يقودان عملية تأسيس نظام برلماني ديمقراطي : التيار الصدري والإطار التنسيقي يطلقون الرصاص على بعضهم الى جوار المؤسسات ( الديمقراطية ) : في مشهدٍ يذكرنا بأَسوَأ ما في الذاكرة العراقية من ذكريات الصراع الحزبي الذي وصل حد المجازر الدموية في محطات تاريخية معروفة ...
2 -
منح النظام النيابي فرصة عريضة - باسم الديمقراطية - لقوى غير ديمقراطية وغير نيابية ولا انتخابية ، ولا تؤمن بالتداول السلمي للسلطة : في ان تقود مرحلة التحول من نظام صدام الاستبدادي الى نظام ديمقراطي ، وهي اشد استبداداً ، واكثر طغياناً وفساداً ، من نظام صدام نفسه ...
3 -
بالامكان اضافة سبب آخر لفشل النظام النيابي في العراق ، لا يقل اهمية عن سبب وجود قوى غير ديمقراطية في قيادة مرحلة التحول من نظام استبدادي الى نظام ديمقراطي : ويتمثل هذا السبب بريعية الاقتصاد العراقي ، واعتماده على استخراج على ما تضمه الارض في باطنها من مواد خام كالنفط ، في عصر الحضارة الصناعية التي يعتمد مردودها الاقتصادي على : الانتاج ، وعلى تحويل المواد الأولية الى سلع وبضائع ، وعلى ابتكار وابداع تكنولوجيا غير مسبوقة ، وهذا ما يؤكده تاريخ الدول التي نجح فيها النظام النيابي في ترسيخ آلياته الديمقراطية : مثل بريطانيا التي تأَوّج فيها تطبيق النظام البرلماني منذ ثورتها المجيدة 1688 ، ومثل امريكا الشمالية التي مارست تطبيقه عملياً في اول انتخابات رئاسية لها جرت عام 1788 ، ومثل فرنسا بعد ثورتها التنظيرية الشهيرة عام 1789 . ان النظام النيابي نظام خاص لا يمكن لاي شعب ان يلج ناصيته قبل ان يبلغ مستوى معيناً من التطور الاقتصادي الصناعي والتجاري ، ومستوى محدد من تنظيم المدن وتطورها ، ويتفوق التصدير في ميزانه التجاري على الاستيراد بنسب سنوية متزايدة : وحين يبلغ شعب من الشعوب هذا المستوى المتقدم من التطور : يبدأ الرأي العام بالتعبير عن حرصه الشديد على حماية ما تم تحقيقه من منجزات اقتصادية : فيدفع ساسته الى تلافي الصراع الدموي على السلطة ، واختيار طريق التداول السلمي بدلاً منه ، والابتعاد ما أمكن عن خوض الحروب الخارجية ...
4 -
كلما اعدتُ تأمل الوقائع البارزة في تاريخ العراق : بدءً من المجازر الدموية الكثيرة كمجزرة كركوك 1924 التي راح ضحيتها اكثر من 200 تركماني عراقي ، ومجزرة " سميل " 1933 التي قام فيها الجيش العراقي بذبح 600 الى 3000 مسيحي آشوري ، مروراً بحركة بكر صدقي العسكرية 1936 ، ثم حركة الضباط الاربعة 1941، وما تلاها من انتفاضات جماهيرية في خمسينيات القرن ، وحتى حركة الضباط الأحرار في 14 تموز 1958 : اجده يعاني من ازمة واحدة عميقة وشاملة ، ومن هذه الأزمة تفرعت جميع ازماته السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية ، وتتمثل هذه الأزمة بفشله المتكرر : في تَبْيئَة وتعريق النظام النيابي البرلماني او الرئاسي . لقد اثبت تاريخ العراق بانه لا فائدة ترجى من زرع النظام النيابي بقوة الاحتلال الخارجية ، خاصة اذا تسلقت واجهة النشاط السياسي تيارات حزبية غير ديمقراطية كالأحزاب الدينية والاحزاب العشائرية والاحزاب العنصرية : وجميعها احزاب قمعية . لا بد للنظام النيابي من ان يكون مطلباً داخلياً تشعر الاغلبية بضرورته لحماية اقتصادها وما وصلت اليه من مستوى حضاري متقدم ، والّا - كما اثبت تاريخ العراق نفسه - فان القوة الخارجية لن تنجح في بناء مؤسسة واحدة من مؤسسات الدولَة : عادلة ونزيهة ابداً ، سواء ترأس النظام علمانيون او متدينون . فالنظام النيابي نظام خاص لا يصلح ان ترفع شعاره الصفوة بمعزل عن الاغلبية . اذ لا بُدّ من قيام تعاقد جديد بينهما : بين الصفوة وبين الاغلبية على ارضية واقع متطور اقتصادياً ، تعلو فيه مفاهيم المواطنة وحقوق الانسان على قيم الثأر الدموية ، بشرط ان يكسر هذا التعاقد الجديد : طوق العزلة ويعيد للناس شعورهم الطبيعي بانتمائهم الى العالم الكبير : عالم البشر بمختلف ثقافاتهم وسحناتهم ، وليس بتهديد العالم الكبير بالسيف اذا لم ينتم اليهم ( لا يختلف علم مملكة آل سعود عن علمي : أفظع المنظمات الإرهابية : كالقاعدة وداعش وجبهة النصرة وأخريات . ) ...
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألهند نجحت في الديمقراطية
د. لبيب سلطان ( 2022 / 10 / 14 - 03:21 )
استاذنا العزيز
التجربة في الهند منذ عام 1947 اثبتت ان الديمقراطية بقيادة احزاب ديمقراطية و وطنية قادرة على النهوض بمجتمعات اكثر فقرا وتنوعا من العراقي، وحتى النظام الملكي البرلماني رغم ماذكرتموه من انقلاب بكر صدقي استطاع ان يطور العراق من ولايات عثمانية امية الى دولة وطنية وعصرية ومثلهما مصر قبل عبد الناصر وغيرها فالبرلمانية والديمقراطية تقف وراء الدول المتحضرة اليوم ومنها كانت متخلفة صناعيا و خير مثال كوريا الجنوبية وحولتها من بلد زراعي متخلف الى عاشر اقتصاد في العالم
اتفق معكم حول الدور السلبي للأقتصاد الريعي واتفق معكم حول دور الاقتصاد الانتاجي في نمو الحضارة والثقافة والمعرفة في المجتمعات ولكن الديمقراطية والاقتصاد الحر هو من طور هذه المجتمعات وطور نظامها السياسي والجتماعي
مع بالغ التقدير واعجاب بطرحكم الحر ونحن بحاجة لمزيد من تفاعل الافكار


2 - العامل الثقافي وراء العنف في العراق
منير كريم ( 2022 / 10 / 14 - 08:53 )
تحية للحضور الكريم
ارى ان العنف في العراق سببه الرئيسي العامل الثقافي
والعامل الثقافي يشمل الدين والتقاليد والعادات
وقد تشابه العراق دول اخرى
وجود طبقة سياسية راسخة مثقفة بقيم تحررية وانسانية قد يخفف من مستوى العنف
لكن السؤال لماذا لم تتكون عندنا هذه الطبقة السياسية لنكون مثل الهند وكوريا الجنوبية رغم ان العراق نشأ كدولة حديثة قبل هذه البلدان
شكرا لكم

اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست