الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصلاح الأمم المتحدة بين الأمل والواقع 5/7

سليم يونس الزريعي

2022 / 10 / 15
دراسات وابحاث قانونية


أمام المأزق الذي تعيشه الأمم المتحدة بسبب حق الاعتراض الذي تتمتع به خمس دول من بين 193 دولة، الذي تفاقم بشكل غير مسبوق بعد أن أصبحت الولايات المتحدة القطب الوحيد في العالم المهيمن على السياسة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، وتسخير الولايات المتحدة للمنظمة الدولية ومجلس الأمن لخدمة مصالحها، وإن لم تتمكن من ذلك تقوم بتهميش الأمم المتحدة، وتمارس دور الدرکی العالمي الذي يقرر في السياسة الدولية، وفقا لمصالح الولايات المتحدة وشركائها.
ولذلك فإن موضوع إصلاح الأمم المتحدة شكل هاجسا دائما لمعظم دول العالم ولدول العالم الثالث بشكل خاص، التي جعلت من نفسها منذ فترة طويلة محامي تغيرات عميقة كانت تريد إدخالها إلى البنية وإلى سير عمل هذه المؤسسة، فقد أعلنت قمة عدم الانحياز الأولى عام 1961 " أن البلدان المشتركة ترى أن من المحتم على الجمعية العامة للأمم المتحدة نتيجة إعادة النظر في الميثاق أن تحل مسألة زيادة عدد أعضاء مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي الاجتماعي، لكي يكون تأليف هذين الجهازين الفائقي الأهمية وأعمالهما متوافقة مع حاجات المنظمة ومع العدد المتزايد لأعضاء الأمم المتحدة"(۱)، وهو الموقف الذي مافتئ يزداد قوة مع الزمن.
وفي الجانب الآخر فإن بعض الدول الغنية تقدمت باقتراحات تحاول من خلالها استعادة موقع تفوقها الذي خسرته جزئيا، وغيرها من الاقتراحات التي أتت من داخل المنظمة الدولية، التي أطلقها مورس بيرتزان عام 1985، بعد أن قضى سبعة عشر عاما في الجسم المشترك للتفتيش في منظمة الأمم المتحدة في جنيف من خلال تقرير بعنوان مساهمة في تفكير حول إصلاح الأمم المتحدة، كما أعلن خافيير بيريز ديکوييار الأمين العام (الأسبق) للأمم المتحدة، أن مما هو ضروري إعدادات وبناءات مكملة وتدميرات لأجزاء غير متكيفة لكي تستبدل بها الأكثر جدة وعصرنه ووظيفية، إن الأمر إذن يتعلق بإصلاح في العمق للمؤسسة الموجودة (1)، وكذلك ما جاء في تقرير للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان البند 20 بعنوان مجلس الأمن :
ظل الفريق العامل المفتوح بالعضوية، الذي أنشأته الجمعية العامة لبحث إصلاح مجلس الأمن يعمل لقرابة عقد من الزمان، ومع ذلك يبدو أن الاتفاق على صيغة تسمح بزيادة عضوية المجلس مازالت تحير الدول الأعضاء،ففي نظر معظم العالم يبدو حجم تكوين مجلس الأمن لا يمثل على نحو كاف الدول الأعضاء، وتساهم أوجه القصور الملحوظ في مصداقية المجلس، في تآكل سلطته ببطء ولكن بثبات، بما يترتب عليها بالتالي من آثار على السلم والأمن الدوليين، وهكذا لن يكون إصلاح الأمم المتحدة مكتملا دون إصلاح مجلس الأمن" (۲).
كما أن هناك ثمة آراء تدعو لأن تكون الأمم المتحدة حكومة فوق الحكومات، تقوم بتحديد ومراقبة مستويات التسلح، فيما تركز آراء أخرى على حقوق الإنسان ونزاهة الانتخابات، والتفتيش على الأسلحة النووية، وتعارض الصين وعدد كبير من دول الجنوب ذلك باعتباره تدخلا في شؤونها الداخلية يتعارض ومبدأ الاستقلال والسيادة الوطنية التي قامت الأمم المتحدة على أساسه ومن أجل حمايته بالطرق السلمية(1).
وفي ذلك يقول مورس بيرتزان: يعلم كل واحد أن فكرة البرلمان العالمي، وحتى الاستشاري هي اليوم طوباوية، بمقدار فكرة حكومة عالمية، وهناك أسباب وجيهة لها، فليس في نية الحكومات الوطنية على الإطلاق التخلي عن امتیازاتها في السيادة، فأكثر من نصف بلدان العالم ليس له برلمان، والأنظمة والأيديولوجيات السياسية مختلفة جدا، وهذا ينطبق على كون مسألة تمثيل الشعوب التي باسمها وضع ميثاق الأمم المتحدة، "نحن شعوب الأمم المتحدة.." وهي الكلمات الأولى التي بدأت بها ديباجة ميثاق الأمم المتحدة، هي مسألة تستحق أن تطرح وأن يتم تفحصها بدقة(2).
وعلى مستوى آخر فإن أغلب المقترحات الخاصة بتوسيع صلاحيات الأمم المتحدة تستهدف أساسا مجلس الأمن وتهمل صلاحيات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وعملية توسيع صلاحيات مجلس الأمن لا تخلو من إشكالية الصدام والخلاف مع مؤسسات وآليات أخرى اعتمدها النظام الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فبعض قرارات مجلس الأمن تعتبر تدخلا صريحا في مهام وسلطات محكمة العدل الدولية، أي أن توسيع صلاحيات مجلس الأمن جاء على حساب مهام مقررة وصلاحيات مأخوذ بها من منظمات وآليات دولية ما تزال قائمة، ويفترض أن تعمل في إطار الشرعية والقانون الدولي(3).
وفي حين ينادي جانب من فقهاء القانون الدولي العام برفض فكرة إبقاء حق الاعتراض(الفيتو) ضمن الميثاق، كونه لا يستند إلى أي مبرر قانوني، ناهيك عن أنه يضعف من فاعلية الأمم المتحدة، لأمر الذي يتعين معه تعدیل ميثاقها للتخلص منه(1).
فإن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للدول الطامحة لاستعادة دورها، أو التي ترى أن لها الحق في أن تكون ضمن الكبار عبر حق الاعتراض في مجلس الأمن، ليزداد التنافس بين تلك الدول والتجمعات الإقليمية حول الحصول على مقعد دائم مع حق الاعتراض(الفيتو) في مجلس الأمن.
وينضم وزير خارجية ألمانيا (1998-2005) يوشكا فيشر في خطابه أمام الجمعية العامة عام 2004 في دورتها التاسعة والخمسين إلى الساعين إلى التواجد في مجلس الأمن على ما يعتبره إصلاح الأمم المتحدة، ذلك أنه يرى " أن اكتمال الإصلاح لا يتأتى إلا من خلال تمثيل المجلس منظمة الدول التي يبلغ تعدادها 191 عضوا تمثيلا أكثر شمولا فيما يخص الأعضاء الدائمين وغير الدائمين".
كما يجب أن يكون تشكيل المجلس مطابقا للحقائق السياسية الجغرافية في الوقت الراهن، فألمانيا ترى " أن تكون جميع الأقاليم في الجنوب ممثلة كأعضاء دائمين في مجلس الأمن، وفي الوقت نفسه يجب الأخذ في الاعتبار هؤلاء الأعضاء الذين يستطيعون ويرغبون في القيام بدور فعال بوجه خاص وطويل الأجل، في ما يتعلق بحفظ السلام العالمي والأمن الدولي، وألمانيا مستعدة في ذلك مثل البرازيل والهند واليابان في أن تتحمل المسؤولية المرتبطة بمقعد دائم"
وفي محاولة لكسب دعم وتأييد القارة الأفريقية إلى تلك الرؤية يقول يوشكا فيشر" ومن الأمور البالغة الأهمية أن تكون القارة الأفريقية ممثلة ضمن الأعضاء الدائمين الجدد"،
كما يحاول في الوقت نفسه كسب أكبر عدد من الدول الأخرى بالقول " ينبغي مراعاة أن يكون في مقدور عدد أكبر من الدول الأعضاء المشاركة في الأمم المتحدة، أن يسهم في عمل مجلس الأمن بدرجة أكبر، ولذلك فإن الأمر يتطلب إيجاد عددا إضافيا من المقاعد الدائمة، وذلك بنفس النسبة بين عدد الأعضاء الدائمين والأعضاء غیر الدائمين"(۱).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد


.. تقرير أميركي.. تدهور أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة




.. واشنطن تدين انتهاكات حماس لحقوق الإنسان وتبحث اتهامات ضد إسر


.. الأمم المتحدة: الأونروا تتبع نهجا حياديا وإسرائيل لم تقدم أد




.. تقرير المراجعة المستقلة بشأن الأونروا: إسرائيل لم تقدم أدلة