الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يريده الروس؟

خالد بطراوي

2022 / 10 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


مما لا شك فيه، أن الروس لا يهدفون الى تدمير العالم والعودة الى زمن " الإنسان الأول". وفي ذات الوقت فان الروس – في هذه المرحلة على الأقل – لا ينشدون إعادة إحياء النظام العالمي الدولي متعدد الأقطاب، ولا حتى القطبين.
ومن البديهيات أيضا أن نعرف أو نسلّم بأن روسيا ليست الاتحاد السوفياتي الذي كان يناصر الشعوب التواقة للتحرر. ولو كان الأمر كذلك، لما سكتت روسيا عن إسقاط الدولة العبرية الصهيونية لطائرتها العسكرية " توبلوف 154" في قاعدة حميم الروسية على الأراضي السورية قبل فترة، ولا سكتت عن الضربات الجوية المتكررة لسوريا حيث تمر الصواريخ من فوق قاعدتها على الأراضي السورية. ولما سكتت عن إنشاء سد النهضة الأثيوبي الذي يشكل خطرا وتهديدا للأمن القومي المصري، ولما سكتت عن التأييد الصهيوني العلني بل والتدخل المباشر في الحرب مع أوكرانيا والتواجد الصهيوني العسكري الفعلي على الأرض الأوكرانية، وغيرها الكثير من الشواهد.
روسيا في حربها الحالية تريد إيصال رسالة واحدة وحيدة .... لا تختبروا صبر الدب الروسي .... إفعلوا ما شئتم .... أينما أردتم ... كيفما أردتم ... لكن بعيدا عنا ... بعيدا عن أرضنا وبحرنا وجّونا .... بعيدا عن أمننا القومي ... بعيدا عن مصالحنا الإقتصادية ... فنحن ... قادرون على أن نعيدكم الى العصر الحجر بل والى حقبة الانسان الأول.
في تسارع الأحداث والعمليات الميدانية العسكرية على الأرض بات واضحا أن أي فعل يستهدف روسيا بأي شكل من الأشكال ... كان وسيكون الرد الروسي عليه ... مزلزلا ... وكانت تجربة الإختبار الأوكرانية ومن خلفها هي ضرب جزء من " جسر القرم" فجاء الرد الروسي بضرب مناطق بالقرب من منشآت حيوية أوكرانية في إشارة الى أن الروس قادرون على ضرب المنشآت نفسها ... فاحذروا.
ومما لا شك فيه، أن أوكرانيا ومن يقف خلفها سيحسب من الان فصاعدا .... ألف حساب لأية ضربة معادية تستهدف مفصلا حيويا روسيا. ولا تنسوا أيها الأحبة ... أن أوروبا بدأت تستقبل فصل الشتاء حيث تحتاج للطاقة وبضمنها " الغاز الروسي" لأغراض التدفئة.
وهنا يعيد التاريخ نفسه مرتدا على الدول الرأسمالية التي أعلنت في أعقاب إنتصار الشعوب التي شكلت جمهورياتها الإتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية أن سبب إنتصار هذه الشعوب هو "البرد والثلج" إذ تقهقر النازي الألماني خاسرا مجللا بالعار بسبب الثلوج والبرد في أكبر نكران تاريخي لدور هذه الشعوب في دحر النازية وتخليص البشرية منها، حيث سنشهد خلال الفترة القادمة "تقهقر " أوروبا عندما تكتسي أراضيها بالثلوج وسنستمع الى ماهية التبرير الذي سيعلنه قادة أوروبا وقتها " واللهم لا شماته".
لكننا، أيها الأحبة، ما زلنا على مسافة بعيدة، من أن تتبوأ روسيا موقعا طليعيا متقدما مناصرا لشعوب العالم ومناهضة لكرتيلات السلاح والدواء والمخدرات في العالم. ما زلنا لا نرى موقفا واضحا وصريحا مناهضة للغطرسة الإمبريالية في دول أمريكا اللاتينية والقارة الإفريقية. ما زلنا نرى ذات المواقف الروسية تجاه المحافل الدولية وبشكل خاص الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها والكيل بمكيالين بل وبأكثر. ما زلنا نرى ذات الموقف الروسي من القضية الفلسطينية الذي يمسك بالعصا " من النصف"، وما زلنا نرى صمتا روسيا مدقعا من مسألة الغاز على الشواطىء اللبنانية وغيرها الكثير.
خلاصة القول، "الأنا" الروسية عالية، بل عالية جدا، ولا ترى إلا نفسها في المرحلة الراهنة، ولا تعتبر ذاتها أنها مكرسة لمقولة الكاتب الفذ " نيقولاي أستروفسكي" في روايته الرائعة " كيف سقينا الفولاذ" حيث قال " الحياة هي اعزّ شيء للإنسان، أنها توهب له مرة واحدة، فيجب أن يعيشها عيشة لا يشعر معها بندم معذب على السنين التي عاشها، ولا يلسعه العار على ماضٍ رذل تافه، وليستطع أن يقول وهو يحتضر: كانت حياتي، كل قواي موهوبة لأروع شيء في العالم .... النضال في سبيل تحرير الانسانية".
ما زالت روسيا بعيدة عن هذا الهدف ... ألا وهو النضال في سبيل تحرير الانسانية ... وبالتالي ... أيها ألاحبة .... لا تسرعوا الى "تخزيق" آذانكم .... إذ لم " تعشمكم" روسيا بالحلق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف