الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عمارة وعمران المملكة الحورية - الميتانية
آزاد أحمد علي
2022 / 10 / 18دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تعد دراسة عمارة المملكة الحورية - الميتانية مهمة لكونها المرحلة التي تبلورت فيها الثقافة المحلية التي سادت شمال سوريا بدءا بأواسط الألف الثانية ق. م، فإضافة إلى مراكز المدن كانت المملكة تحتوي على قرى عديدة مغذية لاجتماع واقتصاد العديد من مدن المملكة، وهي من الغرب: مدينة آلالاخ في سهل العمق وصولا الى مدن حوضي الخابور والجغ جغ (هرماس)، مثل: تل الخويرة، واشوكاني، أوركيش ونيجار، كخت، تائيدو في تل حميدية.
لقد برزت المملكة الحورية الميتانية مطلع الألف الثاني ق.م، وكانت قد ولدت نهاية الألف الثالث ق.م، تطورت ومن ثم تحررت تماما من سلطة مدينة أور في جنوب العراق. لتشكل مملكتها المستقلة مطلع الألف الثاني ق.م، وكانت عاصمتها أوركيش. إذ بينت الوثائق أن الحوريون قد حكموا شمال سوريا ووسطها وشرق دجلة منتصف الألف الثاني ق، م، حتى ترسخ حكمهم حوالي عام 1500 ق.م، وسادت ثقافتهم على اغلب مناطق الجزيرة الفراتية لمدة عدة قرون. واستمرت وتغلغلت داخل الممالك الآرامية حتى مطلع الألف الأول ق، م.
تعد عمارة أوركيش العاصمة (2400-1400) ق.م، أبرز نماذجها. تقع أوركيش في "تل موزان" الأثري بجوار قرية موزان المعاصرة، التي تبعد غربا عن مدينة قامشلي حوالي 20 كم، وشرقا عن مدينة عامودا بحوالي 10 كم.
أعلن عن اكتشافها في عام 1995، وحتى تاريخ اكتشافها، كان علماء الآثار يحسبونها مجرد أسطورة وردت في الكتاب المقدس. إلا أنها تحولت إلى واقع تاريخي وجغرافي ملموس بعد سنوات من التنقيب.
أوركيش أثبتت وجود مدينة كبيرة ومستقلة عن جنوب بلاد الرافدين في الألف الثاني ق.م، وتميزت بعمارتها ومنشآتها: معبد الأسود، المعبد البيضوي، المساكن، القصر الملكي، إضافة إلى السور. شيد القصر الملكي فيها حوالي عام 2200 ق.م، من قبل الملك أوبكيش. يحتوي القصر على عدة أقسام جميعها مشيدة من اللبن الطيني.
أهم ما يميز عمارة أوركيش استخدام الكتل الحجرية الكبيرة في الأساسات والجدران، وكذلك في بئر تقديم القرابين لإله الأعماق آبي (Abi).
إلى الجنوب الشرقي من العاصمة أوركيش اكتشفت في موقع تل حميدي (تائيدو) مدينة حورية أخرى. مدينة إهليلجيه الشكل، يحيط بها سور وخندق. يخترق نهر جغ جغ (هرماس) المدينة حسب مسار النهر الحالي، المتدفق من الشمال نحو الجنوب، كما هو موضح في الشكل المرفق رقم (20). تقدر مساحة المدينة داخل السور بحوالي (245) مائتان وخمس وأربعون هكتارا. يستقر داخل أسوار المدينة قصر كبير، ومنطقة القصر أيضا محمية ومعزولة عن محيطها الخارجي بواسطة سور ضخم، يبلغ ارتفاعه (5.5) متر، وعرض سور القصر يصل إلى (21) متر، كما أن مساحة القصر هي حوالي (17.6) هكتار، ومساحة هذا القصر هي ضعف مساحة القصر البابلي في ماري، وتبلع عشرون ضعفا لمساحة القصر الميتاني في تل براك جنوب تل الحميدية. وهذه المساحات الواسعة لقصور المرحلة الحورية تدل على الكثافة السكانية لمحيط المدينة الريفي أيضا.
بصرف النظر عن وظيفة القصر فهو يعد من أكبر القصور التاريخية في شمال سوريا. أما تقنيات الإنشاء فأظهرت أن جدران القصر كلها مشيدة من اللبن الطيني، وكذلك الأدراج والمساطب والشرفات. وثمة واجهات مزينة بأعمدة طينية بارزة.
إن مجمل الإرث العمراني للمرحلة الحورية - الميتانية مرشح للكشف عن مزيد من المنشآت الحضرية، والتي ستبرز المزيد من خصوصية عمارة شمال سوريا الطينية.
لقد كانت المملكة الحورية – الميتانية مرحلة مهمة لتأسيس المدن الكبرى في شمالي سوريا، لذلك فهي تفتح آفاق البحث وتزيد من احتمال وجود ريف مزدهر يحيط بتلك المدن، فوجود المدن في أي حقبة تاريخية هو الوجه الآخر لحقيقة وجود ريف مزدهر في محيطها الجغرافي، لذلك يظل افتراض أن هذه المرحلة كانت تأسيسه لريف شمالي سوريا قائما حتى يتم تأكيده بمزيد من الوثائق والمخلفات الأثرية.
*من كتاب القرى الطينية في شمالي سوريا - المانيا - 2022
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجمعية الوطنية الفرنسية تدين -مذبحة- 17 أكتوبر 1961 بحق جزا
.. سامي الطاهري: الاتحاد العام للشغل أصبح مستهدفا من قبل السلطا
.. الجزائر تعين قنصلين جديدين في الدار البيضاء ووجدة
.. لبنان: هل بدأ العد العكسي للحرب مع إسرائيل؟ • فرانس 24 / FRA
.. هجوم بسكين يثير حالة من الذعر في قطارات لندن | #منصات