الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الحادية والعشرون) ما هو الغضب ؟!
ثامر عباس
2022 / 10 / 19الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
(الحلقة الحادية والعشرون) ما هو الغضب ؟!
في الوقت الذي نستعرض فيه ومن خلاله أنماط العنف الاجتماعي الشائعة ضمن البحوث والدراسات السوسيولوجية والسيكولوجية ، لعل سؤال يطرح نفسه هنا ؛ هل يمكن عدّ مشاعر (الغضب) التي تنتاب الإنسان في بعض الحالات التي تتسم بالطابع الطارئ والاستثنائي ، بمثابة تعبير عن نزوع (ذاتي) عدواني مضمر يحاول من خلاله الشخص المعني تخفيف حدة التوتر النفسي وامتصاص فائض العدوانية المتفاقم لديه ، سعيا"منه لكبح تلك النوازع والحيلولة دون انفلاتها بصورة (عنيفة) لا يمكن لجمها أو السيطرة عليها ، أم أن هناك دوافع (موضوعية) أخرى تتسبب بتأجيج تلك المشاعر الغاضبة وشحنها بالمزيد من الانفعالات السلبية ؟! .
وللإجابة على الشق الأول ضمن السؤال المذكور ، فقد انبرى بعض علماء النفس للقول إن مشاعر (الغضب) التي تظهر لدى الأفراد أو الجماعات على حدّ سواء ، يمكن اعتبارها بمثابة مصدر لا يستهان به من مصادر سيكولوجيا العنف والتدمير التي تتميز بها طبيعة الإنسان . ولهذا فقد أشار العالم النفسي (ألفريد أدلر) إلى إن (( الغضب ما هو إلاّ شعور يجسد سعي الفرد للوصول إلى المزيد من القوة والسيطرة ، وغرض هذا الشعور هو ؛ التدمير القوي والسريع لكل العوائق التي تعترض طريق الفرد الغاضب ))(1) . وذلك بصرف النظر عن طبيعة تلك العوائق والموانع التي قد تتسبب بتأجيج مشاعر الحنق والغضب ؛ سواء أكانت سياسية أو إيديولوجية أو دينية أو قومية أو مذهبية أو قبلية أو لغوية أو جندرية ، الخ .
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال المتعلق بالعوامل الموضوعية (الخارجية) ، فقد وجد أحد الباحثين (نوفاكو) أنه (( من السهل تحوّل الغضب إلى عدوان مدمّر عندما يؤنّب أو يوبّخ أو ينتقد أو يكرر له النصح والموعظة كدرس أو محاضرة ، وفي بعض الأحيان يغالي المراهق في استخدام العدوان في علاقاته مع الآخرين وهو يصبح بذلك عدوانيا"بشكل ظاهر ويميل إلى الانتقام لنفسه من هؤلاء الذين ينبذونه . وعلاوة على ذلك الأطفال والمراهقون الذين يظهرون الغضب وأنماط السلوك العدواني محتمل كبالغين أن يظهروا العدوان بصورة أكثر تكرارا"أو أكثر شدة ))(2) .
والحال انه إذا ما نظرنا إلى هذه الظاهرة الاجتماعية بمنظار الواقع المعيش والممارسة الحياتية ، سنكتشف إن كلا الإجابتين السابقتين تبدوان قاصرتين عن بلوغ طبيعة تلك الظاهرة وإماطة اللثام عن كنهها ، طالما أن كل منهما تستبعد ركنا"أساسيا"من أركان تشكّلها وتبلورها على النحو الذي يمنحها حق الوصف ب (الغضب) . إذ إن كل ظاهرة اجتماعية هي حصيلة تفاعل وتكامل جملة من العوامل والعناصر ، قسم منها يتشكل في رحم المجتمع وينمو بين ظهرانيه ، والقسم الآخر يتكون داخل بنية الفرد ويتطور أو يتقهقر على إيقاع تدرج نضوج شخصيته . وعلى هذا الأساس يمكننا تتبع ليس فقط مراحل صيرورة الظاهرة المعنية وبلوغها مستوى الظهور السافر فحسب ، وإنما توقع شدة ما يصاحبها وينجم عنها من انفعالات وتوترات لدى الفرد / الجماعة ، هذا بالإضافة إلى احتمالات تحولها إلى ضرب من ضروب (العنف) الجسدي .
الهوامش
1. ألفريد أدلر ؛ الطبيعة البشرية ، ترجمة عادل نجيب بشري ، ( القاهرة ، المركز القومي للترجمة ، 2009 ) ، ط2 ، ص262 .
2. يحياوي حسينة ؛ علاقة الغضب بظهور السلوك العدواني لدى المراهقين ، بحث منشور ضمن مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية المغربية ، العدد (12) ، سبتمبر 2012 .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهداف مناطق عدة في قطاع غزة
.. ما الاستراتيجية التي استخدمتها القسام في استهداف سلاح الهندس
.. استشهاد الصحفي في إذاعة القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحت
.. كباشي: الجيش في طريقه لحسم الحرب وبعدها يبدأ المسار السياسي
.. بوليتيكو تكشف: واشنطن تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات لإدارة