الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصلاح الأمم المتحدة بين الأمل والواقع 7/7

سليم يونس الزريعي

2022 / 10 / 19
دراسات وابحاث قانونية


إن سعي العديد من الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية للحصول على عضوية دائمة في مجلس الأمن، يعني محاولة تلك الدول الانضمام إلى نادي الكبار "كامتیازات" بما يعنيه ذلك من تكريس للمبدأ الذي يميز بين الدول، بما يعدم المساواة والعدالة بين مجموع الدول التي تشكل الأمم المتحدة.
فإذا کان أعضاء مجلس الأمن الدائمين، قد عجزوا عن التوافق وهم خمسة أعضاء فقط، فكيف سيكون الحال إذا ما زاد العدد، والطامحون كثر؟ لأنه لا يمكن القياس على شرط اللحظة الراهنة بأشخاصها الدول ومراكزها في الواقع السياسي الدولي القائم، لأن التأسيس سيكون لفتره طويلة نسبيا، ومن ثم ما هي ضمانات أن لا يختلف الدائمون إذا ما أُخذ بقاعدة التوسيع؟ خاصة وأن اللحظة السياسية الجامعة الآن سيفرقها بالضرورة تباين المصالح غدا.
إن تجاوز حالة الشلل التي عاشتها الأمم المتحدة وإخفاقها في تحقيق الطموح الذي علقته عليها شعوب العالم، يتطلب التسليم بأن الأمم المتحدة، يجب أن تتغير حتى تستوعب حقائق ومتغيرات العصر والنظام العالمي الجديد في مرحلة ما بعد الحرب الباردة وانحلال الاتحاد السوفيتي، هنا يصبح من المحتم القول، إن مستقبل الأمم المتحدة رهن بإنجاز عملية تجديد وتغيير شامل تطال كل شيء داخل المنظمة ومؤسساتها، بحيث لا يبقى من قديم المنظمة إلا اسمها والمعنى الذي قامت من أجله(۱).
وتطرح هذه التحولات تحديات وأسئلة هامة تمس دور ومكانة الأمم المتحدة أو القانون
الدولي في ظل ما يعرف بالنظام الدولي الجديد الذي يحاول فرض هيمنته على مجريات
السياسة الدولية.
إن الأمم المتحدة عندما أقرت ميثاق المنظمة الدولية الجديدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كانت تهدف من وراء ذلك أن يعمل التنظيم الجديد على حفظ الأمن والسلم الدوليين، وتعزيز القانون الدولي ومبادئ العدل والمساواة بين الدول، رغم جوانب القصور في ما يتعلق بالعضوية الدائمة وحق الاعتراض في مجلس الأمن، غير أنه لم يدر في خلد أحد أن يسخر مجلس الأمن، من خلال استخدام حق الاعتراض بهذا الشكل الجائر والمجحف بحق الشعوب وقضاياها في التحرير والعيش بسلام من قبل الدول الإمبريالية، بل جرى استخدام حق الاعتراض(الفيتو) لدعم وتعزيز دور الأنظمة الفاشية والعنصرية وقوى التخلف العائلية في مواجهة كل ما هو إنساني وديمقراطي في العالم.
وعلى الرغم من كل ما ارتكبته الدول الإمبريالية من جرائم دولية بحق الشعوب، إلا أن المجتمع الدولي وقف عاجزا إزاءها، ولم يتعد دوره الإدانة والاستنكار في أحسن الأحوال، كما أن المنظمات الدولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لم يتخذا القرارات الرادعة والعقوبات مثلما اتخذتها كمثال إزاء احتلال العراق للكويت.
فعمليات الاعتداء على الشعوب وانتهاك سيادتها من قبل الدول الإمبريالية وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، وامتدادها العضوي الكيان الصهيوني، وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية للدول لم يحرك المجتمع الدولي ومنظماته الدولية من أجل الوقوف بحزم في وجهها، باعتبارها تمثل خرقا فظا لقواعد ومبادئ القانون الدولي العام التي تهدف إلى ضمان وحماية السلم والأمن الدوليين، ويجرِّم استخدام القوة أو التهديد بها في حل النزاعات والخلافات الدولية، بل إن أي تحرك عبر الأطر كان امتیاز الاعتراض(الفيتو) يقف له بالمرصاد لإحباط أي مسعى في هذا الاتجاه.
وإذا كان هذا هو الحال خلال العقود الماضية، فإن الهيمنة الأمريكية على العالم جعلت من مجلس الأمن أداة لتنفيذ السياسة الأمريكية، بل إن الولايات المتحدة صادرت دور المنظمة الأممية، ولعل اتفاقيات ما يسمى بالسلام في الشرق الأوسط لخير شاهد على ذلك، لأن الأمم المتحدة كانت الغائب الأكبر، سواء في مؤتمر مدريد أو أوسلو أو واشنطن.
لكن السؤال الذي يطرح بإلحاح بعد هذا الاستعراض، هل انتهى دور المنظمة الأممية؟ مع نهاية الحرب الباردة وقبض أمريكا على العالم بيدها، أم أن مهمتها باقية ما بقيت العلاقات الدولية بين الدول؟ فعلى الرغم من كل التجاوزات والإخفاقات يبقي للأمم المتحدة دورها الحيوي والهام في حفظ السلم والأمن الدوليين إذا ما جرى التخلص من مصادرة دورها من قبل بعض الدول.
والشيء الجوهري هنا هو أي منظمة يريد العالم؟ هل هي منظمة ما بعد الحرب العالمية الثانية بكل إفرازاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية؟ أم منظمة تتجاوز كل ما من شأنه أن يجعلها سخرة في أيدي قلة من الدول؟
إن الأمر يستدعي وبشكل ملح تدعيم تلك المنظمة وفعالیتها، بدلا من محاولات تقويضها، ومن ثم البحث عن وسيلة تمكن من التغلب على معضلة الشلل الذي انتاب المنظمة الدولية، أو تحويلها إلى أداة تابعة في حالة تورط دولة كبرى في الأزمة، وفي هذا الصدد قد يكون من المفيد تطوير دور الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتمكينها من لعب دور محوري في اتخاذ القرار، كما أنه من المهم كذلك تطوير دور محكمة العدل الدولية، كهيئة قانونية وتعميم ولايتها على شتى المنازعات، بما يحد من هيمنة الدول الكبرى على مقدرات الشعوب في العالم، ومنع التحكم في سير المنظمة وعملها(۱).
وأول ما يمكن عمله على طريق تجديد المنظمة الدولية هو إلغاء التمايز وعدم المساواة،
بإلغاء حق الاعتراض(الفيتو) في مجلس الأمن وتوسيع عضويته مع التمثيل العادل للقارات والتجمعات الإقليمية في المجلس.
ولاشك أن إعطاء دور أكبر للجمعية العامة، سيساهم بالضرورة في تعزيز وحفظ السلم والأمن الدوليين وحماية هذا الكوكب الذي نعيش فيه جميعا من التحديات والأخطار التي تواجه البشرية خلال هذا القرن.
--------------------------
1- أدمون جوف، مصدر سبق ذكره، صفحة 88.
1- المصدر السابق، صفحة 88-89.
2- موقع الأمم المتحدة على شبكة المعلومات الدولية –الإنترنت.
1- د. محمد شومان، مصدر سبق ذكره، صفحة 111.
2- أدمون جوف، مصدر سبق ذكره، صفحة 96.
3- د. محمد شومان، مصدر سبق ذكره، صفحة 111.
1- د. محمود صالح العادلي، مصدر سبق ذكره/ صفحة 34.
1- موقع وزارة الخارجية الألمانية- شبكة المعلومات الدولية- الإنترنت.
2- موقع BBC على شبكة المعلومات الدولية- الإنترنت،6/11/2003.
3- د. محمد شومان ، مصدر سبق ذكره، صفحة 111.
1- موقع BBC على شبكة المعلومات الدولية- الإنترنت،17/7/2005.
1- انظر ورقة الموقف الصيني حول مسألة إصلاح الأمم المتحدة، 17/6/2005، موقع وزارة الخارجية الصينية على شبكة المعلومات الدولية-الإنترنت.
1- موقع BBC على شبكة المعلومات الدولية- الإنترنت-17/7/2005.
2- موقع وكالة آكي الإيطالية على شبكة المعلومات الدولية- الإنترنت- 14/7/2005
1- موقع الخارجية الجزائرية على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت26/7/2005
2- موقع جريدة الرياض على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت- 4/7/2005
3- موقع مجلة آخر ساعة على شبكة المعلومات الدولية-الإنترنت 6/7/2005
1- د. محمد شومان، مصدر سبق ذكره، صفحة 111.
1- د. محمد عاشور مهدي، مصدر سبق ذكره، صفحة387.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د