الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوميات الجوع

رياض قاسم حسن العلي

2022 / 10 / 21
الادب والفن


"وصعد دخان قلبي لغيمة الوهواس" ...
وأنا في طريقي إلى لواء 47 في غيمة الروح وفي وحشة الهور الذي جفّفه بدويّ قادم من حيث لا نبات إلاّ العاقول....
أخبرت صديقي ناجي بأنّي سأذهب إلى حيث اللاشيء
فقال لي حسناً
تعال إلى اللاشيء...
فثمّة عرق مسيح...
فغدا ستنسى كلّ شيء
وفي يدي قصيدة كتبتها وأنا في قمّة الجوع....
ستنسى بعد اسبوعين...
وانا في يدي قصيدة...
ثمّة تنكّر سيمر ويأخذني الى حيث مقر اللّواء
وفي جعبتي ثلاث تمرات
كنت قد خبأتها لجوع قادم
وأنا اغنّي
وفي ذهني تلك السمراء
وانت تقول لي "حدّث اعالي الشجر
خلي الحزن للحزن"...
فثمّة نوافذ للرجاء..
حيث لا هور..
ولا سمك
ولا سمراء..
هل اخبرك بأنّي خائف...
نعم..
حيث الظّلام ..
وضابط لا يهمّه إلاّ المال...
حدّثني ماجد عبعبوب بأنّي يمكن أن اشاهد تلك السمراء إن تبرّعت لهذا الضابط...
حسناً
بعد ساعات
كنت على مقربة من فجر الشّمس
ومعي بضعة تمرات...
وثمة صبي قرب النهر يستهزئ بخوفي..
نهر وسط الهور..
هور الجبايش
حيث لا تعرفون...
صحراء بلا صحراء..
وهور بلا هور...
ومرّ بنا الرّصاص هناك...
وبيدي التمرات...
ثمّة رصاص في كلّ مكان....
وقماش اخضر فوق الجباه..
قالوا حين أنتفاضة لا وليّ إلاّ علي...
وأنا جالس في ناصية شارعنا أعدّ ارباحي من قمار الأرصفة وزيت الشوارع...
وهناك جنديّ لم يبق من ملابسه إلاّ بسطال متهرئ...
وسعدون يرديه حيث اللاّشئ...
في جسر الزبير الذي لا يذكره التاريخ...
وهذه القصيدة في جيبي ...
والجوع يقتلني...
في شمال البصرة حيث سمرائي لذت...
والهور الخالي من الاسماك...
كذبت خالتي حينما اخبرتني انّ في الهور اسماك...
لم تخبرني انّ قنّاص البعث قد منح للأسماك لحما وفيرا...
وفي الضّفة الاخرى ثمّة صوت لنساء...
ها لولاد...
ما رديتوا حتى تراب..
يا ناجي ...
"امس سلّم علي وفات"
انا وضياء نشرب سم..
وبغداد مجرد حانة كبيرة...
وأنا حيث وصيّتي حين الموت أن احضن تلك السمراء ...
طيب يالمريض أهنا نويعة يا ضيم قلبي...
يا ناجي يفرقنا كريم منصور على دجلة العمارة..
"والدنيا رطب عالي"..
وسألتك هل تأتي...
قلت بيد الله..
وكريم منصور يعتذر بعد حين...
مامش نفاهه
لوأموت لو يرحن عيوني...
وهذه المدن مقابر يا ناجي...
ونحن العائدين من نار ...
عطاشى...
نطرق البيبان ونحرق ثيابنا..
يا ناجي..
شعطلك شبطاك...
وأنت كنت "ونس الليالي وسلوى للعاشق الولهان"...
ولا مرّة صحى حظنا يناجي
كأن محنة القرون محفورة في الجباه..
وثمة نار وسط برية الهور....
وفي يدي قصيدة يا ناجي وأنت خاطرك مكسور..
وسجّادتي قصب زور..
وفي يدي أجازة لا غاية فيها...
وفي اعلى السّيارة تابوت...
وبضعة دموع في جردغ نساء لم يعرفن الفرح منذ القبلة الاولى قرب تنور الشّبق الازليّ..
وأنا ماء وأنسكب..
فما نفع الدّموع...
والليل مسموع...
أنا التّائه في برية الموت...
ابحث عن الينبوع...
بلا هور...
وثمّة جوع لا ينتهي...
وتعال خلي اسولفلك شیحچون..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق