الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستشراف البحثي السياسي

سامي الاخرس

2022 / 10 / 21
القضية الفلسطينية


الإستشراف البحثي سياسيًا
يلاحظ أن الصحافة الصهيونية أو مراكز الأبحاث الصهيونية تسلط الضوء بشكل دائم ومستمر على المستقبل، ومعالجة أي أحداث أو ظواهر بمستقبلها، وتضع العديد من السيناريوهات المستقبلية التي يمكن التحرك بناءً عليها، أو الفعل وفق مقتضياتها، وأخر ما قرأت اليوم صباحًا دراسة بحثية عن الحالة الفلسطينية (بعد الرئيس عباس) ووضع وصياغة سيناريوهات لكيفية التعامل مع المرحلة، من خلال العديد من السيناريوهات المطروحة للتداول والنقاش، وربما يكون لدى المطبخ الصهيوني بعض هذه السيناريوهات كبدائل حتمية في حالة حدوث فراغ سياسي في الساحة الفلسطينية، وفق أولويات (المصلحة لدولة الكيان)، ومقتضيات الحاجة الصهيونية - وهذا لا خلاف عليه - ووفق هذه القراءة دائمًا يقفز لدينا سؤال مشروع، ما هي البدائل والاستشراف الفلسطيني للمستقبل؟ وهل يوجد لدينا خطط وبرامج وبدائل وسيناريوهات مطروحة للمستقبل؟
للإجابة على تلك الاسئلة لابد من قراءة واقعنا من ثلاث زوايا رئيسية وهي: الشعبي، الحزبي، الوطني.
أولًا: الشعبي:
إن الثقافة الشعبية عامة لا يطلب منها البحث عن طرح وإنتاج بدائل أو سيناريوهات مستقبلية، كونها هي القاعدة التي تتلقى من النخب الثقافية، ومراكز الأبحاث، الرؤية المستقبلية، والقراءات المستقبلية البحثية المبناه على أسس وقواعد علمية مدروسة يتم اسقاطها على العديد من العوامل المتعلقة بالجغرافيا السياسية من ناحية، والنظام السياسي من ناحية أخرى، لذلك فإن القاعدة الشعبية تتأثر بالتفاعل اللحظي مع الأحداث، ومدى تأثير هذه الأحداث في توجهاتها ورأيها العام، ومن هنا فإن الرأي العام الفلسطيني تحدد متجهاته وفق اللحظة الانفعالية التي يعيش تحت واقعها، وتتمحور في ثلاث قضايا: أولها: واقعه المعيشي الإقتصادي، ثانيهما: واقعه السياسي الممثل بالمصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، ثالثهما: واقع الفعل المقاوم في الضفة الغربية والظواهر الفردية أو الجماعية اليومية المقاومة.
ثانيًا: الحزبي:
منذ اتفاقيات أو تفاهمات أوسلو عام 1993 انحرف الواقع الحزبي انحرافًا كبيرًا ومؤثرًا عما كان عليه في مرحلة الثورة، واصبح هناك صراع شرس على القيادة الحزبية، التي تحولت في العديد من مفاهيمها من واقع التضحية، لواقع المكتسبات، واستطاعت مرحلة ما بعد أوسلو فرز قيادات جديدة بتفكير ونمط تفكير مختلف ومغاير عما كان قبل أوسلو، وعليه أصبحت الأحزاب أو معظمها لا يوجد لديها برامج أو خطط مستقبلية أو استشرافية أو حتى مشروع سياسي يمكن طرحة وتوجيه الرأي العام له خارج سياق السلطة الحزبية أو السلطة العامة، لذلك فإن معظم الأحزاب تخوض صراع داخلي عنيف بين صفوف قيادتها، وكل برامجها وأهدافها أصبحت تتمحور بالخصوصية التي يراها كل فريق من أجل الوصول إلى قمة الهرم وفق الكوته المعدة من (عظم الرقبة) بمفهومها الواسع، وما أن ينعقد المؤتمر الحزبي ويحقق المسؤول مبتغاه حتى يبدأ بالتخطيط في اتجاهين: الأول: تثبيت أركان سلطته الحزبية، وتمكين فريقه، والثاني: التمكين والسيطرة على كل المفاصل الحزبية لضمان النجاح في فترة جديدة مستقبلية، يكون هو عنوانها، وعليه اندثرت الرؤية الأشمل والأعمق في صياغة ووضع برامج عامة تنطلق منها الأحزاب لفضاء أوسع، مع بعض الرؤى التي يمكن أن تشكل لبعض الأحزاب بناء خطط وبرامج تمكنها من الوصول إلى السلطة الأعم والأوسع.
ثالثًا: الوطني:
الهم العام الوطني تم اختزاله في محاور رئيسية يتم الصراع عليها وفق طموح بعض القوى التي ترى بنفسها قوى رئيسية ومركزية تمتلك قواعد شعبية عريضة، وتحظى بامتدادات اقليمية ودولية، تستهدف إما الحفاظ على مستقبل وجودها في السلطة، أو الوصول إلى السلطة، ولذلك فإن جل خططها وبرامجها تتركز حول مفهوم وفكرة (الإستقطاب) الشعبي الداخلي، مع تغييب السياسات والسيناريوهات المستقبلية المتعلقة بالشأن الوطني المستقبلي (للقضية الفلسطينية)، وهو ما يفقدنا أي قراءة أو رؤية أو سيناريوهات مستقبلية، وإنما الإعتماد على (رد الفعل) أو ما يملى علينا اقليميًا أو دوليًا، مع غياب الحضور الحزبي المتنوع والمتعدد المستنكف خلف مصالحة الضيقة، ومدى ما سيحققه من كل طرف من أطراف المعادلة، وهو ما يلاحظ في شأن المصالحة الفلسطينية الداخلية، وكذلك ما يتم ملاحظته من مواقف بعض الأحزاب من بعض الأزمات الإقليمية ذات العلاقة المباشرة مثل (الأزمة السورية) والمتعلقة بحركة حماس التي يلاحظ إنها تعيش في حالة تناقض واسعة بين مفاصلها وقواعدها، وإيحاءات بأنها تيارات ما بين مؤيد لعودة العلاقة مع سوريا (النظام) وما بين متثبت بموقف الجماعة الأم (الإخوان المسلمين) وما بين من يقف على الحياد يراقب عن بعد وبتحفظات غير معلنة لكل من الموقفين السابقين.
في ظل هذا الواقع يتضح جليًا أن السياسات الإستشرافية أو البحث الإستشرافي الفلسطيني عامة لا يوجد في قواميس النخب الثقافية السياسية أو النخب الحزبية والإدارات الحزبية عامة، وكذلك يغيب عن المستوى الرسمي الفلسطيني (الحكومي) ولا توجد أي بوادر أو ملامح بأننا نمتلك رؤية أو قراءة استشرافية للمستقبل على المستوى الوطني العام، وإنما مستسلمين للحظة وردة الفعل فقط، لذلك فإننا نأخذ دور المتلقي دومًا، ولا نحقق أي مكتسبات على المستوى الوطني الذي يشهد تراجع في كل مستوياته العامة والخاصة.
ولو تركنا سؤال لوعي القارئ والباحث والأحزاب ... ما هي الدولة التي نريدها؟!
د. سامي محمد الأخرس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي