الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح16 ملحق

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 10 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


دائرة الأموال الخاضعة للتخميس
لعلاقة هذا المبحث في أصل نظرية المال مجهول المالك علينا أن نبحث في الأموال التي تخضع للتخميس بأعتبارها طائفة من الأموال التي فيها حف شخصي خالص وفيها حق شرعي عام بحسب النظرية الفقهية الشيعية، ومن خلال النصوص القرآنية التي فرضت وسنت الحف الشرعي هناك نوعان من الأموال التي تخضع لواحدة من الفرضين أما الزكاة وأما الخمس، فكل ما ورد في معنى الزكاة هو في الأصل صدقة مال تخرج بالنسبة المحددة وتوزع على الأصناف المتفق عليها، وهي عادة ما تكون ضريبة عامة معلقة على شرط النصاب، أما الخمس فهو فريضة مالية لا تمت للصدقة بصلة كونها ضريبة أستحقاق لا علاقة لها بهدف الزكاة وهو تطهير النفس والتزكية (خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، فهدف الخمس هو أستحصال حق المجتمع من مال يشترك في تحصيله ليس الفرد نتيجة عمله وتحصيله المعتاد، بل هو يعتمد على عنصر الصدفة أو الفرصة اللا معلومة أو اللا متاحة لأي شخص، لذا يعرف الخمس أنه ضريبة خاصة معلقة على الحصول وليس على النصاب.
من خلال الفرق بين ماهية الخمس وماهية الزكاة نجد أن الشيعة مثلا لا يحلون مال الزكاة لمستحقيها إذا كانوا من أل الرسول وتحديدا من أل البيت "أي من ذرية فاطمة" كونه من أوساخ الناس، ويقولون أن المال الوارد من الخمس هو حلال عليهم لأنه ليس بصدقة، هذا الفرق حقيقي من حيث نوع المال لكن الغير حقيقي أن يوقف مال الخمس بأجمعه إلى ذرية فاطمة ع دون دليل شرعي أو حتى سند عقلي إلا تخريجات لمساند ظرفية لعب عليها فقهاء ومتكلمة الشيعة لتجريد ذوي الأستحقاق الأصلي منها وجعلها في مصب واحد خلافا للشرع والنصوص الأمرة، وخاصة آيتي الخمس وآيات المواريث المحكمة والحاكمة على كل المسلمين بدون أستثناء، فلا مساغ شرعي ولا عقلي أن تستثنى تركة النبي محمد منها وهم الذين يدعون في كب محاجاتهم أن النبي يرث ويستورث ويسقوا عشرات الحجج والدلائل في ذلك.
وبالعودة إلى متبنيات الشيعة بشكل عام أن الخمس عندهم يفرض على خمسة أنواع من المال كوعاء، ومن هذه الخمسة موارد يقسم المجموع على سهمين هما سهم الإمام النصف، والنصف الثاني هو ما يعرف بسهم السادة أي المنتسبين لعلي ع من فاطمة فقط " الخمس نصفان، نصفٌ للإمام المنتظر (عليه السلام)، يصرف في الأمور التي يضمن رضا الإمام (عليه السلام) بصرفه فيها، إمّا بإجازة من المرجع الأعلم المطّلع والمحيط بالجهات العامّة، أو بدفع ذلك إليه، ونصفٌ للفقراء وأبناء السبيل من الهاشميين المؤمنين العاملين بفرائض دينهم، وكذلك للأيتام الفقراء المؤمنين منهم" ، بالرغم أن عليا ليس بوارث لرسول الله ولا الحسن ولا الحسين، إنما إرث الرسول أنحصر في أبنته فاطمة ولها النصف، وعمه العباس بن عبد المطلب وله ثلاثة أثمان ولأمهات المؤمنين الثمن الذي قسم على سبع منهن، وقد نتناول هذا لا حقا، المهم، أن الأموال الخاضعة للخمس هي:.
1. الخمس من كل مغنم "بما فيه الغنائم الحربيّة من الكفّار الذين يحلّ قتالهم" وكل كسب زاد عن مؤنة سنه للمكلف به، خضع للزكاة أم لم يخضع فهو برأي فقهاء الشيعة أن المال المزكى إذا بلغ النصاب الشرعي وجب عليه الخمس بأعتبار أن ما فاض من قيمة عن السنة السابقة هو غنيمة.
2. الركاز وكل ما يلحق به من مصاديق الكنوز والدفائن وما تحت الأرض والماء مثل ما يستخرج من الغوص، وما فوقها الذي لا مالك له على وجه اليقين كأخشاب الغابات والاحجار الثمينة والرمل والحصو وغيرهم.
3. أموال مجهول المالك على تفصيل كبير وأختلاف في موارده وسنتكلم عن كل وجهة نظر بشكل منفرد.
4. الحلال المختلط بالحرام في بعض صوره.
5. الأرض الذي يمتلكها الذمي من المسلم.
وعلى ما مشهور بين فقهاء الشيعة ومجتهديهم عن كيفية الاتفاق فيما يخص ما يسمى حق السادة تحديدا أنه يستثنى منه فئة من المسلمين وهم على رأي المرجع السيستاني مثلا (لا يجوز على الأحوط إعطاء الخمس لمن تجب نفقته على المالك كالأب والزوجة والولد، كما لا يجوز دفعه لمن يصرفه في الحرام، والأحوط لزوماً أن لا يدفع لتارك الصلاة وشارب الخمر والمتجاهر بالفسق) خلافا لقاعدة ذوي القربى والمساكين واليتامى وأبناء السبيل المطلقة التي لا يقيدها قيد ولا يشترط في تطبيقها شرط، أما حق الإمام ويقصد به هنا الإمام الغائب فبصرف أيضا بموجب قاعدة متمددة غير منضبطة ولا معيارية وهي (يصرف في الأمور التي يضمن رضا الإمام (عليه السلام) بصرفه فيها، إمّا بإجازة من المرجع الأعلم المطّلع والمحيط بالجهات العامّة، أو بدفع ذلك إليه)، هذه الكيفية التي نناقش في سندها ومصدر تشريعها في المباحث اللاحقة، لكن ما يختلف عليه اثنان من الموارد الخمسة وهما الرابع والخامس، والذي سنتاولهما بالترتيب ونكشف حقيقة ما يشار إليه على أنه من وارد الخمس الشرعي..
الحلال المختلط بالحرام
لم يقل أحد من المسلمين قبل ظهور هذه الفكرة في المتبنيات الشيعية الفقهية أن المال المخلوط حلالا وحراما يمكن أن يحلل من جلال إخراج الخمس منه ليكون فيه حق الله ورسوله وبقية أصحاب الحقوق في الخمس، القاعدة الشرعية التي تحكم الإنفاق لوجه الله تعالى في كل أبواب الأنفاق الشرعي زكوات وغيرها هو أن يكون من الحلال وتركيزا من الطيب من الحلال، فقد ورد في النصوص القرآنية مثلا :
• (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) ﴿٢٦٧ البقرة﴾.
• (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ.... فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ﴿١٥٧﴾.
• (لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ) ﴿آل عمران 92 ﴾.
• (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ﴿١٠٢ التوبة﴾.
من هذه النصوص يتضح لنا أمور مهمة يمكن إدراجها تحت ما يلي:.
1. الحرام من الخبائث لا يمكن أن يحلل ولا يمكن تزكيته ليتحول إلى حلال، فحلال محمد حلال إلى يوم الدين وحرام محمد حرام إلى يوم الدين.
2. الخلط يمكن ان يكون مقصودا ومتعمدا وهذا المال المخلوط تعمدا ما لم يعزل خلاله عن حرامه ويرد الحرام لأهله، يكون كل المال محل شبه والمشبوه لا يمكن أن يكون محلا للتزكية حتى يخرج الخبيث منه، أما الغير متعمد والذي لا مقصود في ذاته فهو محل شك والشك يفسر لمصلحة دافع الزكاة بعد أن يجتهد في رفع الشك والشبه عن ماله، هنا يكون مفعول الإرجاء في النص الرابع متعلق بقبول الله تعالى له وهم على الظن والأغلب بعد الجهد والتيقن قابل للتزكية.
3. المال المختلط به حرام إذا كان محل تزكية وتطهير فهو من باب إيتاء الصدقة عنه، ولا يدخل أصلا في باب الغنائم لأنه ليس بغنيمة إلا إذا كان أصلا هو من مال مستغنم بدون جهد أو بدون حظ خاص به، فنال الكسب الذي يكون محلا للزكاة وقد أختلط به الحرام لا خمس فيه ولا يقبل منه.
4. لا سند شرعي ولا نص ولا رواية معتبرة في هذا المجال تبيح ان تدفع حصة الله ورسوله من مال "شبهة، أو مال مخلوط بخبيث، والغرض من إيراده في مستحقات الخمس غرض خبيث في النية والمقصد يتعلق بما يعرف بحرمنة الرزق، ليقول للناس أن الله يقبل من الخبيث كما يقبل من المتقي وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة 27).
5. الصدقة عموما والزكاة خصوصا من أعمال البر التي يراد منها وجه الله في النية والعمل، والله تعالى وحسب النصوص يقول "لن تنالوا البر" إلا بشرط واحد وهو أن "تنفقوا مما تحبون"، فهل المؤمن يحب الأنفاق من الحلال على نفسه أم من مال مشبوه في خبث وخبائث، فإن كان المؤمن يأمل وينفق من الخبائث فلا عزاء على فقدان إيمانه، وإن كان يأبى الحرام والخبيث فمن باب أولى أن لا ينفق منه لوجه الله تعالى وأمتثالا لأمره الشرعي.
من تلك النتائج نرى أن ذهاب فقهاء الشيعة ومتكلميهم ومراجعهم لم يوفقوا ببناء رؤية تتوافق تماما مع روح وجوهر الأنفاق في سبيل الله، عندما سطروا ضمن الأموال مستحقات الخمس ما يعرف بالمال المختلط بحرام، ولا ينفع ما قدموا من تبريرات لغرض تسويق الفكرة، وأن الحرام على صور وعدم وجود حل للمال المختلط يلجئهم لذلك، وهنا يسأل البعض ماذا يعمل إذا في المال المخلوط بحرام؟، الجواب بسيط وبديهي وقبل أن يشرع بأي عمل على صاحب المال إن أراد تزكية نفسه وماله أن يعرف الحلال بشروطه والحرام بشروطه، ثم إذا نظر لمكسبه وتبين فيه الحرام أن يعزل ما أستحرم منه على يقين القدر الموسع، وليس على يقين القدر المضيق، ثم يستغفر ويتوب من فعله، بعد ذلك إن عرف مال الحرام ومصدره أن يرده له، وإن لم يعرف أو لا يستطيع فعليه أن يرد به للفقراء والمساكين ليس بنية الزكاة ولا بنية تطهير المال الخاص به، وإنما بنية رد ما هو غير معلوم لأصحاب الحق المهضوم وهم الفقراء والأيتام والمساكين، وبعنوان براءة الذمة من مالك المال.
الأرض الذي يمتلكها الذمي من المسلم
الملخص في هذه القضية حسب ما ورد بكتب الفقه تتعلق بصور من الملكية والتفريق بين ملكية الحق وحق الملكية تبعا للمورد الذي صارت فيه، فالأرض الزراعية الخراجية لا تدخل تحت هذا العنوان أما ما يدخل فهو على صور:.
الصورة الأُولى:
ان يُبنى على ان المسلم يملك الارض المفتوحة عنوة اذا وقعت تحت يده بالإحياء أو غير الاحياء، «مثلا اذا جعلها كراجاً للسيارات أو نحوها مما لا يدخل ضمن مفهوم الزراعة» كالأراضي الميّتة مع فرقٍ، وهو ان إحياء الأراضي المفتوحة عنوة انما يكون مُملّكاً للمسلم فقط، امّا الاراضي الميّتة فهي ملك لمن احياها مسلماً كان ام غير مسلم، فاذا باعها المسلم بعد الاحياء الى الذمّي فلا اشكال في وجوب الخمس في هذه الارض على الذمّي، لأنّه يصدق عليه عنوان هذا الخمس، مع العلم ن هذه الارض التي هي للمسلمين وملكها المسلم بالإحياء تخرج عن ملكه بالخراب وترك الاحياء لها، أو ان هذه الملكية ملكية متزلزلة تزول عند تركه للإحياء وصيرورتها ميّتة.
اذن يكفي على هذا الحال من وجوب الخمس هو حدوث الملكية بالإحياء وان لم تكن هذه الملكية باقية عند حصول موت الارض، لأنه يصدق ان الارض انتقلت من المسلم الى الذمّي بالشراء حين احيائها، والحال الشرعي والتشريعي أن هذا التخريج باطل لأن الصحيح هو ان الاراضي الخراجية هي ارضٌ موقوفة لجميع المسلمين، فالمالك لها هي جهة حقوقية اعتبارية قانونية وهي جهة المسلمين، أي ملكية الأمة أفرادها من كان موجوداً زمن الفتح ومن يأتي بعدهم، ولا تكون ملكاً للمسلمين بالإحياء أو العمل عليها، نعم تترك بيد مَن يعمرّها من المسلمين وفق قاعدة الأرض لمن يحيها وهذا كحق وليس كملكية تامة ما لم تستقر بيده إحياء وتعميرا مع أداء حقها الشرعي لبيت مال المسلمين، وهذا لا يصدق عليه انه ملكها ملكية شخصية بحيث يتمكّن من بيعها لغيره ذميّاً كان ام غير ذمّي لأنه ليس مالكاً لها ولا بيع الاّ في ملك.
الصورة الثانية:
ان يبيع الحاكم الشرعي الارض الخراجية الى الذمّي لمصلحة يراها الحاكم في هذا البيع حسب ولايته ونفوذ تصرّفاته في رقبة الاراضي الخراجية، وهذه الصورة قد تكون دخولها «اي الارض» فيه «في البيع»، اذن هذه العبارة تشمل الصورة الاولى وهذه الصورة طالما أن البائع يملك حقيقة ولا يتملك حق ظاهر فقط (الشراء من المسلم الذي يملك ملكية حقيقية وله شخصية حقيقية، الاّ ان العرف يُلغي هذه الخصوصية ونفهم من التعامل الجاري مطلق ما ينتقل من المسلمين فيتمكن من بيعها وان لم تكن هي ملكاً حقيقية)، والحقيقة الشرعية التي يراد الألتفاف عليها هي، اذا اشترى الذمي الارض الميّتة التي احياها مالكها المسلم أو الذمّي بالبناء أو الغرس، فهي لا تُسّمى ارضاً، فلا خمس عليها اصلاً لأن الدليل جاء في الارض لا في البستان أو الدار أو المعمل، فلاحظ الاختلاف بين المبنيين خاصة وأن طريقة تكون الحق "المنفعة أو الأستغلال أو حق التصرف غير الزراعة" تولد حقا على الأرض لكنها لا تنشئ ملكية خاصة لها.
الأرض التي يشتريها الذمّي من المسلم تبعاً لما فيها من الآثار بمعنى أي "حق عيني أصلي أو تبعي" فالمسلم عندما أوجد فيها هذه الحقوق صار له حقّ الاختصاص بها عندما احياها، او عندما اخذها من الحاكم في قبال الخراج، وهنا حكم وجوب الخمس متعلق فقط في الارض، وليس على المنافع أو الأثار العينية "الحقوق" التي ترتبت على العقار، بمعنى ان المسلم الذي جعل آثاره على الارض الخراجية لا يكون له حقّ الاختصاص، بل له حقّ الانتفاع بالأرض كالمستأجر من دون حصول اي حقّ له في الارض، فهنا لا يجب الخمس بناءً على ان حقّ الاختصاص يختلف تماما عن حقّ الانتفاع، فالأوّل يكون الارتباط بالأرض قوّياً بخلاف الثاني حيث لا يكون له سلطة على الارض.
الصورة الثالثة:
يوجد مبنى عند بعض الفقهاء يقول: ان الاراضي الخراجية التي يستولى عليها المسلمون بالحرب تكون خاضعة للخمس، وحينئذٍ اذا اخذنا الخمس وقسّمناه بين السادة والامام ع، ثم باع من استلم حقّ الإمام من الارض وعمّره أو باع من استلم حقّ السادة وعمّره واحياه، ثم بيعت هذه الارض المملوكة للسادة أو لغيرهم الى الذمّي، فهنا لا اشكال في تعلّق الخمس لأنّ الذمّي قد اشتراها من مسلم مالك لرقبة الأرض فيشمله دليل الخمس بصورة واضحة، والحقيقة أن الحق المفترض على الأرض الخراجية كما كانت في عهد النبي ومن بعده وصولا للخليفة الإمام علي، أن عليها الخراج المعروف فقط، فلا خمس عليها لا بعنوان الأرض ولا بعنوان الحاصل أو المنفعة، إضافة إلى أن دخول المال أيا كان في ملكية المسلم بسبب شرعي وتشريعي، لا يوجب عليها الخمس ما دامت لم تكن من المغانم لا الحربية ولا العادية، فهي إن كانت من غنائم الحرب فقد خمست سابقا ولا خمس على المخمس أصلا، وإن كانت من المغانم العادية فعليها الزكاة فرضا كونها مال مجهود وكسب طبيعي أرضا أو محاصيل أو منافع.
إن بطلان هذا المبنى واضح لفقدانه السبب التشريعي وأعتماده على الأجتهاد الفقهي والرأي والرواية دون سند نصي إن لم يكن يخالف النصوص المحكمة في منطوقها وفي الدلالات القصدية منها، وحيث ان الخاضع للخمس من الغنيمة هو المنقول ولا يشمل الارض العامرة وقت الفتح لأنها غير منقولة وخاضعة لفرض أخر منصوص عليه ومفروض أصلا، والبعض حاول التخفيف من غلواء هذا الرأي بوجوب الخمس على المال المباع للذمي من قبل مسام فيرد رأيا مخففا فيقول (الخمس هنا هو عبارة عن محصول الارض من الجزية التي تؤخذ من الذمّي، فالحكم بوجوب الخمس هنا لا يختصّ بالأرض المملوكة له، بل كل ارض صارت تحت يده واستيلائه واستثمرها بالزراعة كان عليه ان يدفع عُشْرينِ من الحاصل (خمس الحاصل) في قبال حرمانه للمسلمين من صدقة الارض (الزكاة)، او قل انها اجرة الارض ووضع الجزية على الحاصل لا على الرؤوس) بالرغم من الترديد وعدم الحسم في هذا التخريج لكنه قد يكون مخالفا أيضا للقاعدة الأساسية في تعريف معنى الخمس ومناط فرضه على الأموال وليس على الأشخاص كما يتضح من النص المعمول به (فما غنتم من شي .....) المناط الغنم من الشيء وليس الغانم المخمس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق