الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:12611 الإعجاب:

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2022 / 10 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الإعجاب كلمة ذات معنى أوسع مما نتوقعه .ففي الإعجاب شهوة نظر ، ولهفة نفس ٍ ،وحالة تشد المعجب بمن يُعجب به عندما يلتقيا أو يمر أحدهما في خاطر الآخر .
والإعجاب راحة للنفس والنظر ،يُنعش الروح ويُحيي ما انفطر.وقد يعيش المرء هذه الحالة تجاه الجماد أوالطبيعة .ولكن ما نقصده هنا هو ما كان تجاه الإنسان ذكراً كان أم أنثى.
وقد ثبت بالدليل بأنّ للأرواح طاقات هائلة من السحر والجذب والتخاطب مما يُذهل العقول في تفسير مايحدث بين سالب وموجب ،وهذا الذي يحدث يشبه لغة عصية على أحدث مدارس علم النفس أن تفك شيفرتها وإن كان بعض تلك المدارس النفسية قد لامس ضفاف ما يحدث بين الأرواح من لغة لازالت أبجديتها مجهولة العوالم على العديد من المفسرين كما قلنا ، ولكنها تشبه في جوهر تكوينها النغمات الموسيقية .تلك المتنافرة في شكلها ووضعيتها ،ولكنها تنسجم عند الموسيقي الذي يوحد بين متناقضاتها النغمية عبر سلم موسيقي يَضبط تناسقها .كما يضبط المحب علاقته مع من يُحبه . أجل الموسيقى تأخذ بالألباب وتُنعش الأرواح. هكذا يكون التجانس والانسجام ما بين الأرواح البشرية وحتى الحيوانية في حالة الإعجاب والحبّ والعشق والغرام والهيام. ولا نقصد حالات ذاك الذي أخذه ( هواه بكليته) ونعني المريض النفسي والعقلي والروحي وحتى العاشق المذهل بعشق يعيشه . بل ما يعنينا هو حين يتزن العقل مع القلب ولا يتغلب أحدهما على الآخر. والانسجام عنصر واضح المعالم في جمع شخصيتين تكتمل عندهما تلك الحالة الفريدة من الذوبان في بوتقة كلّ منهما ويشعران بوحدة كونية تجمعهما . وبهذا يُشكلّ
الإعجاب نصف مرحلة الحب في شكله الخارجي وفي مضمونه وفعله السحري . فالإعجاب يتضمن أصلاً التقدير والانسجام الروحي والنفسي الذي ولد من خلال تناسق عناصر المعجب بالمعجب به .
أضف إلى ذلك الدور الكبير الذي تلعبهُ في هذا الجانب كيمياء الدم والتي تُعتبر العنصر الفاعل في عملية الإعجاب برمتها .وهذه الكيمياء خزان يرفد النفس والروح والعقل بطاقة إشعاعية سحرية لانعرف تفسيراتها وإن اقترب من ضفافها ما كتبه أهل التصوف والفلاسفة حيناً وابتعدت عنها أحياناً .
وكيمياء الدم هي المسؤول الأول عن استمرار تلك العلاقة مابين المعجب والمعجب به ،أجل نحن أمام حالة جذب مغناطيسي مستمر تتولد في الدم من خلال اسقاطات لمشاهد للعين وجريانها عبر سيالات عصبية وتفاعلات كيميائية غريبة عجيبة وخلال لحظات ترى الفعل ظاهر للعيان وتزدهر الروح والنفس والعقل . كما وفي تفاعلهما نرى حالة سحرية تؤدي دورها في العلاج الروحي والنفسي والبيولوجي أيضاً . إنها نعمة مجانية تأتي عبر ميكانيكية لايؤسس لها إلا مبدأ الصدفة التي هي قانون جزئي من قانون عام بين شخصيتين تختلفان في التكوين .وهنا لا أريد أن أدخل في مواضيع عديدة منها تأثير الأبراج والأقمار والمكان والزمان على الشخصية المعجبة والمحبة والعاشقة والمعشوقة فهذا موضوع طويل وشائك.. .
لكن السؤال الأهم عند بلوغ تلك الحالة مابين القطبين هل يعني أنّ العلاقة بينهما ستكون مستمرة ً وناجحةً ومثمرة بقدر ما نتوقعه من نتائج كما جاء في هذه المقدمة من طرح ٍ يشبه المثالية الإنشائية؟!!
نؤكد على أن النفس البشرية لاتقف عند حواجز وفعل ميكانيكية الملكية الفردية المقيتة في هذا الجانب . وأقصد بذلك حب التملك المرضي المنتشر خاصة في المجتمعات الذكورية والمشرقية منها على وجه الخصوص بعدما أضاء لنا تاريخ الشرق بما يُخالف هذه الحالة التي يعيشها الشرق ذاته ونعني حتى في موضوع الزواج إذ كان هناك حالات انفتاح على موضوع ملكية المرأة للرجل والرجل للمرأة وهذا كان منذ الفترة الأولى للبشرية وما خلفته لنا الأناجيل السومرية والبابلية والآشورية والآرامية من أن الزواج لم يكن ملكية نهائية بل مر بأطوار تختلف تبعاً للمجتمعات ومراحل تطورها من الصيد وجمع الثمار إلى الزراعة والصناعة وتأثير الديانات على مجمل العلاقات البشرية .
لكن نؤكد على إعمال دور المدارس الدينية والمذهبية في الحياة الاجتماعية خلف ماخلفه من تقهقر لكل موجبات الشفافية في العلاقات الروحية والزوجية .
وأما آثار التغير والتبدل والتطور بين المعجب والمعجب به فأساسها دينامية العقل والقلب .وثبت بأنّ النفس البشرية لاتقف في حالة جمود ولن تقف ،مما تعشقه، وتركن إليه وتشعر به.
فهذا لايعني أنها ستقف عند مرحلة أو محطة وتنتهي هنا مشاريعها الأساسية من الحصول على اللذة الجسدية أو العقلية أو الروحية كما لا تعتبر تجاوز تلك المحطة على أنه تنكث بالوعود والعهود فذاك أيضاً يتطلب منا أن ندرس حالة الشخص الآخر وإلا ستكون أحكامنا ناقصة وعرجاء وغير عادلة من أن تُضحي أحد الشخصيتين بينما الأخرى لا تُعير لتلك المواثيق من أهمية .والسؤال الجوهري هنا هل الآخر أيضا ً يعيش حالة جمود أم هو أيضاً متغير وغير قادر على الوقوف عند مرحلة ما ؟ّ!!!.
محور هذه الفكرة من الصعب أن نفهمه مالم يكن هناك دراسات علمية ونفسية رصينة يُجريها خبراء علم النفس التطبيقي على الأزواج أو المحبين أو المعجبين . وخاصة من يدعون بإخلاصهم الواحد للآخر. وفي قولنا هذا لا يعني التعميم ولكن الحالات النادرة شاذة هنا في سياقات المفاهيم النفسية والفلسفية والواقعية.
ولنا أن نقول بأنّ الإعجاب وآثاره ونتائجه تختلف بحسب الأعمار والبيئة الاجتماعية والحالة المادية والثقافية وبحسب تحقيق الحاجات النفسية للعواطف السامية أولاً . وبحسب المصالح الشخصية وتبعاتها .كما ويختلف الأمر تبعاً للإنسان المبدع وغير المبدع. فالمبدع لا يتوقف عند محطة ما حتى الحب والعشق والغرام ويتمسك بها ويعدم كل حياته من أجل محطة واحدة مهما كان العقد بينه وبين الآخر. إلا إذا كان ( لعلة ما). كما يقول شاعرنا المتنبي(( وَالظّلمُ من شِيَمِ النّفوسِ فإن تجدْ
ذا عِفّةٍ فَلِعِلّةٍ لا يَظْلِمُ)).
وعلينا أن نتفق على أن المبدعين ليسوا حالة واحدة .بل يختلفون حتى في جوهر رؤيتهم وتوجهاتهم وهنا ما يهمنا منهم المبدع الثائر الذي يضيف مداميك إلى البناء الثقافي والفني والموسيقي والغنائي وحتى في مجال العلوم الفلسفية والهندسية والمنطق .فهؤلاء ليسوا كما المبدع المكتفي بقدر ما من الطاقات الإيجابية في صنع مادة إبداعه له . والمبدع الذي يؤمن بأنه يتجدد ولا يقف عند محطة ما كما لا يعتبر نفسه خائناً لماضيه أو لعهد قطعه مع هذا أو تلك. بل يؤكد على استمرارية وجوده وفلسفته تقوم على عناصر مبدئية تقول: أن المبدع فعل ماض ٍ مستمر لا يقف عند امرأة واحدة ً ولا عند رجل واحد بل سيظل يُعجب ويحب ويعشق لأنه هكذا هو أصل تكوينه ما دام قد حدد منذ اللقاء الأول سر علاقته وكان من الوضوح ما لا يقبل القسمة على مبدأ الخيانة وعلى الآخر تبعات التبعات إن حدثت لأنهما توافقا على ما اتفقا عليه .وهنا أؤكد على أن المبدع المخلص عليه أن يؤسس لعقد يقوم على الوضوح والشفافية منذ بدء العلاقة وليس على استغلال الآخر مهما كانت حالته .
أما من يعتبر هذه الحالة خيانة فعليه أن يُراجع قواميس العلوم النفسية وحقيقة الجينات التي أسست لهذا المبدع أو ذاك وكل ّ الدروب تؤدي إلى الإعجاب بوصفه الموضوع الأساس هنا منْ قال لكَ عليكَ أن تُعجب بها ومن قال لكِ أن تُعجبي به فهذا سؤال يستلزم الجواب .
وللحديث صلة.
# اسحق قومي. ألمانيا في 21/10/2022م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على