الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفهوم المعاصر للمساواة

صالح مهدي عباس المنديل

2022 / 10 / 24
المجتمع المدني


تعرف المساواة بضمان حصول كل فرد على فرصة متساوية لتحقيق أقصى استفادة من حياته ومواهبه
وهي من اكثر المفاهيم المثيرة للجدل بين بين مشكك و مخطأ و مصيب. على مر التاريخ البشري لم تكن المساوات امر واقع رغم تبني الفكرة من قبل الفلاسفة اليونان ، و كذلك شدد الأسلام على مبدأ المساوات و تعتبر الحضارة الأسلامية أول حضارة رعت مبدأ المساوات في الحقوق و الواجبات و بالأخص القضاء في الحضارة الأسلامية فكان المسلمون لهم قصب السبق في عدالة القضاء قياسا بالحضارات الأخرى. كذلك شدد الأسلام على منع التمييز على اساس عرقي في الحقوق و الأعتبارات. اما في الحضارات الغربية فان مفهوم المساوات هو مفهوم حديث نسبيا.
مبدأ المساواة المعاصر إنه يحمل الأفراد المسؤولية عن قراراتهم وأفعالهم ، ولكن ليس عن ظروف خارجة عن إرادتهم ، مثل العرق والجنس ولون البشرة والذكاء والمكانة الاجتماعية ، وبالتالي استبعادها كمعايير توزيع انطلاقا من نظرية جور رولز للمساواة في توزيع الفرص و الموارد .

المساواة الأخلاقية
حتى القرن الثامن عشر ، كان يُفترض أن البشر غير متساوين بطبيعتهم. انهارت هذه الفرضية مع ظهور فكرة الحق الطبيعي للأنسان ، التي افترضت نظامًا طبيعيًا يكون فيه جميع البشر متساوين. ضد أفلاطون وأرسطو ، فإن الصيغة الكلاسيكية للعدالة التي بموجبها يكون الفعل عادلاً عندما يقدم لكل فرد ما يستحقه ، يتخذ معنى مساويًا جوهريًا على مدار الوقت: كل شخص يستحق نفس الكرامة والاحترام. هذا هو المفهوم السائد الآن للمساواة الجوهرية والعالمية والأخلاقية

اذكر هنا ان نظام العبودية هو احد الأنظمة التي حالت دون تحقيق المساوات. مثلا ان جون لوك ( الذي يعتبر مؤسس الليبرالية) اعطى و شرع للسماح بالعبودية ربما لدوافع شخصية. تبقى المساوات مفهوم غير قابل للتطبيق بصورة مطلقة مهما اجريت المحاولات، و ذلك لأسباب طبيعية، و هي اختلاف الناس في مواهبهم و قابلياتهم الفكرية و الجسدية و كذلك فهمهم للواقع و تطلعاتهم.
اذ من من الأجدر ان تعرف المساوات على اساس انعدام التمييز بين الناس في نظام العدالة و فرص العمل و التعليم و توفير الخدمات و سائر الحقوق المدنية بشكل لا ينظر الى العرق او اللسان او اللون. هذا المفهوم فيه خصائص تناقض غرائز الأنسان مما اوجب على المشرع سن القوانيين ضد التمييز. فمن طبيعة الأنسان تفصيل اقاربه و ابناء عرقه و معارفه الذين تربطهم معه عوامل مشتركة على الآخرين فيميل الى المحسوبية و العنصرية و التمميز على اسس اخرى مثل الدين و العقيدة السياسة و امو اخرى كثيرة.
و السؤال هو ما نوع المساواة ، إن وجدت ، التي يجب الحصول عليها ، وفيما يتعلق بمن ومتى؟

لذلك لا يمكن ايجاد تعريف موحد للمساوات اذ انها علاقة نسبية بين شخصين على الأقل نسبة الى خاصية معينة مثلا كونهم متساوين في الخبرة او الذكاء او يعطون فرص متساوية لاجل الحصول على وظيفة معينة. لذلك يجب ان يكون المفهوم غير مطلق.

لهذا السبب ، من المفيد التفكير في فكرة المساواة أو عدم المساواة ، في سياق العدالة الاجتماعية ، ليس كمبدأ واحد ، ولكن كمجموعة معقدة من المبادئ التي تشكل الجوهر الأساسي للمساواة اليوم. ترتبط المساواة ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق والعدالة ، والعدالة التوزيعية على وجه الخصوص و منذ العصور القديمة ، اعتبرت المساواة سمة أساسية لنظام العدالة بكل انواعه.
المساواة الرسمية هي أكثر من الاتساق مع التفضيلات الشخصية: يجب أن تكون المعاملة المتساوية أو غير المتكافئة المعنية مبررة للأطراف المتأثرة ذات الصلة.
وهناك العدالة النسبية في توزيع الفرائد و الخدمات و الوظائف بين افراد المجتمع التي تكون حسب احتياجاتهم او حسب انجازاتهم.

المساواة الصارمة مطلوبة في المجال القانوني لحماية الحريات و الحقوق المدنية الأساسية للأنسان، لأنه - مع وضع القيود على الحرية جانباً كعقوبة - لا يوجد مبرر لأي استثناءات. بينما المساواة في الميادين الأخرى تكون نسبية و غالبا ما تتعرض للتفسير او التأويل او الأنحيازات حسب اجتهاد العاملين بها.
احد المسائل الشائكة في قضية المساواة هي الفكر الاشتراكي الذي يدعو الى اعادة توزيع الموارد بالتساوي الذي يتعارض مع الفكر الليبرالي ( جون لوك و روبرت نوزك) الذي يعارض اعادة التوزيع و يشجع الملكية الفردية لان اعادة توزيع الموارد تقتل السعي و الطموح. هنا ترى ظاهرة مثيرة للجدل وهي السيناريو الآتي:
اذا كان لاعب الكرة الشهير رونالدو يملك مئات الملايين و الرجل الذي يشتري بطاقة كي يحضر مباراة رونالدو و هو فقير لا يملك الا القليل فهل لهذا الرجل حق بما يمتلكه رونالدو؟
الجواب يعتمد على اي نظرية من العدالة سوف تقنعك ، و لكن انا ارجح للأجابة ب نعم، لانه لولا تشجيع الجموع لما اغتنى رونالدو لذاك بجب عليه و امثاله ان يدفعون الضرائب كي تستطيع الحكومة مساعدة الاخرين و يعترض دعاة الليبرالية عدى هذا الأستنتاج.

هناك نظرية مبنية على التركيز على المصلحة العامة (مذهب المنفعة)
من الممكن تفسير النفعية على أنها تجسيد للمساواة الأخلاقية - وهذا بطريقة تهدف إلى تقديم نفس الاعتبار لمصالح جميع البشر . من المنظور النفعي ، نظرًا لأن الجميع يعتبر واحدًا ولا أحد أكثر من واحد (بنثام) ، يجب التعامل مع مصالح الجميع على قدم المساواة دون مراعاة الوضع المادي للفرد. بالنسبة إلى النفعية ، هذا يعني أن الإجراء الصحيح أخلاقيًا هو الذي يزيد المنفعة العامة على حساب الفرد.

وخلاصة القول: يجب ألا تحتسب الهبات الطبيعية والاجتماعية ، ويجب أن تؤخذ النوايا الشخصية والقرارات الطوعية بعين الاعتبار. وبالتالي ، فإن النظام الاجتماعي المعين يكون عادلاً عندما يساوي قدر الإمكان ، وبطريقة يمكن الدفاع عنها معيارياً ، جميع العيوب الشخصية التي لا يكون الفرد مسؤولاً عنها ، ويمنح الأفراد القدرة على تحمل عواقب قراراتهم وأفعالهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا: طالبي اللجوء ا?لى سيرحلون إلى رواندا مهما حدث


.. أهالي الأسرى لدى حماس يتظاهرون في القدس من أجل سرعة إطلاق سر




.. هل تبدأ دول أوروبية ترحيل جميع طالبي اللجوء إلى رواندا؟ | ا


.. مراسلة الجزيرة ترصد إغلاق أهالي الأسرى شارعا قبالة مقر رئيس




.. إعلام إسرائيلي السماح بدخول وفدين من الأمم المتحدة والصليب ا