الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((الصَّخْرَة))...قصة قصيرة

ريتا عودة

2022 / 10 / 24
الادب والفن


صخرة واحدة، كانت تفصل بين أرضنا وأرضهم لكنّها لم تمنع قلبينا من أن يتدفقا الواحد نحو الآخر.
من أوّل نظرة، عشقته.
من بين أشجار الزيتون كان يطلّ عليّ وأنا أقطف الزيتون مع أمّي في أرضنا وكأنّه فارس ترجّل عن حصانٍ مجنّحٍ أبيض.
كان بجمال إله تلفُّه هالاتٌ من نور.
(بقى طول بعرض... اسمراني وحليوة)
كان يُعجبني كثيرا كثيرا.
أنا، كذلك، كنتُ أعجبه كثيرا.
في تلك الأيام كانت تلك الصخرة الفاصلة بين أرضنا وأرضهم هي صندوق بريدنا. نُخفي الرسائل تحتها بشغف.
كنتُ أنا الوحيدة من بين أفراد عائلتي التي تعلمت الكتابة والقراءة.
ياااه كيف كان الغزل بيننا، عندئذٍ..!
كتبتُ ذات غزلٍ له:
(طبخنا ورق عنب. إن شالله يجي يوم وتدوقه).
كنت لا أطيق صبرا إلى أن يكتب لي:
(هاي أمي جاي تزوركم لتطلب يدكِ).
لكنّه تأخّر!
لماذا تأخّر لهذه الدرجة؟!
في ذلك الوقت، كان احتلال فلسطين قد بدأ.
فجأة، وجدتُ منه رسالة كتب لي فيها كلمة واحدة فقط: (سامحيني!)
لم أدرك وقتها لماذا كتب تلك الكلمة ولماذا عليَّ أن أسامحه!!
كتبتُ له: (لماذا؟!).
لكن..
كلّما كنتُ أتوجّه للصخرة ، كنتُ أجد رسالتي مكانها.
حزنتُ.
اختنقتُ.
لكنّه اختفى. ظلّ السؤالُ صبّارا في حلقي.
إلى أن أتانا خبر عن ثلاثة شباب من قريتنا ذهبوا إلى المُواجهات، وكان هو أحدهم.
كلّ يوم كنت أسأل أهل البلد عن أخبارهم ربما يصلني خبر ما عنه، يطمئنني إلى أنّه بخير.
كنّا جميعا قلقين. لا ننام. ننتظر عودتهم على أحرّ من جمر.
بعد شهرين وصلنا الخبر: استشهدوا.
ثلاثتهم استشهدوا.
الجميع بكوا.
إمّا أنا فقد بكيتُ أكثر من بكائهم جميعا.
كتبتُ لهُ رسالة أخيرة ظلّت هناك على مرّ السنوات تؤنسُ تلكَ الصخرة.

#ريتا_عودة/ حيفا

___________

*( عن فيلم وثائقي قصير لمهند أبو رزق)
الصور المرفقة من الفيلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في