الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


23 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 24- يتبع(ج) الثابت والمتحرك في مسألة التاريخ 3) حركة التاريخ بين ب - ( التغير ، التطور )

أمين أحمد ثابت

2022 / 10 / 25
المجتمع المدني


في الفكر المادي الفلسفي و . . أيضا في المنهج العلمي في علوم الطبيعة بكل مجالاتها . . حتى المنهج التجريبي التطبيقي في مختلف العلوم الانسانية – حديثا – تتفق صراحة او ضمنيا في أن ( الحركة اساس الاشياء والظواهر الملموسة في ذاتها ) ، أو بتعبير آخر لا وجود لمادة دون حركة تطبع وجودها – وإن كانا منهج التجريب في العلوم الطبيعية والمنهج التطبيقي – التجريبي قياسا – في العلوم الانسانية ينظران بطريقة ميكانيكية لموضوعتي ( المادة والحركة ) ، وبشكل منفصل كليا بينهما من حيث الفهم النظري المجرد – وهو ذات النهج الميكانيكي الذي اتبعه نيوتن – حيث المادة ينظر لها كبنية كتلية او وزنية ثابتة الوجود والقياس لذاتها ، بينما الحركة ليست سوى آلية محكومة بقانون لانتقال المادة او الجسم او الجسيم في المكان – أي من نقطة الى اخرى ، ويقطع ذلك الانتقال مسافة في مدى زمني محدد . . يمكن قياس كل منهما وفق ذلك القانون – حتى أن الفكر الفلسفي المادي الجدلي – الذي يعد القاعدة الاساسية الموجهة لمنج العلوم التجريبية والتطبيقية . . التي ظهرت لاحقا كمجالات تخصصية إحلاليه بديلة لنهج الفلسفة المادية كفكر نظري مجرد – هو ذاته وفق ما نزعم به أنه كان قاصرا وفق رؤيتنا الشخصية النقدية في هذه موضوعات الحركة ، التطور والتغير ، حيث حصرت في بنية العموم النظري المجرد الاشد والمحدود في جانبي التعريف المصطلحي للمفهوم ودلاليا في بعض من المقولات المجردة العامة وبعض من المبادئ ، ك . . مبدئي ( صراع الاضداد ، التراكم الكمي والتحول النوعي ) وحركة المسار الطبيعي لتاريخ الوجود المادي – الكون ، الطبيعة في جانبها غير الحي وجانبها الحي الاخر المشتمل على الكائنات الدقيقة ، النبات ، الحيوان ، الانسان كمجتمع بشري – وبذات العيب الميكانيكي لمنهج الاسلوب العلمي التجريبي والتطبيقي ، الفاصل بين مفهومي المادة والحركة ، وإن كان نهج التفكير المادي المجرد يعد متجاوزا للأخرى ، فهو يرى في الحركة شرطية وجود المادة ويبنى عليها مفهوم التاريخ للأشياء والظواهر – وليس كألية انتقال في المكان ، تقوم بها المادة تحت تأثير قوة دفع خارجية عنها تفرض حدوث زحزحة لها من موضعها السابق الى موضع لاحق تحتل حيزه المكاني – وكنه القصور الذي نراه في منهج الفكر الفلسفي المادي هنا ، أنه اولا انه انغلق في فهمه ب ( لا وجود لمادة دون وجود الحركة كمسلك لها ) – بينما فيما نراه أن الحركة سمة جوهرية بنيوية لوجود المادة ، وصفة لطابع مسلكها للانتقال في المكان والزمن – أما ثانيا افتقارها لتفصيلية انواع الحركة كمفاهيم نوعية جزئية من المصطلح العمومي الذي تعتمد عليه في الرؤية لفهم الظواهر والاشياء ، أما العيب الثالث – وهو عيب قصور عموما في مختلف الفكر النظري المجرد او النظري التجريبي في العلوم الطبيعية . . حتى اللحظة ، والذي يقوم على التمييز التعريفي النظري الخاص للمصطلحات الثلاثة – أي الحركة ، التغير ، والتطور – كل على حدة ، بينما يفقدون ذلك التمييز بينهم فكريا عند التجريب والتطبيق ، حيث تجدهم يتعرضون للتطور كما لو انه ذات مفهوم الحركة ، وكذلك للتغير كما لو انه ذاته مفهوم التطور او الحركة . . والعكس صحيح ، فحين يتناولون مفهوم الحركة . . يغرقون فيها في المسمى التعريفي لكل من التطور والتغير – وإن كانت الافكار النظرية المادية غير الجدلية والمثالية الذاتية الوضعية والميتافيزيقية تطرح بمنحى منهجي ذاتي كقاعدة ( ليس بالضرورة لحركة المادة أن تكون شارطه أي من التغير او التطور ، كما وأن المادة توجد بمظهرين متضادين ، إما في حالة الثبات او حالة الحركة – أي التحرك – وتستعين بذلك بمفهوم قوانين نيوتن الميكانيكي للحركة ، واخيرا بمفهوم الكوانتا او الاوتار الطاقية المتخيلة افتراضا تخمينيا .

هذا وكنا قد بينا في الحلقات السابقة بتفصيل موجز نعتقد انه من التكثيف ما يجعله كافيا لعرض تصورنا المغاير لمنتجي الفكر الانساني النظري الفلسفي المجرد وكذلك النظري العلمي التجريبي والتطبيقي . . وذلك فيما يتعلق بمفهوم الحركة ، وأن الثبات ليس إلا تجلي نسبي للحركة الداخلية للمادة – التي نراها ثابتة – وما نعنيه لا وجود لمادة إلا في حالة ثبات نسبي وليس مطلق . . يرجع الى ذات الحركة الداخلية للجزيئات او المكونات للمادة او الجسم او الجسيم – كما وبينا موضوعتي التغير والتطور وعلاقتهما بموضوعة الحركة ، وكيف أن المفاهيم الثلاثة مازال – فيهم - الفكر النظري المجرد والعلمي التجريبي غير قادرين على التمييز بينهم من حيث الخصوصية لمعنى ودلالة اللفظ لكل واحد على حدة في حضورهم التجاوري ، ومن حيث طبيعة الارتباط فيما بينهم البعض – وتبقى لنا تناول المصطلحين الاخيرين بتفصيل موجز مكثف كما سبق أن عملنا عند تناولنا مفهوم الحركة مؤخرا ، فـ . . التغير والتطور ( مفهوما ) هما آلية او عملية نوعية خاصة ، وهما ناتجان نوعيان خاص مغاير للمألوف او المعتاد – وهنا نستطيع أن ندرك سبب موقف العقل الانساني الذي يرى ( ليس للحركة عامة أن تنتج التطور او التغير او تفضي الى احدهما ) – ويعد هذا الفهم قاعدة شبه مطلقة في كلي الفكر النظري المجرد والعلمي التجريبي – بينما في الحالات الخاصة وتحديدا الاستثنائية من ( الظروف والعوامل والمسببات ) غير الطبيعية المعتادة ، وبتحديد درجة قوة سيطرتها . . في جعل الحركة الطبيعية أن تصبح غير طبيعية بفعل محمولها المغاير نوعا من تلك الثلاثية سابقة الذكر ، ما يجعل الحركة أن تفضي بمعادل او الى ناتج متحول في المادة نفسها – ومثل ضبابية الفهم بين الثبات والحركة كموضوعتين متقابلتين ، هو ذاته في بين الحركة ، التطور ، والتغير ، فكل واحد منهم ذات بنية نظرية مفهومية منفصلة عن غيره ، وتكون الحركة ( بذاتها ) غير مشروطة بمعبر أي من المصطلحين الاخرين . . أن تفضي الى احدهما ، فما يفضي لحدوث معبر التطور او التغير هي تلك الاستثنائية من الشروط الفارضة حدوث ذلك التحول وليس الحركة – طبعا سنأتي على التدليل لبؤس هذا الموقف الفهمي لاحقا وبشكل غير مباشر عبر السياق القادم – بما فيه نحتاج الى تأصيل معرفي لسؤال مطروح : ما الفرق بين التطور والتغير ؟ ، وما داما – معنى ودلالة – ما تفضي به حركة المادة الى ناتج متحول لأصل ذات المادة سابقا ، فكيف لا يكونا لفظين مختلفين لذات المفهوم الواحد قصديا ؟

التغير : هو مصطلح علمي مفهومي بلفظة لغوية على هيئة اسم او صفة ( مفردة عادة ، واحيانا تشير ضمنيا لما هو جمعي . . بصيغة المفرد ) – وعلى عكس القاعدة اللغوية المعتمدة الفعل هو الاساس ، حيث يبنى الاشتقاق منه للصفة او الاسم او الحال . . الخ ، فإنه في اللفظة ذات البناء المفهومي . . هي اسم صفة بعينه ، ومنه يتم الاشتقاق لفظيا بصورة الفعل واسم الفاعل او المفعول او نائبهما الضميري او الحال او الصفة بذاتها . . الخ – وهنا ننتقي بعض المفردات اللفظية الاشتقاقية للفظ المفهوم لغويا . . مثل : التغيير ، المتغير – مرة بالكسرة المشددة على حرف الياء واخرى بالفتحة المشددة على حرف الياء – ومثل ذلك لفظة المغير .
ف . . التغيير : تارة تستخدم بعمومية مجردة للفظ يقصد بها عملية نوعية تفضي الى تحول نوعي ، ويفهم اللفظ بكونه فكرة تستدعي نية او تمني لتحققها – وبمستخدم اخر يقصد باللفظ – إشارة – لفعل ملموس نوعي مغاير جرى او يجري سبق التخطيط له والتحكم بمساره ( ذاتيا ) وبالاعتماد على توافر الشروط الاستثنائية التي تقود الى تحقق التحول . ودونا عن الفكر المادي الجدلي المجرد ، ترى بقية مختلف مشارب الفكر النظري المجرد والعلوم المجالية الحديثة – الطبيعية والانسانيات – أن مفهوم التغيير يقوم على فعل الذات المغاير للمألوف وعند توافر المشروطيات المساعدة ( غير العادية ) ، ما ينتج عن ذلك الفعل تحولا نوعيا مغايرا ، ولذا فإنها لا ترى وجودا لمفهوم التغيير خارج الفعل النوعي للذات – فيما هو متعلق بالإنسان فقط – وتعترف بوجوده على نطاق الطبيعة والكائنات الحية في معبر اللفظ المفهومي المعبر باسم ( الصدفة Coincidence ) ، حيث التغيير المنتج يعد ليس سوى حالة اختلال شذوذي طافر استثنائي – غير طبيعي – انتج تحولا لأصل المادة ( غير الحية والحية ) ، وهنا تكون المادة سلبية بذاتها – أي لا فعل او اثرا لها في العملية التغيرية ، بقدر ما تكون بذاتها هدفا من خارجها يقودها الى تحولها الى ذات اخرى غير ما كانت عليه قبلا .

أما لفظي المغير والمتغير – في كلتا الحالتين من التشكيل الحرفي لحرف الياء – مثله بتقارب مجازي التوضيح قصدا . . كما جاء في مشتقي اللفظين عن لفظ مصطلح الحركة ب المحرك والمتحرك ، فكليهما يشيران الى المنتج التحولي للذات او المادة او القصد فكرة او نية او تمنيا لحدوثه ناتجا . ففي لفظ ( المغير ) ، بكسر الياء المشددة ، تبنى الاشارة ضمنيا نحو طبيعة الفعل الاستثنائي المنتج للتحول ، وهنا تارة يربط الفعل بالذات العاقلة التي قادت الى تغيير نفسها ، واخرى الى الشروط الاستثنائية خارج تلك الذات ، والذي يكون فعلها ليس إلا تحصيل حاصل لا قيمة له في حقيقة تغيرها ، بينما في حالة الفتحة المشددة على الياء ، بقدر ما تشير اللفظة على حدوث تغير في بنية الذات او المادة ، بقدر ما يتمحور قصد الاشارة فيها – معنى ودلالة – الى السلبية المطلقة للذات التي حدث لها التغير – أي كالسوائل تتخذ شكلها وفق الإناء الموضوعة فيه – حيث يكون الخارج عنها هو فارض التحول لها وبصورة قسرية ، وغالبا ما يكون غريبا بذاته عن المحيط الطبيعي بكل ما يحتويه من خصائص وعوامل وظروف حول تلك الذات – وبالمثل للفظة (المتغير ) في نهج التشكيل الحرفي ، ولكن ما يفرقها عن ( المغير ) ، انها تشير قصدا بتمحور ضمني الى منتج التحول باستحضار تخيلا الاصل القديم للذات او المادة قبل تحولها ، كما وبالكسرة المشددة على الياء ، بقدر ما تفيد ظاهريا بموصف التحول – الكلي او الجزئي – إلا انها تعطي إيحاء بأهمية التركيز على الية الفعل الضمنية التي انتجت ذلك التحول للمادة او الذات ، بينما بتشديد الفتحة على حرف الياء ، فإن القصد الضمني يتركز على طبيعة صفة التحول بإهمال متجاهل لبعد العملية الحاملة لحدوث ذلك التغير .

وما طبقناه على مصطلحي الحركة والتغير بمشتقاتهما ثلاثية الالفاظ لغويا على نفس البعد ، هو ذاته نسقطه على مصطلح ( التطور Evolution ) ، باشتقاقات ثلاث منها ، ك . . تطوير ، متطور ، و مطور – ولتجنب الاسهاب الذي سيصيب القارئ بالتأكيد لن نسلك بما سلكناه سابقا مع مصطلحي الحركة والتغير ، ولكن ما يهم غايتنا هنا تكمن بالإجابة الصريحة والضمنية للتساؤلات السابقة حول الثلاثة المفاهيم – الحركة ، التغير ، التطور – اهي ذاتها ولكن بلفظ مختلف ، أم ان كل لفظ خاص بمفهومه ولا يختلط قصدا من حيث المعنى والدلالة – بأي حال من الاحوال – هذا الى جانب مبحث العلاقة بينهم الثلاثة ، والذي بسببه يظهر منتج الفكر والعلم البشري خلطا بين المحتوى المفاهيمي بين الثلاثة ألفاظ . . حين يحضرون معا في علاقة الجوار المشترك بينهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟