الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


25 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 3) حركة التاريخ - ( د ) بين الثورة وموهمات الثورة ( 1 ) مقدمة تأصيلية الولوج الى المبحث

أمين أحمد ثابت

2022 / 10 / 27
المجتمع المدني


مدخل توضيحي : ترددت كثيرا في كتابة هذا الجزء . . في أن اضعه ضمن سياق السابق تحت حرف د مقوسة او اقدمه مستقلا عن السابق ، وسبب الربكة ترجع كنوع من التقدير للقارئ ، فإذا قدمناه تابعا لما سبق ، نخاف أن يتمزق فهم القارئ – بسبب منهاجيتنا الخاصة بنا – حيث سيجد في سلسلة الحلقات السابقة مزيجا من العلوم الطبيعية والفلسفة والتاريخ في مبحث المفاهيم للمصطلحات – الحركة ، الثبات او الثابت / الجمود او الجامد ، التغير ، التطور ، إعادة انتاج القديم ( الارث الجامد او إرث التشوه البنيوي – بينما في موضوعنا الحالي منحصرا بما هو انساني مجتمعي صرف ، والذي سيبدو له موضوعا مستقلا تماما بينما هو استكمالا لما سبق وفق منهاجيتنا – هذا وإن قدمنا موضوعنا بعنوانه الفرعي المستقل – أي ليس تحت 3) سيستغرب بالتحديد جماعة اليسار ، حيث تعد حركة التاريخ المادي لشعوب المجتمعات اساسا لبحث أية ظاهرة مجتمعية كانت من أي بعد كان – ففضلنا أن يكون هذا الاخير اختيارنا ، لكونه يعفينا من خوض التوضيح الكثير من القواعد النظرية والمصطلحات التي قد وردت في سلسلتنا قبلا وبتفصيل كافي وفق منظورنا وتبيان فرقه عن ما هو مقعد سابقا من الاولين او المحدثين .
كما اوضحناه سابقا وبمرات عدة أنا لا نتعامل مع أية فكرة او موضوعة مولدة في عقلنا ( تعاملا نقليا ) للمعرفة ، ولكنا نعتمد فعل العصف الذهني المولد للفكرة كبنية متشظية تؤخذ تفصيلا في المتشظيات ومن ثم إعادة تجمعها وتركبها وتصفيفها كخلق تصوري للمفاهيم بما لا يكون إعادة انتاج لما طرح سابقا المفكرين في مجالات العلوم الانسانية المختلفة بما فيها الفلسفة .
إشكالية الثورة واللاثورة
في معجم المصطلحات الفلسفية والسياسية والاجتماعية وغيرها ، كان قد تم التقعيد مفهوما للمصطلحات – وإن كنا شخصيا لا نجيز معرف لفظ المصطلحات ، فلفظ المصطلح يعد شبه ثابت نسبيا من حيث المعنى والدلالة والتركيب السياقي التعريفي ، وهذا لا يكون إلا بالألفاظ العلمية الطبيعية والتكنولوجية فقط ، كون أن المعرف المفهومي للفظ لا يحتوي مطلقا بعدا تأويليا او تخمينيا قياسيا ، بينما في المجالات الاخرى الانسانية فتعد لألفاظ بمعرف الاصطلاح وليس المصطلح – وهنا يلزمنا توضيح امرا يزيل غشاوة اضطراب الفهم في تلك الألفاظ التي نجيزها بمعرف المصطلح وإن كانت مستخدمة في العلوم الانسانية والفلسفة ، والسبب ان اصلها موجود ومثبت في العلوم الطبيعية والتكنولوجية وتم استعارتها استخداما في الانسانيات واصبحت ضمن معجمها – ولهذا وفق منهجنا لن نتعامل مع البنى المفهومية للفظ على اساس نقلي ولكنا نذهب غير مأسورين لما قعد من تعريف لمثل تلك المصطلحات او الاصطلاحات .

ولنكن غير تقليدين في الولوج الى كنه موضوعنا – مغايرين كليا لما اعتاد عليه المفكرين واكاديميي الفلسفة وعلم الاجتماع والمثقفين السياسيين العرب – في الخوض المسهب لمعرف الثورة ( في كل مواضيعها وابعادها المختلفة العامة والخاصة والخاصة المحدودة ) ، لنستنطق بعدها بأن كل امر او فعل او حالة او منتج خارج المعايير والعناصر والعوامل والوضع الخاص . . لا يمكن أن يطلق عليه معرف الثورة مفهوما – والأدهى في طابعنا الشكلي النقلي لعقلنا العربي – وإن كانت الغالبية المطلقة منا تتوهم أنها تعتمد منهجا علميا فكريا في ممارستها للمعرفة – قعدت سطحيا مفاهيما نظرية مجردة لأمور او احداث تتضمن جزء يسيرا او كثيرا من المعايير المقعدة لمفهوم الثورة ، ولكونها ليست كاملة فأنتجت اصطلاحات مركبة لتوصيف او تعريف تلك الاحداث بكونها ناقصة لتعرف بالثورة ، ك . . ( الثورة الناقصة ) أو ( ثورة غير مكتملة ) ، وإذا ما كثرت او نقصت من معايير مقومات الثورات – بمختلف معانيها – يكون الاهم ما ينتج عن تلك الاحداث ، فإن انتجت تغيرا ايجابيا شبه جذري عرفت ب ( الثورة الشاملة ) او انتجت تحولا ايجابيا جزئيا اطلقوا عليها ( الثورة المستمرة ) ، أما إذا ما انتجت الاحداث مؤشرات لتحول سلبي – وإن كان ظاهرها ثورة شعبية او جماهيرية مثلا – يطلق عليها ( الثورة المضادة ) او ( الثورة المنتكسة ) . . الخ .

لا أنكر أني تتلمذت فكريا كغيري اليساريين والماركسيين العرب – وإن كنت قد وعيت من عمر مبكر في مرحلة الدراسة الجامعية في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بتسمية ( المتمركسين العرب وليس الماركسيين ) – وهذا ليس موضوعنا لتوضيح الفارق في التوصيف الايديولوجي – ذات التلمذة على الاصطلاحات سابقة الذكر ، هذا غير التشعيب لمفهوم الثورة ك . . الثورة الاجتماعية ، الثورة التاريخية ، الثورة الانتاجية ، الثورة الاقتصادية ، الثورة الصناعية ، الثورة التقنية – الثورة الجنسية ( التي صدرتها امريكا واوروبا الى روسيا بزمن يلتسن . . كضرورة حتمية لتحقق التحول الكامل نحو النهج البرجوازي الامبريالي الواحدي للعالم ) – كنت وقتها في روسيا - وللأسف صدقها النظام الحاكم المهترئ وقتها وعممها كأخلاق معاصرة مدنية – والثورة الاخلاقية ، ثورة الفضاء ، ثورة النانو و . . ثورة التغيير . . الخ – لكني الآن وبعد مضي اربعة عقود بعد من ماركسيتي المعتقدية العاطفية لأكون علمي المعتقد بنهج خاص غير نقلي او مقلد . . وجدتني حين اقف على تلك التقعيدات الشكلية والتخريجات الانتقائية لفظيا لبناء المفاهيم النظرية بمتصل الامر ثورة او لا ثورة قياسا ( نطبقه افتراضا للحكم على ذلك الحدث او الحالة او المسار او الوضع ) – والحقيقة الملموسة في مخرجات العقل العربي من التصورات والاحكام . . يتناقض مع بعضه البعض ، بل ومع نفسه ذاته – ك . . موقف حزب فلاني يوصف ما يجري بالثورة وتارة اخرى يوصفها باللاثورة وثالثة بالثورة ولكن . . . – ومع ذلك لا يتنبه من ندعوهم بالمفكرين وعلماء الانسانيات وكبار المثقفين الى ذلك ، حيث يظلون في هرولتهم ، فمن يراها ثورة ك ( الربيع العربي ) . . يواصل تعسفه بتوهم أنه يؤصل نظريا للحدث بمفهوم جديد مغاير للثورة في التاريخ ، وتذليلا لما نتجت عنه الاحداث من مفارقات صاعقة ومنها تمزيق الوطن الواحد بشعارات تقدمية زائفة ، يذهب لتوكيد أن الحدث ثورة ولكن بتذرع طفولي ساذج يقول . . خطفت الثورة ، او الثورة المختطفة او الثورة المتآمر عليها او الثورة المنكوبة . . الخ – بينما يأتي الطرف الآخر الحاكم على الحدث ضدا في معرف اللاثورة ، ليهرول تنظيرا مجافيا لحقيقة الواقع والظرف الخاص وطبيعة الحياة والمعيشة وانفجار انسان المجتمع على ذاته الخانعة وخروجه للشارع خالعا ثوب خوفه العتيد الماضي – فهل الحدث ثورة او لا ثورة . . يظل الجدل الطفولي مستمرا – بتوهم التنظير – بينما الواقع ، الحياة ، انسان المجتمع ، الوطن – جميعهم يرحلون بانقياد عفوي نحو تاريخ مرعب ، تعد مولد ازمة واحدة صغرى من تخلفاته اشد تركيبا وتعقيدا وتدميرا مقارنة بمجموع ازماته السابقة مجتمعة – لولا طفولية نخب مجتمعاتنا العربية اليوم فنشوء الحدث في فترته المبكرة . ز لم يكن له أن يدار كليا من الخارج او يستمر في الانحراف . . إذا لم نكن نخدع انفسنا في صراع مختلق ساذج فيما بيننا ثورة او لا ثورة ، بينما الانتهازيات على ضفتي الحدث ( ثورة ولا ثورة ) هي من كسبت استثمارها بغياب كلي لعقل ناضج مفرمل لنسيان البلد والانشغال في صراع واهم من المفاهيم المجردة – مدنية مؤسسية ، مدنية ومدنية اسلامية ، حكم برلماني ، رئاسي تشاركي او شوروي اسلامي معاصر . . الخ – بينما ضبط ايقاع المسار بمطالب بين دنيا حقوقية وقصوى تغيير النظام ، يتحرك المسار بفن تكتيكي استراتيجي جماهيري لنيل المكاسب وتضييق الخناق على الحكم الفاسد مع افشاله استخدام قبضته البوليسية بعملية رفض اجتماعي سلمي ، وليكن الجانب الدولي ( غير الموظف ) عاملا مساعدا لا اكثر وليس محوريا – حتى إذا ما نحت السلطة البوليسية بممارسة واقعية منحى البطش والتنكيل ، يكون عندها ضبط المسار بإعداد مقاومات شعبية مسلحة سريا للقيام بعمليات اشبه بالرسائل لوقف البطش وليس لفتح المسار نحو حرب . . ستنزلق مؤكدا نحو الحرب الاهلية – كل ما ذكرناه لا معنى لخوض مسار نوهم انفسنا بكونه ثورة بينما لا نمتلك بعد خصائص وسمات وعوامل وظروف تجعل ذلك المسار أن يكون يقينيا معبرا عن ثورة حقيقية . . لا يمكن لكل المؤامرات عليها ان تفشلها – وإن كانت قادرة على اعاقة سرعة مسار تحولاتها النوعية ، كما ولا نؤكد على عبوديتنا الطوعية برفض الخروج والمقاومة تجاه سلطة حكم متلاشية الدولة تذهب نحو حكم المجتمع مافويا . . تحت ذريعة لا ثورة فيما هو حادث جماهيريا . . .

حقيقة نحتاج الى عقل جديد في بنائه المفاهيمي والاستقرائي الحر المستقل عن النقلية والتقليد واختلاق الصراع والضدية توهما – ولنرى درجة الاسفاف الفهمي لتضارب الحكم والقياس الاستقرائي لمظاهر منا يعدها مظاهر ثورة واخرين يرونها مظاهر مرآتيه مخادعة توهم بالثورة – اللاموجودة – ما بالنا في متشابهات اخرى ك . . الحراك الجماهيري ، الانتفاضة الشعبية ، التمرد ، العصيان المدني الجزئي المتحرك نحو الشامل ، الاقتتال المسلح كأطراف حرب ، المقاومة الشعبية المسلحة ، الاستقلال ، الانقلاب – بمسمى وهم الوطني – الحركة الثورية ، العمل الجبهوي . . الخ – اين توضع ، هل في خانة الثورة او اللاثورة – إذا فعقلنا القائم يوصلنا بصراع اوهام الى الفراغ ، وهو طابع حقيقة وجودنا الحديث والمعاصر ، والذي لن يتغير إلا بتغير طبيعة عقولنا بتحريرها عن طابع انقيادها الانتقالي الرخيص من النقلية والتقليد الى التبعية طوعا بنفعية لا اخلاقية او توهما بالنفعية الانتهازية كوكلاء محليين لإدارة اللعبة من الخارج – وعند نقطتنا الاخيرة تلك . . هل يعني رفض ورمي المفاهيم النظرية والمنتجة عن خلاصة تاريخ تجارب الشعوب وتحولاتها المجتمعية والحقوقية والبيئية المجتمعية والطبيعية وإدارة المجتمع ومصادر ثرواته الطبيعية كحقوق ليس للموجودين ولكن للأجيال البعيدة القادمة – بالطبع لا يمكن القبول بمثل هذا التجريف الجاهل ، ولكن نقول أنا نحتاج للوقوف بعقل مستقل مستنير غير عاطفي امام ما طرحه الإرث البشري من معارف ومفاهيم و . . لكن باستقراء حر غير موجه بقسرية او بشعور الدونية او التأثرية او الارضاء ، بحيث نولد نحن افكارنا بما تتلاءم وحقيقة وجودنا وتنتج التحولات التي نبحث عنها . . لا التي تسوف بنا .

من هنا ، نحتاج للوقوف بوضوح امام الاصطلاحات دون الخلط فيما بينها وبربط تأصيلي بفهم من خلال حركة التاريخ ، ومع ذلك نشير حصرا – على صعيد الغاية وراء موضوعنا – أن المفهوم الاساسي والحقيقي لهذا العصر او سابقا او مستقبليا ما يهمنا توضحه عقليا يقوم على مفاهيم هي ما يجب الوقوف عليها ، ك . . ( التحول ، التغير – ومن حيث طابع كل منهما ودرجته الممكن تحققها ) ، بينما مفاهيم الثورة ومتشابهاتها بمشترك الحراك الشعبي الثائر ( عاطفيا ) . . في مقابل متولدات اللاثورة بمعنى اجهاض الثورة او الثورة المجهضة والثورة المضادة . . الخ ، ففي رأينا انها ليس من اختصاصنا نحن الموجودين حاضرا – كنا مفكرين ، علماء ، مثقفين سياسيين او اعتياديين – بقدر ما يعد بحثا حول ذات المسألة أكانت ثورة ام لا فهو لا يخص سوى الملخصين والمقيمين والموصفين للتاريخ من الاجيال القادمة بزمن بعيد من المستقبل ، يقعدون عندها ما جرت من احداث ماضية – التي نقصد بها التي نعيشها الان – إذا ما كنا في وضع ثوري وما طبيعته والى ما انقاد عليه المسار . . ليحكم على المرحلة بأنها علمت بكذا او كذا – كما واعتقد شخصيا وليس ضروريا أن اكون على حق بأن مفاهيما تأويلية من القديم الفكري الإرثي ما زال يلعب بنا كما تلعب بنا انشوطة الدين السياسي واقعا بتوهيم أنه دين الله مسنودا بوكلاء عنه بعد موت الرسول . . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة.. قيود غربية على حرية التعبير؟ • فرانس 24 / FR


.. شبكات | أبو عبيدة يحذر من مصير الأسرى في قبضة القسام.. ما مص




.. ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية


.. -الأغذية العالمي-: غزة ستتجاوز عتبة المجاعة خلال 6 أسابيع




.. التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية: العالم على حافة الهاوية