الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاحى مارتن لوثر وبوادر نازية مبكرة

ألفى كامل شند

2022 / 10 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم تكن ثورة الراهب الالمانى مارتن لوثر ، تبغى فى الأساس الإصلاح الدينى ، أوالتشكيك في العقائد الكاثوليكية التي كانت سائدة في الغرب تلك الأيام، أو او الترويج للمفاهيم الديمقراطية الجديثة ، وإنما صدى لنزعة قومية ، بدأت سادت القارة الأوروبية آنذاك حيث كان الحكَّامُ والشعوب، على حدٍّ سواءٍ، يرغبون في الانفصال عن الإمبراطورية الرومانية المقدسة ، والاستقلال بسيادتهم الذاتية على بلدانهم بعيداً عن الخضوع لسلطان. البابوية . كانت شرارة الثورة ، فرار البابا ليون العاشر (1513-1521) بيع "صكوك الغفران" بهدف جمع المال من الالمان، لاجل بناء كاتدرائية القديس بطرس بروما . وقويلت بمشاعر وطنية رافضة من قبل مارتن لوثر وعدد من امراءالاقطاعيات الألمانية على رأسهم أمير مقاطعة ساكسونيا فريدريك الحكيم (التي كان يعيش فبها لوثر ، رآوا أنها تهدف إثراء إيطاليا على حساب ألمانيا حبث ستنفل الأموال إلى روما.
،وكان مارتن لوثر في بداية حياتهمن أعدى أعداء اليهود، لدرجة أنه يمكن أن يقـال إنه هو الذي كان أباً للنازية التي أحرقت اليهود في أوروبا في القرن العشرين. لكن بعد حين غير موقفه لخدمة مآربه.
يدعم صحةَ الكلام ، ما نقله "ول ديورانت" في كتابه "قصة الحضارة" على لسان "مارتن لوثر" حين وصف كنيسة "روما" آنذاك بأنها (سُلطة أجنبية) فقال: "لماذا يتحتّم على الكنيسة الألمانية أن تدفع هذه الجزية الدائمة إلى سُلطةٍ أجنبيَّةٍ؟ فليتخلصْ رجالُ الدين الألمان من تبعتهم لروما ولينشئوا كنيسةً قوميةً تحت زعامة كبيرة أساقفه ماينز (ديورانت، ول. قصة الحضارة،، الكتاب 23، ص 29. )."
سيرته الذاتية :
ولد مارتن هانس لوثر في مدينة أيسلين الألمانية عام 1438 اولتي كانت إقليمًا يتبع الإمبراطورية الرومانية المقدسة، لعائلة فقيرة ، يعمل في مناجم النحاس . كان مارتن لوثر الأبن الأكبر بين سبعة إخوة .. يقول ان والداه كان قاسيان للغايه ، "وانهما كان يضرباه بالسياط ، حتى إنفجر الدم من جسدى ،لاتفه الأسباب ، الأمر الذى خلق منى إنساناً إنطوائياً ، وكانت قسوتهما عاملاً دفعنى للإلتجاء للدير لقطع الصلة بهما وأصبح راهباً .
بعدما حاز مارتن على درجة الماجستير في الآداب عام 1505أرسله والده إلى جامعة "إيرفورت" ليصبح محاميا.
وعن فترة دراسته بقول مارتن : " كنا نـُعذب ، ولم نتعلم شيئاً …. لقد ضـُربت خمسة عشر مرة فى يوم واحد . كانت المدرسة جهنم " .
مع أنه لم تكن لديه أي ميول دينية ، وتكاد تنحصر مشاعره الدينية في الخوف من الموت والذاب إلى الجحيم ، إلا أنه حدث له حادث أثناء دراسته الجامعية غير مسار حياته . فذات يوما، وهو في طريقعودته من منزل الاسرة إلى الجامعة ، هبت عاصفة مرعبة اثناء طريقة في الغابة واسقطت شجرة عملاقة بالقرب منه. وشعر بقرب موته ، فصرخ عاليًا: «أيتها القديسة "آن" ساعديني ، و سوف أصبح راهبًا. وقد عدَّ لوثر ذلك قسمًا مغلظًا، وبُعيد عودته سالما الى الجامعة ، قام ببيع كتبه وترك الدراسة والتحق بدير القديس أوغسطين في السابع عشر من يوليو عام 1505 . وتذهب عدد من المراجع التي تناولت سيرته ، ان السبب الحقيقى ذهابه للدير ، يرتبط بالفعل بعلاقته السيئة مع والده ،الذى كان يطمح ان يصير أبنه محاميا، وضن عليه بالنقود والتسول للانفاق على متطلبات دراسة القانون .
وقيل أن حياته كراهب كانت شديدة الصرامة أكثر من المعتاد في ذلك الوقت. حيث أكثر من الاماتات للتكفير عن الخطيئة ونار جهنم .
كان يبدو في نظر رهبان الدير أنه يُعاني من مشاكل عقليّة مُقلقة. فقد كان يقضي ساعات في الاعتراف بخطاياه، ثم يمضي، ويتذكر في طريق عودته أنه لم يذكُر بعض الخطايا، ثم يعود إلى الاعتراف من جديد .
أسر لوثر عن بصراعاته النفسية وهمومه إلى رئيسه في الدير . وقد كان يتوقع أن يطرده من الدير ، لكن على نحو مغاير، أخبره رئيسه أن ينصرف إلى دراسة درجة الدكتوراه وأن بقوم بتدريس الكتاب المقدس في جامعة "فيتنبرج ، وهو المنصب الذى شغله طوال حياته .
في عام 1510م، أرسله الدير مع أحد زملاءه الرهبان إلى روما في مهمةٍ خاصة، وكانت الصورة التي يحملها عن روما محاطة بالقداسة، حتى أنه عندما شاهد المدينة لأول مرة سجد ورفع يديه وهتف قائلاً: “سلامٌ عليك يا روما المقدسة”.
ولكن تلك الصورة كانت معاكسة لما شاهده في واقع الأمر، فرأى مدى تعلّق رجال الدين في روما بالدنيا، ومدى انحلالهم الأخلاقي، يصف ذلك في أحد كتاباته بقوله: "روما تدعو للمقت، إن الباباوات أسوأ من الأباطرة الوثنيين، لقد رأيت اثنتي عشر فتاةً شبه عارية يقمن بخدمة رجال الكنيسة وقت العشا".
عن فترة حياته في الرهبنة ،يقول لوثر : "خلال الخمسة عشر عامًا من عمري كراهب، أُرهقت نفسي بتضحيات يومية فارغة؛ تعذبت بالصوم والسهر والصلوات وغيرها الكثير من الأعمال الصارمة. اعتقدت أنني يُمكن أن أُبَرر نفسي بأعمالي.وبأنها مرحلة من اليأس الروحي العميق،.وقال أنه فقد الاتصال مع المسيح المعزي، والذي تحوّل إلى سجّان ومضطهد للفقراء، في ظل غياب العدالة والظلم الواقع في ألمانيا آنذاك .
وهناك ثمة مراجع ، تؤكد بشدة على أن مارتن لوثر لم يُصاب بأى مرض عقلى ، كنتيجة لهذه الظروف المأساوية . وهم يقدمون دليلاً واحداً – على عدم إصابته بأى مرض نفسى – وهو أنه إستطاع أن يـُكمل دراسته بنجاح .
وهذا الدليل لايقطع على سلامة لوثر من الأمراض النفسية ، بدليل أن بعض الناجحين جداً فى الحياة ، أحيانا تكون هذه العقد النفسية هى الدافع لكى يتكالبون على النجاح بأى ثمن ، ثم تظهر – فيما بعد.
عُرف عن مارتن لوثر أثناء تدريسه بالجامعة إنتقادةه للكنيسة، لعدم اهتمامها يتافقراء ، ويقال أنه استدعى من قبل السلطة الكنسية الى روما للتحقيق معه، لكنه آسرالسلامة . لكن عندما أصدر البابا ليون العاشر قرار بيع يكوك للغفران، مستندا على معطيات لاهوتسة ان الحطيئة لاتغفر الا بالاعتراف بالذتب ، ويجب على المذنب بعد قبول ذنبه تنفيذ عقوبه كالقيام بصلوات أضافية أو صيامات أو أعمال خيرية . وأن الإيمان وحده - أو التوبة وحدها - غير كافيّة للحل وغفران الخطيئة . بل يجب أن تترافق مع أعمال صالحة كالأعمال الخيريّة، وكانت المسألة المطروحة وفتئذ ، التبرع بالمال لبناء كاتدرائية القديس بطرس في روما.
وعلى الرغم من أن بيع صكوك الغفر كانت ممارسة شائعة بسبب الاعتقاد نذاك ، ان الخطاة يكابدون العقاب بعد الموت لفترة من الوقت في المطهر ( مكان ثالث بين جهنم والسماء ، التنظيف والتطهير).‏ وأنه يمكن تقصير هذه الفترة بواسطة شراء صك من البابا مقابل المال.‏ إلا ان الطريقة التي سلكها موفد البابا الراهب الدومينيكانى يوهان تيتزلالذى الى المانيا لجمع المال وكلامه ألاحمق أنه بمجرد سقوط العملة في الصندوق، تُطلق روح المُتَوَفي حرة من المطهر ( ) إلى السماء". أثارت أستياء لوثر وغضبه . حيث لاحظ لوثر ان التائبين الذين يعترفون له بخطاياهم، والذين يوجب عليهم الندم والتوبة وانسحاق القلب، يقدمون له صكوك غفرانهم بديلًا، فحاول أن يوضح أن التوبة هي الشرط الكافي الوافي للتبرير .
تاريخ صكوك الغفران:
عرفت صكوك للغفران في أوائل القرن الحادي عشر، وانتشرت فكرة صكوك الغفران مع الحروب الصليبية، حيث قال رجال الدين بأن الجندي الذي يتوب ويعترف ويتقدم للحرب المقدسة لتحرير أورشليم فإن الكنيسة تمنحه صك غفران يضمن له إعفاء من عذاب المطهر، ففي سنة 1095م أعلن البابا اوربانوس (1088-1099) الغفران المطلق من عذابات المطهر لكل من يشارك في الحرب المقدسة.. وكانت أملاك كل جندي محارب توضع تحت حراسة الأسقف لحين عودته، وغالبًا كان لا يعود ثانية فتضم إلى أملاك الكنيسة.
ثم بدأ رجال الدين يمنحون مثل هذه الصكوك لمن يقوم بأعمال خيرية أو الذين يزورون الأماكن المقدسة في روما، ، ومع الوقت تحوَّلت صكوك الغفران.وهى للأسف ظاهرة منتشرة في كافة الديانات باشكال متنوعة لاجل لحث على الجهاد والحج للاماكن المقدسة ، وبناء دور العبادة (أقرأ : صكوك الغفران قديماً وحديثاً -د كامل النجار) وماوالت شائعة حتى في الأديان التي تنتقد هذه االمارسة ا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية . الخلاف ان الكنيسة الكاثوليكية هي التي احتكرت منح الغقران وضمانه في الآخرة .
فعلى الرغم من أن بيع صكوك الغفران قد تم في مناسبات مختلفة ولأغراض مختلفة ، إلا أن المشكلة التي جعلت مارتن لوثر يقرر رفع صوته هو عدم الوضوح في التعامل مع الموضوع للحصول على مكاسب اقتصادية أكبر.
معركة لوثر مع البابوية الرومانية :
رأى الراهب لوثر أن يدافع عن صورة الكنيسة، ويفضح المتاجرين بالأمر، لكن وجد نفسه في معركة مع السلطة البابوية وأزاء قضية سياسية في آن واحد ، عليه ان يخوضها إلى النهاية .
كتب لوثر إلى أسقف أبروشيته " ألبريشت فون براندنبورج" يحتج على بيع صكوك الغفران، ومعتبرًا أن الإيمان وحده كافٍ لنيل التبرير، أرفق لوثر مع رسالته نسخة من أحد كتبه التي عرفت باسم الأطروحات أو القضايا الخمس والتسعين، والتي أعلن فيها لوثر أنه لا ينوي مواجهة الكنيسة أو البابوية مطلقًا، لكن الرسائل والمناظرات خلال تلك الفترة وأسلوب الكتابة، ينمّ عن وجود نوع من التحدي في العديد من الأطروحات لاسيّما الاطروحة 86 والذي سأل فيها: لماذا يريد البابا بناء بازليك القديس بطرس من مال الفقراء، بدلًا من ماله أو مال الفاتيكان الخاص؟
وقصد أن تكتب باللغة اللاتينية ليشير إلى أنها موجهة للمعنيين برسالته فقط، وليست دعوة لتهييج المجتمع، أو إعلانا منه بأنه يريد الخروج على الكنيسة . إى ان بعض تلامذة لوثر قاموا بترجمة هذه القواعد إلى اللغة الألمانية، وانتشرت بسرعة كبيرة . وأرسل
إلى رئيس أساقفة ماينزرسالة منها إلى البابا ليون العاشر، وتم بحث القواعد، وطلب منه سحبها، لكنه رفض . حتى ذلك الوفت كان يتصرف الراهب لوثثر كمُصلح ، بل كان يتصرف ككاثوليكى يُريد رؤية كنيسته في حالٍ أفضل. لكن ثمة عوامل سياسية ، خرجت بالأحداث عن ومام السيطرة.
لم يكن لوثر أول من عارض ممارسة الكنيسة بيع صكوك الغفران . فقبل مئة سنة،‏ أدان المصلح الديني التشيكي‏ "جون هس" بيع صكوك الغفران.‏ حتى قبل هس،‏ اشار "جون ويكلِف" في إنجلترا، لكن ظلت محلية . وبفضل ظهور المطبعة وترجمة لوثر العهد الجديد الى اللغة الالنانيى المحلية، طارت أطروحات لوثر النقدية إلى جميع أنحاء أوروبا في غضون شهرين تقريبًا ، فاهتز العالم المسيحي الغربى ، هزّاً عنيفا، وقسمه إلى نصفين: نصف مع الإصلاح الديني ونصف ضده.
دعي لوثر إلى مجمع الرهبان في هايدلبيرج، وعرض على مجلس تحقيق في العقيدة، وكان المجلس يضم قضاة من مختلف أنحاء الإمبراطورية يرأسه الإمبراطور نفسه، استمر هذا الاجتماع خمسة أيام ناقشت أطروحات مارتن لوثر الـ 95 ورد الكنيسة عليها، ثم طلبوا منه التبرؤ من أطروحاته أمام الناس.
رفض مارتن أنْ يعتتذر عن سطر واحد من كتاباته. وتمسك بموقفه من استبداد رجال الكهنوت الذين عانت منهم الأمة الألمانية العظيمة. بهذه العبارة مسّ لوثر عصبًا حساسًا في تلك الفترة: (فقد مزج قضية دينية بإحساس قومي منتشر بين الناس ، وبذلك أصبح هذا الإشكال الديني أكثر عرضة للانفجار، وخلص قرار المجلس على الآتى : أهدار دمه وتجريم كل مواطن في ألمانيا يأوي لوثر أو يقدم له مساعدة.
أرسل لوثر خطابا إلى البابا يشرح فيه آراءه ويؤكد خضوعه لسلطة الكنيسة،. وتضمن الرد محاكمته في روما ، لكنه رقض الذهاب الى روما والمثول للنحقيق خشية اعتقاله .
في عام 1520 ، أُجبر البابا ليو على الرد بقوة على الضجة التي نشأت حول أطروحات لوثر بمنشور تم تسميته Exurge Domine، يقضى بحرمان مارتن لوثر من الوعظ والتدريس وحرق كتبه.علاوة على ذلك ، تم اعتبار 41 من أطروحات لوثر الـ 95 هرطقة. ومُنح الراهب الأوغسطيني لوثر فترة 60 يومًا للتراجع قبل أن يصبح حكم الطرد من الكنيسة الكاثوليكية .
ساعده تلاميذه بدعم من الأمير فريدريك الثالث من الهروب تحت حماية فرسان ملثمين إلى قلعة فرتبرج.
خلال إقامته في القلعة الواقعة في منطقة إيزنباخ، ترجم لوثر بمعاونة مترجطمين العهد الجديد من اليونانية إلى اللغة الألمانية، ووضع عددًا من الكتب الجدليّة، كان من ضمنها كتابًا تهجم فيه على ألبريشت رئيس أساقفة ماينز، كما ألف كتبًا أخرى في شرح عقيدة التبرير، وتفنيد لاهوت التبرير في الكنيسة الكاثولكية.
أفكاره :
برز الخطوط الرئيسية في فكر لوثر اللاهوتي :ي أن الحصول على الخلاص أو غفران الخطايا هو هديّة مجانيّة ونعمة من الله من الإيمان بيسوع المسيح مخلصًا، وبالتالي ليس من شروط نيل الغفران القيام بأي عمل تكفيري أو صالح؛ وثانيًا رفض السلطة التعليمية في الكنيسة الكاثوليكية والتي تنيط بالبابا القول الفصل فيما يتعلق بتفسير الكتاب المقدس معتبرًا أنّ لكل امرئ الحق في التفسير؛ وثالثًا أنّ الكتاب هو المصدر الوحيد للمعرفة المختصة بأمور الإيمان؛ وعارضالعمل بما يسمى التقليد . رابعًا رفض سلطة الكهنوت الخاص باعتبار أن جميع المسيحيين يتمتعون بدرجة الكهنوت المقدسة. وخامسًا سمح للقسس بالزواج. وقال أن الكهنة رجال عاديون اختيروا لتمثيل الشعب وقيادته في العبادة فقط .وأن القداس الإلهي هو هدية من الإله، لكن يرفض مفهوم "التحول في طبيعة جوهر الخبز والخمر . بل يضاف إليهما جوهر جسد المسيح . مثل الحديد . ويفسر وجود جوهرين معاً بمثل الحديد الذي يوضع في النار فيبقى جوهره على ما هو عليه ولكن يضاف إليه جوهر النار . ويشبه وجود جوهرين في الإفخارستيا بوجود طبيعتين في شخص المسيح الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية.. كما رفض لوثر، سر الاعتراف بشكل إلزامي، ولم يمانع من ممارسته الاعتراف لدى قس. وقال أنّ "كل مسيحي هو مُعرّف". وأدن حياة الرهبان والراهبات، وليست اسمي من الذين يخدمون الله بأعمالهم اليومية،. أن الرجال والنساء، يكونوا رهبانا وراهبات إذا شاءوا ولكن من حقهم أيضًا أن يهجروا الأديرة إذا لم تطمئن نفوسهم إلى هذه الحياة . وأن المصدر الوحيد للحقيقة هو كلمة الله التي تم نقلها من خلال الكتاب المقدس ، وكل ما هو خارج هذا الإطار ملون بيد الشيطان.
قدّم لوثر أيضًا ترجمة خاصة به للكتاب المقدس بلغته المحليّة بدلًا من اللغة اللاتينيّة التي كانت اللغة الوحيدة التي سمحت الكنيسة الرومانية باستخدامها لقراءة الكتاب المقدس، مما أثر بشكل كبير على الكنيسة وعلى الثقافة الألمانيّة.
وبعد أن بدأ "مارتن لوثر” ثورته على البابا والكنيسة عبر نشره لبحثه عن صكوك الغفران، وجد القس الألماني أن من المهم له التقرّب إلى اليهود، وبدأت دوافعه تلك من منطلقٍ ديني تنصيري كما يتحدث هو في مقدمة كتابه الشهير “المسيح وُلد يهودياً” والذي نشره عام 1523م. موضحاً أن تعامل الكنيسة مع اليهود نفّرهم من اعتناق المسيحية، وأنهم هم من يصل نسبهم إلى المسيح وليس المسيحيين، ليبعث بذلك عقائد قديمة غيّبها الزمن عن الشعب المختار والأرض الموعودة، والتي تُوضّح أن “مارتن لوثر” تأثّر بالعهد القديم والنصوص العبرية القديمة، والتي تدّعي أن اليهود أبناء الرب وشعب الله المختار، وأنهم بريؤون من سفك دم المسيح، فهم أهل بيته ولهم ذمة وحرمة بسبب ذلك.
غير أن بعض الكُتّاب والمؤرّخين، قالوا بأن تقرّب “مارتن لوثر” من اليهود لم يكن بدافعٍ تنصيري بحت، بل من أجل استغلال نفوذهم المالي وقدراتهم الاقتصادية، وإنما اتخذ دعوتهم إلى المسيحية كغطاءٍ لذلك.
ورغم أن جميع البروتستانت أو الإنجيليين في العالم يمكن ردهم إلى أفكار لوثر.
نشأة الكنيسة البروتستانتية:
تزوج مارتن لوثر من “كاترينا فون بورا”، وهي واحدة من اثني عشر راهبة كاثوليكية أمن بافكاره وتركرن الدير، وأنجب منها 6 من الايناء ، فصار زواجه ختمًا لانفصاله عن المذهب الكاثوليكى ، ووجد لوثر نفسه وبشكل تلقائى ينظّم كنيسة جديدة: فشكل هيئة للإشراف عليها ،وفصل لوثر الإدارة المالية من رجال الدين، وأمسكها لمسيحيين عاديين في مجالس خاصة لهذا الغرض. ووضع لها الكتب والشروح باللغة الألمانية، وبدأ ينظم الصلوات بشكل عقوى دون التقيد باليتروجيا محددة ، ومنذ طفولته يعشق الترانيم ، ودواءه للسكينة واليقظة معا .وكان لإجادته فنون اللغة والخطابة والبلاغة والشعر والموسيقى ، تأثير بالغ على الناس، يجيد التناسق مابين حركاته وكلماته ( أى القدرة المسرحية ) كان يسحر السامعين ، ويذهب بهم حيثما شاء .
توفي مارتن لوثر في 18 فبراير 1546 في إيسلبن بألمانيا نتيجة نوبة قلبية على الأرجح ، قبل وفاته أصيب بجلطة دماغية أصابت جسده بالشلل الجزئي.عن عمر 62 عاماً.ويقال أنه على فراش الموت ،‏ سأله اصدقاؤه عما اذا بقي متمسكا بالعقائد التي علّمها للآخرين،‏ فأجاب:‏ «نعم».‏ مات لوثر في ،‏ ولكن ما زال كثيرون يتشبثونبتعاليمه .‏
ولقد حظيت سيرته وكتاباته باهتمام الناس اكثر من اي شخص آخر في التاريخ حسب ماتقول مجلة "التايم" الامريكية ، باستثناء معلمه،‏ يسوع المسيح . ووصفت ثورته بأنها اهم ثورة في تاريخ الجنس البشري.‏ فقد ساعد لوثر على تغيير معالم الدين في اوروپا وإسدال الستار على القرون الوسطى .وكان لهذا الإصـلاح الذى تبناه أثر فكري خطير في أوروبا الغربية، فقبل سنة 1517 لم تكن هناك سوى كنيسة واحدة مستقرة راسخة هي الكنيسة الكاثوليكية. وكان خـلاف معهـا يوصف بأنه نوع من الزندقة والإلحـاد ولكن بعد (الإصلاح) الذي تزعمه لوثر، وبعد أن قبلت كثير من الدول حرية التفكير الديني لم يعد هناك خوف من مراجعة كل الأفكار والنظــريات القديمة..أي الانطلاق في كل المجالات..
وعلى الصعيد الاجتماعى حققت البروتستانتية أهدافها نهضة المانيا الاقتصادية . ويرى عالم الاجتماع الالمانى " ماكس فيبر" أحد أهم رواد علم الاجتماع ( 1864 –- 1920) ، من خلال دراسة علكية اجتماعية رصينة تناولت الاثر الدينى في حياة الاقراد والشعوب أنَّ أنواعًا معينة من البروتستانتية – ولا سيما الكالفينية – كانوا داعمين للسعي العقلاني لتحقيق مكاسب اقتصاديّة وأنشطة دنيوية . بعكس الكاثوليكية التي لاتحث على الشؤون الدنيويّة، بما في ذلك السعي الاقتصادي. ، ويذكر في كتابه «الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية» الذى صدر لاول مرة في1922: "الكاثوليكي أكثر هدوءا، وهو مسكون بعطش قليل جدا إلى الكسب، ويفضل حياة آمنة، ولو مع مدخول ضئيل جدا، على حياة إثارة ومجازفة ولو وفرت له الثروات والأمجاد، كما تقول الحكمة الشعبية "إما أن تأكل جيدا أو أن تنام جيدا" إنحاز إلى النوم الهادىْ . ويخلص إلى القول ان البروتستانتيى كان عاملا هاما في تطور الراسمالية والحداثة في دول ازربا الغربية البروتستانتية مثل كالمانيا وانجلترا وهولندا عن نظيرتها الكاثوليكية كافرنسا وإيطاليا واسبانيا وتحول المركز الاقتصادي في أوروبا بعد الإصلاح بعيدًا عن البلدان الكاثوليكيّة . يلاحظ فيبر أيضًا أن المجتمعات التي بها عددٌ أكبرُ من البروتستانت كانت هي المجتمعات ذات الاقتصاد الرأسمالي الأكثر تطورًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اهيمة مقالتك
احمد علي الجندي ( 2024 / 1 / 19 - 12:42 )
وتكمن اهمية مقالتك أنك اشرت الى نقطة لم أجد احد يشير اليها في الحوار المتمدن بشكل حقيقي
وهي بوادر النازية الأولى في أقوال مارتن لوثر
!

اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل