الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلم الامريكي (3) الاشتراكية والشيوعية في امريكا

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2022 / 10 / 29
السياحة والرحلات


الحلم الامريكي (3)
الاشتراكية والشيوعية في امريكا
نادرا ما نسمع، بل ومن المستحيل أن نتخيل وجود تنظيم اشتراكي أو شيوعي في عقر دار الرأسمالية الخنزيرية، أو الرأسمالية الفاقدة لكل شكل من أشكال الإنسانية ..
لقد نشأنا وتربينا، بل لنقل تثقفنا (داخل الأحزاب الشيوعية ) على كراهية أمريكا وما تمثله من "إستغلال فظ" للبشر والحجر في كل مكان حتى في امريكا نفسها. ولا ننسى في هذا السياق "المكارثية" وكيف حولّت النظام الأمريكي إلى نظام رعب لكل من يحمل أفكارا اشتراكية، تدعو للمساواة بين البشر ، وعلى وجه الخصوص، التوزيع العادل للثروات وضمان الكرامة الإنسانية، ولو بالحد الأدنى ..
نعم ما شاهدته بأم عيني، كان كافيا لتعميق هذا الموقف الحازم من النظام هناك ، ولكن رأيتُ جوانب إنسانية مُشرقة لدى الإنسان هناك ..
ولكن أفضل مشهد ، كنتُ به شريكا ، صوّر طبيعة " النظام الرأسمالي " ، التي لا " تعترف بالعطاء دون مقابل" ، كان عندما أتممت وجبة غداء في أحد المطاعم، وخرجت إلى الشارع كالعادة ، لان التدخين ممنوعٌ داخل المطاعم ، المقاهي وكل المباني.. واكتشفت أنني لا أملك قداحة لأشعل سيجارتي بها ، نظرت ُ يميني وشاهدت شابا يُدير لي ظهره ، ويتحدث في هاتفه النقال ، ويدخن سيجارة ..
توجهتُ نحوه، وربّتُّ على كتفه ... إلتفت إلي وهو مستمر بالحديث ، متسائلا بالإشارة : ماذا تريد؟
أجبته بالإشارة ايضا: أريد ولاعة لأُشعل سيجارتي ...
نظر إلي وأشار بحركة بين الإبهام والسبابة، تعني اين الثمن؟ (لا أرى نقودا في يدك!!).
ظهرت الدهشة بل الصدمة على تعابير وجهي ، تأملني قليلا ، ثم انفجر ضاحكا ، وناولني القداحة ، وبعد أن أشعلتُ سيجارتي وتبادلنا الضحكات العالية ، مد قبضة يده للسلام علي، بملامسة قبضته لقبضتي ... شكرته وابتعدتُ عنه قليلا ليكمل محادثته ...
وبدأتُ بالتعمق "بمداعبته" تلك ، فهي أفضل تعبير عن الإستغلال الرأسمالي ، فلاشيء بلا ثمن ... ولكن بالمُقابل فإنه عبّر بشكل ساخر جدا، عن طبيعة النظام الرأسمالي والتي تسعى لتحويل الأفراد (الإنسان يعني)، إلى ألة ، مهمتها "إداء" وظيفتها دون إهتمام بالأخر، وألبحث عن الكسب المادي في كل مناسبة ... (إذ لا قيمة للعلاقات والمشاعر الإنسانية ).
لكن ما لفت إنتباهي، وإنتباه شريكة ألحياة، هو، أن الأمريكان على إختلاف أعراقهم وألوانهم ، بشوشون بالمُجمل ، يطرحون التحية ، ومستعدون بل ويُبادرون لتقديم المساعدة ، دون معرفة سابقة ... كأن يتطوع أحدهم لإلتقاط صورة لنا، حينما كُنا نُحاولُ إلتقاط صورة سيلفي مثلا ... أو التطوع للمساعدة في مواقف أُخرى كثيرة ..
وقد يتسائل البعض ، عن علاقة الإشتراكية والشيوعية بالمواقف الإنسانية، فأقول بأن ألشيوعية والإشتراكية ، هي في المكان الأول ، الأنسانية ، إحترام الإنسان، كونه إنسانا، تقديم ألعون والمساندة والدعم المعنوي والمادي للإنسان، أيّاً كان. ثم بعدها تأتي قضية " من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته" ...!!
ولكن الأهم في هذا المحور ، هو الحديث ، عن الحركة العمالية وعن الحزب الشيوعي الأمريكي.
فأثناء زيارتنا لبرج " كوْيْتْ" في سان فرانسسكو ، وهو برج بُنيَ في سنوات الكساد الكبير في الولايات المُتحدة، حيث قامت سيدةٌ ثرية بالتبرع بقسم كبير من أموالها لبناء البرج ... وما يُميز هذا البرج ذو الثلاثة عشر طابقا، بأنه يحوي في الطبقة السفلى الضخمة على "غاليري" فني ضخم ، من تلك السنوات، إذ تم إستدعاء رسامين مشهورين من تلك الحقبة ، للرسم على الجدران الداخلية الدائرية، عن أمريكا في سنوات الثلاثين .. سأكتبُ بتوسع عن هذا "الغاليري" في محور الفن ، من هذه الإنطباعات.
وما لفتَ انتباهي ، هو ، الزاوية التي رسمها الرسام عن الطبقة العاملة في سنوات الثلاثين ...
برزت لوحة تصور "مظاهرة" أو لقاءاٌ عماليا ،يخطب فيه قائد إشتراكي ، وربما شيوعي ..!!
في قسم آخر من اللوحة ، هناك زاوية لبيع صحف تلك الحقبة ، وبرزت صحيفة إشتراكية عمالية .. بالعنوان وأبراز بعض العناوين العمالية ..
وظهرت في جزء آخر من اللوحة الجميلة، مكتبة عامة ، غنية بالكتب ، لكن الرسام " اخرج " من أحد رفوف المكتبة ، كتاب " رأس المال" لكارل ماركس ....
تُخبرنا اللوحة ، بأنه وذات يوم ، نشطت في الولايات المتحدة الأمريكية ، حركةٌ عمالية شيوعية وإشتراكية ، بحيث نقلها الرسام في لوحته، عن العمال في سنوات الثلاثين ... لكن أين اختفت هذه الحركة ؟ ولماذا؟ فهذا موضوع آخر ...
لكن السؤال الأهم هو: هل هُناك حزب شيوعي أمريكي هذه الأيام ؟
إذن لنعد إلى أيامنا هذه .....
دعت "عاليا" جمعاُ من أصدقائها ، لتناول وجبة طعام فلسطينية ، تطوعت شريكة العمر بتحضيرها ، والتي تتكون من الملفوف المحشي بالأرز واللحمة (وهي طبخة شهية جدا، تصنعها شريكة العُمر، والتي هي طباخة ماهرة ، شيف يعني)، وورق العنب ، السلطات : خيار بلبن ومتبل الباذنجان، وسلطة الخضار الفلسطينية ومقبلات أُخرى... (أتمنى بأن شهيتكم قد "فُتحت"!!).
وبعد تناول الوجبة توجهت إلي عاليا ، وقالت : أُريد أن أُعرفك بالأخص، على هذا الصديق... كان رجلا تجاوز الستينات من العمر .
- كان عضوا في الحزب الشيوعي الامريكي ... انتما عضوان سابقان، في أحزاب شيوعية ، فتعارفا..
- تركتني عاليا مع " الرفيق السابق" ، وطال حديثنا ، لكن ما اثار حب إستطلاعي هو ، لماذا لا نسمع عن الحزب الشيوعي الأمريكي ، ولماذا لا يوجد له تمثيل في الكونغرس او السنات؟
طال الحديث وتشعب ، وأتضح بأن العمال ، يعتمدون ربما أكثر على النقابات ، لأنهم لا يرون بأن الحزب الشيوعي يمثلهم ..!!
- وأنتَ لمذا تركت الحزب الشيوعي ؟
أجابني بإجابة صادمة ، إذ قال: الحزب الشيوعي وأعضاءه ، هم حزب استعلائي ولدائرة مغلقة فقط...!!
إجابة تستحق التأمل وخصوصا في ضوء الواقع الذي يُشير الى "إنهيار" الأنظمة الإشتراكية وإنحسار دور الاحزاب الشيوعية ...!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برج غوات في سان فرانسيسكو ليس وحيدا
د. لبيب سلطان ( 2022 / 10 / 30 - 09:21 )
الاستاذ الفاضل
اود تحيتكم لجهد المشاركة في انطباعاتكم عن اميركا البلد الذي يسبونه ليلا نهارا ويقلده الجميع ربما لكونه الاكثر تجددا وانفتاحا وتقدما مما يثير جميع المحافظين بما فيهم ماركسيونا
اردت التعقيب على اللوحات الجدارية في غاليري برج كوات فهي من انجاز رسامين عالميين ماركسيي الاصول ومعروفون ولكن فنهم يأتي اولا وتركت لهم حرية العمل وعليه وضعوا في قلب الرأسمال كتاب كارل ماركس ولم يلق اعتراضا عدا ان جدارية مماثلة اقمها في نيويورك المكسيكي
دياكو وفي عمارة روتشفيلد ورسم لينين قبلوا بكل الجدارية عدا صورة لينين والمنجل والجاكوج فرفض الرسام فدفعوا له اجره واهدموا الجدارية ويمكن مشاهدتها في فيلم - فريدا- الذي نال .
جوائز عديدة ونالت حايكة سالم الممثلة اللبنانية الاصل الشهرة.
قليل في عالمنا العربي يعرف ان الاميركان لايطيقون الارستقراطية سواء اثريائهم ام فقرائهم فهم
جاؤا لها هروبا من تعسفهم في بريطانيا وعكسوا حتى لفظ اللغة ليس من الانف بل من الحنجرة
السيدة غوات ليست الا مثالا من تقليد اغنياء اميركا التبرع بثروتهم قبل مماتهم للجامعات والمنح والمشاريع واخرها 15 مليار للمناخ من بيل غيت وبو


2 - ‌برج غوات 2
د. لبيب سلطان ( 2022 / 10 / 30 - 10:35 )
تتمة على تعقيبتي الاولى ان بيل غيت كبقية المليلرديرية في اميركا الكل يعلم كيف اصبحوا اثرياء ولكل منهم اما اختراعه او انجازه ولايوجد طاريئ اغتنى بين ليلة وضحاها فمصدر ثروتهم معروف مقارنة مع الاوليغارخ الروس مثلا او العراقيين من نهب ثروة بلده بغطاء سياسي
اغلب اثرياء اميركا كتقليد شائع يتبرع بثروته وتكاد لاتخلو جامعة من مكتبة ضخمة او كما فعل بيل غيت وضع عشرين مليارا في صندوق لتنمية الزراعة في افريقيا لأنتاج الغذاء وانهاء
اعتمادها على استيراد ه
لابد من معرفة ان اميركا هي دوما بين فكتي كماشة فهي في تاريخها بلد تحرري خاض شعبها حرب الانعتاق عن الارستقراطية الانكليزية ورفض كل شيئ اسمه ارستقراطي وتجده
في سلوكيته وتعاملاته فهي متجذرة بالتحرر، ومن الناحية الثانية فرض التصنيع والربحية ان يكون الة عمل
لاتتوقف ومن هنا التناقض بين التحرر والوقوع في اسر الماكنة المنتجة ومنها خرجت حركات الرفض مثل الهيبي لوقف البراغماتية الاقتصادية - كل ما لايدر ربحا لافائدة منه- قارن واقعية المسائل التي تواجهه وطريقة حلها ليس بالطرح المسطري لحركة المحتمع ومنها
مقولات الماركسيىة للقرن 19 في عصر التكنولوجيا


3 - شكرا
قاسم حسن محاجنة ( 2022 / 10 / 31 - 07:58 )
العزيز د لبيب سلطان المحترم
اشكرك على الإضافة عن برج كويت ، والذي انوي أن أشرح عنه في مقالي اللاحق.
شكرا .

اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE