الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تراجع استراليا عن الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال
نهى نعيم الطوباسي
2022 / 10 / 30مواضيع وابحاث سياسية
فاجأت أستراليا العالم قبل أيام، بالتراجع عن اعترافها بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، حيث أعلنت وزيرة الخارجية ببيني وونغ، بتصريح مفاده أن "الحكومة أعادت تأكيد موقف أستراليا السابق، والثابت بأن القدس هي قضية الوضع النهائي التي يجب حلها كجزء من أي مفاوضات سلام بين إسرائيل والشعب الفلسطيني". ومن المؤكد أن تراجع أستراليا عن القرار يعد انتصارا لفلسطين وقضيتها، وصفعة للعنجهية الإسرائيلية، وليس غريبا أن يكون أحد أسباب هذا التراجع هو صعود حزب العمال الأسترالي إلى الحكم، بعد سنوات من حكم الحزب الليبرالي المحافظ، حيث كان هذا الحزب الأخير يسيطر على الحكومة الأسترالية، بقيادة سكوت موريسون رئيس الوزراء السابق، والذي أعلن في عام2018، عن الاعتراف الرسمي بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، على غرار اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة رئيسها السابق دونالد ترامب. ولكن على الرغم من الفرح المشروع فلسطينيا وعربيا ومن كل أنصار القضية الفلسطينية، إلا أنه يجب الانتباه لأمرين لافتين في تصريحات وزيرة الخارجية الأسترالية، الأول هو عندما أشارت أن سبب اعتراف موريسون بالقدس عاصمة لإسرائيل في عام 2018، كان بمثابة صفقة على حساب القضية الفلسطينة والقانون الدولي، حيث قالت"هل تعرفون ما كان هذا؟ كانت هذه مهزلة فاشلة للفوز بمقعد "وينتوورث" وبانتخابات فرعية" وهي تقصد كسب أصوات الجالية اليهودية في إحدى ضواحي سيدني.
وهو ما يوضح فعلا حقيقة النظرية الواقعية، التي تحكم العلاقات الدولية الحالية والسياسة الخارجية للدول القائمة على مبدأ ميكافيلي "الغاية تبرر الوسيلة" لفرض الهيمنة والقوة، حتى وإن كان ذلك على حساب القانون الدولي وضرب الاتفاقيات والقرارات الدولية بعرض الحائط.
الأمر الآخر الذي كان لافتا في تصريحات وزيرة الخارجية عندما قالت" أن قرار التراجع عن الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" لا ينطوي على أي عدائية للدولة" العبرية". وتابعت: "لن يتزعزع دعمنا لإسرائيل وللجالية اليهودية في أستراليا"، مؤكدة أن أستراليا صديقة مخلصة لإسرائيل.
وفي هذه التصريحات ما يثير القلق أيضا، إن كانت أستراليا ستثبت على قرارها الأخير والتزامها بالوضع القانوني لمدينة القدس وفق القانون الدولي، في حال تغير الحزب الحاكم، وخسر حزب العمال الانتخابات المقبلة، أو في حال التعرض لضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل والجالية اليهودية في أستراليا. أو تعارض هذا الموقف مع مصالح استراليا لدى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. كل ذلك يؤكد أن تراجع استراليا عن قرارها السابق، بشأن القدس، لا يعني أنها تدين إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني. وهو ما يلوح بخوف أستراليا من خسارة مصالحها مع إسرائيل.
العلاقات الأسترالية- الإسرائيلية متينة سياسيا واقتصاديا، وتتصف السياسة الخارجية لأستراليا تاريخيا، بموقفها الداعم لإسرائيل، مثلا عام 1949 كانت أستراليا من اوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل عام 1949، في حين اعترضت على قرار الجمعية العامة القرار 67/19، والذي يمنح فلسطين مركز الدولة المراقبة غير العضو في الأمم المتحدة. وأستراليا أيضا كانت معارضة جدا، لقرار مجلس الأمن 2334، الخاص بمطالبة إسرائيل بوقف الإستيطان، في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967.
العلاقات التجارية بين الطرفين تؤكد قوة هذه العلاقات، فقد بلغت قيمة تجارة السلع والخدمات بين إسرائيل واستراليا، 1.3 مليار دولار، وبلغت قيمة الصادرات الأسترالية منها 349 مليون دولار، والإسرائيلية 952 مليون دولار وفي عام 2015، بلغت قيمة الاستثمارات الأسترالية في إسرائيل 663 مليون دولار، وبلغت الاستثمارات الإسرائيلية في أستراليا 262 مليون دولار، وهو ما يثير القلق على ثبات أستراليا على موقفها الأخير مستقبلا. وفي كل الأحوال قرار أستراليا الأخير يبث الأمل، بإمكانية تراجع الدول التي انتهكت القانون الدولي واعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل.
من المهم حماية القرار الأخير لأستراليا، والعمل الدؤوب على التأثير في السياسة الأسترالية تجاه القضية الفلسيطنية، وحشد التحالفات وتعزيز العلاقات الفلسطينية والعربية مع المجتمع المدني، والأحزاب المؤثرة في صنع القرارات في تلك الدول، وفتح المجال للتبادل العلمي والثقافي وتعزيز دور الجاليات العربية والفلسطينية، في أستراليا والدول الأخرى ستشكل قوى ضاغطة معاكسة للجالية اليهودية، هناك أيضا مسؤولية كبيرة على المستثمرين، ورجال الأعمال الفلسطينيين والعرب، بفتح علاقات تجارية واقتصادية، تعزز من العلاقات الأسترالية الفلسطينية والعربية. لمحاصرة إسرائيل وتأثيرها بالسياسات الخارجية للدول.
إشارة وزيرة الخارجية الأسترالية لتأثير الجالية اليهودية على سير الإنتخابات في أستراليا، توضح دور اللوبي الصهيوني في دعم اسرائيل، فالمطلوب لمحاصرة تأثير اسرائيل دوليا، يجب أن يبدأ بإنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، والذي من شأنه أن يقوي الموقف الفلسطيني، ويوحد الجاليات الفلسطينية على رواية واحدة وموقف واحد، ويضعف دور اللوبي الصهيوني، في الضغط على الدول الأخرى لدعم إسرائيل وخرقها للقانون الدولي. فالوحدة الوطنية هي الضمان الأول والأهم لانتصار فلسطين في كل المحافل. وهي الوفاء الحقيقي لكل تضحيات الشعب الفلسطيني ودماء شهدائه، وأسراه. والضمان الأكيد للخلاص من نير الإحتلال.
حتى الآن، وإذا استثنينا استراليا، ما زالت الدول التي نقلت سفارتها لإسرائيل محدودة وهامشية، وغالبا قامت بهذه الخطوة لمصالح انتهازية أو حسابات داخلية، لطن ذلك يجب ألا يدفعنا للاطمئنان في ضوء حالة الضعف والتفكك العربية، والانقسام الفلسطيني، فجميع الدول تتصرف وفق مصالحها، ما يستدعي إعادة بناء الموقف الفلسطيني والعربي وبناء تحالفات دولية شعبية ورسمية، تفضح سياسات الاحتلال والعدوان والتمييز العنصري وتجعل كلفة التحالف مع دولة الاحتلال باهظة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فرنسا.. عمل أقل، حياة أفضل؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. جنوب لبنان جبهة -إسناد- لغزة : انقسام حاد حول حصرية قرار الح
.. شعلتا أولمبياد باريس والدورة البارالمبية ستنقلان بصندوقين من
.. رغم وجود ملايين الجياع ... مليار وجبة يوميا أُهدرت عام 2022
.. القضاء على حماس واستعادة المحتجزين.. هل تحقق إسرائيل هدفيها