الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يمول، يحكم! وإن تعدوا اضرار التمويل الاجنبي، حكومة ومعارضة، لا تحصوها. من متمولي النظام، الى متمولي الاجنبي، ياشعبي لا تحزن.

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2022 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


"ان اي بلد من البلدان يتملكه ويسيطر عليه رأس المال الذى يكون مستثمراً فيه".

وودرو ويلسون،
رئيس الولايات المتحدة الامريكية.


المقصود هنا بالنظام، ليس سلطات الدولة او مؤسساتها، هيئاتها، افرادها، بمن فيهم رأس السلطة، وانما المقصود هنا تحديداً هو فلسفة النظام المعبرة عن مصالح طبقة او طبقات بعينها، النظام السياسي، الاقتصادي، المالي، الاجتماعي، الثقافي .. النظام الذي يعمل من خلال سلطة - بحكم انتمائها الطبقي والوظيفي – يعمل وفقاً لمقتضيات ومتطلبات النظام اليميني المالي العالمي الامبريالي المهيمن. ان الخطورة التي يمثلها جوهر كل تمويل محلي او اجنبي، بالنسبة لحركات حقوق الانسان، او حركات الاسلام السياسي، وقبلهم التمويل والقروض بالنسبة للنظام المحلي، "الوطني"، ان هذا التمويل يفرض ان يعمل كل متمول وفقاً لمقتضيات سياسات النظام المالي العالمي الممول - بحكم شروط التمويل والقروض – هذا النظام المالي العالمي التابع له النظام المحلي، الوطني، نفسه. وحال نجاح نشاط المتمولين من خارج السلطة في الاطاحة بهذه السلطة او بأيً من سلطاتها او افرادها، بمن فيهم رأس السلطة، يظل النظام المحلي، "الوطني"، التابع، نفسه قائم ويعمل، والنتيجة الوحيدة الحقيقية لهذه الاطاحة، هو تجديد دماء نفس النظام المحلي التابع، وأطالة عمره، بسلطة جديدة، او برأس سلطة جديدة، لنفس النظام، الذي سيستمر في التبعية للنظام المالي العالمي.


نتائج مشينة، لنوايا نبيلة!
"فكرة مضللة يتم تداولها، "ان هناك مشروعين مختلفين، يمكن الفصل بينهما بسهولة: واحداً يتمثل فى اجراء تجارب جريئة فى التحويل الاقتصادى؛ وآخر تمثل فى نظام شرير يحلل عملية التعذيب والترهيب الفظيعة." لانه ليس هناك سوى مشروع واحد فقط، الرعب فيه هو الوسيلة المركزية فى عملية التحول الى السوق الحرة. ان المفهوم المضلل عن نظام اجتماعى تتعايش فيه "الحرية الاقتصادية" مع "الرعب السياسى" بدون ان يحتكا ببعضهما البعض، يسمح لهؤلاء الخطباء الماليين، الخبراء الاقتصاديين، بدعم مفهومهم لـ"الحرية"، وهم يستعرضون فى الوقت نفسه عضلاتهم فى فن الخطابة دفاعاً عن حقوق الانسان.".(1)

ان توظيف حركات حقوق الانسان، في توظيف القيم الانسانية النبيلة، لتحقيق اهداف سياسية غير انسانية ووضيعة، يتماثل مع توظيف حركات الاسلام السياسي، في توظيف قيم الدين النبيلة – اياً كان الدين - لتحقيق اهداف غير انسانية لا تقل وضاعة. كما ان الاثنان، حركات حقوق الانسان وحركات الاسلام السياسي، يشتركان في سمة اساسية واحدة، الا وهى انهما يستخدمان ضوءاً شديد الوهج، يستعملونه كطعم جاذب يخطفون به أبصار ومشاعر الناس وعواطفهم، خاصة الشباب، فهما يستخدمان غطاءاً يبدو نقياً، يتم نسجه من معاني انسانية نبيلة، الاول، ينسج من الحقوق المشروعة تماماً للانسان، والتى تمس المشاعر الانسانية عند معظم الناس، ومرة اخرى، خاصة الشباب صغير السن، والثاني، ينسج من مخاطبة الروح والوجدان بمحتوى رباني نبيل وعادل من الاديان، ومرة ثالثة، خاصة الشباب محدود الخبرة، اذاً، الاثنان جاذبان، وهنا مكمن خطورة توظيفهما لخدمة سياسات "ديكتاتورية رأس المال" المتوحشة نيوليبرالية، لأجل تحقيق اهداف غير نبيلة على الاطلاق، بل وقاتلة للغالبية العظمى من الشعب، لجني ارباح فاحشة لعدد محدود من الآسر الثرية .. في كلمة، انها نتائج مشينة، لنوايا نبيلة.

صبيان ميلتون فريدمان مؤسس "مدرسة شيكاغو"، النيوليبرالية الاقتصادية، تعاملوا مع الرعب الازم لتنفيذ نظريتهم الاقتصادية على انه خارج تخصصهم!. فكان التطهير السياسى العنيف الذى تليه عملية التنظيف التى تقوم بها فرق حقوق الانسان، التي تقوم فيه مؤسسة فورد، مثلاً، بتمويل السياسات الاقتصادية لـ"مدرسة شيكاغو"، ثم تمويل حركة حقوق الانسان، ولكن بدون سياسة!.

طبعا، موقفنا المبدئي من التمويل، سواء الداخلي او الخارجي، ومن دور منظمات حقوق الإنسان فى النظام الراسمالى عموماً، لا يتعارض باى حال مع تقديرنا للنوايا الطيبة البريئة، والدور النبيل الذى يؤديه أعضاء هذه المنظمات الوطنية، وما يقدمونه من تضحيات دفاعا عن حقوق الانسان المصرى. لكن وعينا بطبيعة الراسمالية التي هى اشبه بالمخرطة، "مخرطة الانسان"، وتوظيفها لمنظمات حقوق الانسان، وبرامج البر والاحسان التي تقوم بها الدول الرأسمالية، والدول التابعة للنظام الرأسمالي، عند هذه الانظمة، دورها كما دور سرسوب الماء الرفيع فوق سن المخرطة، للتبريد، كذا، جوهر دور منظمات حقوق الانسان الممولة حكومياٌ او اجنبياٌ، في النظم الرأسمالية او النظم التابعة، لتبريد درجة حرارة الغليان الناجم عن الاستغلال والقمع، عند درجة ما قبل الانفجار، مع استمرار نفس نمط الاستغلال والقمع، "خراطة الانسان"، والتي لابد لها ان ينسدل سرسوب ماء بارد على سن المخرطة كي لا ينكسر او يعوج من شدة الحرارة والضغط الذي تسببه عملية خرط المعدن على المخرطة، هكذا هى منظمات حقوق الانسان بالنسبة للنظام الرأسمالي،، سرسوب الماء البارد اللازم لعملية "خراطة الانسان"، على مخرطة الرأسمالية!.

لذا يظل السؤال المبدئي معلقاً في رقبتهم جميعاً، نظام ونخبة:
هل يمكنك ان تدافع عن مصالح شعبك، في مواجهة سياسات يفرضها ممولك؟!.
(وهى تتعارض حتماً).


قل لي من يمولك، اقول لك من انت!
كتب هيويل وليامز يقول: "انها خرافة لطيفة وملائمة ان نقول ان الليبراليين هم صانعو السلام، بينما المحافظون هم المثيرون للحرب. ولكن الامبريالية (الاستعمار الاقتصادي/ الثقافي) التي يفرضها الليبراليون ربما كانت اكثر خطورة، نظراً لطبيعتها ذات المدى المفتوح، (سمة "الحرب العالمية على الارهاب"، التي وجدت لتبقى) واعتقادها بانها تمثل شكلاً متسامياً للحياة.".

"خلال سنوات حكم كلينتون (الديمقراطي) تم سحب شبكات توفير الرعاية الاساسية، وفقاً للسياسات النيوليبرالية الاقتصادية، فزاد الفقر في امريكا، وتم اطلاق نظام صواريخ "دفاعي" وحشي عرف باسم "حرب النجوم 2" وتمت الموافقة على اكبر ميزانية في التاريخ للحرب والتسليح، وتم رفض عقد معاهدة للالغاء الشامل للتجارب النووية، انشاء محكمة للجرائم الدولية، وحظر استخدام الالغام الارضية على مستوى العالم والمقترحات الخاصة بمكافحة غسيل الاموال. ان ادارة كلينتون قد قامت فعلياً بتدمير الحركة الهادفة لمكافحة التوتر الكوني. واضافة الى ذلك كان هناك غزو هاييتي، وتشديد الحصار على كوبا، والهجوم على العراق ويوغسلافيا والسودان."(2)

وليس مما يثير الدهشة ان تكون اقسام الدراسات الانسانية – وهى الغرف المولدة للافكار والانتقادات – على وشك الاحتضار. فعندما يخمد الاكادميون صوت معارفهم، فالى من يمكن ان يلجأ الجمهور؟!. في اقسام الدراسات السياسية تتمثل مهمة الواقعيين الليبراليين في ضمان ان الامبريالية الغربية يتم تفسيرها على انها ادارة الازمة. وبدون الاقرار اطلاقاً بارهاب الدولة الغربية فان التواطؤ من جانب هؤلاء الاكاديميين يكون أمراً مؤكداً. والاقرار بهذه الحقيقة البسيطة يعد خروجاً على الاكاديمية، ويكون الصمت هو الخيار الافضل.

ان الارهاب لن يقدر له ان يتراجع ما لم يتم رفع ذلك القدر الهائل من المعاناة والظلم وعدم الشعور بالامن عن كاهل الشعوب؟.
فالامر كما عبر عنه مارتن لوثر كينج: "لقد جاء الوقت الذي يصبح فيه الصمت خيانة. وذلك هو الوقت الذي نعيشه الآن".


في مواجهة اغلاق المجال العام، هل يمكننا الاستفادة من ادوات الامبريالية؟!
من الاخطاء الشائعة الفادحة لدى النخبة المثقفة، خاصة اليسارية منها، انها تتعامل مع بعض رغباتها المشروعة، على انها واقع موضوعي!.

في روسيا القيصرية خلال سنوات الرجعية ١٩٠٧ – ١٩١٠، انتصرت القيصرية. تم تحطيم جميع الأحزاب الثورية والمعارضة. ومحل السياسة حل الانحطاط والتفسخ والانشقاق والتشوش والارتداد والخلاعة . اشتداد الجنوح نحو المثالية الفلسفية، انتشار التصوف بوصفه ثوبا للنزاعات المعادية للثورة. بيد أن الهزيمة الكبيرة بالذات تلقن في الوقت نفسه الأحزاب الثورية والطبقة الثورية درسا واقعيا من أنفع الدروس، درس الديالكتيك التاريخي، درس تفهم النضال السياسي والتضلع بفن خوضه. الصديق وقت الضيق، والجيوش المهزومة تتعلم دائما بهمة واجتهاد.

يجب على الأحزاب الثورية أن تكمل تحصيلها. فلقد تعلمت الهجوم، اما الآن فيتعين عليها أن تفهم أن من الضروري أن تتمم هذا العلم بعلم كيفية التراجع الصحيح . يتوجب عليها أن تفهم - والطبقة الثورية تتعلم فهم ذلك بتجربتها المرة؛ إنه يستحيل الانتصار بدون التضلع بالهجوم الصحيح والتراجع الصحيح .ومن بين جميع الاحزاب المعارضة و الثورية المنهزمة تراجع البلاشفة باكبر نظام، وبأقل خسارة في" جيش" هم محتفظين بنواته لدرجة اكبر، وباقل انشقاق في صفوفهم - من حيث العمق واستحالة العلاج - وبأقل درجة من وهن العزيمة وبأكبر قدرة على استئناف العمل على أوسع نطاق وبأقصى الصواب والنشاط . ولم يفلح البلاشفة في ذلك إلا بسبب أنهم فضحوا دون رحمة وطردوا الثوريين المتشدقين الذين لم يريدوا أن يفهموا أنه لا بد من التراجع، وأنه لا بد من المهارة في التراجع، وأنه يجب إلزاما تعلم العمل العلني في أكثر البرلمانات رجعية وفيما هو الأكثر رجعية بين النقابات والمنظمات التعاونية ومنظمات التأمين وحقوق الانسان وما شاكلها.


إن قانون الثورة الأساسي الذي اثبتته جميع الثورات في القرن العشرين يتلخص فيما يلي:
لا يكفي من أجل الثورة أن تدرك الجماهير المستثمرة والمظلومة عدم إمكانية العيش على الطريقة القديمة وأن تطالب بتغييرها. إنه من الضروري أيضًا لأجل الثورة أن يغدو المستثمرون غير قادرين على العيش والحكم بالطريقة القديمة. إن الثورة لا يمكن أن تنتصر الا عندما تعزف "الطبقات الدنيا" عن القديم، وعندما تعجز "الطبقات العليا" عن السير وفق الطريقة القديمة. بمعنى ان الثورة مستحيلة بدون ازمة وطنية عامة (تشمل المستمرون والمستثمرين معاً).


إن علامة أية ثورة حقيقية هي أن عدد ممثلي الجماهير الكادحة والمستثمرة والخاملة حتى ذلك الحين، الذين بوسعهم أن يشنوا الكفاح السياسي، يتصاعد بسرعة إلى عشرة أضعاف بل إلى مئة ضعف، فتوهم الحكومة وتجعل إسقاطها السريع أمرًا ممكنا للثوريين.


لا يمكن الانتصار بقوى الطليعية وحدها. والزج بالطليعة وحدها في معركة حاسمة، قبل أن تكون الطبقة كلها والجماهير الواسعة قد اتخذت أما موقف التأييد المباشر للطليعة وأما، على أقل تقدير، موقف حياد يتسم بالنية الطيبة تجاهها، بحيث تكون غير قادرة أبدًا على تأييد عدو الطليعة، لا يكون حماقة وحسب، بل جريمة أيضا. ولكيما تتخذ الطبقة كلها فعلاً ، وجماهير الكادحين الواسعة فعلا، ويتخذ المضطهدون من قبل الرأسمالية، مثل هذا الموقف، لا تكفي الدعاية وحدها، ولا التحريض وحده. ينبغي لذلك أيضا أن يكون لهذه الجماهير تجربتها السياسية الخاصة. هذا هو القانون الأساسي لجميع الثورات الكبرى.(3)



هام جداً
الاصدقاء الاعزاء
نود ان نبلغ جميع الاصدقاء، ان التفاعل على الفيسبوك، انتقل من صفحة سعيد علام،واصبح حصراً عبر جروب "حوار بدون رقابة"، الرجاء الانتقال الى الجروب، تفاعلكم يهمنا جداً، برجاء التكرم بالتفاعل عبر جروب "حوار بدون رقابه"، حيث ان الحوار على صفحة سعيد علام قد توقف وانتقل الى الجروب، تحياتى.
لينك جروب "حوار بدون رقابه"
https://www.facebook.com/groups/1253804171445824


المصادر:
(1)عقيدة الصدمة، صعود رأسمالية الكوارث، ناعومي كلاين.
(2)حكام العالم الجدد، جون بيلجر.
(3) مرض "اليسارية" الطفولي في الشيوعية، فلاديمير إيليتش لينين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل