الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طه حسين ومستقبل الثقافة في مصر (2)

حسين علي
كاتب

(Hussein Ali Hassan)

2022 / 11 / 1
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


هل أصبحت بعض الأحزاب أحزابًا عائلية مصلحية حولت السياسة والعمل والرؤية السياسية إلى أعمال حرة؟
وحين ننظر إلى حالة التردى التى عليها التعليم فى بلادنا اليوم، ونحن فى بداية العقد الثالث من القرن الحادى والعشرين، ندرك حجم الجرم الذى ارتكبه، وما زال يرتكبه مسئولون عن إدارة شئون التعليم فى بلادنا بحق شعوبهم بإهمالهم قراءة الكتاب الذى أصدره طه حسين عام ١٩٣٨ وتقاعسهم عن تحقيق الأفكار والخطط التى وضعها ذلك الرجل العظيم للنهوض بالتعليم. إن الحالة المزرية من التخلف التى عليها مجتمعاتنا اليوم ترجع إلى استهانة الحكومات المتعاقبة بالأفكار الإصلاحية والتنويرية التى نادى بها طه حسين وغيره من المفكرين التنويريين، أفكار مثل تلك التى وردت بكتاب طه حسين "مستقبل الثقافة فى مصر".

كان طه حسين شديد التفاؤل حين كتب فى مقدمة كتابه قائلًا: "ومن يدرى! لعل الكتاب كله أو بعضه سيقع موقعًا حسنًا من بعض الذين ترجع إليهم أمور التعليم، ولعلهم أن يأخذوا ببعض ما فيه من رأى" (مستقبل الثقافة فى مصر، ص ١٣). لكن للأسف الشديد لم يفطن المسئولون فى بلادنا إلى شىء مما ورد بالكتاب، بل قد يكونوا قد فطنوا ولكنهم لم يأبهوا، بل قد يكونوا قد فطنوا ولم يكتفوا بعدم الاهتمام، بل أسهموا بنصيب وافر فى زيادة حالة التردى التى عليها التعليم بسبب خشيتهم من أن يفضى النهوض بالتعليم وانتشاره بين الناس إلى زعزعة سلطانهم، وزلزلة أركان سلطتهم، وضياع ما تحقق لهم من مكاسب. لأنهم على دراية بأن العلم نور، وهم كالخفافيش يعشقون الظلام!! الجهل ظلام يطمس العقول فلا تنتبه إلى فسادهم وطغيانهم!! نعم غفل أو تغافل – وهذا هو الأرجح - المسئولون فى بلادنا عن النهوض بالتعليم على مدى عقود كثيرة متعاقبة لإدراكهم أن قيادة شعب جاهل أيسر كثيرًا وأهون من قيادة شعب متعلم!!
يقول طه حسين نصًا: "يجب أن يتعلم الشعب إلى أقصى حدود التعليم، ففى ذلك وحده الوسيلة إلى أن يعرف الشعب مواضع الظلم، وإلى أن يحاسب الشعب هؤلاء الذين يظلمونه ويذلونه ويستأثرون بثمرات عمله وجده، فيردهم إلى الإنصاف والعدل، ويضطرهم إلى أن يؤمنوا بالمساواة قولًا وعملًا، وإلى أن يحققوا المساواة فى سيرتهم لا فى هذه الألفاظ الجوفاء التى يضللون بها الناس تضليلًا". (ص ٩٥). ويقول أيضًا: "إذا تعلم أبناء الشعب عرفوا ما لهم من حق فى حياتهم الداخلية فلم يسمحوا لقلة مهما تكن أن تظلم الكثرة، وعرفوا ما لهم من حق فى حياتهم الخارجية فلم يسمحوا لدولة مهما تكن قوتها أن تظلم مصر أو تستذل شعبها. التعليم، والتعليم وحده، على أن يكون صحيحًا مستقيم الأساليب، هو الذى يضمن للمصريين العدل والمساواة فيما بينهم وبين أنفسهم، والعزة والكرامة فيما بينهم وبين الأجنبى". (ص ٩٦)
حين نشرع فى استعراض عناصر مشروع طه حسين للنهوض بالتعليم الذى عرضه فى كتابه "مستقبل الثقافة فى مصر" الذى صدرت طبعته الأولى عام ١٩٣٨، ندرك أنه حين تحدث عن حالة التعليم وأوضاعه التى كانت قائمة حينذاك، فكأنما هو يتحدث عن أوضاع التعليم المتردية والسائدة اليوم فى مجتمعنا، بل لن نكون ممعنين فى التشاؤم، ولا حتى موغلين فى المبالغة إذا قلنا إن حالة التعليم اليوم وأوضاعه أسوأ مما كانت عليه منذ مائة عام مضت.
ويتساءل طه حسين منذ أكثر من ٨٠ سنة مندهشًا: "أليس غريبًا فى بلد متحضر أن تعنى الدولة بشئون التجارة والزراعة والصناعة...، على حين لا تعنى بشئون التعليم...، مع أن هذه الزراعة والتجارة والصناعة وغيرها لا سبيل إليها ولا وسيلة إلى إصلاحها إلا إذا وُجِدَ التعليم الصالح الملائم". (ص ١٤٥)
إن إهمال التعليم والتغاضى عن النهوض به يمثل- على نحو ما- جريمة ترتكب فى حق هذا الشعب!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية