الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محركات الربيع العربي من منظور منطلقات الامن الانساني (9)

عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع

(Ahed Jumah Khatib)

2022 / 11 / 2
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ان الحكومة ومن في صفوفها يوهمون انفسهم بإخماد نار الغضب والرفض اليوم، ولكن لن يلبث جمرها أن ينبعث لا محالة في الغد، ربما أكثر اشتعالا وشرارة، طالما لم يتم رفع الأسباب باقتلاع جذور الاستبداد والفساد والظلم الاجتماعي.
ومن الجير بالذكر ان هؤلاء الذين ينصبون اليوم العداء للشباب المحتج، فإن أغلبهم كان البارحة يتطرف لفظيا يسارا أو يمينا في التعبير عن نفس الأفكار والمطالب، ويحرض على مناهضة الفساد والاستبداد والتفقير، بحثا ليس في إحداث التغيير، بل فقط استعمال الغضب الشعبي مطية لولوج السلطة الحكومية. والفرق بين الأمس القريب والحاضر هو الخوف من افتقاد المواقع السياسية والاجتماعية المحصل عليها والمؤمنة في ظل الوضع القائم، والتي تستدعي الاستماتة من أجل الحفاظ عليها، إن لم يكن تقويتها على ظهر موجة الاحتجاج.
ويرى الحارثي على لسان هذه الفئات النفعية عدم وجود حاجة للجميع بالحداثة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد التي من شأنها العصف بهذه المكاسب الثمينة. لأن طبيعة التركيبة الاجتماعية للنخب التي نشأت في جوار ومن صلب الدولة، جعلتها تنسلخ تدريجيا عن أصولها الاجتماعية التقليدية، بعد أن تمكنت -عبر صيرورة طويلة من المد والجزر- من تحقيق مآربها النفعية وتشكيل قاعدة اقتصادية تابعة وغير مستقلة، لا يرتبط مصيرها بالسوق الحرة والتنافسية، بل بدواليب "الإدارة" حصرا.
وباخذ كل ماتقدم بعين الاعتبار, فان لغة المصالح وحدها تفسر إذن تلاحم معظم أطياف المشهد السياسي، رغم شدة تناقض مشاربهم الفكرية والإيديولوجية، في شن الحرب على حركة الاحتجاج والرفض. أما الحديث عن الخطر الخارجي وتهديدات الظلامية واليسار العدمي المتطرف والفتنة الداخلية، فهو مجرد خطاب تمويهي، ديماغوجي، تخذيري؛ الغرض منه أساسا اقتصاد الإصلاح الفعلي وكسب الوقت لإعادة تثبيث ركائز النظام التقليدي. إنه في الحقيقة خطاب ليس بالجديد في الحقل السياسي المغربي. كما تحفظه الذاكرة، فقد تم تشغيله بكثرة في السابق: "حالة الاستثناء"، "السلم الاجتماعي"، "السكتة القلبية"، إلخ. ويستنسخ بحذافيره في الآن بعد استهلاكه على امتداد نصف قرن من الزمن، دون أدنى تغيير، حتى في المفردات المستعملة... والحال أنه، بعيدا عن الذهان الهذياني الذي يعمي الإيديولوجيا الوطنية، وعن تهاويلها المعتادة، يعرف كل متعقل بأن المخرج الحقيقي والوحيد لكل هذه المخاطر، الوهمية والفعلية، التي ينتقيها ذلك الخطاب الرجعي لتبرير مقاصده وتمرير مشاريعه الارتدادية، تجد حلها الأمثل في إرساء دعائم الديمقراطية والعدالة، بدءا من الصحراء إلى الأمازيغية ومرورا بالتطرف الديني والإرهاب واليسار المتطرف، إلخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟