الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقاً ان كركوك أغلى من البصرة؟

سعد الشديدي

2006 / 10 / 4
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


جلال الطالباني بدأ اخيراً باداء دور رئيس الجمهورية. وأول ما شطح نطح, حين رفع قبضته ملوّحاً وهو يهدد الجيران, ممّن يتدخلون في شؤون العراق الداخلية , بالرد عن طريق احزاب معارِضة سيستخدمها لتقويض الأمن والأستقرار في تلك البلدان.
رئيس العراق الذي لا يستطيع فرض الأمن والنظام في شوارع ومدن بلاده يهدد جيرانه مع علمهِ المسبق بأنه اضعف من ان يدوس لهم على طرْف.
فلماذا يهدد الرئيس ومن هو المقصود بتهديداته؟
مما لا شك فيه بأن الجميع, من جيران العراق وغيرهم, يتدخلون بشكل او بآخر في الشأن العراقي. وهم يفعلون ذلك مدفوعين بما يعتبرونه واجباً في الحفاظ عن مصالحهم الوطنية, على حساب المصلحة العراقية. الأمريكيون جاؤوا من وراء البحر متبوعين بالبريطانيين والأيطاليين والبولنديين ولا ندري من سيأتي غداً. وكلّ من هؤلاء يمّني التفس بالحصول على جزء من الكعكة العراقية المعروضة في مزاد اللصوص وقطاع الطرق الدوليين. وبعد سقوط الديكتاتورية جاء الأيرانيون وازلامهم وعملائهم وخدمهم. ومن بعدهم هبطت شياطين الجحيم, على وطن مهدود القوى, من البلدان المجاورة التي فتحت حدودها لتعبر منها قوى الأرهاب السلفي التكفيري. وابتدأت اوبرا قطع الرؤوس العراقية التي اصبحت ارخص من رؤوس اللفت والبصل.
أكثر من ثلاث سنوات والتدخل في الشأن العراقي على قدمٍ وساق ولم يحتجّ احد. خصوصاً الرئيس الطالباني.
جماعتنا الشيعة سلموا امرهم الى الله والمخابرات الأيرانية التي لعبت شاطي شباطي من اجل ارجاع العراق ولاية ساسانية. والسعوديون لا يريدون اقتراب الخطر الشيعي من حدودهم فعمدوا الى وسائل غير تقليدية في زعزعة امن العراق. ففي الوقت الذي تطارد فيه قوات الأمن السعودية ما تسميه بقوى الأرهاب على اراضيها تغض الطرف عن اولئك الذين يعبرون حدودها , بهدف لجم "الروافض" الشيعة وقض مضاجعهم في العراق. في ذات الوقت تقوم احزاب اسلامية ومؤسسات "خيرية" في دول مثل الأردن والكويت وسوريا بدعم المنظمات الأرهابية السلفية التي تنقضّ على الفريسة العراقية لتنشب اظفارها في لحمنا وتشرب من دمائنا بكرةً وعشياً.
سنوات وجيران العراق يتدخلون وبشكل سافر في الشأن العراقي والطالباني إذن من طين وإذن من عجين, وكأن الأمر لا يعنيه. الأيرانيون, حلفاؤه بالأمس, تدخلوا في الشأن العراقي ومازالوا. بل وصل الأمر بهم الى تسريب عملاء مفضوحين الى مجلس النواب ليقوموا بتنفيذ الأجندة الأيرانية على اعلى المستويات. احدهم ايراني الأب والأم والجنسية, عامل في مطعم كباب في كربلاء, اصبح تحت نظر وسمع السيد الرئيس الطالباني عضواً في مجلس النواب العراقي ومن الداعين دوماً الى تقسيم العراق على اساس طائفي والرئيس لم يحرك ساكناً. ميليشيات عراقية يقوم الأيرانيون بتسليحها وتمويلها خدمةً لمذهب آل البيت (ع) في العلن وضرب الوحدة الوطنية العراقية في السرّ. ولم يغضب الطالباني من اجل العراق الذي اصبح حقلاً تتقاسمه هذه الميليشيات الممولة ايرانياً. ولماذا يغضب فالأمر لا يعنيه.
السعودية تتدخل في الشأن العراقي, والأردن يتدخل والكويت وعُمان وموزمبيق وسري لانكا وجزر القمر والطالباني لم يهدد احداً.
اكثر من سنوات ثلاث مرت وشعيط ومعيط وجرّار الخيط يتدخلون في الشأن العراقي وبمعرفة الجميع, ومنهم الرئيس الطالباني. ولم يحرّك أحد ساكنا, فلماذا ثارت ثائرة الرئيس عند زيارته للولايات المتحدة الأمريكية وأطلق تصريحاته المثيرة هذه على هامش اعمال الدورة الاعتيادية للجمعية العامة للأمم المتحدة؟
الجواب تجدونه في النشاط المتزايد والضغوط المستمرة التي تمارسها الحكومة التركية دفاعاً عن التركمان العراقيين في مدينة كركوك, او هكذا هو المعلن على الأقل. الأمر الذي اعتبره رئيسنا تدخلاً في الشأن العراقي. صمت الطالباني طويلاً ولم ينبس بكلمة وهو يرى المخابرات الأيرانية ,اطلاعات, تجتاح البصرة ومدن الجنوب العراقي الأخرى. وصمت وهو يرى التدخل الأمريكي, عن طريق السفير خليل زاد وغيره من القادة العسكريين الأمريكيين, في ابسط الشؤون السياسية والعسكرية في عموم العراق. ولكنه صرخ متألماً حين داس الأتراك على ما يعتبره خطوطاً حمراء مقدسة في كركوك وبقية المدن ذات الثقل التركماني في العراق.
فلماذا صمت رئيسنا عن تدخل دول الجوار في جزء من العراق ولم يصمت عنه حين مسّ الموضوع مصالح اكراد العراق؟
من حق العراقيين ان يعرفوا ان كان رئيسهم يدافع عن مصالحهم في كافة المدن العراقية من الفاو جنوباً الى دهوك شمالاً أم انه متخصص فقط بالدفاع عن مصالح مواطنيه الأكراد. ومن واجبنا ان نقول ان رئيس البلاد فشل في اول امتحان له فيما يخص الولاء للوطن. فقد اتضح ان سيادته لا يرى ولا يسمع ما يحدث من تدخل اجنبي في مدن الجنوب والوسط. او هو يرى ذلك ويعرف تفاصيله ولكنه لا يعتبره أمراً جللاً.
سيادة الرئيس: كنا نعتقد بأنك ستكون سنداً لكل العراقيين. ستصرخ غضباً والماً وانت تسمع في نشرات الأخبار عن آلاف الرؤوس المقطوعة والملقاة في مزابل بغداد ومدن الوسط والجنوب. كنا نظن بأنك ستعمل على منع تسلل الأيرانيين, الذين يصرّح حلفائك الأمريكيون كل يوم بأنهم يقومون بتجهيز ميليشيات جيش المهدي, وبالطبع فيلق بدر, بأحدث الأسلحة. كنا نريدك رئيساً تمثل جميع العراقيين على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم وقومياتهم. كنا نطمح ان تكون رمز لدولة القانون يأخذ الحق من القوي ليعيده الى الضعيف في كل شبر من اراضي وطننا. كنا نريدك ان تعمل بكل ما أوتيت من سلطة لتبعد شبح التدخل الأيراني عن مدينة البصرة ومدن الجنوب. ولكنك صرخت الماً وغضباً لكركوك, كركوكك انت. وهددت بالويل والثبور اولئك الذين يتدخلون فيها ليحافظوا على مصالحهم على حساب مصالحك القومية.
نعرف الآن أن كركوك أغلى لديك من البصرة ومدن الوسط والجنوب في العراق الذي اصبحت انت رئيسه. والدليل انك صمتّ يا سيادة الرئيس على كل انواع التدخل الأجنبي في الوسط والجنوب ولم تصمت عنه في كركوك.
كان عشمنا ان تكون عراقياً اولاً وكردياً بالدرجة الثانية. ولكن ماذا نفعل وقد اخترت ما تريد ان تكون. هذا من حقك, كمواطن, ولكن منصب الرئاسة يفرض عليك ان تكون عراقياً اولاً.. وكن بعد ذلك ما شئت.
الأحزاب العراقية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام مدعوة الى النظر بجدية لتصريحات الرئيس العراقي ومسائلته عن هدف ومعنى تلك التصريحات فليس من حق الرئيس أن يتصرف بناءاً على اساس طائفي او عنصري او قومي او ديني. الأساس في عمل واداء الرئيس العراقي يجب ان يكون نابعاً من الوطنية العراقية أولاً واخيراً. فقد تمّ انتخاب الرئيس على اساس جنسيته العراقية وليس على اي اساس آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا