الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهدوية العراق

حاتم عبد الواحد

2022 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يمر اليوم العالمي للإفلات من العقاب لجرائم قتل الصحفيين بينما تحكم المليشيات المسلحة قبضتها على مقاليد النظام الحاكم في بغداد فالعراق المقسم الى عراقين او أكثر يفتقد ادواته السيادية لإدارة عجلة المستقبل الذي توقف منذ 64 سنة بالانقلاب العسكري الذي تم فيه اغتيال افراد العائلة الملكية وتأسيس النظام الجمهوري الذي تناوب على دفة الحكم فيه عسكريون قوميون حتى عام 2003 حيث اكتسحت موجة النظام الثيوقراطي السلفي كل مناحي الحياة العراقية التي اتسمت بالتحضر والتقاليد المدنية.
وكنتيجة لمبدأ " الحاكمية لله " الذي تؤمن به كل التيارات الدينية على اختلاف مناهجها ومبادئها، فقد شهد العراق قوافل من الشهداء الذين قتلوا ليس لذنب سوى مخالفتهم لرأي صاحب السلطة، ولم يلتفت أي نظام من الأنظمة التي حكمت ابان الحقبة الجمهورية الى ان الانسان هو محور الحقوق ويتمتع بكرامته سواء كان مؤمنا ام غير مؤمن، مسلما ام غير مسلم.
يأتي القوميون فيطالبون الجمهور ان يكون من اتباع عبد الناصر ومن يخالف هذا التوجه فانه " جاسوس" او " عميل" او " مسقوفي " في أحسن الأحوال!! ويأتي البعثيون فيطالبون الجمهور ان يكون " بعثيا عفلقياً وصداميا" وليس بعثيا حافظيا اسدياً" ، بينما تبث منشورات الأحزاب والحركات المحظورة افكارها المعارضة بمطالبة الجمهور ان يكون " شيوعيا يساريا " وليس " قومياً راديكالياً " اما الأحزاب الدينية فتطلب من الناس ان يكونوا " اخوانا مسلمين" او " دعاة في أحزاب الحوزات".
64 عاما من مجزرة الى مجزرة والضحية هو الانسان الذي يحاول ان يكون حرا، الانسان الذي يريد طرح فكرته للنقاش. الانسان الذي يريد ان يعبر عن رأيه في حياته وحياة نسله، ولكن المقدسات السياسية اغتالت كل المقدسات الروحية والوجدانية التي عبر عنها العراقيون قبل جميع البشر على هذه الأرض!
خلال 64 عاما اختفى عن وجه الأرض العراقية ملايين العراقيين لان الحاكم كان يريد ان يوصف بالبطل، فما كانت النتيجة الا ان مات الحاكم كاي جبان ولم يحظ بشارة البطولة التي لا تمنح الا لمن يمنح الناس حقهم في الحياة والحرية والعدل والسلام.
في العام 1978 أراد والدي يرحمه الله ان أكون ضابطا مهندسا لأعينه على توفير لقمة العيش التي كان يكابد كثيرا من اجل توفيرها، تقدمت بأوراقي الى الكلية الفنية العسكرية الدورة السادسة، تم قبولي في قسم الهندسة الميكانيكية، وفي عصر احد الايام كانت الكلية توزع على طلبتها الجدد " بوتات حمر" لانهم سيصبحون ضباطا ولثقل أيام أيلول في العراق بسبب رطوبة النهار وبرد الليل شعرت بالتعب بعد يوم طويل من المراجعات مع الأقسام لاستلام الكتب الهندسية والأدوات التي سنحتاجها في دراستنا ، فوقفت في طابور " البساطير" مكتوف الذراعين، فما شعرت الى بوكزة قوية من عصا احد طلاب الدورات السابقة تكاد تخرق خاصرتي مع صوت غاضب " لا تتكتف " التفت الى الطالب الذي كان يضع على زنده شارة بثلاث اشرطة حمر للدلالة على قدمه، لم اكلمه وانما انسحبت من الطابور وتوجهت الى مكتب القبول الذي كان بإدارة ضابط برتبة رائد وطلبت بغضب ان اقدم استقالتي، لقد اصبح من وكزني بعصاه الغليظة وزيرا للداخلية في حكومة الثيوقراط المستمرة منذ 2003 ، وهربت من الكلية ولم اعد اليها فعاقبني النظام بسوقي الى الخدمة الإلزامية ولم يعطني فرصة القبول في كلية أخرى الا بعد قضاء عام كامل كجندي مكلف، احسست ان كرامتي اكبر من الهندسة ومستقبل عائلتي والعراق بما فيه والنظام وكل جبروته، ومرة أخرى دخلت ذات الاختبار في عام 2003 عندما حاول قتلي احد اتباع الصدر ، فقد كانت قد صدرت بحقي فتاوى بالقتل من رجال " دين" في مدينة الثورة بتهمة انني " ناصبي" وقد كان مرد هذه التهمة الى طريقة تفكيري المختلفة فيما يخص المقدس والمدنس الذي يتاجر به أصحاب الحوزات!
نجوت بمعجزة بعد ان حرقوني بمادة البانزين امام الملأ، ومن نفذ محاولة القتل تم قبوله بعد سنوات كلاجيء في أمريكا وهو الان مواطن امريكي شريف!
منذ 64 كان رتل الشهداء يزداد طولا كل يوم، ولكن زملاؤنا الذين فقدناهم منذ 2003 الى هذه اللحظة لم يكونوا جواسيس او خونة او عملاء، كانوا باحثين عن الحقيقة فقط، ولكن قول الحقيقة كاف لاتهامك بكل أصناف التهم التي يقترفها مجرمو المليشيات التي تحاول لي عنق العراق تحت مداس المرشد الإيراني. وها نحن نقترب من السنة العشرين لتسلط هذه الفئة الجاهلة، الجامحة للدم، النهمة للمال والسلطة ولو كان كل ما تريده سيؤدي الى دمار مستقبل العراق ومستقبل اجياله وكينونته التي تبلورت منذ 8 الاف عام، بينما العالم المتمدن يقف متفرجا على مسيل الدم وموكب الضحايا، والعالم الإسلامي لا يعترف بحاكمية الانسان، والعالم العربي مشغول بصفقاته التي لا تتعدى رفاهية الحكام العرب وانسالهم التي ستاتي من بعدهم.
المجد لمن قالوا كلمتهم فأضاءوا بدمهم بقعة من ظلام هذا العالم.
عنوان هذا المقال هو المشروع الذي يعمل عليه الجميع الان ليتحول العراق من جمهورية الى ملك مشاع ، لا يكون الظهور الا بتفاقم الفواحش ، اللهم اعلم اننا لا نعلم فواحش افحش من هذا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال