الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَصَائر

عبد الله خطوري

2022 / 11 / 3
الادب والفن


١_آغَــلَّاي إينْيَانْ :

سَمَّوْنِـي وَحْـشَ الْفَلاَ
واسْمِي آغَــلاي إينْيَانْ (١)
رَمَـوْني أهْلي في الخَلاَ
وحْمَانِـي الخالقْ الرَّحْمَـنْ
سنون مررن الآن، لاكتْ في جوفها ما لاكت مضغت اجترت هضمت و..ذهب الجميع الى حيث سيذهب الجميع..وظل هو وحيدا معلقا جاثما فوق سطح مترب واطئ مُهترئ حذاء جدار بارد غير مبال، يزدرده الصدأ والزمن الحسير في بطء وتثاقل وخدر وإهمال وازدراء...
إنها مقبرته الآن وفي كل آن، لا تعزيه فيها سوى مكنسة عجوز عاشت وإياه جبروت الزمن الجميل، وهاهما معا يقتاتهما تواتر تكتكاتُ خفاف ثقال في مقبرة الإهمال في لُحود للنسيان في رموس من عراء وألف وباء وعناء..هكذا أرادت الأقدار بعد أن ولى زمن الحديد الصّح والصفائح التي لا تصدأ..لقد تغيرت الأحوال وهجم جراد الزواق المزيف من نحاس مغْشُوشٍ وقِلَلِ الميكا والمطاط على البلدات مشوِها طبيعتها وسحنتها وأصالتها الجبلية العتيقة.. سنون تمُرُّ وهاهو كالمشيئة مفحّم مسخّم كالح محروق حارق محَرَّقِ يعاينُ يشهدُ ويشَاهِــدُ ويَــشْ ....

٢_آسْطِيلْ آمَلاَّلْ

ذات يوم، كان دَلْوا جديدا شابا يافعا مُفعَما بالحياة بطلاء ودهان حَديثيْن يَمنعانه عَوادي الزمن...
في ذاك السوق المشهور عند أهالي البلدة والجوار ب:(خْميسْ سِيدي بْراهيم)،كان جاثيا في حِضْنِ مجموعة لا تُعد ولا تُحْصَى من دِلاء الصفيح.كانت رحبة السوق محطة لهم، جاؤوها من مدينة ما، حيث تَمَّتْ صناعتهم وتهيئتهم للتسويق ومُباشَرَةِ مهامهم الجديدة في السهل والجبل..لحُسن حظه أو لسوء هذا الحظ، ليس يدري، ألْفَى نفسَه يصعدُ هضبات ووهدات، يَحُومُ هنا هناك بين فجاج وشعاب ومُنعرجات في طُرق ومسالك وعرة مُتربَة مُحَجَّرَة كثيرة المَطبَّات، ليحط الرحالَ و"عَـرَّام"العائلة الكريمة في خميس من خميسات القبيلة الذائعة الصيت آنذاك، والتي كانت بمثابة موسما و عِيدا قارا رسميا يلتقي فيه الأحباب والخلان يتبادلون آخر المستجدات والأخبار..رآه رجلٌ سمهري نحيل(جدي).افْتُتِنَ به، فآقتناه بمعية سطليْن آخريْن من عائلته بعد أنْ لاحظ تعلقهما به.وضع الثلاثة في فم"الشواري"المفتوح أبدا رفقة سلعة الأسبوع المكدسة...
ومنذ وصوله الدار والدوار، باشر أعماله بمواظبة وتفان..من عين الماء الى الدار ومن الدار الى العين؛ وكم كان يحلو للأطفال وغير الأطفال أن يعبُّوا منه الماء عَبّا مباشرة وبدون وساطة الكؤوس والأقداح...كان زمنا قزحيا شفافا جميلا.. تدفقتِ الأمواهُ فيه من السماوات،من الأرضين،من العيون الطافحات، فتلقفها "آسطيل آملال"بمحبة وحرص ورُواء وأوصل الأمانة الى أهاليها بوفاء وصفاء وحزم وآنتشاء...
سنون مررن الآن، لاكَتْ الأقدارُ في جَوفها ما لاَكَتْ مضغت آجترتْ هضمتْ و..ذهب الجميع الى حيث سيذهب الجميع..وظل هو وحيدا ذميما قميئا متروكا لمصيره في عراء بلا عزاء، مَبقورَ الأحْشاء دون قاع، دون قرار، مُعلَّقا في عَمود خشبي مُهترئ في سياج بارد غير مبال، يزدرده الصدأ والزمنُ الحَسيرُ ببُطء وتثاقل وخَدَر وإهمال وازدراء...
إنها مقبرته الآن وفي كل آن..هكذا أرادتِ المَصائرُ بعد أن وَلَّى زمن الحَديد والصفائح التي لا تصدأ، وتغيرت الأحوال وهجم جرادُ قِلالِ الميكا والمَطاط واللدائن المهترئة على البلدة مُشوها طبيعتَها وسحنتَها وأصالتها الجبلية العتيقة...

٣_عواء ...

وكما تتساقط أوراق الخريف واحدة بعد أخرى،تساقطت أشلاء لحمنا شِلْوًا شِلْوًا أمام مرأى أعينهم الثاقبة.ومن صدورنا خرج عواء أهل النار،ةوجماعة الزبانية يستقطرون إيدام أبداننا ويضحكون...

٤_جحود ...

تجحدنا الحياة.المستنقع يكبر ينمُو من حولنا من خلفنا و أمامنا.لما نحاول تخفيفَ العذاب عنا، نهمُّ نخرج هاماتنا من الصديد المتقد نفكُّ أصفاد الأسياخ قيود الحديد، تتلقفنا القناطسُ بالزغاريدِ وَنُغْمَرَ في الدم من جديد...

٤_بوح :

تقول مصائر أعمار كينونات مهمَلة..بيننا وبين آلسّماء لَمْسة نَخُوضُ هَمْسَها في آنكفاء وننصرفُ...

_بوح أخير:
لنا عندكِ،أيَّتُهَا آلحياةُ،أشياء يجب أَنْ تُسْتَعَاد..لنا عندكِ أسماء وأفعال وأقدارٌ وأحلامٌ وحَيَوَات..

_إشارات:
١_أغلاي اينيان:مقراج يوضع على أثاف وسط نار متقدة يسخن فيه الماء

٢_آسْطيلْ آمَلَّالْ:الدَّلْوُ الأبيضُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا