الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة في شعار المدرسة المعمدانية – الناصرة

عزيز سمعان دعيم

2022 / 11 / 4
المجتمع المدني


مفهوم الشعار:
الشعار هو رمز معين يحمل مكونات توحي برؤيا أو رسالة أو فلسفة وأهداف المؤسسة، ويكون عادةً مصممًا بطريقة توصل الرسالة المتوقعة منه ببساطة ووضوح. ومع ذلك قد تَحمِل هذه الرسالة أبعادًا متنوعة وعمقًا فلسفيًا.

شعار المدرسة المعمدانية في الناصرة:
شعار المدرسة يعبّر عن التوجّه الروحيّ، التربويّ، التعليميّ والمجتمعيّ للمدرسة.
عند النظر إلى شعار (لوجو) المدرسة نراه مكونًا من ثلاث حلقات (ثلاثة مستويات، ثلاث طبقات) وفي كلّ حلقة نرى مكونات رائعة يمكننا أن نتأمل بها ونبحث عن عمق مدلولاتها، ونتعلم منها.
الحلقة الأولى، الداخلية، تتكون من ثلاثة رموز (سمكة، شراع وكتاب مفتوح)،
والحلقة الثانية، الوسطى، تتكون من اسم المدرسة ومكانها،
والحلقة الثالثة، الخارجية، تتكون من حُزَم إشعاعات نور.


1. الحلقة الأولى: هي المركز أو لُبّ الشعار: وهي مكوّنة من ثلاثة مركبات وهي: السمكة، الكتاب المفتوح والشراع.
1.1. السمكة:
رمز السمكة هو من الرموز الهامة التي استخدمه المسيحيون الأوائل وقت الاضطهاد وما يزالون. السمكة باليوناني ΙΧΘΥΣ التي تُنطَق بالعربية "إيخثيس"، وكلمة ΙΧΘΥΣ هي أول كلّ حرف لخمس كلمات وهي "يسوع المسيح ابن الله المُخَلِص".
السمكة تُعلمنا أن نتكل على الرّبّ إلهنا ففيه وحده خلاصنا وكفايتنا.
السمكة بمفهومها وفكرها المسيحي العقائديّ هي الصخر الثابت، المبنيّة عليه روحانيّة المدرسة. الكتاب المقدس هو أساس قيم المدرسة وتوجهاتها. السمكة أيضًا توحي لنا بأهمية الصيد (في مفهومه الأوسع)، وتؤكد لنا أهمية اكتساب المهارات المتنوعة لحياتنا العِلمية والعَمَلية جنبًا إلى جنب مع اتساع آفاقنا بالمضامين والتوجهات. أنت لست بحاجة لمن يصطاد لك سمكة لتأكل، بل حاجتك لمن يُكسبك المهارات والأدوات والتقنيات ويُعَلِمك ويدربك كيف تصطاد. يقول المثل: "لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطاد". ليبارك الرّبّ صيدك ويكثّره.

1.2. الكتاب:
أساسًا هو رمز للكتاب المقدس، بعهدية القديم والجديد، هو كلمة الله الحيّة والموحى بها، دستور حياتنا وبوصلة اتجاهنا في مسيرتنا، "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ." (2 تيموثاوس 3: 16 و17).
كما أنّ المدرسة أيضًا هي بيت الكتاب، بيت الكتاب الجيّد المتميز، فكل كتاب ممتاز، هو عُصارة فكر وحياة أشخاص جاهدوا الجهاد الحسن، فهو دعوة لنتأمل ونفكر ونحاور ونتعلّم من زخم خبرة وعلم الكُتّاب. هو منبع لأفكار مؤثرة ولتوجهات بناءة. الكتاب هو محيط الكلمات، والكلمة هي قوّة، رسالة، فلسفة حياة، علم وثقافة وحضارة، الكلمة هي أداة الحوار المتألق الذي يستطيع حلّ المشاكل والاشكاليات.
لاحظ أنّ الكتاب مفتوح، والكتاب المفتوح يرينا "سُبُل الحياة"، وفيه دعوة عامة للجميع بِلا استثناء للدراسة والتأمل والابحار، وتحفيز على الخوض في أعماقه لإخراج "جددًا وعتقاء".

1.3. الشراع:
هو مُكَوِّن ورمز من رموز السفينة وفيه إشارة لمكوناتها العديدة ومنها: الشراع، دفّة القيادة، المرساة، ولا ننسى أنه في كّل سفينة هنالك طوق ومركب نجاة. فلنتأمل باختصار بهذه المُرَكِبات:
الشراع: يستثمر قوة الهواء المتجندة لتكوين الرياح ليكوّن قوة دفع للسفينة. فاعرف كيف تستثمر طاقاتك، وكيف توجّه شراعك لتسير نحو هدفك، تخبّ أعماق البحار متوجهًا نحو شاطئ الأمان لمقصدك. الاستفادة من الشراع تتطلب حكمة ونباهة، لكي نستثمر الظروف ليقوم الشراع بوظيفته التي تؤول لأفضل النتائج. من خلال النظر إلى الشراع نتأمل بقيادة الرّبّ الحكيمة لحياة كّل واحد منّا، من خلال كلمته (الكتاب المقدس) وعمل الرّبّ يسوع (تَأَمَل مفهوم السمكة) في حياتنا اليوميّة والعمليّة. الشراع القويّ يتحدى كُلّ الظروف ويحولها من إشكاليات وتهديدات إلى استثمارات وإنجازات.
المرساة: أداة ضرورية لكلّ سفينة، لتقف أو ترسو بأمان وسلامة، فهي بمثابة هدأة البال والسلام لحياة كلّ منا. وفيها دعوة للهدوء والسكون والتأمل بين فترة وأخرى، بل وبشكل منتظم.
دفّة القيادة: إنها أداة القيادة. الأداة التي تُستخدم لتوجيه السفينة في اتجاهها الصحيح، فليس كافيًا أن تخبّ السفينة أعماق البحار، بل يجب إعادة توجيهها كلّما احتاج الأمر لتسير في اتجاه الهدف. عليك أن تتحكم بدفّة قيادة حياتك لتسير نحو تحقيق خطة الله الرائعة لك.
مركب أو طوق نجاة: هي من أدوات إدارة المخاطر، فهي لازمة في حال حصول ضرر أو خطر قد يتسبب بغرق السفينة. هكذا علينا أن نتحلى بمهارات إدارة ومعالجة الأزمات والمخاطر.

2. الحلقة الثانية: يحيط بالمركز بشكل دائري اسم المدرسة (بالعربية والإنكليزية) والذي يشمل أيضًا ارتباطها بمدينة الناصرة "المدرسة المعمدانية في الناصرة"، وكونها باللغة العربية لغة مجتمع المدرسة وباللغة الإنكليزية لاتساع تواصلها ورسالتها العالمية.
2.1. شكلها دائري: تُحيط وتُشبك كلّ الأطراف المدرسية من إدارة وطاقم وطلاب وأهالي وكنيسة ومجتمع والعالم الأوسع.
2.2. اسم المدرسة باللغة العربية: يحمل توجهها كمدرسة تابعة للكنيسة المعمدانية والفكر الإنجيليّ، وتؤكد ارتباطها بالناصرة، مدينة البشارة، مدينة الخبر السار، مدينة العائلة المباركة، العذراء المطوبة مريم ويوسف النجار البار، والابن السماوي المتجسد بَشَرًا، الكلمة الذي صار انسانًا وخيّم بيننا، فكان يخدم الناس ويتحنن عليهم، يعلم في كلّ مكان، ويشفي كلّ مرض وضعف في الشعب، شخص ربنا ومخلصنا يسوع المسيح. هذا الاسم يؤكد رسالة المدرسة وخدمتها لمجتمعها وشعبها.
2.3. اسم المدرسة باللغة الإنكليزية: يعلن أهمية تواصلها مع العالم، وضرورة بناء علاقات إيجابية مع الأطراف المؤمنة برؤيتها ورسالتها، لتكون مؤثرة أيضًا على مستوى عالمي. لنكون ملحًا لأرضنا ونورًا لعالمنا.
2.4. لون الخط (توركيز/فيروزي): اللون الفيروزي (توركيز/ توركواز(Turquoise: هو لون من تدرجات اللون الأزرق مع الأخضر كلون السماء أَو أَميل إِلى الخضرة. والفيروزي هو اسم الحجر الكريم المعروف الفَيْرُوزُ أو الفَيْرُوزَجُ. وأصل الكلمة فارسي. (ويكبيديا).
اللون الفيروزي يدمج اللون الأزرق مع الأخضر: لون السماء الأزرق، يوحي لنا أن السماء تسمع وتستجيب للمتواضعين ولمن يطلب الرّبّ بقلب نقي وايمان، وأن السماء لا حدود لها، فانطلق وحلق وليقودك ويباركك الرّبّ. اللون الأخضر، يرمز إلى الأرض المنبتة والمثمرة، إلى النمو والتقدم المصحوب بالسلام والأمان، فالأرجل مثبتة على أساس متين، والرؤيا والابداع يرتقيان لسماء لا حدود لها. فلا سقف حديدي أو زجاجيّ يمنع تقدمنا ما دامت أيدينا متشابكة مع يدّ الله، وما دام الله معنا فمن علينا.

3. الحلقة الثالثة: هي الحلقة الخارجية والمتألقة بالإشعاعات النورانية المنطلقة بكلّ الاتجاهات نحو الجميع، فهي تنطلق نحو كلّ أجواء كرتنا الأرضية، نحو العالم أجمع. الاشعاعات هي رمز لنور الحياة.
3.1. نور: "أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ." (متى 5: 14 – 16).
3.2. اشعاعات نور، تدُل على وجود حرارة وطاقة، أي حياة نابضة وفاعلة، فيها دفء وفيها انطلاق، وفيها خطوط حُزَم إشعاعات مترابطة مما يوحي بأهمية التكاتف معًا والترابط ليكمل أحدنا الآخر، لنكون مؤثرين أكثر.

وعليه كلّ مكونات الشعار تحمل رسالة روحيّة – تربويّة – تعليميّة – مجتمعيّة عميقة وشفافة، فهي ليست فقط مكونات متعددة ومنفصلة، بل مكونات يُبنى منها كيان متكامل.
صلاتنا لتكون فلسفة المدرسة المبنية على الرؤيا والرسالة والقيم والتوجهات فعّالة ومؤثرة في حياة الكثيرين، لنكون ملحّا لأرضنا ونورًا لعالمنا. لِنكون سفراء محبة وسلام مؤثرين في محيطنا وكرتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط