الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية الأمريكية

فهد المضحكي

2022 / 11 / 5
السياسة والعلاقات الدولية


عند ذكر «الديمقراطية الأمريكية»، دائما يتحدث عنها العم سام مؤمنا ايمانا راسخا بأنها تصبح «القيمة العالمية» لجميع بلدان العالم هل هذا صحيح؟ هذا السؤال جاء في تعليق لموقع «منتدى التعاون الصيني العربي». فالجواب لا طبعا! فإن «الديمقراطية الأمريكية» ليست دواء سحريا ينقذ عامة الناس. بل إن هذه «الديمقراطية الأمريكية» تتميز بصفة الهلوسة مثل الخشخاش. يبدو أن «الديمقراطية الأمريكية» ستمكن بلد أن ينتقل من فقير إلى غني ومن ضعيف إلى قوي طالما تم ملء الصناديق بأوراق الاقتراع. وذات مرة طرحت الولايات المتحدة بفخر ما يسمى بخطة «التحول الديمقراطي للشرق الأوسط»، مدعية أنها ستزرع بذور «ثورة الياسمين» في كل شبر من أرض الشرق الأوسط. ولكن بعد إحدى عشرة سنة، أجريت انتخابات على غرار «الديمقراطية الأمريكية» مرارًا وتكرارًا في الشرق الأوسط، لكنه لم تتحقق «المساواة والحياة الكريمة» التي يتطلع اليها شعوب المنطقة. وعلى العكس من ذلك، اشتدت الانقسامات والاستقطاب بين مختلف الأحزاب والطبقات والفئات العرقية، وأصبحت «الديمقراطية» مجرد سراب في النهاية.

الديمقراطية الأمريكية «هي ديمقراطية لعدد قليل من الناس بدلا من الأغلبية، وهي ديمقراطية لمجموعة المصالح الخاصة وطبقة الامتيازات بدلا من ديمقراطية لعامة الناس، وهي ديمقراطية لعدد قليل من البلدان التي تطورت مبكرًا نسبيًا لأسباب تاريخية وليست ديمقراطية للبشرية جمعاء، فهذا النوع من الديمقراطية غير متوازن للغاية، وهو ليس نموذجًا عالميًا. أفغانستان، التي حولتها الولايات المتحدة بشكل ديمقراطي «لم تحقق التنمية والازدهار والتقدم لـ20 عامًا مضت ولم تترك الولايات المتحدة وراءها سوى عظام المتوفين والأحياء الفقيرة والخشخاش التي تزرع بمساحة واسعة جدًا. شأنه شأن سوريا وليبيا واليمن التي انجرت إلى مستنقع الحرب بسبب خطة «التحول الديمقراطي للشرق الأوسط» التي نفذتها الولايات المتحدة، كافح بعضها بشدة في ظل البلطجة الأمريكية وفقدوا إحدى عشرة سنة من فرص التنمية، انقسم بعضها بسبب «الديمقراطية الأمريكية» المفروضة عليه، وعاش بعضها حروبا أهلية ومن الصعب تحقيق التنمية.

تتميز «الديمقراطية الأمريكية» بصفة تؤدي إلى الموت مثل الخشخاش. كل مرة تشن فيها الولايات المتحدة حربًا في الخارج، دائما تكون تحت راية «الديمقراطية» و«حقوق الإنسان». ولكن كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الديمقراطية الأمريكية تُبنى من خلال الغارات والاغتيالات وحركات الشوارع، والتي غالبا ما تحول بلد ما إلى «ثقب أسود» تحول حفل زفاف على الفور إلى جنازة بسبب طائرة عسكرية أمريكية بدون طيار. أدت حرب أفغانستان إلى مصرع أكثر من 240 ألف شخص في ظل «الديمقراطية الأمريكية». وفي حرب العراق، لقي أكثر من 100 ألف مدني مصرعهم في «الديمقراطية الأمريكية». وفي الحرب الأهلية السورية، قتل ما لا يقل عن 350 ألف شخص، وأصبح أكثر من 4 ملايين شخص لاجئين، ونزح أكثر من 7 ملايين شخص. وبالنظر إلى داخل الولايات المتحدة، سنجد «حياة السود لاتهم!» وهؤلاء الشباب الذين قتلوا يسبب ما يسمى بحرية امتلاك السلاح. كم مدى رخص أرواح الأبرياء بالنسبة إلى «الديمقراطية الأمريكية»! كم حجم الثمن الباهظ لتحقيق «الديمقراطية الأمريكية» !

سينقلب السحر على الساحر. مع مرور الوقت، بدأ المزيد من الدول والشعوب وحتى حلفاء الولايات المتحدة التشكيك في جدارة «الديمقراطية الأمريكية». أظهر استطلاع الرأي الذي أجراه صندوق الرابطة الدنماركية للديمقراطية في مايو 2021 أنه من بين أكثر من 50000 مشارك في 53 دولة ومنطقة، كان نصفهم تقريبًا قلقين من أن الولايات المتحدة ستهدد ديمقراطية بلادهم. كما أظهر استطلاع الرأي الذي أجراه مركز بيو للأبحاث أن الناس في 16 دولة متقدمة إنخفضت ثقتهم بـ«الديمقراطية الأمريكية»، وأعتقد 57% من المشاركين أن الولايات المتحدة لم تعد نموذجًا للديمقراطية. حتى صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية نشرت مقالا بعنوان «نهاية الديمقراطية الأمريكية» في سبتمبر 2019، أعربت فيه عن أسفها لأن «زوال الديمقراطية يحدث في الولايات المتحدة». ومع ذلك، بدلا من مراجعة الذات، كثفت الولايات المتحدة جهودها لإثارة الانقسامات في العالم من خلال ما يسمى بـ«قمة من أجل الديمقراطية» والتحريض على المجابهة بين المعسكرات حسب أيديولوجيتها، ومحاولة أجراء تحول الدول الأخرى ذات السيادة على النمط الأمريكي حتى تخدم أستراتيجيتها الخاصة. وعلى وجه الخصوص، تصنف الولايات المتحدة الدول الأخرى إلى مختلف الدرجات وفقًا لمعيارها للديمقراطية، وتطلب من تلك الدول ملء «أوراق الاختبار» الديمقراطية الصادرة عن الولايات المتحدة. هذا التصرف غير ديمقراطي، ويتعارض مع تيار العصر، ويخالف إرادة أغلبية أعضاء المجتمع الدولي.

كشف استطلاع رأي جديد في الولايات المتحدة عن زيادة القلق بفارق تسع نقاط منذ يناير، على أن الديمقراطيين والجمهوريين متحدون في مخاوفهم، مما سيؤدي لانهيار الديمقراطية الأمريكية. وبحسب استطلاع جامعة كوينيبياك، فإن حوالي 67% من جميع الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الديمقراطية في خطر، وشمل هذا المجموع 72% من الناخبين الديمقراطيين المسجلين و70% من الجمهوريين. وتم نشر نتائج الاستطلاع قبل خطاب الرئيس جو بايدن، بشأن ما يصفه البيت الأبيض بأنه «معركة من أجل روح الأمة»، حيث من المتوقع أن يهاجم دونالد ترامب وحلفاءه لتقويضهم ديمقراطية الأمة. واتهم ترامب بايدن بتسييس مكتب التحقيقات الفيدرالي، في محاولة لطرده من انتخابات 2024 قبل أن تبدأ، والنتيجة هي من اليسار واليمين تصوير أعدائهم على أنهم تهديد للديمقراطية. ووفقًا للاستطلاع الذي شمل 1584 شخصًا، أن نسبة الأمريكيين الذين يخشون الديمقراطية ارتفعت تسع نقاط منذ يناير. ويأتي ذلك في أعقاب استطلاع أجرته شبكة «NBC News» مؤخرًا، كشف أن التهديدات للديمقراطية كانت أهم قضية تواجه البلاد. وصنف حوالي 21% من المستطلعين التهديدات للديمقراطية على أنها القضية الأكثر أهمية، مقابل 16% قالوا تكلفة المعيشة و14% وضعوا الوظائف والاقتصاد على رأس قائمة الفواتير، بحسب صحيفة الديلي ميل البريطانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ديمقراطية لافروف وشي بينغ هي المثال
لبيب سلطان ( 2022 / 11 / 5 - 15:13 )
من يقرأ مقالتكم عن لقاء عربي صيني لمنقاشة الديمقراطية الامريكية هو كمن يطرح فاقد الشيئ لايعطيه وتصريحات لافروف لاتخلوا من مزحة فما هي الطائرات المسيرة قياسا بصواريخ بوتتين على المدن الاوكراينية
السؤال لم خلى مقالكم وكي تكمل السبحة عن استشهاد احد ايات الله في طهران او قم عن الديمقراطية المزيفة للشيطان الاكبر
المضحك في الامر انكم تستشهدون بمقالات.لنيوورك تايمز ومعاهد بحوث من البلدان الديمقراطية بينما تستنتجون ان الديمقراطية كاذبة ولاتمثل رأي الاغلبية في حين ان فوز رئيس امريكي يحدده ربما فرق واحد بالمئة
ان العالم لايعرف ديمقراطية امريكية او بريطانية او برازيالية ..انه يعرف هناك ديمقراطية وهناك ديكتاتورية وانتم من مقالكم يستنتج انكم مع االبديل الافضل نظام بوتين..ستالين ..تشي بينغ او ربما الرجوع لصدام ..اخبرونا عن نظام بديل من فضلكم الذي لا تقولوا عنه كلمة في مقالتكم .وربما السبب ان جميع التجارب لهؤلاء للديكتاتوريين مخزية وبالتالي لا يوجد بديل
لكم ولهم غير سب الغرب. الديمقراطي وحضارته لأنها تمنع الديكتاتورية وانتم من عشاقها كما يبدو

اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث