الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيوخ العشائر والميليشيات

صوت الانتفاضة

2022 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


(ان العشائر، هي بحكم الضرورة التاريخية، المستغلة، وضحية الاحتيال عليها، والمخدوعة دائما.
وتجعل منها سماتها البطولية بالذات، التي تنبع من بدائية وجودها الاجتماعي، لعبة ممثلي القوى الحاكمة) جورج لوكاش.

يذكر عالم الاجتماع الفذ عبد الجليل الطاهر في مقدمة ترجمته للتقرير السري الصادر عن الاستخبارات البريطانية للعام 1917، والذي أطلق عليه عنوان "العشائر والسياسة" ما نصه: "استطاع الإنكليز في نهاية سنة 1917 ان يؤسسوا قوات عسكرية قوامها افراد العشائر سموها "شبانة"- بعد ان قدموا لبعض الرؤساء والشيوخ الأراضي والأموال.... وقد نصب الإنكليز "صگبان العلي" رئيسا للشبانة في الناصرية سنة 1919". وقد ذكرت ايضا المس بيل في مذكراتها ما نصه: "وصار بإمكان هذا الشيخ او ذاك ان يخف بمشحوفه "الة نقل نهرية" في دجلة لمواجهة "كوكس"، كما صار بالإمكان دعوة من يسوء حظه منهم الى المقر العام ليٌقتص منه".

هذا كان أيام الاستعمار البريطاني في بداية القرن العشرين، شيوخ عشائر موالين تماما للسياسة البريطانية، وقد اتقن البريطانيين بشكل محترف اللعب بهذه الورقة، ونفذوا سياساتهم واداروا البلد بمساعدة أولئك الشيوخ؛ وقد استنسخ صدام تلك التجربة البريطانية أيام التسعينات، لامتصاص الغضب لدى الناس، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، وقد نجح في ذلك الى حد ما؛ وأعاد التجربة "حرفيا" سيء الصيت والذكر القبيح عادل عبد المهدي أيام انتفاضة أكتوبر-تشرين 2019، فقد جمع شيوخ العشائر وطالبهم بتهدئة "أبنائهم".

بعد احداث 2003 واحتلال البلد من قبل القوات الامريكية، سار الامريكان على ذات النهج، فالحاكم "المدني" سيء الصيت والذكر بول بريمر، كان قد طلب مقابلة شيوخ العشائر في اول عام له في العراق، واخذ رأيهم بالسياسة التي يراد تنفيذها، فبريمر كان يعمل بالتزامن على خطين "شيوخ العشائر ورجال الدين"، حتى يفرض سيطرته الكاملة. ورغم فشل الاجتماع الأول الا ان الامريكان لم يقطعوا الامل بأولئك الشيوخ، وقد رجعوا لهم بعد سيطرة القاعدة على بعض المدن.

اما في مناطق الوسط والجنوب، فأن شيوخ العشائر تماهوا تماما مع الميليشيات، وقسم كبير منهم صاروا قادة ميليشيات بالإضافة الى مشيختهم العشائرية، فعند زيارتك لأحد مضايف المشايخ الجٌدد، فسترى صور قادة الميليشيات، فهؤلاء الشيوخ هم الأداة الطيعة بيد سلطة الإسلام السياسي، ناهيك عن مشاركتهم في اعتصامات ومظاهرات قوى الإسلام السياسي وميليشياتها، ومباركة افعالهم وسلوكياتهم.

وجود العشائر في أي بلد يعني وجود التخلف والهمجية، يعني ان هذا البلد يعيش حالة بدائية موغلة في القدم، فالعشائر تعني غياب الدولة والقانون، فهم لعبة القوى المسيطرة، وشيوخ العشائر، وعلى مر التاريخ هم الأكثر طاعة لأي سلطة تأتي، طالما حافظت تلك السلطة على وضعهم الاجتماعي.

لقد عادت كلمات "محفوظ" و "السواني-السنانين" و "الدواوين" و "المضايف" و "العِبيد" الذي كانوا قبلا من ذوي البشرة السوداء، وقد حل محلهم "البنغلاديشي-ة"؛ وعادت "الاهازيج والهوسات" التي تتغنى ببطولة شيخ العشيرة، وعادت بقوة "الدگة" العشائرية والفصل والعطوة والنهوة وإطلاق العيارات النارية، وبدأوا الشباب-بسن الثامنة عشر- يتحدثون بكلمات "عمامي" و "انت من يا عمام" و "چبيركم ياهو" الخ؛ وسلطة الإسلاميين النهابة، التي تحب ان تعيش الفوضى واللا قانون، فرحة جدا بهذا الواقع، فهو يعطيها الديمومة والاستمرار في الحكم.
#طارق_فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس