الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صندوق بريد العمارة

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2022 / 11 / 6
سيرة ذاتية


كنت قد اكملت دراستى الابتدائية بتفوق ، وبدأت الاجازة الصيفية ، كانت العادة لدينا ان نعمل فى اجازة الصيف فى ورشة ، فى مكتب ، اى عمل يدر دخلا ونتعلم مهارة جديدة .

إقترح صاحب المنزل الذى كنا نسكن احدى شققه ان أعمل معه ، كان وكيل محامى ، وشجعت إمرأة الرجل فكرة عملى معه لسبب لم افهمه الا لاحقا .

ذهبت مع الرجل صباحا الى المكتب حيث يعمل ، دخلنا عمارة فخمة من بوابة حديد مكسوة بزجاج جميل قوى به سلك رفيع .

دلفت معه الى باحة العمارة وجدت صندوق بريد كبير مقسم خانات بقطع من الزجاج وباب صغير عليه رقم لكل شقة .

سالت الرجل عليه ، قال ده صندوق بريد ، علشان البوسطجى لما يجى بدل ما يخبط على الشقق يحط الجوبات لكل واحد فى صندوقه ، ومن خلال الشراعة الزجاج ب بيعرف ان جاله جواب يفتح بمفتاحه وياخده .

تمنيت وقتها عندما اكبر ، ان اسكن فى عمارة شيك مثلها وبها صندوق بريد ، دارات الايام وبعد اكثر من خمسة واربعين عام سكنت فى عمارة شيك وما زلت بها ولها صندوق بريد جميل بخانات بعدد شقق سكان العمارة .

طبعا اندثر صندوق بريد العمارة واصبح جزء من تراث العمارة ولا يستخدم ، من يستخدم الخطابات الان فى عصر الاميل والواتس اب والانستجرام ؟

ولكن ما زال الصندوق موجودا يشى بعراقة العمارة وتاريخها التليد ويشير من طرف خفى الى تحقق امالى .

يوما نزلت من شقتى وما كدت انظر الى اليمين حيث يوجد الصندوق ، وجدت بدله فجوة كبيرة فى الجدار تشبه الخرابة ، لقد تم نزع الصندوق من مكانه .

تلفت يمينا ويسار وجدت الصندوق ملقى كجثة هامدة ، تحت سلم العمارة .

ناديت الحارس ولم اجده ، وردت عليا زوجته ، سألتها عن الصندوق ؟

قالت ان احد السكان يقول انه برأى برصا يخرج من الصندوق فأمر بازالته ووضع خشبة مكانه .

اتصلت بمأمور الاتحاد فقرر لى انه لم يقرر نزعه من مكانه ، ولكنه علم ان احد سكان العمارة قرر نزعه ووضع خشبة مكانه تغطى الفراغ الموحش المتخلف عن ازالته .

قمت أرغى وازبد وطلبت منه اعادة الصندوق مكانه ، وانه لا يمكن لاحد ان يستبدل شيئا قيما بشيئا اخر ، وانه وان كان الصندوق لا غرض له حاليا الا انه جزء من تراث العمارة .

وهكذا نجحت وبمعاونة الصديق مامور الاتحاد الى اعادة الصندوق الى مكانه العتيد وانظر اليه يوميا وانا داخل وخارج من العمارة .

كيف يمثل لى هذا الصندوق جزء من التراث والحب للماضى القديم ؟ كيف هان على الجار ازالته واستبداله بمسخ لا قيمة له .

عجبا للانسان وذكرياته العميقة ، دمت لى يا صندوق البريد العتيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر باريس حول السودان: ماكرون يعلن تعهد المانحين بتوفير مس


.. آلاف المستوطنين يعتدون على قرى فلسطينية في محافظتي رام الله




.. مطالبات بوقف إطلاق النار بغزة في منتدى الشباب الأوروبي


.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: هجوم إيران خلق فرص تعاون جديدة




.. وزارة الصحة في غزة: ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة إلى 33757