الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحولات والتطورات العالمية وضعت حركات الاسلام السياسي محل دراسة ومعالجة

ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)

2022 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لقد وجد موضوع الإسلام السياسي اهتماما واسعا مـن الدارسـين والباحثين والمراقبين، فتعددت الكتابات حول هذا الموضع واختلفت باختلاف منطلقات ومشارب الدارسين، وتوزعت بين دراسات وأبحاث وكتب ومقالات، وحتى تغطيات إخبارية من تقارير وتحقيقات. أن هـذا الموضوع بدأ يشغل الحيز الأوسع من تفكير المهتمين، نتيجة البروز السريع لحركات الإسـلام السياسي في أواخر القرن الماضي، وتسليط الضوء عليها في بدايـة القـرن الحـالي، نتيجـة للتحولات والتطورات العالمية التي ساهمت في أن تضع هذه الحركات كمحل للبحث والدراسة.وبالفعل خرجت دراسات وكتابات عديدة تعطي هذا الموضـوع مزيـدا مـن البحـث والدراسة، كما أن بروز هذا الموضوع أعاد الاهتمام لكتابات قديمة عالجت الموضـوع نفسـه، ومن الذين عالجوا موضوع الإسلام السياسي والحركات الإسلامية بعمومه، الراحل هادي العلوي حيـث ,ناقش الإسلام السياسي تاريخيا في مجلده "فصول من تاريخ الإسلام السياسي"(1). في هذا المجلد يناقش هادي العلوي الإسلام السياسي وفق تسلسل زمني، عاد بـه إلـى بداية الدعوة وظهور النبوة وبداية تأسيس النظام الإسلامي، متنقلا بين مراحـل تطـور الدولـة الإسلامية، ومقدما الأطروحات السياسية للإسلام السياسي، وذلك في الكتـاب الأول مـن هـذا المجلد تحت عنوان "خلاصات في السياسة والفكر السياسي في الإسلام" ومن ثم يعالج العلـوي في كتابه الثاني وضمن نفس المجلد الاغتيال السياسي في الإسلام وفق الترتيب الزمنـي لهـذه الاغتيالات كونها علامات فاصلة في تاريخ الإسلام السياسي، ومن ثم ينتقل في كتابه الثالث إلى مناقشة التعذيب السياسي، ليصل نهاية إلى اضاءات على مآثر وخطايا التاريخ الإسـلامي فـي كتابه الرابع. ومثل هذه الدراسات عادت لتنال اهتمام القراء والباحثين في محاولة منهم للعـودة إلى جذور الإسلام السياسي كي يتسنى لهم دراسة حركاته التي بدأت تنمو بشكل متسارع وفاعل على المستوى العالمي. وقد شهد مفهوم الإسلام السياسي تنازعاً بين تيارين أساسيين،هما الاستشراقي الحداثي الذي بقي مهيمناً على الحقل حتى نهاية السبعينات؛ وتمثلت توجهاته في إسقاط التصورات والمفاهيم الغربية عن دور الدين وعلاقته بالسياسي والفعل الثوري في المجتمعات الإسلامية، حيث نظر إلى الدين باعتباره عاملاً سلبياً، ستتم تنحيته تلقائيا في مسيرة الحداثة الخطية. وانعكست أفكار هذا التيار في الدراسات التي قدّمت تحليلاً ثقافياً لأسباب غياب الديمقراطية في العالم العربي، حيث نظر إلى الثقافة العربية والدين الإسلامي كأحد الأسباب الرئيسية لاستمرار النظم الاستبدادية في المنطقة. ويُلاحظ على هذه الدراسات غياب الدور الذي لعبه الاستعمار في تشوه البنية المؤسسية والثقافية في الدول العربية، أو إهمال هذا الدور، وغياب التحليل والقراءة للتحركات والخطابات الإسلامية من منظور عقلاني ، يسعى إلى الحشد، من دون فهم أسس الخطاب ومنطلقاته. والتيار الثاني هو النقدي، وتمثَّل في دراساتٍ عديدة اهتمت بتقديم رؤية نقدية للحداثة الغربية، والطريقة التي درست بها المجتمعات الشرقية أو غير الغربية عموماً.
حركات الإسلام السّياسي بمجملها لا تؤمن بفصل الدّين عن الدولة وتسعى في استراتيجيتها وبرامجها إلى إقامة دولة إسلامية تطبّق الإسلام كدين ودولة ونظام حياة ,بالرغم من ان الشريعة الاسلامية لاتعارض قيام دولة مدنية ديمقراطية وليس دولة ثيوقراطية كما كان رجال الكنيسة في اوروبا في القرون الوسطى. ومما لا شكّ فيه أنّ مفهوم الإسلام السّياسي هو حكم الشريعة. التيارات الدينية السّياسية وهي عبارة عن مجموعة أفراد لديهم توجّهات وتصوّرات وأهداف مشتركة، يشكّلون سويًّا، فيما بات يعرف بـ التيارالذي له امتداداته وتأثيراته الشعبية الواسعة، ويسعى إلى تحقيق أهدافه وتطلّعاته من خلال برامج وأنشطة مختلفة. لكن أفراد التيار لا يخضعون في الغالب إلى أيّ شكلٍ من أشكال التنظيم، كما هو شأن الحركات والأحزاب والجمعيات الإسلامية. لقد حكمت اغلب بلدان العالم الثالث أنظمة سياسية استبدادية سلطوية مغلقة وجامدة وشرسة في نفس الوقت، إذ تُقاوم بضراوة حدوث أيّ تغيير جوهري أو تحوّل نوعي في بنية النظام السّياسي. هذا الانسداد السّياسي هو واحدٌ من بين أبرز الأسباب التي دفعت المواطنين للثورة على تلك النظم، ومن ثم الدعوة إلى استبدالها، خصوصاً بعدما تلاشت جميع فرص التغيير السلمي في بنية النظم الحاكمة.
أنّ وصول الإسلاميين للسلطة، في ظلّ "ثورات الربيع العربي"، تزامن معه حالة متقدّمة من النضج السّياسي، الذي بدأ يسود الشارع العربي برمّته، وتجلّى ذلك في الساحات التي ضجّت بالهتافات والشعارات، التي ردّدها المحتجّون مطالبين بالحرية والانعتاق من زمن العبودية والاستبداد . الحركات الإسلامية التي وصلت إلى سدّة الحكم في دول "الربيع" العربي، عبر آلية الانتخابات، بعد سقوط الأنظمة، كحركة النهضة في تونس، وحركة الإخوان، وحزب النور السلفي في مصر ,التيارات الدينية السّياسية السنية في المملكة العربية السعودية، كالسلفية ، والصحوة، والإخوان المسلمين، وغيرها. بعض النماذج من القوى الإصلاحية الوطنية (السنية، الشيعية) الجديدة، في المملكة العربية السعودية، كالناشطين السياسيين الجدد، والمراكز الحقوقية، وائتلاف الحرية والعدالة ، ونشطاء الإعلام الجديد، وغيرها. لقد وصل الإسلاميون القدامى إلى سدّة الحكم، وكان شعارهم الأبرز حكم الشريعة. أما شعار الإسلاميين ، بعد "ثورات الربيع العربي"، الأبرز هو حكم الشعب. شعار الأمس وشعار اليوم، يعكسان منظومة من القيم والمفاهيم والرؤى والأفكار المتباينة حول طبيعة الحكومة المنشودة وماهيّتها وطبيعتها ووظائفها وأدوارها وعلاقتها مع المواطنين. لكن منح الإسلاميين الجدد الثقة من الجماهير العربية لا يعني بالضرورة تفويضاً أعمى لهم، بل هو على العكس من ذلك تماماً. يبدو أنّ هذه الثقة ستفرض عليهم قيوداً شعبية أكثر صرامةً من ذي قبل، مما يعني إنهم سيكونون عرضة وبشكل مستمرّ للمحاسبة والنقد والمطالبة بسرعة تحقيق وعود الناخبين وتجسيدها على الأرض. وبمعنى آخر، إنّ حجم الضغوط الشعبية التي يواجهها الإسلاميون الجدد اليوم، ستكون أشدّ مما تعرّضوا له سابقاً. كما أنّ الإسلاميين معنيّون بتمثيل إرادة الجماهير والوفاء بوعودهم التي قطعوها مع المواطنين أثناء الحملات الانتخابية، ما يعني أنهم سيصبحون تحت رقابة جماهيرية صارمة وتهديد مستمرّ بالضغوط الشعبية. ومن بين ذلك، عجز حركات الاسلام السياسي عن استيعاب خريطة التحالفات الداخلية والخارجية، وقراءة المضامين والمواقف والممارسات السياسية الإقليمية والدولية بشكل سليم، فكانت حساباتها تبعا لقراءاتها الخاطئة، وكانت النتيجة السقوط في فخ المكائد والاستدراج الذي نُصب لها إقليميا ودوليا(محمد مرسي نموذجاً). وتحتاج حركات الإسلام السياسي إلى إعادة صياغة مواقفها وبرامجها السياسية بحيث تكون منسجمة مع أحداث وتطورات الواقع، فقد عانت مواقفُها وبرامجها السياسية من عُقدة العمومية المفرطة والشعارات البراقة، والافتقار إلى الحكمة والنضوج المطلوب. بالاجمال عانت قوى الاسلام السياسي معاناة شديدة في اثبات جدارة سلطوية وحلول مبتكرة للأزمات المتلاحقة، وصار اقناع الجمهور تحديا هائلا يستدعي اعادة فحص الادوات والاساليب وتكوين نخب جديدة بمفاهيم ورؤى جديدة على ضوء النقد الداخلي والخارجي الذي تعرضت له تجارب الاسلاميين عموما.
واستخدام مصطلح التغيير يقصد به حالات التحول الاجتماعية التي يخوضها المجتمع بعمومه للانتقال إلى أوضاع أفضل تمكنه من الانطلاق إلى المستقبل. وهي حالات التحول التي يخرج منها المجتمع -بأفراده ومؤسساته وهيئاته-أكثر إيجابية وفاعلية وقوة وقدرة على إدارة شؤنه، وعلى محاسبة قيادته ومكافئتها ومعاقبتها، وعلى التصدي لمحاولات كبته أو قهره، ومن ثم فإن حالات التحول التي يتم فيها استبدال قلة مسيطرة متحكمة بقلة أخرى دون المشاركة الإيجابية والفعالة من قبل وحدات المجتمع المختلفة.
والصراعات الجارية في العراق مرتبطة بالصراعات الجارية على الصعيدين الإقليمي والعالمي لوجود قوى مرتبطة بدول المنطقة بشكل خاص وببعض الدول الكبرى . حيث الصراع بين السعودية وإيران من جهة ، وتركيا وإيران من جهة أخرى. كذلك الصراع الروسي-الأمريكي في المنطقة عموماً وفي سوريا خصوصاً ، يجد فعله المباشر وتأثيره الفعال على حركة ودور وتحالفات ونشاط القوى السياسية في العراق ومن جميع الاطياف . والولايات المتحدة الأميركية تبحث دوماً عن عملية مساومة مع إيران على الوضع في العراق ليس في صالح العراق ، كما حصل في مساومتها مع حركة طالبان لغير صالح شعب أفغانستان وعموم المنطقة.
الأسباب التي تؤدي إلى التحديث السياسي هي, الأسباب التكنولوجية والعلم والتصنيع، ومراحل الاضطراب السياسي والاجتماعي، ووجود الأفراد الحركيين، وطبيعة الاتجاهات السائدة، وكذلك طبيعة المثل العليا والأهداف التي تطرحها الأيديولوجيات السائدة في مجتمع ما، والتي قد تكون ذات أساس ديني أو وضعي. والتغيير السياسي يأتي استجابة لعدة عوامل،من أهمها, الرأي العام، أو مطالب الأفراد من النظام السياسي، خصوصاً إن لم تتحول هذه المطالب إلى مخرجات، كأن يتم تبنيها من قبل الأحزاب وجماعات المصالح والضغط , التغير في نفوذ وقوة بعض الحركات والأحزاب وجماعات المصالح، بما يعنيه تحول الأهداف الخاصة إلى إطار الدولة ككل, كذلك تعرض المجتمع لحالة من الحراك الاجتماعي، كالتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أحدثتها الثورة الصناعية والثورة الفرنسية داخل مجتمعاتها،وما تبع ذلك من تغييرات على المستوى السياسي.
---------
هادي العلوي: فصول من تاريخ الإسلام السياسي. ط2 .نيقوسيا: مركز الأبحاث والدراسات الاشـتراكية فـي العـالم العربي، ط2 ،1999








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام