الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهاشمية السياسية -ملاحظات حول التعقيبات- 5-3

قادري أحمد حيدر

2022 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


نشر القسم الأول من هذه المادة،في وعبر" منصة خيوط", تحت عنوان" محنة الزيدية المتخيلة", واليوم انشر نص المادة كاملة مع قسمها الثاني،والذي تأتي، ما تسمى" مدونة السلوك الوظيفي", الطائفية والعنصرية, لتؤكد مصداقية وصوابية،القول: بمصطلح الهاشمية السياسية".





قادري أحمد حيدر







"الهاشمية السياسية"
(ملاحظات على التعقيبات)



(㿣)


*عن الاضطهاد السياسي والديني للزيدية:




إن النظام السياسي الاجتماعي الذي بدأ يتشكل ، ويأخذ ملامحه وقسماته النهائية، من بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967م،(ورثة الإمامة الجدد)، في صورة دولة العصبية، والفردية، والمركز، في صيغة السلطة/ الدولة الرأسمالية المشوهة (الطفيلية)، وشبه الإقطاعية (الإقطاع السياسي) كان عنوانها البارز الاستبداد السافر، والعنف والقمع للمعارضين، بل ولجميع قوى المجتمع المدني، والسياسي والأهلي في البلاد، وهو النظام الذي كانت غايته السياسية توسيع نطاق تمدده المكاني ، إلى كل الجغرافية والديمغرافية اليمنية، شمالاً وجنوباً ، بعد الانقضاض على الوحدة السلمية، بالوحدة بالدم والحرب، كونه وريث منظومة حكم تاريخية لا تعيش ولا تعيد إنتاج نفسها سوى عبر بوابة الحروب الداخلية، ومن خلال مركزة الحكم/ السلطة في يد جماعة صغيرة، في هذه المرحلة التاريخية، أو تلك، هي فعلاً "دولة مركز" هي أقرب إلى السلطات العابرة في التاريخ، تبني مجدها الخاص، ولم تبن الدولة في كل تاريخ حكمها، وهي مشكلتنا، مع سلطة،٥,نوفمبر،١٩٦٧م،ومشكلتنا، مع نظام علي ،عبدالله صالح، ومع السلطات القائمة اليوم ، مرة ثانية هي "دولة مركز عصبوي، ولا يعنيني سنوات حكمها، قرن أو عشرة قرون، أقصد أنها لم تك يوما دولة مركزية، وذات طابع وطني عام، بل مركز سياسي عصبوي مذهبي قبلي، توسع وتمدد نفوذه بعد الحرب على الوحدة السلمية 1994م، ليشمل كل الجغرافية الوطنية اليمنية، وتحديداً جنوب البلاد، وهو ما أنتج "القضية الجنوبية" دون إنكار أو تجاهل أن ذلك النظام مارس سياسة الإهمال والتجاهل والتهميش، في عدم تنمية معظم مناطق الأطراف اليمنية بدون استثناء، بما فيها المدينة "صعدة"، بل إن هناك مدناً أساسية ورئيسة وهامة اقتصادياً واجتماعياً ومدنياً، ولها دور حقيقي في تنمية كل البلاد دخلت دائرة التهميش، أو حولها نظام علي عبدالله صالح، إلى دائرة الإفقار المنظم لجميع سكانها، وجعل المدن والمناطق فيها مجرد أحياء فقيرة ، ونماذج ذلك "تعز" و"الحديدة’"، و (بعد ذلك المدن ، عدن وحضرموت/ وكل الجنوب), وهي مدن سياسية تاريخية عاملة ومنتجه ومصدرة للثروة، وذات مواقع استراتيجية في العلاقة مع الداخل ومع العالم الخارجي ، ومع ذلك تم إهمالها وتهميشها، ووصلت نسبة الفقر في بعضها "تعز"، إلى نسبة كبيرة واعلى أحياناً من مناطق عديدة فقيرة في الموارد من جميع النواحي، فقط دويلة / سلطة المركز (العاصمة)، أي أن النظام كان عادلاً في توزيع ظلمه، وقهره على كل الجغرافيا، مع بقاء مركزه السياسي وما حوله "مصالحه المباشرة"، في دائرة الأمان من الإفقار المنظم، ولا يعني ذلك أن سكان العاصمة كانوا في نعمة، فقط قمة المركز السياسي العصبوي وزبانيته.

إن نسبة مساهمة محافظة "تعز"، و"عدن" و"حضرموت" و"شبوة"، و"الحديدة"، و" مأرب" في التنمية المالية والاقتصادية والإنتاجية، والبشرية (المنتجة) هي الأعلى والأكبرـ، ومع ذلك على سبيل المثال، فإن عدن وحضرموت وكل مدن الجنوب تحولت إلى مدن هامشية مفقرة وتابعة، مع أنها مصدر أساس للثروة تنفيذاً لوعد قطعه علي عبدالله صالح على نفسه، بتحويل مدن الجنوب إلى الخلف مئات السنيين، ونفس الأمر تم من زمن سابق في تحويل معظم برجوازية المقاولات والتجارة والصناعة والمال في المدينة "تعز"، - على سبيل المثال – حيث تم حصارهم وتهميشهم، وتحويلهم جميعاً إلى بطالة وعطالة، فلم يعد من تجار ومقاولي مدينة تعز، والحديدة اسم يذكر، وبعضهم جرى تجريدهم بالقوة من أصول أموالهم، وحصارهم عن طريق اللعب بالقوانين، وعن طريق البنوك الرسمية التي صارت تشتغل بالتعليمات، عند أضيق الحدود/ حتى أن بعضهم لجأ للانتحار، والأسماء في هذا النطاق كثر ومعلومة للبعض، أي أن نظام العصبية والفردية والمركز، الرأسمالي الطفيلي (الكولونيالي)، مارس التهميش والحرمان الواعي والمدروس والمنظم لهذه المناطق (كسكان/ ومحافظات)، وللرأسمال الوطني فيها، ومع ذلك بقيت تعمل وتعترض تحت سقف السلطة / النظام (الدولة)، والدستور، لم تقل بالانفصال والاستقلال، ولم يلجؤوا لحمل السلاح، ولم يتحدثوا يوماً عن مساهمتهم في الثورة وفي تنمية المجتمع، وفي دعم دولة الثورة والدفاع عنها، مع أن العديد منهم قمعوا وسجنوا وسحلوا في الشوارع، وهم من أبطال فك الحصار عن صنعاء، وكلنا ما يزال يتذكر- على الأقل من هم في عمري – تفاصيل حية لعودة عبدالرقيب عبدالوهاب نعمان رئيس هيئة الأركان العامة للجيش إلى صنعاء، عودته مسالماً ومسلماً نفسه للجهات الرسمية في السلطة، ولم يذهب إلى منطقته حاملاً للسلاح ، وهناك مغالطة سياسية وتاريخية نسمعها اليوم من البعض، من أن أبطال فك الحصار؛ علي مثنى جبران، وسلطان أمين القرشي، وغيرهما، هم من فجروا أحداث 23/24 أغسطس 1968م، وهي محاولة اغتيال ثانية للمعنى وللأسماء وللتاريخ، كما حاولت تصويره قناة " يمن شباب ", المحسوبة على حزب الإصلاح !!

والكارثة الاخلاقية والمتوحشة أن تجبر الجماعة الحوثية، أبن الأستاذ/ أحمد الأصبحي أن يكتب بخط يده رسالة عن والده أنه "خائن" بهدف نهب فلته/ سكنه، هل بعد ذلك من انتهاك للأدمية والإنسانية، وهي رسالة تم نشرها على وسائط التواصل الاجتماعي!! ومع ذلك بقي أبناء هذه المنطقة يعملون ويعارضون تحت سقف الوطن، والدستور.

إن تبرير أن الظلم والتهميش السياسي والاقتصادي، والاضطهاد الديني المذهبي، لأبناء صعدة – أو غيرهم- هو سبب لجوئهم لحمل السلاح ومقاومة النظام ، مهما كان موقفنا من هذا النظام، أو تلك الدولة ففي مثل هذا القول يختفي كلام سياسي تبريري وحديث غير دقيق، لظاهرة وحالة "الخروج"، على الدولة بالسلاح ، خروج له صلة بالطائفية والسلالية، ذلك أن الجماعة الحوثية كانت وما تزال تتصرف مع فكرة حمل السلاح، في "الخروج", على الدولة، بذهنية شروط الإمامة وشرط البطنين، وبهذا المعنى من القول والتحليل الذي نذهب إليه ، فإن القول بأن السبب هو الظلم والاضطهاد المذهبي/الديني، لا أساس له من الصحة، وتفسير البعض في هذا السياق لحمل السلاح تفسير خاطئ يؤدي إلى الفوض وإلى شرعنة العنف، وحمل السلاح بيد أي جماعة تدعي مظلوميتها تجاه السلطة / الدولة، مع أن المعلومات والوثائق تتحدث عن تحركات مذهبية سياسية تقف خلفها شعارات أيديولوجية / طائفية (سلالية)، تدعي حقوقاً سياسية لها على أرضية دينية/ مذهبية : "الإمامة" و"الولاية"، والعلاقة مع إيران على خلفية سياسية/مذهبية، وهو كذلك ما أشار إليه د. عبدالكريم الإرياني في مقابلة مطولة معه، أجرتها صحيفة 26 سبتمبر، دون إنكار أو تجاهل توسع المذهبية الدينية الوهابية في مناطق كرسي الزيدية الأول(صعدة)، وفي كرسي الزيدية الثاني (ذمار) بل وفي كل اليمن شمالاً وجنوباً بعد الوحدة بالحرب 1994م .

إن الحديث عن " محنة الزيدية", أو مظلوميتهم، هو دليل حي على أزمة في الفكر السياسي الوطني، أزمة في الهوية الوطنية اليمنية، التي نراها تتمزق وتنقسم وتتبعثر أمامنا،في الشمال والجنوب، في صورة الكانتونات المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية والجهوية .

إننا حين نرفض الاستبداد والعنف ضد الآخر، نحن نقف ضد الظلم،وحينها تختفي مسميات ادعاءات المظلومية المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية،ذات الطبيعة الخاصة بهذه الجماعة أو تلك، إذا كان هناك حقا من مظلومية،سياسية ومذهبية واجتماعية، فهي الواقعة – في الأمس واليوم - على الطائفة الإسماعيلية الكريمة،التي تتعرض للاضطهاد من جميع الأطراف، والاضطهاد الاجتماعي والثقافي على خليفة عنصرية ضد فئة "المهمشين/ السود"، الذين تمعن الجماعة الحوثية في تكريس اضطهادهم من خلال تسميتهم "أحفاد بلال" لتأكيد استمرار تهميشهم و"عبوديتهم" .

أما حديث البعض عن مظلومية الزيدية كطائفة، أو كــ" هاشمية سياسية", فهو قول مبالغ فيه، مظلومية متخيلة .

اتضح بالوقائع الملموسة اليوم، أنّ الإمامة في تاريخنا السياسي المعاصر، لم تكن "أشباحًا، يخاف منها النظام الجمهوري"، كما كتب، د. أبوبكر السقاف، في مقالته، (ملحوظات في الشرعية وإمارة الاستيلاء)، في كتابه (دفاعًا عن الإنسان والحرية)، ص٨٦٨٧، بل هي منظومة أفكار ومفاهيم وقيم، ما تزال حاضرة ومعشعشة، وراسخة في البناء الفوقي للنظام الجمهوري، وفي بنية الوعي الاجتماعي، عند قطاع معين من ناس المجتمع، لأسباب موضوعية، وذاتية وتاريخية، يحافظ على استمرارها، (ورثة الإمامة الجدد/ شيوخ القبائل/ والعكفة الجدد)، لأنه لم يتم تغيير النظام القديم، بنظام سياسي/ اجتماعي/ اقتصادي جديد، وجاء انقلاب، ٥ نوفمبر ١٩٦٧م، لاستكمال الحفاظ على منظومة "الدولة العميقة القديمة"، باستبدال بيت حميد الدين بالمشايخ، وهنا تكمن أزمة النظام الجمهوري، بعد إفراغه من مضمونه الوطني والاجتماعي والديمقراطي، وهنا تصدق مقولة أو تعبير د. محمد علي الشهاري، عن انتكاسة الثورة في الشمال، وانتصارها في الجنوب، وخاصة، أنّها انتكاسة تأتي بعد الانتصار العظيم في السبعين يومًا، وكان قمة التعبير، عن الانتكاسة، تتويجها في عقد اتفاقية الذل، والهوان، في جدة، مارس ١٩٧٠م.

لقد تحوّل شعار المظلومية إلى مجرد أيديولوجية للتحشيد المذهبي/ القبلي، ولكسب الأعوان للوثوب على السلطة، وحديث المظلومية ذلك، فيه استعلاء مبطن من خلال التركيز على مظالم فئة أو أسرة، والمبالغة عمدًا في إهمال معاناة الآخرين، (شعب كامل)، التي هي أشد وأعنف، وأطول في تاريخ العنف السياسي والاضطهاد في اليمن.

إنّ حديث المظلومية، و"المقتلة" أو كما يسمّيها، أبو الفرج الأصفهاني "مقاتل الطالبيين"، أو كما هو حديث بعض فرق الشيعة المغالية، فهي عندهم، مظلومية لها جذر أيديولوجي/ سياسي(مذهبي)، تاريخي، يعود إلى "السقيفة/ سقيفة بني ساعدة"، وإلى "كربلاء"، ونحن كيمنيين، لا صلة لنا بهذه "المقتلة"، والمظلومية، إن لم نكن كيمنيين الأقرب للدفاع عن آل البيت، وفي نصرتهم، هذا ما يقوله التاريخ، فاليمنيون من المحبين، للإمام علي بن أبي طالب، ولولديه، يتفق في ذلك، الشافعية، والزيدية، ويحتفل شوافع اليمن، بجميع الطقوس المذهبية الشيعية، ولكن على طريقتهم الخاصة، دون خلفية أيديولوجية مذهبية متعصبة.

لقد شُنّتَ حرب عدوانية سياسية ودينية/ مذهبية "تكفيرية"، على الحزب الاشتراكي، وعلى كل الجنوب الذي تلقى أعنف وأقسى أنواع الاضطهادات السياسية والمذهبية والمناطقية، طالت كل شيء في الجنوب من الأرض إلى الاقتصاد إلى الإنسان، ومع ذلك لم يحملوا السلاح، وعبروا عن حقّهم السياسي بالانفصال سلميًّا.

إنّ البعض يتحدث عن الحركة الحوثية وكأنها الوحيدة الحاملة لراية المظلومية في تلك الفترة، فجميع مناطق البلاد بدرجات متفاوتة لها مظلوميتها الخاصة من النظام، والأخطر أنّ هذا الحديث عن المظلومية يأتي في سياق كأنه تبرير وشرعنة "للخروج" بالسلاح، وكأنه لم تقم ثورة 26 سبتمبر 1962م، وثورة 14 أكتوبر 1963م، ووحدة سلمية تم الانقضاض عليها بالحرب، ولم تكن هناك ثورة شبابية شعبية سلمية واسعة، كانت الحركة الحوثية حاضرة فيها بعد قيامها، أيّ إنّ الانقلاب لم يكن على نظام علي عبدالله صالح، بل تم بالاتفاق والتحالف معه، وهو ما يقفز عليه البعض ممن يتحدثون عن المظلومية، والاضطهاد الديني للزيدية، ويمكن في هذا السياق أن تكون الزيدية هي الأقل اضطهادًا على المستوى المذهبي/ الديني، في اليمن، وهو قطعًا اضطهاد مدان، على أي مستوى أو درجة عبر عن نفسه، وضد أي جماعة، أو مكون.

وفي تقديري، لم تكن قبل حروب صعدة الستة ٢٠٠٤٢٠١٠م، أيّ حديث سياسي أمني جدي عن "محنة للزيدية"، أو اضطهاد مذهبي، فالوهابية السعودية غريبة على كل اليمن، وفي هذه الحدود ما زلت أتذكر أنّ كل القوى السياسية والمنظمات المدنية والحقوقية وقفت قبل حروب صعدة الستة، وبعدها، ضدّ عدوان وتعديات وقهر النظام للرموز السياسية والمذهبية الدينية للزيدية، ولمساجدهم، وكانت هناك حركة تضامن مدنية وحقوقية واسعة ضدَّ ذلك القمع والسجن والمحاكمات غير القانونية، خلال فترة حروب صعدة الست، وكنّا في قلب تلك المحاكمات كأفراد وأحزاب، ولم تتوقف الزيارات منّا جميعًا لهم في السجون، وفي دعمهم من كل النواحي، وأتذكر أنّني تواصلت تلفونيًّا مع ممثّل الجماعة الحوثية "أنصار الله" محمد عبدالسلام بواسطة محمد المقالح، ومن تلفونه، للاستفسار عن بعض الوقائع، والأرقام، ليؤكدها أو ينفيها، حتى استخدمتها في بحث كنت أكتبه عن حرب صعدة، وبسبب هذا الاتصال تعرّضت للكثير من المتاعب والأذى، اليوم أغلبية شرائح وفئات وطبقات المجتمع تتعرض للاضطهاد من كل الأنواع ومن قبل تلك الجماعة، وممنوع الكلام.

مع أنّ أقذر وأبشع اضطهاد ديني هو ما كانت وما تزال تتعرض له الطائفة "الإسماعيلية" تاريخيًّا، وهو اضطهاد مزدوج من بعض فئات المجتمع المتعصبة مذهبيًّا، ومن الجهات الرسمية، وكذا الاضطهاد الديني للجماعة "البهائية"، فضلًا عن التهميش السياسي التاريخي "للشافعية الاجتماعية"، أكرّر دون التهوين أو التقليل من خطورة الغزو للمذهب السياسي الوهابي لمعظم المناطق الزيدية، واليمنية عمومًا، وهو مذهب –الوهابية- لا صلة له ليس باليمن، بل وبالمذاهب الدينية المعترف بها إسلاميًّا.


إن بداية الاختلاف والحوار فيما بيننا كان حول سؤال خطأ، أو صواب مصطلح "الهاشمية السياسية"، والمطلوب هو البحث المعمق في التفاصيل الواقعية لذلك السؤال، تفاصيله في المذهبية والطائفية، وفي الفكر السياسي والاجتماعي، وفي التاريخ، فكثير مما يحصل اليوم له صلة بكل تلك التفاصيل، بما فيها، الاضطهاد السياسي، والمذهبي والديني، لأن ذلك التهميش الاقتصادي، والقمع السياسي، والاضطهاد الديني قد طال جميع فئات ومناطق البلاد ، ومع ذلك لم يحمل أياً
منهم السلاح ضد النظام / الدولة، بل ولم يدع أياً منهم التمييز العرقي والمذهبي، ،وهي نقطة الاختلاف وسؤال الحوار الذي من غير المفيد حرف الحوار عنه، للحديث عن مفاهيم وتعريفات نظرية لا صلة لها بالمطلوب بحثه، وأتصور أنه فائض عن الحاجة الحوارية استلال نصوص من مهدي عامل ، أو د. أبوبكر السقاف ، أو خلدون النقيب، أو سمير أمين ، أو غيرهم وإيرادها في سياقات لا صلة لها بها، وكأننا أمام مجرد استعراض معرفي بصورة أبديولوجية منحازة لهذا ضد ذلك ، أقصد هنا الانحياز "للهاشمية السياسية " كفكرة، وكواقع، وبعدها كجملة اعتراضية، الانحياز لمهدي عامل، ضد المؤرخ ، د. مسعود ضاهر ، وفي الموازنة أو المفاضلة بينهما في قضايا التاريخ؛ بين مؤرخ اختصاصي واكاديمي، وبين مفكر ومناضل سياسي فيه ظلم للمفكر/ الشهيد، مهدي عامل، على الأقل أدعي أنني قارئ طيب لأعمال الاثنين ، ناهيك عن أن الاستشهاد بالنصوص في السياق الذي ورد فيه،في المواضع المختلفة من تعقيباته، لا تقول شيئاً له معنى مضاف للكلام والخطاب الذي نبحث فيه، إن لم يك فائضاً عن الحاجة، اضافات متعبة للكاتب وللقارئ معاً.

فعلى سبيل المثال أورد/ العزيز عيبان، فقرة مطولة جداً عن الاضطهاد الديني للنظام السياسي للطائفة الزيدية وهي في السياق الذي أورده د. أبوبكر السقاف، يقصد ويشير إلى اضطهاد "الإسماعيلية" وهي فعلاً – كما أشرت- الطائفة المضطهدة من الجميع : وهابية ، وزيدية، عدنانية، وزيدية قحطانية مع عدم ود، من قبل بعض فئات الشافعية الاجتماعية المتعصبة، مع أن ،د. أبوبكر السقاف، تكلم في مقالة مستقلة حول "محنة الزيدية" وقد أشار إلى ذلك عيبان، مع أنها حقيقة لم تكن "محنة للزيدية"، هي محنة لكل اليمن، كانت وما تزال كذلك.

إن نظام العصبية، والمركز، والفردية ، لم يوفر الجميع في قمعه واضطهاده – كما سبقت الإشارة - خاصة بعد أن بدأ يفقد أكثر فأكثر الحاضنة الاجتماعية له، مع بداية توجهه نحو توريث الجمهورية في الأبناء والإخوة وأولادهم في سياق ثورة مضادة على كل مخرجات وأدبيات الثورة اليمنية، والتي ارتفعت وتيرة عنفها ودمويتها بعد ثورة فبرير 2011م، (جمعة الكرامة/وجرائمه ضد شباب الثورة في تعز), حتى وجد نفسه في تحالف سياسي عسكري مع الجماعة الحوثية، بعد 2012/2013م، من منطلق سياسي مذهبي/ قبلي ضد كل الثورة، وتحديداً ضد مخرجات الحوار الوطني الشامل حتى كانت نهايته الطبيعية وغير المأسوف عليها على يدهم حين استنفد دوره ، ذلك أن مشروعهم السياسي الذي صار معلناً ينطلق من استعادة حكم "الولاية", الوجه السياسي والعملي، " للهاشمية السياسية", ولا مكان في هذه الصيغة، لعلي عبدالله صالح ، أقصد في منظومة "الولاية" ، كما أنه القاتل لمؤسس الحركة/ حسين بدر الدين الحوثي، وهو ما لا يراه البعض ويصر على القول/ بخطأ مصطلح "الهاشمية السياسية"، حيث الحديث معه عن المظلومية التاريخية والراهنة، بدأ وكأنه تبرير أو شرعنة لممارسة "الهاشمية السياسية"، اليوم من خلال الإعلان عن الحق السياسي والديني بـ"الولاية" وهو – كذلك – ما لا يراه البعض "كهاشمية سياسية" !! بل تجنياً على المكون الهاشمي كله، دون تجاهل أو انكار خطورة تعميم نشر المذهب والفكر السياسي الوهابي في المنطقة الزيدية،بل وفي كل اليمن – كما سبقت الإشارة - وهو الحديث الذي لم نمل ولم نكل في الكتابة عنه، وفي ترديد قوله في كل ما نكتب منذ سنوات طويلة، في مواجهة نظام العصبية ،والمركز ، والفردية، الرأسمالية الطفيلية التابعة والإقطاع السياسي في صورة رموز المشيخة القبلية والعسكرية الذين حلوا أو استبدلوا من خلال حضورهم وهيمنتهم على الرأسمال السياسي، بديلاً عن الرأسمالية الوطنية اليمنية الصناعية والتجارية والمقاولات ومع ذلك ظلوا وبقوا يعارضون ضمن سقف الدستور والقانون، وضمن سقف الوطن، والوطنية، والمواطنة للجميع، ولم يحملوا السلاح، معبرين عن المنطقة أو المذهب .

إن الاضطهاد الديني، والسياسي والفكري والتعليمي والثقافي كانت بداياته الأولى والمبكرة مع انقلاب 5 نوفمبر 1967م ، وتصاعد أكثر فأكثر بعد توقيع اتفاقية المهانة والذل ، تحت عنوان ما يسمى "المصالحة الوطنية" في جدة، مارس 1970م.

على أن الأكثر بؤساً أن من يقول عنهم عيبان، إنهم أصحاب مظلومية سياسية ودينية،نجدهم هم اليوم من يقمعون ويضطهدون من وقف مسانداً لهم ورافضاً لقمعهم في الأمس، ومن أنهم هم من يضطهدون الجميع ، ومن يحاولون اليوم إعادة إنتاج ما كان عليه الاضطهاد السياسي والديني في شروط عصر مغاير، وفي أسوأ صوره، يعملون لتعميم واقع الاضطهاد السياسي والديني، بل وحتى الوظيفي، على جميع المكونات وكل البلاد في صورة " هاشمية سياسية جديدة"، نموذجها الصارخ ما يسمى ،" مدونة السلوك الوظيفي ", المعلنة اليوم ضد فقراء موظفي الدولة، المقطوعة رواتبهم من سبع سنوات عجاف ، ولم يكتفوا بعدم صرف مرتبات من يقعون تحت مسؤوليتهم وفي حدود سلطتهم، بل يصدرون لهم مدونة ارهابية بامتياز، لتأتي على ما تبقى من أرواحهم المتعبة، وهي ابشع صور تعبير " الهاشمية السياسية"،عن نفسها، وهو ما لا يراه البعض !! تحت دعاوى تبريرية سياسية وتاريخية مختلفة.

لقد طال التهميش والاضطهاد السياسي والاقتصادي والديني والتعليمي كل جغرافية البلاد ، على أن أخطر وأبشع وأسوأ أضطهاد هو الذي يتجلى في التعليم وفي المناهج التعليمية في الأمس، واليوم أكثر ،والذي يطال أثره التدميري / السلبي كل المعنى السياسي والتعليمي والثقافي (الذاكر ة التاريخية) لنا كيمنيين بعد أن صارت الأغاني والموسيقى(باستثناء الزامل), والرسم، والفلسفة والدراسة المختلطة في الجامعة من المحرمات والممنوعات باسم الدين، حتى سفر المرأة والناشطة المدنية بين المحافظات يتم منعها، ويحتاج إلى "محرم". وهو ما يجب أن يكون من أوليات بحثنا حتى نتقدم معاً للأمام، لأن التعليم الذي يتم العبث به اليوم مرتبط بمستقبل الأجيال لعقود طويلة، إن لم يك لقرون، وليس - فحسب- في التركيز الوحيد على مظلومية واضطهاد هذه الجماعة أو تلك، وبصورة انتقائية، دون القفز على أي قمع أو اضطهاد سياسي أو ديني، يطال أي فئة أو جماعة كانت على أن يكون ذلك في سياق قراءة موضوعية تاريخية لكل المشهد السياسي، والثقافي والوطني اليمني، حتى نرى صورة "الهوية الوطنية اليمنية الجامعة"، شاخصة أمامنا في كل ما نكتب، بعيداً عن القراءة التجزيئية والانتقائية!!

ومن هنا مطالبتنا بدولة مواطنة، دولة مدنية، دولة حقوق وواجبات للجميع، وعلى رأسهم الجماعة الحوثية "أنصار الله "، وهنا سينتهي حديثنا عن "الهاشمية السياسية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا