الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدول وواجباتها وأزماتها

فلاح أمين الرهيمي

2022 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


تكونت الدولة كمؤسسة خدمية للشعب في استثمار الأراضي التي كانت مشاعية سابقاً للشعب وبعد قرون كثيرة استغلت الدولة من قبل الكنيسة وأصبحت هي السلطة العليا في حكم الشعب وقد عانت الشعوب من ظلم وإجحاف من محاكم التفتيش التي كان يديرها ويتحكم بها وعاظ السلاطين في المكاتب التفتيشية التي يتولى حكمها القساوسة الكبار في الكنيسة وكان الشعب ومن يدافع عن حقوقه من المفكرين والفلاسفة هم ضحايا محاكم التفتيش واستمرت هذه الحالة البائسة حتى الثورة الصناعية حينما كان يستغل الأطفال القاصرين والنساء في العمل في الورشات الصناعية والأراضي الزراعي من قبل ملّاكيها وقد تعرض الشعب إلى مظالم وقهر السلطات والملاكين فقال الفيلسوف الانكليزي (باور) إن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان فرد عليه الفيلسوف والمفكر الفرنسي (جان جاك روسو) قائلاً إن ظلم الإنسان لم يأتي من أخيه الإنسان وإنما من المجتمع هو الذي يسبب الظلم للإنسان فبادر المفكر الفرنسي (مونتسكيو) إلى تقسيم الدولة إلى ثلاثة أقسام (التنفيذية والفضائية والتشريعية) وحددت السلطة التنفيذية كمؤسسة خدمية للشعب والسلطة القضائية كسلطة تنظر في الخلافات التي تحدث بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية إضافة إلى الخلافات التي تحدث بين المواطنين أما السلطة التشريعية نواب في البرلمان ينوبون عن الشعب في الدفاع عن حقوقه أمام السلطة التنفيذية في حالة قيام السلطة التنفيذية بالتقصير أو الإضرار بمصالح الشعب والتجاوز عليه بعد هذه النبذة القصيرة عن الدولة نستعرض الدولة ودورها في العراق الوطن المستباح وشعبه المذبوح ... السلطة التنفيذية مؤسسة تنفذ أعمالها ومشاريعها لخدمة الشعب العراقي وهي تتكون من سلطتين عليا ودنيا والآن نستعرض السلطتين العليا والدنيا .. السلطة العليا تتكون من رئيس الوزراء والوزير ونوابه والمدراء العامين أما السلطة الدنيا التي تمثل القاعدة تتكون من الموظفين والشرطة في دوائرهم ذات العلاقة المباشرة في تقديم خدماتهم للشعب وقد أصبحت القاعدة الدنيا ذات طبيعة ضخمة من الموظفين والمستخدمين والشرطة حيث بلغ تعدادها خمسة ملايين موظف وقد ذكرت بعض المصادر أن الشهادات الوظيفية مزورة لقسم من موظفي الدرجة العليا والدنيا وقد تفشت بينها ظاهرة البطالة المقنعة والفضائيون وقد ذكرت بعض المصادر : أن هذه الأعداد الضخمة من الموظفين جعلت إنجاز معاملات الشعب نسبة لكل موظف ساعة أو أقل من ساعة عمل الموظف وقد ذكر أحد المشاركين في برنامج نفس عميق ليوم السبت المصادف 22/10/2022 أن نسبة المستقلين بين موظفي الدولة تبلغ نسبتهم 18% والباقي من منتسبي الأحزاب والكتل السياسية والآن إن الشبهات تحوم حول الأحزاب والكتل السياسية بالفساد الإداري والرشوة والمحسوبية والمنسوبية والمصالح الخاصة وهم يمثلون القاعدة ذات العلاقة بالشعب وإن الفساد الإداري قد تفشى بينهم فما فائدة ومقدرة الوزير الذي يبحث عن نزاهته في ضبط هذه الأعداد الكبيرة من الموظفين ويمنع الفساد الإداري عنهم وهم يمثلون القاعدة الدنيا التي ترتبط بعلاقة مع مصالح الشعب ؟
إن المسألة معقدة وعويصة جداً لأن الوزير يمكن مراقبته وكذلك المدير العام ولكن هذه الجموع الغفيرة والواسعة في دوائر محافظات العراق كيف نضبطها ونمنع الفساد الإداري عنها ؟. إن الأحزاب والكتل السياسية أتخمت دوائر الدولة في جميع أنحاء العراق بالموظفين على مدى عشرون عاماً .. ما هو العلاج ؟ وما هي الطريقة للقضاء والخلاص من الفساد الإداري ..!!؟؟.. هل ظاهرة الفساد الإداري طبيعية لدى البعض من الموظفين أن ذات علاقة بالفقر والجوع والحاجة ..!!؟؟
إن العملية يجب معالجتها بالتركيز على البحث عن مدير الدائرة النظيف والنزيه وصاحب اليد البيضاء إضافة إلى التركيز على الوزير والمدير العام والمراقبة والزيارات المتكررة لمكاتب المحاسبة والتدقيق في المراقبة وجرد ملفات الدوائر وخاصة المالية .. وبث العيون والمراقبة بين الموظفين والتفتيش والمراقبة من قبل المدير لشعب دائرته.
الفساد الإداري في العراق المستباح وشعبه المذبوح أصبح اخطبوط تمتد مخالبه من خلال مدة عشرون عاماً على ممارسته من قبل الأحزاب والمكاتب السياسية إلى جميع مرافق الحياة والخدمات للشعب العراقي فهو لم يقتصر على مؤسسات الدولة والموظفين فيها وإنما امتد إلى مؤسسات إنسانية مثل الأدوية والصيدلة حيث أعلنت وسائل الإعلام أن أربعة عشر مذخر أدوية تتعامل مع الأدوية المنتهية مدتها وقد تسلل وتسرب الفساد الإداري إلى مهنة الطب الإنسانية حيث يطلب الطبيب الذي يعالج المريض في المستشفى الحكومي أن يراجعه في عيادته الخاصة كما شمل وتسرب الفساد الإداري إلى مهنة التعليم المهذبة والإنسانية عندما يُرسب المدرّس الطلبة الذين لم يدرّسهم خارج أوقات الدوام لقاء أجور بآلاف الدنانير بينما يمنح درجات النجاح للطلبة الذين يدرّسهم والشاعر يقول عنهم :-
قف للمعلم وفّه التبجيلا ---- كاد المعلم أن يكون رسولا
كما انتشرت بين الطلبة بمختلف المراحل الدراسية ظاهرة الملازم التي يؤلفها المدرسين ويستعملها الطلبة في التعويض عن الكتب الدراسية .. والآن بعد افتتاح المدارس وإداراتها لم توزع الكتب لهم بادر أحد المدرسين بإجراء امتحانات للطلبة شهرياً وحينما أخبر الطلبة المدرس بعدم استلامهم الكتب طلب منهم المدرّس إلى اقتناء وشراء الملازم الدراسية التي تخص ملزمته التي ألفها.
ولم يقف الفساد الإداري عند هذا الحد بل تسرب إلى المهن الحرة كبائع المخضرات والقصاب والعطارية والغذائية إلى الغش والتزوير وما يؤسف له أن الشعب الذي يمتلك التقاليد والعادات الإنسانية الرائعة كالنخوة والغيرة والكرم ونكران الذات أصبح يركض بجشع ونهم وأنانية إلى جمع المال وأصبحوا يمارسون تجارة وبيع المخدرات أو الأعضاء البشرية أو أعمال خسيسة وتشمئز منها الروح الإنسانية .. ولذلك يحتاج مكافحة الفساد الإداري إلى كوادر وخبراء ودوائر عديدة من العاملين في مكافحته بمستوى حجمه الكبير الذي تسرب إلى كافة مجالات الحياة العراقية الحكومية والمدنية :- إن هذه العملية يجب معالجتها ومكافحتها ليس من قبل الدولة فقط وإنما يجب على المرجعية في النجف ورجال الدين الشرفاء إلى المشاركة في كفاح هذا الخطر الكبير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE