الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشقيقان اللدودان .. سوريا والعراق

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2022 / 11 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تختلف العلاقة بين العراق وسوريا عن أية علاقة بين بلدين متجاورين. فليس بينهما حدود جغرافية واضحة وإنما حدود سياسية لم تعرف الثبات على مر التأريخ.

فقد اختار الخليفة الرابع علي ابن ابي طالب مدينة الكوفة العراقية عاصمة للخلافة الإسلامية، ومنها قرر إعفاء والي الخلافة على الشام معاوية ابن ابي سفيان من منصبه فتمرد الأخير على الخليفة ودارت بينهما معارك لم يتمكن اي من الطرفين من حسمها لصالحه، حتى قام الخوارج باغتيال ابن ابي طالب، وتوصل ابنه الحسن الى اتفاق سلام، اصبح بموجبه معاوية خليفة على ان تؤول الخلافة من بعده الى الحسن.

وبوفاة الحسن الغامضة فقد الأتفاق مفعوله، وأصبح العراق تابعا للخلافة الأموية وعاصمتها دمشق.

وبعد عقود انقلب الأمر وعادت سوريا تابعة لعاصمة الخلافة العباسية بغداد، وظل الحال قائما حتى الغزو المغولي الذي اسقط الخلافة العباسية، ومزقها الى دويلات مدن، عادت في وقت لاحق الى التوحد تحت حكم الدولة العثمانية.

وفي فترة من الفترات انفصلت حلب عن دمشق، والموصل عن بغداد، لتشكلا كيانا مستقلا سمي بالدولة الحمدانية.

وبعد انهيار الدولة العثمانية تقاسم البلدان ملكا واحدا، هو فيصل بن الحسين، الذي نصب أولا، ملكا على سوريا، وعند انهيار حكومته أمام الغزو الفرنسي غادر دمشق ليصبح ملكا للعراق باسم الملك فيصل الأول.

وخلال الحكم الملكي للعراق، كانت هناك مشاريع عديدة لتوحيد البلدين، حال دونها توجه الأوساط المتنفذة فيهما الى معسكرين دوليين متعارضين.

وحين أتجهت سوريا عام 1958 الى الوحدة مع مصر في الجمهورية العربية المتحدة، حملت معها حلمها الدائم بالوحدة مع العراق، وغذت به الرئيس جمال عبدالناصر، زعيم الجمهورية المتحدة، ولعبت أجهزة الحكم بقيادة العقيد عبدالحميد السراج دورا كبيرا السعي الى الإتيان ببديل للنظام العراقي القائم آنذاك بقيادة اللواء عبدالكريم قاسم، الذي كان يريد ترسيخ الجمهورية في العراق، بعد إطاحته بالنظام الملكي، الذي كان مرتبطا بعلاقة وحدوية مع الأردن. وكان أبرز تحرك في ذلك الأتجاه دعم محاولة العقيد عبدالوهاب الشواف الأنقلابية، في آذار ـ مارس عام 1959.

فشل محاولة الشواف تلاها بعد أعوام، نجاح حزب البعث الذي تأسس في دمشق عام 1947، في الوصول الى الحكم في العراق عبر انقلاب عسكري. وبعد شهر واحد فقط وفي انقلاب عسكري مماثل، وصل ذات الحزب الى السلطة في سوريا. وفي شهر نيسان إبريل من ذات العام أعلن عن انضمام البلدين الى وحدة ثلاثية مع مصر، لكن سلسلة من الانقلابات العسكرية في البلدين عصفت بالاتفاق.

وتجدد التوجه الى الوحدة بين سوريا والعراق في أتفاق عقد عام 1978 بين الرئيسين أحمد حسن البكر وحافظ الأسد، عصف به هذه المرة صدام حسين.

وبسبب ذلك أنفردت سوريا حافظ الأسد، عن باقي البلدان العربية، بالوقوف الى جانب إيران ، في حربها ضد العراق، على أمل أسقاط صدام حسين، ووراثة الحكم فيه عن طريق الجناح الموالي لها في حزب البعث في العراق. وتجدد حلم الوراثة حين غزت أمريكا العراق عام 2003، ففتح الأسد الأبن بشار، معسكراته التدريبية، لكل من أبدى رغبة في محاربة الوجود الأمريكي في العراق، وتدفقت على الأراضي السورية مجموعات مختلفة لم ينتبه النظام السوري على خطورة بعضها، ممن كان يحمل مشروعا لا يتفق مع المشروع السوري، وأنما يهدف الى توحيد سوريا والعراق في إمارة أسلامية تكون نواة لدولة الخلافة التي تحلم بها تلك الجماعات, والتي نجحت في بالفعل في تحقيق حلمها جزئيا ولبضع سنوات، حيث دمجت ثلث مساحة العراق، بما فيها الموصل، ثاني أكبر محافظاته، بعدد من المحافظات السورية مثل الرقة ودير الزور، فيما سمي بالدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".

فهل ستفاجئنا المحن والمعاناة المشتركة بتمكن الشعبين العراقي والسوري، اللذين نكبا بالبعث وداعش، من تطوير مشروع وحدوي يختلف عن كل ما سبق في القابل من الأوقات والمنعطفات ؟
ام ان هوى الوحدة المضمر حينا والمعلن أحيانا، سيضمحل ويظل التشرذم والاحتراب قدر الشقيقين اللدودين الذي لا فكاك منه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي