الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعب العراق أيقونة كالفسيفساء زاهية الألوان منذ أقدم الزمان

فلاح أمين الرهيمي

2022 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


كان العراق منذ أقدم الأزمنة موطنا لقوميات وطوائف مختلفة وكانت هذه الأقوام أما نازحة عن موطنها الأصلي لأن العراق كانت أرضه أرض السواد خصبة تجري فيها دجلة والفرات وكانت المجتمعات في ذلك الوقت (زراعية) أو كانت تلك الأقوام غازية في البحث عن الأعشاب والكلأ أو لدوافع أخرى واستقرت فيه وتركت آثاراً لمدنيتها وبقايا من شعوبها.
العراق كان عش للسومريين ووطن للأكديين ومولد للبابليين ومنشأ للآشوريين وقد خيم فيه اليونانيون والفرس والعثمانيون وقطنه العرب وتبوأته قبائل الجزيرة العربية والتقت فيه الأمم وتعارفت في صعيده الشعوب وتشابكت في وشائجه الدماء ومزجت في مربعه الطبائع وتزاوجت في رحبه العقول واتصلت في ساحاته الأفكار والآراء وتواصلت في مدائنه الألسنة وتركت آثار أولئك ولا زالت ملامحها في الأخلاق والعادات واللهجات والحياة والطعام واللباس وأسلوب المحاورة والكلام ولحن القول والسنن وقد عبر عنه أحد الشعراء العراقيين قائلاً :
وعشنا وعاشت في القديم بلادنا ---- جوامعنا في جنبهن الكنائس
وسوف يعيش الشعب في وحدة له ---- عمائمنا في جنبهن القلانس
وكان من الطبيعي أن يمتاز شعب العراق بالتعددية معروف في تاريخه على مدار الأزمنة بكونه جاذب للأقوام المختلفة لذا تنوعت المذاهب والأجندة القومية والدينية بما في ذلك المسلمين فكان الشيعة الإمامية والسنة والأكراد وقد ألقت هذه المكونات الاجتماعية وتنوعها بضلالها على صيرورة المجتمع العراقي .. وتشير الدلائل على المجتمع العراقي أنه كان تنظيماً عسكرياً بالدرجة الأولى ولم تكن العلاقات في تلك المرحلة محكومة بالممتلكات المادية.
يشير أهل العلم والمعرفة أن العوامل والعناصر التي تعمل على تقوية الروابط الاجتماعية بين الناس هو (المكان) الذي يسهم ويؤدي إلى ظهور روابط اجتماعية جديدة (الولاء) التي تفرض واقعاً اجتماعياً متماسكاً في الغالب على عصبية جديدة (تراكيبية بين الانتماء للمكان والولاء) يضيف قدراً من التجانس على ذلك الاتحاد الطوعي لأن الإنسان اجتماعي بالطبع ولأن اجتماعية الإنسان ذات طابع علائقي المتجلية في التعامل الإنساني / الاجتماعي تشده إلى (مكونات الدولة والسوق والمدرسة) لأن المعنى التي تحضر فيه مثل هذه الأنماط العلاقية (الانتماء والولاء) لأن شخصية الفرد تميل إلى الذوبان في شخصية المجتمع حيث يبرز المخيال الاجتماعي بصفته سلطة مقيدة تحدد تصرفات الفرد وحركاته في حدود متصلة ومنسجمة في سياقات جماعته الاجتماعية وثمة جانب آخر وفر مناخات الاختلاط والتعامل التي امتازت بالانفتاح على الآخرين ومن الطبيعي أن تترسخ تلك الخصائص مع تعاقب الأيام في ظل التعايش ليغدو مكوناً أساسياً من ضمن وعي المكونات الثقافية الاجتماعية وأسهمت هذه العلاقات وألقت بظلالها على صيرورة المجتمع العراقي وساهمت بتدعيم التعايش وسمة الانفتاح فيه عما ترتب عليها من أثر في تشكيل بقية خصائص السلوك والعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية في المجتمع العراقي.

المصدر : كتاب دراسات في التاريخ الاجتماعي، الأستاذ أحمد ناجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة