الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ثرثرات
محمد أبو قمر
2022 / 11 / 14العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يظن بعض مشايخنا إنهم بيخدموا الاسلام وهم يلوون عنق النصوص (قرآن أو أحاديث ) علشان يثبتوا إن الاسلام سبق الغرب في الاكتشافات والاختراعات العلمية ، في حين إن لوي عنق النصوص بالشكل ده بيؤدي إلي نتيجتين :
1- تحويل الاسلام من دين للهداية ولإرساء قيم المحبة والسلام وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات إلي نظريات كيميائية وفيزيائية علي غير الحقيقة ، لأن الله لو أراد ذلك لأنزل القرآن في صورة معادلات رياضية ونظريات كيمائية وقوانين هندسية.
2- اصرار المشايخ علي وجود كافة النظريات والاختراعات العلمية في النصوص المقدسة يعزز قيم التعالي الأجوف وادعاءات الأفضلية البائسة ، ويصرف الإنسان المسلم عن بذل أي محاولة لتحسين حياته ، ويقتل روح الإبداع لدي الإنسان المسلم ، ويحول بينه وبين محاولة اكتشاف العالم أو حتي اكتشاف نفسه مادام كل شيء موجود في النصوص.
وذات يوم قال أحد كبار المشايخ : ( إن الغرب حقق التقدم بعد أن أعطي ظهره للمسيحية ) ، وهذه المقولة هي محض ثرثرة تدل علي أن قائلها ليس له دراية بأي قدر عن كيفية إحداث عملية التنوير في أوروبا ، ويجهل تماما كيف حقق الغرب تلك القفزة النوعية إلي الحداثة فالغرب لم يعط ظهره للمسيحية ، وإنما خلصها من ثرثرات رجال الدين ومن ترهاتهم ومن تدخلاتهم في شئون الحياة العامة ( سياسة واقتصاد وفنون وعلوم وآداب وفكر وإبداعات وما إلي كل ما ليس له علاقة بالدين ).
وفيما قبل ، بعد أن انبهر الإمام محمد عبده بما رآه في أوروبا من تقدم حضاري ورقي إنساني قال : ( رأيت في الغرب اسلاما ولم أر مسلمين ) ، وهذه العبارة أيضا خادعة وخاطئة وتدل علي أن الامام لم ينظر جيدا ولم يقرأ الحالة الأوربية قراءة صحيحة ولم يدرك سر ما رآه من حداثة وتطور ورقي وتحضر ، لم ير الشيخ محمد عبده في الغرب اسلام ولا حاجه ، إنما هو شاف شعوب تعمل وتصارع من أجل تحسين ظروف الحياة بعد أن تخلصوا من وصاية رجال الدين ومن وساطتهم ومن تدخلاتهم في كل تفصيلة من تفاصيل حياتهم ، راي الشيخ محمد عبده الأوربيين وهم يمارسون حياتهم بحرية بعد أن تخلصوا من القيود التي كان يفرضها رجال الدين عليهم ، رأي الشيخ محمد عبده مسيحية نقية صافية متخلصة من ثرثرات رجال الدين ومن دس أنوفهم في كل كبيرة وكل صغيرة ، ورأي كيف صار الدين المسيحي في خدمة الحياة بعد أن كانت حياة الأوربيين في خدمة الدين وفي خدمة رجال الدين ، لكن لأن الشيخ محمد عبده رجل دين اسلامي ، ولأنه معبأ بفكرة تفوق كل ما هو اسلامي ويصعب عليه أن يري من ينتمون لدين آخر متفوقين حضاريا فقد قال قولته الشهيرة ( رأيت في الغرب اسلاما ولم أر مسلمين).
أحدث ما قيل علي لسان أحد رجال الدين الأفاضل في هذا الخصوص هو قول أحدهم : ( إن ما ينقص الأوربيين هو حكمة الشرق وأديانه وروحانياته ) ، الكلام ده ممكن جدا يترد عليه بسؤال محرج للغاية هو : ( وماذا فعل الشرق بحكمته وأديانه وروحانياته؟؟! ).
مشايخنا لا يكفون عن الكلام الذي يزيد الطين بللا ، فنحن غرقي إلي أنوفنا في فكرة التفوق البائسة ، ومكتفون بأوهام أن لدينا في نصوصنا كل شيء ، كل شيء ، كل شيء ، ولذلك لا نفعل أي شيء ، لا نفعل أي شيء ، أي شيء نتيجة هذا السيل من الكلام الذي يطلقه المشايخ ويملأون به رؤوسنا بالأوهام والضلالات التي أغرقتنا في التخلف وسلمتنا للحيرة والضياع.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مدينة القيروان في تونس تستعيد ألقها الروحي خلال شهر رمضان |
.. صلاة التراويح فى الكنيسة الإنجيلية بالمنيا .. نصف المغفرة من
.. نجوي كرم تتحدث عن رؤيتها للسيد المسيح 13 مرة في ليلة واحدة
.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في لبنان تمطر مستوطنة كريات ش
.. الدكتور عبد الحليم محمود.. رحلة في حياة شيخ الأزهر الأسبق