الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفقر والجوع والحرمان روافد تصب في حفرة الجريمة والإرهاب

فلاح أمين الرهيمي

2022 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أم عباس ليس لديها أطفال (عقيمة) تعيش في الريف مع زوجها وبعد وفاة زوجها هاجرت من الريف إلى المدينة فسكنت في بيت مشيد من الطين في (عكد الكرعين) وتعود ملكيته إلى امرأة أرملة اسمها (سويده) وكانت تمارس العمل في حمام للنساء فأصبحت أم عباس التي استأجرت غرفة في البيت تعمل مع (سويده) في الحمام .. كان في ذلك (العكد) نسوة تمارس شوي الخبز في التنور وبيعه إلى الناس من أجل توفير لقمة العيش لهن من خلال شراء الطحين من رجلين يملكان محلات في السوق لبيع الحبوب والطحين يساعدان هذه النسوة بتوفير الطحين لهن بالنسيئة (الدين) وبعد بيع الخبز يدفعن مبلغ الطحين .. وأخذت أم عباس تمارس هذه المهنة في الليل تشوي الخبز ومع الفجر تحمله في صحن من الخزف (طبك) وتذهب به إلى إحدى ساحات مدينة الحلة لبيعه إلى العمال والكادحين الذين يتجمعون في تلك الساحة من أجل العمل.
وفي فجر أحد الأيام خرجت أم عباس ومعها الخبز كعادتها في كل يوم وقع بصرها على طفل ملفوف في قطعة من القماش مرمي على قارعة الطريق ويبكي ويصرخ فأسرعت أم عباس وتناولت الطفل وعادت مع الخبز إلى غرفتها وأخذت تعتني وترعى الطفل وأخذت بعض النسوة في الدار يساعدن أم عباس في رعاية الطفل كما ساعد البعض من أبناء المحلة أم عباس على تسجيله في دائرة النفوس وأطلق عليه اسم (عباس).
ومرت الأيام والسنين وأصبح عباس صبي أخذ يساعد أمه في بيع الخبز في الساحة العامة إلى الناس وبعد فترة من الزمن ماتت أم عباس وأصبح عباس وحيداً ومتشرداً يقوم بجمع قناني المياه الغازية الفارغة من الشوارع والأزقة والدرابين من أجل توفير لقمة العيش له وكان ينام ويقضي الليل على الأرصفة للشوارع أو ينام على إحدى المصاطب في إحدى الحدائق ... وفي إحدى الأيام كان يبحث عن القناني الفارغة فوقع بصره على خاتم (محبس) مرمي على الأرض وكان هذا الخاتم الذهبي قد سقط من كمية من الذهب سرقت من إحدى البيوت .. فتناول عباس الخاتم وحمله وأخذ يسأل الناس عنه فأخبروه أنه من الذهب والذهاب إلى أحد الصاغة وبيعه له .. وكان في ذلك الوقت عندما تحدث سرقة من هذا النوع تبادر الشرطة وتخبر الصاغة عنها فحمل عباس الخاتم وذهب به إلى أحد الصاغة لبيعه والعيش من ثمنه واتفق مع الصائغ على ثمنه وطلب من عباس الجلوس ليأتي له بثمن الخاتم فجلس عباس في المحل وذهب الصائغ وأخبر الشرطة بذلك وجاء مع الصائغ أحد الشرطة وألقى القبض على عباس ووجهة إليه تهمة سرقة الذهب فأنكر ونفى ذلك العمل إلا أن الشرطة استعملت ضده العنف والقسوة التي أدت به إلى الاعتراف بسرقة الذهب ومن شدة التعذيب والعنف كان يكذب على الشرطة ويخبرهم أن السرقة وضعها في حفرة في إحدى البساتين وحينما تذهب الشرطة إلى البستان وتحفر المكان تجده فارغاً وبعد أن عجزت الشرطة من تعذيبه واستعمال العنف معه أحالوه إلى المحكمة التي حكمته بالإعدام شنقاً حتى الموت وشاءت الأقدار والأيام أن تلقي الشرطة القبض على عصابة من اللصوص التي اعترفت على السرقة من الذهب التي اتهم عباس بارتكابها والقيام بها وأطلق سراح عباس من السجن ... فخرج من الشرطة والفرح والسرور تغمر قلبه وحينما حان وقت الظهر شعر بالجوع وشعر بالقلق من أين يأتي بالطعام وهو لا يملك المال وكان يتناوله في السجن وعند المساء أين يذهب لكي ينام وكان ينام في السجن وبعد أن أنهكه الجوع والقلق والسهر والنوم على أرصفة الشوارع فلجأ إلى المطاعم التي أخذت تساعده بتقديم الفضلات من الطعام الذي يتركها الزبائن وفي المساء كان يقضي الليل ينام على إحدى المصاطب في إحدى الحدائق في المدينة.
كانت في الحديقة بالقرب من المصطبة التي بنام عليها عباس شجرة اتفق الإرهابيون أن يجتمعوا بين فترة وأخرى بالقرب منها وقد شاهدوا عباس ينام على المصطبة القريبة منهم فأخذوا يراقبونه واطمأنوا منه بعد أن شعروا وعرفوا أنه من أبناء السبيل الفقراء فاقتربوا منه وتعرفوا على حياته البائسة واتفقوا معه على العمل معهم ويقدمون له المال الكثير وفي البداية أخذوا يكلفونه بوضع العبوات الناسفة في بعض الأمكنة من المدينة تم تطور ذلك إلى العمل معهم حتى ألقي القبض عليه ونفذ فيه حكم الإعدام شنقاً حتى الموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب