الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ذاكِرة الفقر المُدقع

عصام محمد جميل مروة

2022 / 11 / 17
سيرة ذاتية


حروب..ودروب..وصف حروف .. يُرافقني ويُصاحبني ما دمتُ حياً .
في الحديث عن تلك الثلاثية التي مازالت وتبقي ابدية وما حييت.
عندما أخذت علي عاتقي البحث والبداية في الكتابة .عن الحالة التي تُلازمني منذ الوعيٌ والبدايات.
كان والدي موظف ويعمل في المطابع التي لا تحتاج إلا الي اجراء.وعمال .ليست مُلزمة تلك المؤسسات في حماية العمال.وضمان اهاليهم .
ولكن وزارة التصميم العام في لبنان ومن كثرة أهميتها في العالم ، لكن علي المستوي الوطني اللبناني .قد وٌضعت جانباً ليس إلا منعاً للمصاريف الباهظة التي تخصصها الميزانية الحكومية. وأُعتبرت وزارة غير سيادية فلذلك تم تصغيرها وجمع موظفيها بعد حرب السنتين "" 1975-1976"" .
ومع ذلك كان ابي يتفاضي مخصص وبصفة عامل ميومي.اجير وغفير و في قسم التجليد .
وبرغم الحروب كان المكان والمكتب الوحيد للمديرية تلك يقع بالقرب من السفارة السوفيتيية في تقاطع مارالياس المزرعة.وكانت للقوي اليسارية مراكز ومواقع كثيرة.
وعند الإشتباكات التي دارت في بيروت وذهب ضحيةً لها كثيراً من الناس ومن الفلاسفة علي سبيل المثال ""حسين مروة"" .صاحب الكتاب والموسوعة في النزعات المادية في ألأسلام والعرب."" النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية "" ، وكنتُ في تلك الأيام أقيمُ في مركز الحزب الشيوعي اللبناني الرئيسي في المنطقة وعايشت لحظة بلحظة الأحداث . حروب بيروت وشوارعها الضيقة عام ""1987"" . لا بل اكثر من ذلك ساهمت وشاركت بالحرب وبالحماس ما فوق العادة بدون حسابات أو مسئولية شخصية . وبعد نهاية الإشتباكات وعودة الهدوء النسبي .
وعند زيارة والدي ذات صباح مُطمئناً عليَّ !؟. كان يوماً مهماً لي !؟. ولم اتوقع انهُ اللقاء الأخير ، وإستضفتهُ على (ترويقة) صحن فول في إحدي المطاعم الشعبية والقريبة من مركز الحزب. لأنني لا استطيع مغادرة محور المركز خوفاً من الإعتقال بعد دخول المخابرات السورية الى العاصمة بيروت .
وحدثني عن ذلك السائق الذي اقلهٌ من صيدا الي الضيعة ، وكان قد وقع وصار جدال ونقاش وتجاوز السائق إياه الأصول والاحترام في الكلام ، وفي التهديد علي إحدي الحواجز التابعة الي ميليشيات حركة امل في منطقة ساحل صور، ما بين أنصار ومفارق متفرعة ، والجسر الذي يربط الضيعة الزرارية بالطريق العام المسماة ابو الأسود،ولكن والدي لم يكن ليستكين لتلك التهديدات الصبيانية والتي قد تؤدي الي،،،،،.
لكن الان وبعد مرور عقود علي تلك الوقائع وجدت نفسي مبحراً في التذكر والذهاب بعيداً وربما ابعد وابعد بكثير ،
في ايام الدخول الي المدارس مع بدايات السنوات للسبعينيات من القرن الماضي ، وكنت ما زلت في العاشرة او اكثر بقليل ،ذهبت مع والدي الي منزل المدير العام للوزارة الاستاذ ادمون الاسطا .وكان سكنهٌ يقع في منطقة وادي شحرور،وعند الاستقبال البارد احسست بإن المكان قد وضعني في موقف صعب.وقال المدير الي اولادهِ الثلاثة خذوه اي ليَّ لكي نلعب معاً في ألعابهم في غرفة مخصصة لهم ،لكنهم دخلوا الغرفة تلك وأغلقوا الباب .وشعرت بعد ما كنت قد تناسيت بإن هناك فرق طبقي بيني وبينهم .وما بين ألعابهم النظيفة الغالية.ومابين ألعابنا التي لا تكلفنا سوي إختراع وقص وتقطيع الشحاطات البلاستيكية العتيقة، في زواريب حي السلم الآيلة الى الإستحالة لسعتها أكثر من شخص وصندوق خشبي مهترئ وشواكيش قديمة بلا إكتمال لأعمدتها والإمساك والتحكم بها !؟.
وعندما وقف المدير وقال الي ابي وبلغة الأمر وبلهجة لم أتوقع ان اسمعها من شخص يوجهها الي ابي.وبالعامية قال ولم تزل محفورة الي الان(روح محمد روح ما بقي عندي وقت ألك هلق أنا بحكي مع المحاسب)!؟. وكانت السلفة تلك لا تضاهي المخصص الشهري الذي يتقاضاه والدي من الوزارة.
وعندما ذهبنا وخرجنا من المكان شَّد والدي علي يديَّ و لمستُ بأنهٌ كان لا يجب ان اتعرض ومبكراً الي شعور وإحساس غير مألوف وربما الفوارق الطبقية التي دخلت سريعاً الي داخلي !؟. وما زالت الي الأن اعمل من اجل اسقاطها برغم الصعوبات .كما انني اشكر اولاد المدير اياهم البنتين والصبي وكانوا يجارونني في العمر، علي تلك الإيضاحات التي اشعروني بها بإنهم أبناء،مدير عام،وانا ابن عامل وفقير وأجير.
كانت الحروب عنيفة وخطيرة وقاتلة ورائحة عبق مدادها وحبرها يحسُك على صفها وتنسيقها في ملازم الكتب لتقديمها بإتجاه المطبعة !؟.
ومباغتة ومفاجئة.ومع ذلك عايشها .
وكانت الدروب صعبة وطويلة وشاقة وملتوية ومتعرجة ولكنك سرتها.
وكانت الحروف الصغيرة ولا تٌري بسهولة .ومع ذلك تعاملت معها بلطف وعناية وكنت تنقلها من مكان الي اخر،لكي تظهر علي أوراق في ملازم حديدية لكي يخرج الكتاب وصفحاتهِ التي . أقرئها الأن ،
انت من الجنود والعمال المجهولين ، كانت دور النشر واصحابها هم الذين أسمائهم تطبع علي أغلفة الكتب تلك،
وأعرفك قد عملت في مطبعة الهدف في خندق الغميق،
وكم حاولت ان تجعل مني ""صفيف حروف "" ، وعامل مطبعة ، ولكنني لا اعرف لماذا تنكرت.برغم رؤيتك وفي ساعات عمل طوال تنقل بسبابتك وبإبهامك الأحرف ،لكي تعلمنا وتطعمنا وتسكننا.فكم كنت ومازلت وسوف تبقي كبيراً ومتفاني،
وعرفتك في مطبعة شعاركو في البسطا التحتا عند الباشورة،
وعند البحث في القصاصات التي كتبت عليها قبل رحيلك،لقد قرئتها وتمعنت بها وعرفتك جيداً،
سوف اكتب عن ما كنت تحب الكتابة عنهٌ،
سوف أقول ما كنت تريد قولهٌ
وعلي الملئ،
من الحرية وما آلت اليها تداعياتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي