الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبيعة البشرية، خير ام شر و تأثير الحضارة عليها

صالح مهدي عباس المنديل

2022 / 11 / 18
المجتمع المدني


انه سؤال فلسفي شغل الفلاسفة منذ عهد سقراط. لابد هنا من التوقف عند فلسفة الديانات حول طبيعة الأنسان اذا جاء في القرآن الكريم " و نفس و ما سواها و ألهمها فجورها و تقواها" وهي مل يلخص طبيعة الأنسان اذ انه متناقض يندمج خيره مع شره و ما اكثر الشرور.
يعتقد ان الأنسان عاش على وجه البسيطة لمدة اكثر من مئة الف سنة، 95٪ من ذلك كان الأنسان يعيش في الغابات و الكهوف و كان ذلك معظمه في العصر الجليدي الأخير و ما تبعه. كان الأنسان صياد و يجمع غذائه بعناء قليل مما تنتجه الطبيعة في الغابات و السهول و الوديان. لم يكن هناك عناء شديد حيث كان معدل ساعات العمل في الأسبوع عشرين ساعة. و يقضي معظم وقته لهوا و لعبا في تجمعات بشرية لا تزيد على 150 شخص، ليس هناك تنافس على شيء و يبدو ان المجتمعات كانت تحت سيطرة المرأة و القيادة ربما تعطي للأنسان المحبوب الأكثر شعبية و إن طغى يخلعوه على عجل و اذا كان هناك شخص مسبب للأضطرابات عادة يطرد من المجموعة كأي صعلوك. كان لا احد يملك شيء و لا نزاع على السلطة و الغذاء وفير و الأمراض المعدية ربما كانت غير معروفة.
و قبل 10000 سنة حصلت نقلة نوعية في تاريخ البشرية، اذ انحسر العصر الجليد و اصبحت المنطقة من النيل الى الفرات جنة طبيعية حيث استقرت الناس في تجمعات كبيرة و دجنت الحيوانات و زرعوا الأراضي بالحنطة لتصبح الغذاء الرئيسي. استوجبت هذه التغيرات ظهور ملكية الأرض الخاصة التي هي بحد ذاتها كانت من اهم العوامل المؤدية الى ظهور الجوانب السلبية للأنسان و الآفة الكبرى التي هي " الجشع المالي".
اما تدجين الحيوانات فكان السبب في ظهور الأوبئه التي بدأت تحصد الآلاف من البشر في فترة و جيزة و تلام الأبقار و كثرة الفئران في المدن على ذلك، لان المدينة جلبت معها تغيير جذري للبيئة و جعل الأنسان بتلامس مباشر مع الحيوانات.
مع ظهور الملكية و كثرة التجمعات جاءت آفة جديدة و هي الخوف من الآخرين اذ اصبح عددهم اكثر بكثير من المألوف، و بدات الخلافات تدب مما اوجب وجود سلطة و ملوك، ثم وجود هؤلاء استوجب وجود جيش و سلطة ثم ايديولوجي جديد عادة على شكل ديانات مبنية على الأساطير في عهد السومريين و غيرهم، اذ ابتدعت من اجل السيطرة على الجموع و تخويفهم بان الآله تعلم كل شيء و تراقبهم على مدار الساعة.
هذه المجتمعات الكبيرة و لدت الخوف و حاجة الأنسان ان ينتمي الى جماعة و كل جماعة لم تثق بأخرى مما ولّد شيء لا يوجد الى في مخيلة الأنسان و هي الأمم و الشعوب.
و تحت اجبار الطغاة و نزولا عند رغبة الآله بدأت الحروب التي ابادت الملايين عبر التاريخ.
الى هنا لابد من الأستنتاج ان بداية الحضارة جلبت معها كوارث لم تكن في الحساب مما وضع البشرية في محنة منذ فجر التاريخ.
حيث عانت المجازر و الفقر و الأمراض، حتى قبل قرنين من الزمان كانت معظم البشرية تحت خط الفقر تعاني تحت نير الأقطاع و العبودية.
في القرن السابع عشر بدأ عصر التنوير المبني على احكام العقل لا العقيدة.
وقد سبقهم في ذلك الفلاسفة اليونان و المفكرين المسلمين من المعتزلة.
حيث كانت حالة الأنسان الذي بدا يتحرر على يد المفكرين تتأرجح بين فكر توماس هوبز الذي يعتبر الأنسان شرير و مخادع لا تهمه الى مصلحته و يعتبر الحياة هي حرب الجميع ضد الجميع و لابد من سلطة قوية تحدد حرياته و تصرفاته تحت ظل القانون، و فكر جان جاك روسو الذي يعتبر الأنسان حر و كريم بطبيعته و لكن الحضارة افسدته.
ثم جدد ذلك كل من ادم سمث و ديڤد هيوم اذ يعتبران الأنسان لا تهمه الا مصلحته الشخصية و يعتبر ان كل شخص هو مخادع اناني و يجب التصرف معه على هذا الأساس.
خلص عصر التنوير الى تحرير الأنسان و نبذ العبودية و تبني المساوات و العدالة. تلت ذلك الثورة الصناعية و التقدم العلمي الذي مكن الأنسان من القضاء على الأوبئة و الرفاه الأقتصادي الغير مسبوق منذ 10000 عام.
لكن هذه المرحلة الجديدة افرزت مشكلة جديدة مبنية على طبيعة الأنسان الذي لديه من بين العيوب الأخرى عيب كبير و هو التعصب للعرق و اللون و العقيدة و الأمة و التفرقة العنصرية.
هذه الآفة القديمة اصبحت ذو اثر اكبر مع عصر الأزدهار ادت الى الحربين العالميتين و ما تلاها من حروب في المئة عام الأخيرة. للاسف ان ن دعاة الحرية مثل ڤولتير و ديڤد هيوم و توماس جيفيرسن اكدوا ان الأعراق غير الاوربية لابد ان تكون ادنى و اباحوا العبودية.
و هكذا يبقى الأنسان كائن متناقض فيه الخير و الشر و تظهر هذه الصفات حسب ظروفه الأقتصادية و مجتمعه و حالة التعليم ، لكن يبقى الحافز الرئيسي له هو المصالح الشخصية و حب الذات. و على هذا الأساس وضع ادم سمث نظريته التي بني عليها الأقتصاد المعاصر، لذا من اجل ان تجعل الشخص يتقن عمل جيد عليك ان تجعل له منفعة شخصية و لو كلف الأمر و كذاك بنيت المؤسسات الديموقراطية الحديثة، التي جعلت لبعض الناس حوافز لعمل مختلف الوضائف و مقابل ذلك وصعت مؤسسات اخرى فيها العاملون تكون مصلحتهم في مراقبة المجموعة الأولى لغرض منع اختلاس الأموال و الفساد الأداري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط


.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا




.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد