الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صاروخ بولندا
خالد بطراوي
2022 / 11 / 18مواضيع وابحاث سياسية
في تفاصيل الحدث بتاريخ 15/11/2022، لقي رجلان بولنديان مصرعهما عندما سقط صاروخ على قرية بجيفودوف البولندية التي تبعد أقل من عشرة كيلومترات عن الحدود الأوكرانية، حيث أصاب الصاروخ ( أو الصاروخين) منشأة محلية لتجفيف الحبوب والتي تقع بالقرب من مدرسة.
وفي تداعيات الحدث، فقد كانت أصابع الاتهام قد وجهت فورا إلى روسيا باعتبارها التي بادرت الى الحرب مع أوكرانيا بتاريخ 24/2/2022.
وعندما بدأ إنحسار أثر هذا الحدث المحدود يتبلور ويتضح أن المقصود إقحام بولندا في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، صرّح الرئيس البولندي أندريه دودا بعد أقل من 24 ساعة من هذه الانفجار أنه “من المرجح جدًا” أن تكون الدفاعات الأوكرانية هي مصدر الصاروخ، رغم أن الرئيس الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي قد أكد بعد هذا التصريح أن " الصاروخ كان روسيا".
وفي البحث الميداني عن بقايا الصاروخ تبين أنه من طراز " 5V55" غير المستخدم لدى الروس وأنما لدى الأوكران.
وعندما إتضح ذلك بدأت الأقوال تبرر هذا الانفجار الغاشم الذي راح ضحيته إثنين من المواطنين العزل الأبرياء بالقول أن الانفجار كان على الأرجح حادثًا فيه صاروخ أرض جو أوكراني أخطأ في تصويب هدفه أو خرج عن السيطرة.
ونأتي هنا الى مقولة الخطأ العسكري شبه المعدومة في هذه الحالة، فالأخطاء واردة من دون أدنى شك، ولكن نسبتها في العمل العسكري أقل كثيرا من الأخطاء في مجالات "المهن" الأخرى، وعندما يدور الحديث عن خطأ عسكري يستهدف أفرادا أو منشأة أو عتادا متحركا فقد يكون واردا بسبب تبدل الإحداثيات، أما أن يكون هناك خطأ في إستهداف منشأة ثابته فذلك مدعاة للسخرية بين العسكر، فاستهداف الثابت هي "لعبة" العسكر المفضلة على " إستهداف المتحرك".
فما هي أهداف أوكرانيا أو بالأحرى "عسكر اوكرانيا" من توجيه هذه الضربة؟
أولا، أردات أوكرانيا أن تجر بولندا الى الحرب وبالطبع فهي تعتقد أنها ستقف الى جانبها، في الوقت الذي لا تريد فيه روسيا توسيع الدائرة الجغرافية للحرب الدائرة منذ نحو تسعة أشهر، ولو أردات لفعلت ذلك منذ البداية وعلى " حين غرّة". وتعتقد أوركانيا أنه لو جرى فتح الجبهة البولندية مع روسيا فإن ذلك سيخفف الضغط على الجبهة الأوكرانية.
ثانيا، وبجر بولندا، سيضطر حلف شمال الأطلسي ( الناتو)، والذي انضمّت إليه بولندا في العام 1999 الى تحديد موقفه العسكري إزاء هذه الحرب إما بمؤازرة العضو لديه ( أي بولندا) بالمشاركة في الحرب أو التزام الصمت فتضحي العضوية فارغة من مضمونها ومعناها، وعندها تسقط المادة (5) من ميثاق الناتو التي تعطي بولندا حق التمتع بالحماية حيث تلزم هذه المادة حلف شمال الأطلسي بالدفاع الجماعي والمشترك.
لكن هذه المحاولة وأمام حقائق تتعلق بطراز الصاروخ الذي تم إطلاقه جعلت من الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ يدلي بتصريحات مفادها أن "لا مؤشر" بأن الانفجار ناجم عن هجوم متعمّد، وعلى هدي المثل القائل " عنزة ولو طارت" قام بتوجيه اللوم الى روسيا التي في جميع الأحوال هي من بدأت الحرب على أوكرانيا.
ولنفترض جدلا، أن روسيا هي من أطلقت هذا الصاروخ، فهل يوجد من يعتقد أن بولندا ومن خلفها حلف الناتو سيشعلون على الفور بأعمال حربية ضد روسيا؟
بولندا لن تجرؤ فهي غير قادرة عسكريا على مواجهة روسيا وليس في مصلحتها أن تهدد الإستفرار داخلها، ولا تريد تكرار تجربة أوكرانيا التي على مر السنوات السابقة قامت بتلك الأفعال التي هددت الأمن القومي الروسي. ودول الناتو .. إذا أرادت أي حرب ... فهي لا تريد الحرب التي قد تؤدي ولو الى أطلاق صاروخ واحد معادي داخل أراضيها ... وإنما تريد الحرب في " الحارة المجاورة" أي على أي أرض غير أراضي دول حلف الناتو.
لذلك، كان إطلاق الصاروخ الأوكراني محاولة يائسة وبائسة لجر بولندا الى الحرب، سرعان ما تنصلت منها دول حلف الناتو بمعنى أنها " كنست يديها" من أوكرانيا، كما يقول المثل الشعبي.
وعلى الرغم من ذلك كله، تبقى مسألة واحدة هي أكثر أهمية، تتعلق بوقف هذه الحرب وضرورة الإسراع في الجلوس على طاولة المفاوضات وتجنيب الشعبين الآوكراني والروسي المزيد من المعاناة والألم والفقد والخسائر.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الاحتلال الإسرائيلي يغلف عدوانه على غزة بأردية توراتية
.. بالأرقام.. كلفة قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي منذ بدء الحر
.. تزوجتا من شخص واحد.. زفاف أشهر توأم ملتصق من جندي أميركي ساب
.. لحظة اقتحام القوات الإسرائيلية بلدة المغيّر شمال شرق رام الل
.. نساء يتعرضن للكمات في الوجه من شخص مجهول أثناء سيرهن في شوار