الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مصطلح (البدوقراطية) بين حق التأسيس وحق الاقتباس
ثامر عباس
2022 / 11 / 18اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
من الشائع ، في مجالات الفكر والثقافة ، أن تختلف الآراء وتتباين الرؤى حيال ما تحمله المفاهيم والمصطلحات من معاني وما تمثله من دلالات ، وخصوصا"بالنسبة لتلك التي تنتمي لحقول وميادين العلوم الاجتماعية والإنسانية ، نظرا"لكونها تنطوي على ما يمور في رحم الواقع الاجتماعي من تناقضات وانقسامات وصراعات ، لا تهدأ وتستكين وفقا"لإيقاع العلاقات والسيرورات الهادئة (الاستاتيكية) ، حتى تعود الى التصادم والتفجر بناء على مقتضى التفاعلات والجدليات الصاخبة (الديناميكية) ، والتي لا تعدو بدورها أن صدى لوقع التعارض بين الإرادات التناقض بين المصالح .
وعلى قدر ما تنطوي عليه عملية ابتداع (مصطلح) أو اجتراح (مفهوم) جديد ، من مخاضات فكرية صعبة - وفي بعض الأحيان تكون مؤلمة – بحيث تتطلب من وافر الجهد وفائض الوقت ، ما يستنزف الكثير من طاقة الإنسان ويستهلك الجمّ من خزينه الحيوي . بقدر ما يفقد صاحب (الحق) بالتأسيس احتكاره لذلك المصطلح / المفهوم ، أو امتلاك سلطة الحجر على استعماله من قبل الكتاب والباحثين الذين يترتب لهم الحق بالاقتباس وقتما شاءوا وكيفما شاءوا . لا بل ان شرعية المأسسة الأولى التي يحظى بها صاحب الحق الأصلي ، تشرع بالتآكل والتضاؤل شيئا"فشيئا"كلما كان المفهوم / المصطلح أغنى في المعاني وأغزر في الدلالات ، حتى ربما يكون للشخص (المقتبس) في بعض الحالات – إذا ما أحسن توظيف تلك المفاهيم / المصطلحات في غير مجالاتها المحددة – الحق في المشاركة أكثر من حق الشخص (المؤسس) .
والحال حين استحسن البعض من الأخوة القراء استعمالنا مصطلح (البدوقراطية) في مقالنا المعنون (علي الوردي ومقدمات عصر البدوقراطية) ، المنشور على موقع الحوار المتمدن ضمن عدده المرقم (7412) بتاريخ 25 / 10 / 2022 ، لم نكن ندعي الحق بملكية (التأسيس) لهذا المصطلح التجريحي والتهكمي ، بقدر ما استندنا الى الحق – ككاتب - (بالاقتباس) مما أبدعه المفكرين والباحثين من مفاهيم / مصطلحات امتازت بالجدة والجرأة ، حيث ارتأينا أنها تعبر عن رؤيتنا وتلائم مقاصدنا ، دون أن نتجاوز على حقوق الآخرين في ملكية إبداعاتهم الفكرية وانجازاتهم المعرفية .
وإذا كنا قد زعمنا التزامنا جانب الحياد الفكري والموضوعية العلمية حيال هذه المسألة ، فإن ذلك لا يمنعنا من المبادرة بتصحيح الأخطاء وتصويب الهفوات التي غالبا"ما يقع في محذورها البعض ممن يمتهن الشأن الثقافي سواء بقصد أو بدون قصد . وهو الأمر الذي نعتقد أن صديقنا الكاتب (محمد بن زكري) ارتكبه حين زعم – خلال تعقيبه على مقالنا المذكور أعلاه – انه (أول) من نحت مصطلح (البدوقراطية) في مقاله المنشور على موقع الحوار المتمدن بتاريخ 10 أغسطس 2014 ، تحت عنوان : (( التخلف الاجتماعي والبدوقراطية)) . وعلى ما يبدو فان صديقنا الكاتب لم يبادر بالتحري مسبقا"عما إذا كان أحدا"قبل هذا التاريخ سبقه في استعمال هذا المصطلح وضمّنه في نصوصه ، وبالتالي تحاشيه التورط بالاحراجات الأدبية التي يمكن أن يتعرض لها جراء هذا الزعم .
وهكذا ، كان قليلا"من البحث والتحري يكفي صديقنا (الكاتب) لاكتشاف ان مصطلح (البدوقراطية) سبق وأن استخدمه البروفسور اللبناني (خليل أحمد خليل) عام 2011 ، ضمن كتابه الموسوم ( لماذا يخاف العرب الحداثة : بحث في البدوقراطية ) ، الصادر عن دار الطليعة البيروتية . هذا في حين استعمل الباحث (غسان الخالد) المصطلح ذاته عام 2012 ، ضمن كتابه الموسوم ( البدوقراطية : قراءة سوسيولوجية في الديمقراطيات العربية ) ، الصادر عن منتدى المعارف . حيث جاء في تعريفه لمصطلح (البدوقراطية) ما نصه ان (( البدوقراطية هي نظام حكم سياسي حيث تكون ، وباختصار شديد ، الممارسة السياسية وفق الذهنية القبلية . وسواء أكانت هذه الممارسة على مستوى رجالات الدولة أو على مستوى المؤسسات التابعة للدولة ، وبصر النظر عن كل أمر آخر ، وعن الأشكال التي ربما تأخذها هذه الممارسات ، فان الشائع والمنظور والمعاش ان هذه الممارسات إنما تتم وفق هذه الذهنية )) . ص128 من الكتاب المذكور .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - شكرا جزيلا على الإفادة بالتصحيح
محمد بن زكري
(
2022 / 11 / 20 - 01:04
)
اقتباس من المقال : / ... وهو الأمر الذي نعتقد أن صديقنا الكاتب (محمد بن زكري) « ارتكبه » حين زعم - خلال تعقيبه على مقالنا المذكور أعلاه - انه (أول) من نحت مصطلح (البدوقراطية) ... / انتهى الاقتباس .
تعقيب على المقال : قلتُ (نصيّاً) في تعليقي المشار إليه ، محتاطا لظهور ما يثبت العكس ، و اقتبس : / ما كنت أدري - وقتها - أني استحدث مصطلحا في علم الاجتماع السياسي ! فمع وافر الاحترام للجميع ؛ و إلى أن يثب غير ذلك ، أزعم أني من قام بنحت مصطلح « البدوقراطية » و أول من استعمله / انتهى الاقتباس
أما و قد ثبت غير ذلك ، حسب المقال ، بأنّ أول من استخدم مصطلح (بدوقراطية) هو المفكر الكبير خليل أحمد خليل ؛ حتى الآن على الأقل ، (فربما سبقه آخرون) . فأنا بكل راحة البال و سعة الصدر ، أسحب (زعمي) بحق السبق ، و اقر بعدم اطلاعي على الكتابين المشار إليهما في المقال ؛ فلا أتوفر على وهم الإحاطة علما بكل الإصدارات .
و بصرف النظر عن دلالة كلمة « ارتكبه » ، أشكر جزيلا زميلنا ثامر عباس المحترم على التصحيح ، الذي ما كان - بتقديري - يحتاج إلى إفراد مقال كامل ، بدلا من الرد بتعليق - لبيان الأمر - في حينه .
تحياتي
2 - رد وتوضيح
ثامر عباس
(
2022 / 11 / 21 - 13:59
)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صديقي العزيز (محمد بن زكري) المحترم
الحقيقة لم يكن في نيتي البتة التشكيك في نزاهتكم أو الطعن في نقاء سريرتكم ، كما يبدو أن تعقيبي أثار لديكم مثل هذا الانطباع . واذا كان هذا ما يستشف من بعض العبارات التي وردت في ردكم ، فاني شديد الأسف لذلك وأقدم اعتذاري لكم . وفيما يتعلق بكون التعقيب أتخذ صيغة (المقال) ، فلأن سياسة الموقع تستلزم انتهاج هذا السبيل في حال كون التعقيب / الرد يتعدى حجمه المئة كلمة . وأخيرا-أقدم لكم وافر تقديري وعاطر تحياتي
.. بينها هدف ينذر بتصعيد كبير.. 3 خيارات أمام إسرائيل للرد على
.. استمرار التصريحات الإيرانية ضد الموقف الأردني.. هل بات الأرد
.. حدث مناخي غير مسبوق.. الإمارات تشهد أكبر كميات أمطار خلال 75
.. الحرب قادمة.. بريطانيا تعلن اتخاذ إسرائيل قرار بالرد على اله
.. تصريحات إيرانية استفزازية تهاجم خطوة الأردن بالدفاع عن سيادت