الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


34 – مدخل . . الى العقل المتصنم انتظار مستقبل – عربيا – لا يأتي

أمين أحمد ثابت

2022 / 11 / 21
المجتمع المدني


لا يوجد بشريا – حتى واحدا – إلا ولديه بدفق شعوري متأجج حيويا احلام ( طموح ) او امنية او عددا من الامنيات والرغبات – صرح بها او كتمها في نفسه – مؤملا أن تتحقق و . . لو على زمن البعيد ، وتظل الرغبات غير المتحققة وتلك المؤملات ملازمة له حتى نهاية عمره ، ولكنها تعلق فيه عند شيخوخته ك . . حسرات ألم تكون مكتومة في الذات عند نوع من الناس ، مطبعة لهم الاستسلام بقبول حقيقة الامر ، فينتج عن ذلك التطبع فقدان المرء طاقته الشعورية كإقبال على الحياة ، فتكون قناعة نظرته الى الحياة بما تخصه ذاتيا بقوله : لم يبق من العمر إلا القليل . . في انتظار مجيء الموت – أما النوع الاخر فتكون حسرات الالم – بفناء العمر ولم تتحقق له أي من الامنيات او مما كان يحلم به و . . حتى من الرغبات ، التي كلها - ممكنة التحقق – دائما لغيره و . . منهم ما تكون بين يديه جاهزة دون تعب أو حتى كتفكير ينشغل فيها ، بينما كلها كانت مستحيلة بالنسبة له رغم كل ما بذله من جهود وطاقات وصراع وعمل لتحقيق أي منها – تكون حسرات الألم والحزن منكشفة في هذا النوع الثاني من البشر على هيئة طباع نفسية حادة تجمع بين الانفعالية وسرعة التوتر والغضب والعدائية – العفوية – المترجمة في سلوكه ومواقفه ، وسوداوية النظرة والحكمية السالبة ضدا تجاه كل شيء يتعلق بالإنسان والمجتمع والحياة – طباع شيخوخة هذا النوع الثاني – التمردية جوازا – تكشف سرا من الاسرار المخفية نفسيا ، والمتمثلة في وجه من اوجه حقيقتها الذاتية . . في استيلاء شعور الجوع الروحي عليها والمواجه بإحساس المرء بظلم دائم وقع على وجوده ومسار عمره – الشخصي كفرد – دونا عن غيره و . . لا يعرف إجابة عن لماذا هو دون سواه ، لماذا حتى الامنيات البسيطة محرم عليه تحققها و . . هي تعد اعتيادية تحققها عند الاخرين ، بل انهم لم يطلبونها بقدر ما هي تأتي إليهم بيسر – مرور عمر هذا النوع الثاني وحتى الشيخوخة والكهولة الموسومتان بالانفعالية الحادة والطبع الرافض والمعترض ضدا على كل شيء . . تكشف عن جرارة الطاقة الشعورية المتدفقة – طموحا في الشباب – اصبحت تتخذ طابع النقمة على كل شيء - عدم الرضى النفسي الحانق في المرحلة الاخيرة من العمر . . يدل في ان طول سنوات حياته – مهما حوت فيها من الاحداث والمكاسب والافراح والاحزان – فإن ذات المرء هذا . . لم تكن مشبعة له الحياة ولو نسبيا على امتداد ذلك العمر ، فكل ما تحقق بين يديه في مختلف مراحل عيشه . . تعد بالنسبة إليه تحصيل حاصل – أي يتم نيلها او تحققها اوتوماتيكيا – بينما ما كان يتمناه ويحلم به طول عمره . . لا شيء منه تحقق ولو جزء ضئيلا من أي منهما – وتوسم قناعة هذا النوع من البشر عكس الاول تماما ، ولكن بتجلي تضادي للشخصية في الموقف بين ما يظهره قولا ويعبر عنه وبين ما يضمره في نفسه ، فهو يتمسك بالحياة بجنون ويخاف اقتراب الموت – فيما هو يخفيه او يتصوره غير مدرك عند الاخرين – ويحقر قيمة الانسان والحياة نفسها بكونها عبث ، يوجد فيها الانسان ليتعذب ويقهر ، ولذا يظهر بقول متكرر حول السعادة للمرء يكون في موته – أي يصرح كمنتظر بفارغ الصبر مجيء الموت ، بكونه يخلص الانسان من معاناته وعذاباته المؤلمة طوال امتداد وجوده في مسمى الحياة – وهو تعبيرا تحقيريا ظاهرا لها مصرحا به وباطنا يكون في معبر الحسرة المتألمة التامة .

ندرك – وإن لم يتضح الامر للقارئ بعد – أننا ابحرنا في تفصيلية ابعدتنا عن محدودية ما أردنا طرحه ، وبتوقف متبصر ذاتي وجدنا اعتماده ، بكونه اولا يحقق منحى غايتنا . . في أن نقدم للقارئ اقصى فائدة معرفية . . حتى وإن وجد خروجا عن مسار الفكرة الاساسية الموضوعة سلفا ، أما ثانيا كون أن مثل تلك الانحناءات او التعرجات المطولة لسياق الموضوع . . تكون ممكن احتوائها في المسار الطبيعي للموضوع ، ويمكننا السير في منحى الفكرة الرئيسية . . دون أن يشعر القارئ بوجود قطع او تقطعات لتسلسل الفكرة – وبعودة هنا الى النقطة المحددة بذاتها المراد قولها مما سبق – لا وجود لبشري ( فرد ) أي كان إلا ولديه احلام ، امنيات ، اهدافا وغايات ( يدركها او يتحسسها بضبابية عفوية ذهنية ) و . . حتى رغبات بعيدة . . يؤمل تحققها او حتى بعض منها في مدى عمر حياته ( راهنا ومستقبلا ) – و أيضا بالنسبة لمعبر ( الذات الجمعية ) ، أي ذات المجتمع العربي – الخاصة على الاساس القطري ، بمعنى ذات المجتمع ( اليمني ، الليبي ، اللبناني ، العراقي او الخليجي او السعودي ) ، العامة بصفة الهوية المشتركة الواحدة كعرب . . ولن نقول على اساس العرق – فهي مثل غيرها من شعوب مجتمعات الارض مطبوعة على ذات الخاصية من السمة العاقلة التي سبق توضيحها على الصعيد الفردي لمعبر الذات – تعد مكونا عقليا عاما تحضره احلام ، أمنيات ، طموحات ورغبات يؤمل أن تتحقق ، وحين يرحل الزمن ولم تتحقق أي منها في حياته او واقعه – حقا وليس زيفا - يظل انسان المجتمع ( العام ) في حالة ترقب وانتظار مستديم لتحول أي من العوالق العاطفية المجردة في ذاته فكرة او تصورا متخيلا أن تصبح ملموسة الوجود واقعا وحياة – والسؤال هنا : لماذا تصبح من الاحلام او التمنيات او الرغبات البعيدة عند شعوب المجتمعات الاخرى . . متحققة واقعا و . . لو بعد حين من الوقت – قد تختلف المجتمعات فيما بينها من حيث ( الزمن والجهد والتكلفة ) في تحول حلما او امنية او طموحا او رغبة من طبيعته المجردة في عقل انسان المجتمع ليصبح واقعا ملموسا عيشه ، بمعنى تكون سريعة واخرى بطيئة وغيرها اكثر بطئا وسواها متباطئة – أما بالنسبة لذات انسان المجتمعات العربية . . يعبر الزمن ، وتتوالى الاجيال – ويدعى زيفا تحقق بعض الامنيات والسعي نحو تحقيق ولو بعض من الاحلام بتحد وعزيمة واصرار ، رغم كونها صعبة المنال – و الحقيقة الملموسة واقعا وحياتيا لا وجود لها كمؤشرات اولية لأي منها ، أو أن يحدس او يخمن بظهور مؤشراتها مستقبلا . . حتى يجاز قبول التوهيم بما يشاع ؟ ! ! – وطبعا لا مكانا في موضوعنا هذا لمبحث الولوج ب . . الانتكاس او التراجع او التقهقر رغم متحرك الزمن الاجتماعي الى الامام .

وبإضافة عرضية تعريفية لإشباع بنية الاحاطة فيما مما ذكر . . لا اكثر ، فالأحلام والامنيات المجردة في الذات الاجتماعية يستمر توارثها بمحمول البيئة المجتمعية المتجددة كعمر بيولوجي بين الاجيال ، حتى لمئات والالاف من السنين – طالما لم يتحقق أي منها ملموسيا – وطبعا تتجدد صورة الاحلام والامنيات شكلا على اساس مرحلي من الوجود البشري العام ،لتكون متوافقة ايقاعا مع الوجود الزمني العام بما وصل اليه كواقع متحقق من الحياة والمنتج فيها ملموسا – أكان بالنسبة للذات الفردية او المجتمعية العربية مقارنة بغيرها .

وعودة حول إجابة التساؤل المطروح سابقا – سنجد أن غالبية مثقفي النخب العربية لا يزعمون بل يؤكدون أنها معروفة للجميع ، بما فيهم مجازا من يمكن توصيفهم بالمفكرين وعلماء المجال الاجتماعي ، ولكنهم يختلفون من حيث زاوية النظر للإشكالية موضع التساؤل ، فتكون الاجابات كلها صحيحة ولكن كل حسب زاوية رؤيته ( للأسباب ، والاستنطاق الحكمي والمعالجات ) – فهل ذلك صحيحا أو ادعاءات توهميه بصحة الجواب ؟ ، وهو ما سنأتي عليه اولا .

ليس من فراغ قد طرح تعميما التفريق بين النخبة والعامة ، بكون النخبة التي يطلق عليها وصفا مسمى اصطلاح المثقف للفرد او المجموع بالمثقفين يوسمون بوعي اعلى واكثر تنظيما ( في التفكير والفهم ) ، بينما العامة يطلق على غالبية انسان المجتمع ، والموسوم بوعي اعتيادي بسيط – هذا دون الخوض في طروحة غرامشي حول فهم لفظ المثقف اصطلاحا كمعنى ودلالة – وإن كنا نضع إضافة تعديلية لذلك التقسيم الثنائي السابق ، بوجود نزعم به اصناف اخرى ملحقة بذلك التصنيف – وهي ضمن طبيعتهما بدرجة من الدرجات وتخلق التداخل الافتراضي بينهم وليس الفصل الكلي بما هو متفق عليه فكريا – كالآتي :

النخبة المثقفة : وتضم 1 ) الشريحة العليا المهتمة والممارسة مجالا للفكر او العلم ، المعلمة بالمفكرين والعلماء والخبراء الاحترافيين المبدعين .
2 ) الشريحة الوسطى السياسية المتعلمة الموظفة اداريا خدميا – منها غير المؤدلجة والاخرى الايديولوجية التي يطلق غرامشي على نموذجها تصنيف ( المثقف العضوي ) .
4 ) الشريحة الدنيا خليط ذات التعليم الجامعي كشهادة محمولة ، والتعليم المتوسط ، والفئة المهنية غير الامية ، تطبع ثقافتها المعرفية النظرية ب الثقافة الجماهيرية السطحية العامة .
أما العامة : فتضم 1 ) انصاف المتعلمين
2 ) الاميين
ثقافتهم مكتسبة شفويا وبصريا ومن خلال خبرات ممارسة المهنة او من خلال ثقافة الشارع للمجموعات المتبطلة او خلال مجموعة التعصب الضيقة – كالدينية مثلا . وتعلم عامة المجتمع ب بالعقل العاطفي ضيق الافق التعصبي في الفهم والتقييم والممارسة . وتجتمع شرائح العامة على طبيعة عقلية واحدة اساسها الوهم كمحرك للأحلام والامنيات والرغبات والتطلع ، بينما توسم بمسلكية حسية يتم ادراكها و . . والمعلمة ب الانتظار لشيء يأتي او يتحقق ، ويكون انتظارا بمعطل العمل او الفعل او انتظارا يكون الاثر العاطفي لبنية الوهم مشظيا للعمل او الفعل . . فيجعل ناتجه صفرا إن لم يكن مخلفا لآثار اكثر سوء تزيد من بعد الارتكان المنتظر لمجيء ما هو مؤكل مجيئه .

ووفقا للتقسيم اعلاه ، فإن ما نطبع به عربيا – وهو عيب غير طبيعي بالنسبة للمجتمعات الطبيعية النمو – أن التفريق المميز بين نخبة مجتمعاتنا العربية القطرية وعامتها غير واضحة من حيث بعدي الثقافة المعرفية النظرية والممارسية ، بل يبنى ذلك التفريق التمييزي من خلال التمايز المجتمعي بين افراد المجتمع من حيث المكانة المجتمعية على اساس القوة النافذة – سلطويا او طغمة مالية او قوة النفوذ العائلي او العشائري اجتماعيا – وعليه خلال البحث العمقي حول الذات الاجتماعية يظهر واضحا تماهي متداخل بين مفهوم اصطلاحي النخبة وعامة المجتمع ( عربيا ) ، ويرجع ذلك لطبيعة الانقياد العقلي لإنسان مجتمعنا العربي في محركه الوظيفي الدماغي ، انقياد عفوي غير مدرك منذ الطفولة مستمرا الى مراحل العمر الاخرى ، وذلك لإرثيه المجتمع المعتقدية ( دينية وغير دينية تمثل الاسرة ركيزة فيها ) ، وانقيادا ( لا أدريا ) للمعارف التعلمية والتصورية المكتسبة خلال تطبع وظيفة عمل الدماغ في طابعه المعرف ب العقل – بصورة آلية توهميه بالإرادة الذاتية – وذلك على اساس النقلية الصرفة والمحاكاة من خلالها – أي ما اكتسبت من المعارف او المهارات – بطرح توهمي معتقدي بتقديم الجديد . . المساير عصريا لما يخلق عالميا من افكار نظرية مجردة او علمية تجريبية .

فمما سبق ، نجد تطابقا – بمعنى نسبي – على الصعيد الشكلي بين نخبنا وعامة مجتمعاتنا العربية ، بينما يكون التطابق حدي بينهما – أي ذاته – على الصعيد الجوهري ، حيث هذا الاخير يعلم ب العقل العاطفي المطبوع على الانقياد ، تتجلى مظاهر التطابق شكلا من خلال موصفات ( التوهم الاعتقادي والتصوري ، التعصب المطلق لفهم الذات ، الفصام في النفس – عقلي والنفس – اخلاقي من العقل ، تضخم الانا ، الادعاء بفهم الذات وعملها دونا عن غيرها من الذوات الاخرى ، حرف الحقائق بمتوهمات ذاتية التخيل الظني ) أما متخالف الصفات والخصائص بين النخبة والعامة – عامة – على الصعيد الشكلي ، أن انسان الأولى يكون موسوما بحدية الصفة ، مثل ( الانتهازية ، التكسب المخادع وتزييف الحقائق كوظيفة تربحيه والنرجسية و وهم تمحور كل شيء حول ذات المرء المفردة . . الى جانب التحوصل على الذات بمتوهم انها محورا لفهم العالم من خلالها المغلقة ، إضافة الى ضيق الافق المعرفي المتشدد – مقابل ضيق الافق النفسي عند العامة وقشرية المعرفة .

وعليه ، تلعب النخب العربية دورا قائدا لصناعة الوهم شعبيا لمنتج وعيا اجتماعيا زائفا معطلا ، والتجريف الانتهازي للواقع والقيم والمكتسبات ، تتشارك العامة والنخبة بتماهي كامل فيما بينها ، تكون الاولى مجيرة فعل التجريف لربحيتها الذاتية الخالصة ، بينما الاخرى تسبب فعل التهشيم وتعيد ذات الواقع بتشظي اكثر تشوها من قبل – وهنا تتجلى حقيقتنا الدائمة لذات عربية مجتمعية مطبوعة على انتظار مستقبل متغيرة فيه الاوضاع والحياة بما تتمناه أي ذات ( مفردة او خاصة او عامة ) في العالم و . . لا يأتي شيء – فالمستقبل كونه واقع مجرد متخيل تمنيا في العقل لا وجود له حاضرا – وهو ما يجمدنا في بنية الانتظار الحالم – وبين أن طبيعة مجيئه معلما بالمقدمات التغييرية التي يخلقها الانسان في حاضره – وهي الحقيقة المثبتة أن الذات العربية خاملة فعلا ومعاقة عقليا . . ما يجعل المستقبل عادة الذي يأتي اشد ضررا وسوء من قبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا


.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر




.. اعتقال مصور قناة -فوكس 7- الأميركية أثناء تغطيته مظاهرات مؤي