الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 25 تشرين الثاني/ نوفمبر: كيف نقرأ المهمة؟ وكيف نجد المعالجة الأنجع؟؟

تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)

2022 / 11 / 22
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 25 تشرين الثاني/ نوفمبر (A/RES/54/134) كيف نقرأ المهمة؟ وكيف نجد المعالجة الأنجع؟؟ لابد للإجابة من شروط الوعي بها وبأسبابها ووسائل المعالجة بما يفي لتوفير الحماية والرعاية وتغيير ما هيَّأ لها من انفلات شامل ومن حالات تراجع واجترار لمنظومات قيمية ماضوية بحاجة لثورة ربما مؤلمة ببعض تضحياتها لكنها واجبة لتلبية المطالب فهلا تفكرنا في تغيير مجتمعات تحجرت وتكلست وتجمدت فيها سلوكيات الذكورية فلسفة وثقافة ماضوية سلبية؟ وهلا تدبرنا الإجراءات التي تنتظرنا لمجابهة الجرائم المركبة والتوجه نحو أنسنة وجودنا بمساواة جندرية وإنصاف لأطراف القضية؟ لربما تجدون هنا جوانب مفيدة تتطلع لتداخلاتكن وتداخلاتكم بما ينضّجها ويتقدم بها
**************************************************************************************

اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 25 تشرين الثاني/ نوفمبر(A/RES/54/134) كيف نقرأ المهمة؟ وكيف نجد المعالجة الأنجع؟؟

إنَّ التمعن في أوضاع الإنسان وحقوقه، فردياً جمعياً، بمجمل المنظومة القيمية السائدة سلوكياً، يجعلنا نلاحظ بشدة ظواهر ((التمييز)) بكل أشكالها وهي تقع في فضاءات المجتمعات والدول والمنظمات والجماعات البشرية؛ وسيتعين هنا أنْ نرصد سطوة الثقافة الذكورية وتفشيها حتى وسط قطاعات نسوية بعينها بخلفية الأثر السلبي لمنطق التصرّف والسلوك بعادات وتقاليد ومعتقدات تسيطر على الذهنية العامة للإنسان.

وإذا ما أردنا قراءة الأوضاع الإنسانية بالأرقام والنسب فسنجد حجم ما تعانيه النسوة من تهميش ومصادرة ومن عيش في أحوال جد متدنية تدفع لمزيد استغلال لهنّ ومزيد عنف همجي ووحشية في التعامل معهنّ! ما ينبغي الالتفات من خلاله إلى رصد جملة متنوعة من الجرائم وأشكال العنف بحق النسوة ومنها:

ما يتعرضن له من جرائم اختطاف بظروف تدفع لارتكابها في مجتمع تشوهت فيه المنظومات القيمية وانفلتت فيه الأوضاع أمنياً بكل محاورها.
وما يتبع جرائم الاختطاف من جرائم أبشع بارتكاب الاغتصاب بأشكاله وبما يهيِّئ لارتكابه بدءاً بالبيت وإطاره العائلي الأكثر تسترا وبحثا عن التخفي خلف الحظر في الحديث به ومرورا إلى خارج المنزل حيث مختلف الميادين التي تصلها المرأة.
كذلك جرائم القتل ومنها ما يُطلق عليه جرائم الشرف أو غسل العار! سواء بمحاولات إخفاء جرائم الاغتصاب أو غيرها من أشكال إدانة النسوة وحظر أو تحريم خياراتهنّ في الحياة.
لتلحق أيضاً جرائم أخرى من قبيل تزويج الفتيات بعمر الطفولة المبكر وبصورة قسرية كثيرة من صيغ التعنيف من قبيل فرض ما يُزعم تبريراً له من واجبات يُسقطون عليها سلطة الدين والمعتقد بمسمى سنّ التكليف واشتراطاته، وكل ذلك يُكرهن أو يُعنَّفْن عليه، بذرائع تساهم مجتمعات التخلف في تبريرها.
وتُضاف جرائم ازدراء (الأنثى) مذ ولادتها ومن ثمّ الطعن معنويا نفسياً وبدنياً بهنّ الأمر الذي يخلق جراحات غائرة وندوبا تشوّه أنفسهنّ وقدراتهن الأدائية في إمكان العيش الإنساني السوي لعل من بشاعات أمثلته ختان الإناث وصيغ لبسهنّ وهن بسنّ أو عمر الطفولة..
ومن جرائم التعنيف بحق الإناث، حرمانهن من الرعاية الصحية البدنية والنفسية ومن التعليم ومتنوع الحصول على الثقافة.. والأمر يعود لمستويات المجتمعات وطابع ثقافتها وثقافة الأسر والعوائل بخاصة تلك المجتمعات التي تخضع لمنطق قبلي عشائري أو طائفي بمنطق لتدين وزيف ادعاءات كهنته..
ما تتعرض له النسوة في ميدان العمل من أشكال التمييز ليست الأجور غير المتساوية منتهاها، ولكن أشكال الإقصاء والتعامل بضمنه تمييز مشرعن بقوانين تتعارض وما توصلت إليه العهود والاتفاقات الأممية..
كما أن النسوة يعملن في المنزل وفي الحقول والمراعي بلا أجر أو مقابل وهن أبعد من ذلك يُحرمن من أية أنشطة أو هوايات من قبيل الرياضة والفن ومجمل شؤون الآداب والفنون من سينما ومسرح وغيرهما..
وفي الشأن العام يجري ضخ إعلامي يهبط بالمرأة نحو التشييء ويفرّغ أي وجود عام لها بضمن ذلك إلحاق كوتا النساء على سبيل المثال بتوجيهات فوقية قسرية للرجال ولفلسفة ذكورية وأسوأ منها ظلامية همجية تهبط بالمرأة لمستويات متدنية مبررة الاستغلال بأبشع أشكاله.
وبهذا الانحطاط بمكان ومكانة المرأة يُعاد افتتاح أسواق البغاء والاتجار بهن سواء من ذلك أسواق النخاسة والاستعباد الجنسي أم أسواق مقننة المهم فيها دفع الضرائب فيما استغلال المرأة يُجمّل بصيغ عرضه!
لكننا بعد هذه المحاور للعنف المسلَّط على النساء بسبب جندري حصراً يهمنا التذكير بأن بعض النُظم وحكوماتها ترى في ضرب النسوة ومجمل العنف المنزلي (تربية) لها وتوجيه قيمي لكائن متهم بنقص العقل والدين أو التربية ما يبررون به صواب ارتكاب جريمة الضرب وأشكال العنف النفسي والبدني على المرأة..
إنّ أية منطلقات لمعالجة ظواهر العنف الجندري الواقع على المرأة يبدأ من إيمان حقيقي ملموس بحقوق الإنسان الأساس، وبكرامة الفرد ومكانه ومكانته مجتمعياً أو قيمته وقدره، على أساس من مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة بالاستناد إلى مجمل ما سجَّله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بخاصة هنا تأكيد مبدأ عدم جواز التمييز..

ولقد أدركت الحركة الأممية والمنظمة الدولية تحديداً مبدأ المساواة فضمَّنته في أغلب قرارات الأمم المتحدة وإعلاناتها وفي الاتفاقات والعهود الدولية ومنها العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان؛ إذ أوصت بضرورة تضمين مساواة الرجل والمرأة في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، في القوانين الوطنية والإقليمية بما يكفل منع أو حظر أي شكل للتمييز الجندري.. ولعل التمييز ضد المرأة هو أحد أخطر انتهاكات مبدأ المساواة في الحقوق ومبدأ احترام كرامة الإنسان..

ونحن إنسانيا عالمياً، نرصد أنَّ النساء، بخاصة منهن من يتعرضن لظواهر الفقر، لا ينلن إلا الحصة الأدنى من الغذاء والدواء ومن خدمتي الصحة والتعليم ما يجعلهن أكثر عرضة للاستغلال والابتزاز ولضعف الحال بكل مستوياته البدنية والذهنية النفسية ويدفعهن لمناطق مجتمعية جد مهمّشة، بخلاف ما ينبغي للنظام العالمي الجديد أن يتبناه وأن يحققه ويلبيه من إنصاف وعدالة للنهوض بالمرأة؛ ولإنهاء كل أشكال الفصل العنصري والتمييز الجندري وطبعا أشكال الاستعمار والتدخل في شؤون البلدان وارتكاب جرائم العدوان مما يقع بشكل خطير بصورة أبرز على النساء والأطفال.. أفلا يكون ذلك شكلا آخر للعنف الذي يجب مباشرة التصدي له وحظره وتجريمه فيي القوانين الدولية من هذا المؤشر بوصفه من الجرائم الدولية الكبرى واجبة الحظر…!؟

وبالعودة إلى أصل العنف المبرر في ظروف انفلات وتجاوز على القوانين نؤكد مرة أخرى على خطورة التمييز ضد المرأة بوصفه تفرقة أو استعباد أو أي شكل للتقييد المستند لأمور جندرية لأنّ ذلك يتسبب بتسهيل فضاء العنف ضدهن وحرمانهن من تمام حقوق الإنسان وحريات الأساس بكل ميادين الأنشطة الإنسانية: السياسية-الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومجمل الشؤون المدنية..

وعليه لابد لنا أن نسعى إلى إدماج مبدأ المساواة الجندرية بعمومه وبالخصوص بين الرجل والمرأة في كل الدساتير الوطنية.. كما سيقتضي ذلك إجرائيا أن تعمد جميع الدول والشعوب والأمم إلى اتخاذ التدابير القانونية والقيمية المناسبة، سواء منها التشريعية القانونية الحقوقية أم غير التشريعية في ميدان الأداء والإجراء، بما في ذلك كل ما يلزم مما يفرض عقوبات دائمة أو مؤقتة وإجراءات جزائية تستطيع أن تحظر كل تمييز ضد المرأة وتحرمه نهائيا قطعيا…

إننا بجميع الأحوال لا نستطيع حظر العنف ضد المرأة وإنهاء تفاصيله ما لم نعمد لإيجاد أسس تلبيته عبر فرض حماية قانونية للمرأة وحقوقها بصورة متساوية مع الرجل وربما في البدء وإن بصورة مؤقتة بفرض بعض التدابير الآنية غير الدائمة وعبر إلغاء أو إبطال القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات والمواد القانونية أو النماذج العرفية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة، أو تهيئ لجريمة العنف ضدها و-أو ارتكابها. ويمكننا التذكير هنا بواجب ملزم في إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة وتتفشى بين تلك القوانين المحلية التي تتطلب المراجعة من هذا المنطلق وأذكّر هنا بمواد قانونية لإعفاء المجرم أو التخفيف عنه بمسمى جريمة الشرف!!

على أن العمل لإنهاء العنف ضد النساء يتطلب كذلك، تعزيز كفاءتها وبنية شخصيتها وطابع ثقافتها ووعيها بكفالة تطورها وتقدمها فكريا قيمياً وفي ثوابت ممارساتها وأدائها وهو ما يتطلب ضمناً تغييراً جوهريا في الأنماط الاجتماعية الثقافية للمنظومة السلوكية التي تنتهي عن التمييز الجندري. كما تستطيع القضاء على أشكال الانحياز مما ينتسب على العادات العرفية ومنظومة التقاليد البالية وأية ممارسات تستند إلى الاعتقاد بكون أي جنس إنساني هو أدنى مكانا ومكانة بالاستناد لما أسميناه التمييز الجندري بخاصة بين المرأة والرجل..

إننا لن نصل لإنهاء التمييز بوصفه خلفية و-أو سببا في تهيئة فضاء العنف ضد المرأة ما لم نتبنى وسائل قوة شخصية المرأة من جهة وتقوية وسائل حمايتها ومنع الانفلات سواء منه ما تعلق بأمنها أم أشكال رعايتها الصحية، التعليمية وفي حرياتها كافة.. وفي ضوء ذلك فإن مناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة يذكرنا بضرورة تفعيل وثائق حظر التمييز الجندري وتلبية مطالب العدل والمساواة والإنصاف بالإشارة إلى كل من هذه الوثائق الأممية وما تضمنته بحسب أسباب الصدور:

اتفاقية القضاء على العنف ضد المرأة
إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة (A/RES/48/104)
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة (A/RES/54/134)
العنف ضد العاملات المهاجرات (A/C.3/66/L.18)
تعزيز التدابير المتخذة في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية من أجل التصدي للعنف ضد المرأة
(A/RES/65/228)
الاتجار بالنساء والفتيات (A/RES/65/190)
الطفلة (A/RES/64/145)
دور المرأة في التنمية (A/RES/64/217)
القضاء على الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي بجميع مظاهرها بما في ذلك في حالات الصراع وما يتصل بها من حالات (A/RES/62/134)
تكثيف الجهود للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة (A/RES/62/133)
تكثيف الجهود للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة (A/RES/61/143)
تقرير المقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه (A/66/215)
أذكر أن هذه هي بعض ما تم إصداره أمميا واعتماده تأسيسا لمحاربة التشوهات التاريخية وهي مما يقتضي مراجعة القوانين والتشريعات والممارسات والمنظومة القيمية السائدة ومنظومة التقاليد والأعراف المتحكمة فضلا عما يجتر نُظُم منقرضة لفرضها على بلادنا مثلما إقامة ما قبل الدولة الحديثة بتسمية ولاية السفيه أم الخليفة السلطان بالانتساب لما يدعون به تدينا واعتقادا مما يختلقه بعض من ينتسب لطبقة الكربتوقراط الديني المزيف بالإشارة لأوضاع العراق الشاذة اليوم حيث تتحكم مافيات وميليشياتها بنظامها الكليبتوفاشي بمجمل الحياة ما يقع على المرأة بنوازله بصورة أشد وأعنف وأحيل مجددا لمعالجات إحصائية عديدة أكدت زيادة حجم جرائم القتل والتصفية والاختطاف والاغتصاب والاعتداءات العنفية أسريا مجتمعيا ضد النساء حتى ظهرت أسواق النخاسة سواء عند الدواعش أم عند ميليشيات المتعة ومبرر التستر والتغطية بمنظومة أخلاقية لا تنتسب لسلامة العيش وحقوق النساء وحرياتهن..

لقد ذكرت إحدى الإحصاءات الحديثة أن نسبة 77% من النسوة أكدن تعرضهن للتحرش الجنسي وهذا بوقت يُحظر الحديث في هذه القضية فما بالنا لو أننا حققنا دراسات أكثر دقة ومسؤولية في فضح الجريمة!!؟ وكم هو حجم العنف الواقع حقيقة عليهن!!؟

في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة وحظره قانونيا قيميا أشدد على تفاقم الجريمة ما يتطلب وسائل التصدي الأكثر فاعلية ونجاعة في إيجاد دروب الحل بتغيير النُظم الاستغلالية والبحث عن ثقافة إنسانية بديلة.. فهلا تنبهنا إلى واجباتنا بدل انشغال في اللهاث وراء ترقيعات يسمونها (إصلاحية) فيما هي مجرد تزويقات للإيهام وللتضليل والضحك على الذقون!!!

ثقتي وطيدة بانتصار الحركة التنويرية الإنسانية ومنها الحركة النسوية بامتلاك وعي يخلق منصة الثورة والتغيير فعليا لا بصور مزيفة سواء منها المستندة زياف للدين والمضللة بارتداء جلابيب التخفي وأعمّة التستر أم المستندة لانفلات مقابل وجميعها تمهد لاستخدام العنف وسيلة توجيه مشوه للبشرية وتمييز منظومتها القيمية القاصر عن اعتلاء منصة الأنسنة.. فهلا تفكّرنا وتدبّرنا!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أول مسابقة في العالم لملكة جمال الـ AI!


.. إزاي إمرأة تعمل مساج للرجل والعكس؟.. عالم أزهري يكشف حكم الد




.. لغز مقـ ـتل ملكة جمال الأطفال ليلة رأس السنة فى أمريكا


.. -الحب أعمانا-.. أغنية تقسم الموريتانيين بين حرية المرأة والع




.. كلام ستات - التكافؤ هو ركن أساسي في الزواج.. د. نانسي ماهر ت