الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو اكتشاف الذات

صالح مهدي عباس المنديل

2022 / 11 / 25
المجتمع المدني


انت الآوان من اجل اتخاذ وسئل جديدة للعملية التربوية عن طريق أستغلال التطور الحاصل في علم النفس من اجل ان يعرف الطالب نفسه و يسلك المسار العلمي و العمل الوضيفي الذي يتيح له ان يعمل في المجال الذي يمكن ان يبدع فيه و ينجز باعلى طاقته.
كانت فكرة المدارس المعاصرة هي التربية و التعليم، و اقول هنا نجح التعليم و فشلت التربية. اما التعليم فهو يبدأ بالقراءة و الكتابة الى الرياضيات و ينتهي بالتعليم الحرفي و المهني. و ينتج التعليم الحرفيين و المدرسين و الأطباء الى غير ذلك، التعليم هو اسهل ما ممكن في هذه العملية لان يمكن قياس ذلك بصورة دقيقة في الاختبارات المدرسية و الجامعية و يسهل تطبيقه و تعميمه على الطلبة و يمكن تطويره مع تطور وسائل الإيضاح و التجارب العملية و كذلك وفرة الحقائق المعلومة عن اي موضوع . و كل ذاك الأنجاز هو نتائج الثورة العلمية ثم الثورة المعلوماتية و التطور التكنولوجي.
اما العملية التربوية فهي اصعب من ذلك بكثير لأنها لا تعتمد ابدا على ما ذكرته سابقًا ، فهي مسأله يحيطها الغموض و لا تعتمد على الذكاء المعروف بل على الذكاء الاجتماعي و طبيعة الفرد و موروثه الجيني و عوامل متعددة منها طبيعة العائلة و المجتمع و الموروث الثقافي و المحيط الاجتماعى اثناء سني نمو و تغلم الطالب من سن الخامسة الى سن البلوغ.
اثرت هذا الموضوع بناء على ملاحظتي لطلاب كلية الطب، الجميع اذكياء ( بدرجات متفاوتة) لكن تصرفاتهم و شخصياتهم متفاوتة الى حد كبير اذ لا يتشابه اثنان قط في هذه الناحية. منهم المتفاعلين مع الحدث ينبضون بالحياة والأمل الى درجة تتمنى ان يكونوا ابنائك. و آخرين يجعلوك تتسائل ماهي مشكلتهم و لماذا يريدون ان يكونوا اطباء، فمنهم الخجول و منهم المضطرب نفسياً و منهم البارد كالصخرة لا تدري ماذا يدور بداخله و منهم من يحتاج الى الكثير من التشجيع لكي يعمل شيء او حتى يتكلم. منهم جاء الى المهنه في سبيل المال او السمعة و منهم من لديه دوافع انسانية، الكثير منهم ليس لديهم رؤية للمستقبل. و كذلك اجد الأطباء الخريجين منهم المتملق و منهم الكاذب و منهم الوصولي و منهم الأنسان المعتدل و المتمكن اجتماعيا، و منهم الخدوم و منهم صاحب الضمير الحريص على كل شيء يقوله و يفعله ان يكون على الصواب. و هناك ايضا شريحة منهم ذوي الاضطرابات النفسية. هذا التباين في المستويات لابد ان يكون عامل شخصي ينفرد به كل شخص و يختلف به عن جميع الناس.
لذا اصبح من الضروري على العملية التربوية ان تتغير تغييرا شاملاً يأخذ بعين الاعتبار التكوين النفسي و الشخصي للطالب و ذلك عن طريق تحليل عميق لنوع الشخصية، اذ لابد من استعمال العلم المتطور الذي وصل اليه علماء النفس في العصر الحديث.
حاليا العملية التربوية تحاول برمجة الطالب و الجميع تضعهم في قالب واحد. ارى ان عصر البرمجة هذا لابد ان ينتهي لان برنامج واحد فقط لا يصلح لانواع مختلفة من الشخصيات المتباينة. هذا النوع من البرمجة ترك نسبة لا بأس بها من الشباب في ارتباك لا يعرفون ماذا يريدون من الحياة، قيمهم في الحياة غير معروفة ، يتخبطون لمدة طويلة و الكثير منهم يدرك الأمور فقط بعد فوات الأوان. و كذلك كثرت الأمراض النفسية التي يسببها القلق ، و القلق يأتي من الخوف من المجهول الذي لم يتم اكتشافه، و حقيقة الأمر ان هذا المجهول ما هو الا فكرة في خيال الأنسان تنمو و يزيد معها القلق و الخوف. و ذلك يؤدي الى امراض نفسية كثيرة و منها الكآبة و هي شائعة جدا.
يجب ان تركز العملية التربوية على اكتشاف التكوين النفسي للطالب بصورة دقيقة تعتمد على اشراك اخصائي علم النفس بصورة مبكرة و بطريق تستمر حتى البلوغ، تهدف هذه العملية الى توعية الطالب و تعليمه اسرار النفس و تثقفه كي يعرف كيف يفسر و يتعامل مع العواطف المختلفة مثل الخوف و الحزن و الفرح و الكبرياء و حب الذات و الغرور، و الكذب، و لماذا يتفاعل الأنسان عاطفيًا مع الأحداث بطريقة معينة.
و كذلك لماذا يختلف الناس عن بعضهم في تفاعلهم مع الحدث و كذلك احترام رأيهم و وجهة نظرهم . و تساعد الطالب على بناء القيم الأخلاقية النبيلة عن طريق الممارسة المستمرة لها و السيطرة على الرغبات الشخصية التي تقف كحاجز.
الأنسان في العصير الحديث هو ناتج المدرسة بالدرجة الأولى ثم العائلة ثم المجتمع، و هذا الناتج حاليا غالباً ما يكون بضاعة تالفة، قلق، و ضجر و حزين، ياكل لان مضغ الطعام يثير الطمانينة و ليس بسبب الجوع مما جعل السمنة وباء العصر الحديث. ثم ياتي الأنسان الى مرحلة الوظيفة و العمل، و هنا تبدأ المشاكل بصورة عملية حيث يأتي دور المعالج النفسي لاصلاح التلف، و لو كانت هناك وقاية و تهذيب في مرحلة الطفولة لما حصلت الأمراض النفسية. و بدون اشراك علماء النفس في التربية و اكتشاف الشخصية ستبقى العملية التربوية غير مؤثرة و لها اضرار و نتائج عرضية غير مرغوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العملية التربيوية
جمشيد ابراهيم ( 2022 / 11 / 25 - 21:06 )
فعلا العملية التربوية هي الاساس فالتربية قبل التعليم و لكن الصحة النفسية معقدة لربما خليط من تربية البيت و المدرسة و ثقافة المجتمع و القيم الدينية و النظام السياسي اضافة الى العوامل الوراثية - تقبل تحياتي

اخر الافلام

.. بريطانيا: موجة تنديد بترحيل المهاجرين إلى رواندا • فرانس 24


.. لازاريني للجزيرة: الهدف الرئيس من الهجوم على الأونروا هو نزع




.. بلينكن: ليست لدينا معايير مزدوجة ونطبق المعيار نفسه بشأن حقو


.. البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو




.. إسرائيل مستاءة من تقرير لجنة التحقيق المستقلة عن الأونروا