الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سنتان سجنا - مع وقف التنفيذ - ضد سكرتيرة أحد المعسكرات النازية

بوياسمين خولى
كاتب وباحث متفرغ

(Abouyasmine Khawla)

2022 / 11 / 26
أوراق كتبت في وعن السجن


"إيرمجارد فورشنر" - Irmgard Furchner – الألمانية (البالغة من العمر 97 سنة) ، متهمة بالتواطؤ في جرائم قتل في أكثر من 11 ألف حالة في معسكرالاعتقال "شتوتهوف" – Stutthof – في بولندا الحالية.

صدر في حقها حكم بالسجن عامين مع وقف التنفيذ في حقها في واحدة من آخر محاكمات الحقبة النازية ، إذ أدينت بالتواطؤ في جرائم قتل من طرف محكمة "إيتزيهوي" ، شمال ألمانيا.

في بداية المحاكمة ، حاولت الظنينة الفرار في يوم افتتاح الجلسات. لم تمثل أمام المحكمة ولكنها تركت مسكنها في مقر للمسنين وامتطت سيارة أجرة. لكن تم العثور عليها بعد بضع ساعات فقط.

في سن 18 إلى 19 في ذلك الوقت ، كانت السيدة "فورشنر" ، تعمل كاتبة وسكرتيرة لقائد المعسكر ، "بول ويرنر هوب" - Paul Werner Hoppe ، وتتمتع بموقع "ذو أهمية " في نظام المعسكر اللاإنساني ، كما زعم المدعية العامة في مرافعتها، وقالت : "كانت تسهر على أن يستمر المعسكر في العمل".

حضرت "إيرمجارد فورشنر" جلسة المحاكمة دون أن تنبس ببنت شفة. وشددت المدعية العامة على الأهمية التاريخية الاستثنائية لهذه المحاكمة. وأضافت أن "الحكم ذي طبيعة رمزية في المقام الأول وأمر أساسي". وأعربت عن أسفها لأن السكرتيرة السابقة لم تتحدث إلى المحكمة بشأن الاتهامات ، مضيفة أن لها الحق في التزام الصمت.

وفقًا لمحاميها ، فإنها لا تنكر جرائم الهولوكوست والنازية. وبخصوص الحكم قال: "هذه هي أقصى عقوبة بالسجن مع وقف التنفيذ يمكن التصريح بها، وذلك نظرًا لسنها وقت الأحداث ، إذ آنذال كانت "إيرمجارد فورشنر" ستقدم أمام محكمة خاصة للشباب".

طوال المحاكمة، شهد العديد من الناجين من المعسكر على المعاناة التي تحملوها في ذلك الوقت. ولاحظت المدعية العامة أن الشهود "قد شعروا أنه من واجبهم التحدث، حتى لو كان عليهم التغلب على آلامهم للقيام بذلك".

في في معسكرالاعتقال "شتوتهوف" ، بالقرب من مدينة "جدانسك" ("دانزيغ" في ذلك الوقت) قتل حوالي 65 ألف شخص "سجناء يهود وأنصار بولنديين وأسرى حرب سوفيات" بشكل منهجي ، وفقًا للمؤرخين.

بعد سبعة وسبعين عامًا من نهاية الحرب العالمية الثانية ، تواصل ألمانيا البحث عن المجرمين النازيين السابقين الذين ما زالوا على قيد الحياة ، مما يدل على زيادة شدة عدالتها ، على الرغم من التأخرة .

قلة قليلة من النساء المتورطات في الفظائع النازية تمت مقاضاتهن منذ نهاية الحرب. وهكذا ، فإن السكرتيرة الخاصة لأدولف هتلر ، "تراودل جونج" - Traudl Junge ، لم تكن قلقة أبدًا حتى وفاتها في عام 2002.

في 2011 تمت إدانة "جون ديميانيوك" - " - John Demjanjuk ، حارس معسكر "سوبيبور" – Sobibor - في عام 1943 ، بالسجن لمدة خمس سنوات ، ويسمح الآن بالمقاضاة بتهمة التواطؤ في عشرات الآلاف من جرائم القتل ، أي مساعد في المعسكر ، بدء من الحارس إلى المحاسب .

في يونيو الماضي ، حكم على حارس، سابق يبلغ من العمر 101 عامًا، في معسكر اعتقال "زاكسينهاوزن" – Sachsenhausen - (شمال برلين) بالسجن لمدة خمس سنوات.

كان معسكر اعتقال "شتوتهوف" ، هو ثاني معسكر اعتقال نازي تم إنشاؤه في المنطقة التي ضمها الرايخ الثالث. كانت آخر مرة تم تحريرها من قبل الحلفاء في 9 مايو 1945. بدأ بناؤها على أراضي مدينة "دانزيج" ، على بعد 34 كم من هذه المدينة ، من غشت 1939 إلى سبتمبر 1939. السجناء الأوائل، بلغ عددهم 150 مدنيًا بولنديًا وأسير حرب. في 15 سبتمبر 1939 ، كان في المعسكر أكثر من 60 ألف نزيل: أسرى حرب بولنديون بالإضافة إلى العديد من المثقفين البولنديين ، الذين تم إبادة الغالبية العظمى منهم بسرعة على يد قوات الأمن النازية الخاصة.

في السنوات 1939-1941 ، أصبح معسكر "شتوتهوف" مكانًا للترحيل لعدة آلاف من البولنديين من "بوميرانيا" - Poméranie - بما في ذلك حوالي 4500 بولندي من "غدانسك" – Gdańsk - وحوالي 1000 يهودي من هذه المنطقة. لم يستخدم هذا المعسكر أرقامًا موشومة على أيدي السجناء.

وبخصوص المصير الغريب والمفرد لـ "تراودل جونج" - Traudl Junge - السكرتيرة الخاصة لـ "أدولف هتلر". فمن خريف عام 1942 إلى سقوط الرايخ الثالث ، كانت "تراودل يونج" السكرتيرة الخاصة لـ "الفوهرر"، وظلت مخلصة تخدم هتلر حتى اللحظات الأخيرة . ولم ترغب في فهم أي شيء. لفترة طويلة.

بعد أكثر من نصف قرن من الأحداث ، قررت "تراودل يونج" ، في ربيع 2002 ، أن تفتح ذاكرتها أمام الكاميرا. روت "تراودل جونغ" كيف دفعتها سلسلة من الصدف إلى وضع نفسها في خدمة الشخص الذي تعتبره بعد فوات الأوان "مجرم مطلق". ابنة الأبوين المطلقين، التي ترعرعت على يد أم بلا وسائل ولا إمكانيات ، وجدها طاغية ، وتعلقت به ، وكانت تتجنب طرح الكثير من الأسئلة على نفسها عندما تواجه "جنون" الرجل ...

وفي المقابل ، ضمنت الاستفادة من العيش الآمن والسلمي ، على الأقل حتى 20 يوليو 1944. لم تفكر أبدًا في الفرار. لا تعرف ماذا تفعل أو أين تذهب ، غير قادرة على تصور تكملة للحرب ، ستتبعه حتى النهاية. نهاية مروعة تنتهي في 30 أبريل 1945 بانتحار هتلر وعشيقته والزوجين "جوبلز"- Goebbels - وأطفالهما الستة. ومع ذلك ، فإن هذه الخاتمة الدموية لا تجلب أي ارتياح للسكرتيرة الشابة.

على العكس من ذلك قالت: "في ذلك الوقت ، شعرت بضيق عميق، والكراهية، لأنه رحل ، وتخلى عنا. وبعد ذلك كنت خائفة بشكل رهيب مما سيحدث. امتلأ ذهني برؤى رهيبة: أراض محروقة ، رجال مخصون ، نساء مغتصبات... لم أدرك إلا بعد أن قابلت أول أميركيين أن كل ما قيل لنا كان خطأ ". خيبة الأمل المؤلمة التي ستستغرق وقتًا لفرض نفسها بالكامل.

أصيبت "تراودل يونج" بصدمة عميقة جراء الحقائق المرعبة التي تم الكشف عنها خلال محاكمة "نورمبرغ" ، لكن لم تربطها على الفور بقصتها. إذ قالت: "لقد شعرت في الواقع بالارتياح لأنني لم أكن مضطرة لتحمل هذا الذنب ، لأنني لم أكن أعرف أيًا من هذا." وعند منعطف نزهة أمام نصب تذكاري للمقاومة "صوفي شول"(* ) - Sophie Scholl- أدركت فجأة أن هذه الفتاة كانت في نفس عمرها ، وأنه تم إعدامها في العام الذي دخلت فيه خدمة هتلر. في ذلك اليوم ، أدركت أنه لا يمكن استخدام الشباب أو صغر السن كعذر لها بأي حال من الأحوال. وتوفت "تراودل يونج" في 15 يناير 2002 ، بعد أيام قليلة من عرض تصريحاتها.
_________________________
(* ) - ولدت في 9 مايو 1921 وتم إعدامها في 22 فبراير 1943 في ميونيخ ، كانت مناضلة ألمانية ضد النازية وأحد أعمدة شبكة "الوردة البيضاء" مع شقيقها "هانز".
_______________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال


.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال




.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان


.. فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي




.. جوزيب بوريل يدعو إلى منح الفلسطينيين حقوقهم وفقا لقرارات الأ