الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عن ( الزغل / دعوة المحنة )
أحمد صبحى منصور
2022 / 11 / 28العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال الأول :
قرأت فى كتاب ( الأمثال الشعبية ) لأحمد تيمور باشا المثل الشعبى المصرى القائل ( زبون العتمة فلوسه زغل ) ؟ كلمة الزغل غير مألوفة مع انها مثل شعبى . ماذا يعنى هذا المثل ؟ وما هو الأصل فيه ؟ .
إجابة السؤال الأول
1 ـ ( الزُغل) هو : تزييف الذهب. وقد شاع هذا فى العصر المملوكى حتى سجلته الحوليات التاريخية . يقول بدر الدين العينى فى تاريخه ( عقد الجمان ) فى حوادث سنة 813 : ( دخل الزغل فى الذهب كثيرا) . وكانت السلطة المملوكية تطارد الزغلية المزيفين للذهب ،
شيوخ إحترفوا تزييف الذهب والفضة
1 ـ فى سنة 827 يقول العينى : ( أُمسك ( أى أُعتقل ) رجل من الصوفية بالمؤيدية، وجدت عنده آلات الزغل فأمر السلطان بقطع يده ، فشفع فيه فأخرج ، وضرب ضرباً مبرحا، وسجن) . المؤيدية هى الخانقاة ، وهى من مؤسسات التصوف وقتها . والمعنى أنه كان من الصوفية من عمل في تزييف العملة الذهبية.
2 ـ واعتقل الشيخ الصوفى إسماعيل النبتيتى سنة 889 متهما بعمل الكيمياء ، يقول عنه السخاوى فى تاريخه ( الضوء اللامع ) : ( وجرت له حادثة بسببها تألم لها الخيرون وذوا الظن الخير به) .
3 ـ وفى سنة 911 اتهم الشيخ الصوفى سنطباى بضرب الزغل، ووجدوا عنده عدة ضرب الزغل، وكان عنده جماعة يعاونونه فأمر السلطان الغورى بقطع ايديهم . ونفى السلطان الشيخ سنطباى للقدس حسبما يذكر ابن اياس فى تاريخه ( بدائع الزهور) . ويذكر المؤرخ الغزى فى تاريخه ( الكواكب السائرة ) أن السلطان الغورى شتم الشيخ سنطباى ، وقال له : ( إنك تدعى أنك الصوفى المسلك وأنت زوكارى شيطان زغلى ، أخرج من مملكتى ).
4 ـ واشتهر بالزغل الشيخ جمال الدين ، حتى صار لقبه ( الزغلى ) ، وقد سجنوه فى سجن المقشرة أسوأ السجون المملوكية ، وهرب منه سنة915 . وقال ابن إياس إنه ( اتلف سائر المعاملة من الذهب والفضة ، وظهر بها الزغل كالشمس ، حتى ضج من ذلك سائر الناس والأمراء.. فقبض عليه السلطان وسجنه فهرب. ثم عثروا عليه وعلى خمسة من أتباعه فشنقوهم . وشنقوا زغليا آخر على باب زويلة .
موظفون كبار عملوا فى ( الزغل )
1 ـ واتهموا الأمير بردوار الأتابكى، فعذبوه حتى الموت بسبب شهرته بالزغل .
2 ـ وبعض الوزراء اتهم ب ( الزغل ) مثل الوزير ناصر الدين الشيميى ت 834 وقد تولى الوزارة للناصر فرج ثم عزل وصودر سنة 804 ( بسبب أنه ظهر عنده من يعمل بالزغل ويخرجه على الناس ) .
3 ـ ودخل ( الزغل ) فى المؤامرات والتلفيق ، فقد دسّ المحتسب ( يار على العجمى ) أدوات الزغل في بيت غريمه قوام الدين العجمى واتهمه عند السلطان جقمق بتزييف الذهب ( الزغل ) فضربه السلطان جقمق هذا الشيخ وحبسه .
توسيط الزغلية ( أى قطعهم نصفين )
وتكاثر تزييف الذهب وانتشر ( الزغلية ) سنة 862 ، فأمر السلطان بتسعير الذهب والفضة ( وصار السلطان يقطع أيدي الزغلية أو يوسطهم ) أى يقطعهم نصفين بالسيف ( فارتعبوا وأصلحت أحوال المعاملة بعد جهد كبير، وكان اينال يوسّط كل من يقع تحت يده من الزغلية فأصلح معاملة النقد فى أيامه"حسبما يذكر ابن اياس فى تاريخه . ويذكر المؤرخ المملوكى أبوالمحاسن ابن تغرى بردى فى تاريخه ( حوادث الدهور ) فى حوادث نفس السنة 862 أن السلطان وسّط ثلاثة من الزغلية ، وكان أيضا قد وسط خمسة منهم ، لأن الزغلية تسببوا فى اضطراب النقد واختلال قيمة الدينار الذهبى فتهدد الأمن فى البلاد . بسبب هذه الشدة هدأت الأمور قليلا ، إلا أن نشاط الزغلية عاد،
أخيرا
هذا هو الأصل الذى إنحدر منه المثل الشعبى المملوكى القائل : ( ماتنقدوهم كلهم زغلية) الذى ذكره الأبشيهى فى كتابه ( المستطرف ). ( ما تنقدوهم ) يعنى لا تتعاملوا معهم بالنقود. ثم إخترعوا فيما بعد المثل الشعبى الذى ذكره تيمور فى كتابه ( الأمثال الشعبية ) وهو : ( زبون العتمة فلوسه زغل ) . والعتمه هى وقت العشاء حيث الظلام.
السؤال الثانى : دعوة المحنة
قرأت لك فتوى عن دعوة المظلوم . وأنا مش مظلوم ، لكن مصاب بمرض خطير وترتب عليه خسارة أموالى ، يعنى فقدت الصحة والمال ، والناس المنتفعين منى تركونى وتبخروا من حولى. أنا فى حالة إكتئاب شديد ، وكنت أداوم على زيارة الطبيب النفسى وتناول الأدوية ولم تنفع . وفى حالتى الآن لا استطيع شراء الدواء ، ولا فائدة فيه . بدأت أستريح للصلاة والدعاء . هل هناك دعاء من القرآن ينفعنى ؟
إجابة السؤال الثانى
1 ـ تعرض أنبياء لمحن ومصاعب فاستغاثوا بالله جل وعلا ، واستجاب لهم ربهم جل وعلا فكشف عنهم الضرر، وذكر هذا فى القرآن الكريم ليكون هذا لنا عبرة وعظة .
1 / 1 : أشهرهم النبى أيوب عليه السلام . قال جل وعلا عن مرضه : ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) الانبياء ). تدبر قوله جل وعلا لنا ( وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ).
1 / 2 : وتعرض يونس لمحنة أكبر حين إبتلعه الحوت فدعا ربه جل وعلا فاستجاب له ربه جل وعلا : ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) الأنبياء ) . تدبر قوله جل وعلا لنا : ( وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ).
2 ـ وتعرض النبى محمد وأصحابه لمحنة قبيل موقعة بدر . إستغاثوا بربهم فاستجاب لهم ربهم . لقد أرغم المشركون النبي والمؤمنين على ترك أموالهم وبيوتهم فى مكة فهاجروا إلى المدينة ، وأستولي المشركون على ما كان لهم ، ومنها أرصدة الأموال التى كان المؤمنون فى مكة يشاركون فيها فى رحلتي الشتاء والصيف . إذ كان من عادة قريش أن تشترك كلها فى رأسمال القافلة بشراء كل فرد ما يقدر عليه من أسهمها ، وكان من حق المؤمنين بعد هجرتهم للمدينة أن يستعيدوا جزءا من أموالهم التى تركوها فى رصيد التجارة أو فى العقارات التى أرغمهم المشركون على تركها ، ومن هنا كان السبب المباشر فى غزوة بدر الكبرى . ومعروف أن النبي محمدا عليه السلام خرج فى طائفة قليلة لاعتراض قافلة أعدائه ، ولم يكن مستعدا لخوض معركة كبرى مع جيش كامل ، ولذلك كانت المفاجأة أن تحتّم على المؤمنين أن يواجهوا الجيش القرشي فى معركة حاسمة وفاصلة ولم يستعد لها المؤمنون . كانت معركة فاصلة لأن هزيمة المؤمنين فيها ستصيبهم فى مقتل معنويا ، وسيطمع فيهم بعدها مشركو العرب ومنافقو المدينة واليهود حولها ، وستنتهي الدولة الوليدة ، وكانت معركة حاسمة لأن المؤمنين مع قلتهم العددية كانوا فى حاجة إلى المواجهة والانتصار معا ، وكان الانتصار فى المواجهة يؤكد وجودهم ويوطد دولتهم .. ولأن الانتصار فى هذه الحرب كان مرهونا بالكثرة العددية بسبب الطبيعة الفردية البسيطة للأسلحة " سيف مقابل سيف " فإن تغلب المؤمنين على جيش يفوقهم ثلاث مرات كان مرتبطا بعزيمة بشرية عالية وتوكل صادق على الله تعالى ، وبذلك تتحقق المعجزات البشرية . ولذلك استغاثوا بالله طالبين النصر ..ونصرهم الله جل وعلا . يقول سبحانه وتعالى: ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) الانفال ). نزلت الملائكة تطمئن قلوب المؤمنين وتشد أزرهم وتبشرهم .. ولذلك تناسوا الكثرة العددية لأعدائهم ، وألقوا بأنفسهم فى المعركة يطلبون النصر منه جل وعلا . واستجاب الله سبحانه وتعالى ..( وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8) الانفال ) . صدق الله العظيم .
أخيرا
لك أن تدعو بكل ما فى قلبك من لوعة متذكرا أن الله جل وعلا هو الذى يجيب المضطر إذا دعاه ، ويكشف السوء عنه .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مدينة القيروان في تونس تستعيد ألقها الروحي خلال شهر رمضان |
.. صلاة التراويح فى الكنيسة الإنجيلية بالمنيا .. نصف المغفرة من
.. نجوي كرم تتحدث عن رؤيتها للسيد المسيح 13 مرة في ليلة واحدة
.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في لبنان تمطر مستوطنة كريات ش
.. الدكتور عبد الحليم محمود.. رحلة في حياة شيخ الأزهر الأسبق