الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيامة و البعث لدى المصريون القدماء

اتريس سعيد

2022 / 11 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هذا الموضوع سبق وتحدثنا عنه وهو مفهوم الكا والبا والاخ في ثقافة "كيمت" العريقة وسنعرضه مرة أخرى لأنه يحتاج إستيعاب وأعلم أنه من الصعب على معظم الناس فهم و إستيعاب أو حتى تصديق هذه الأفكار لكنها كانت سائدة يوما ما في حضارات إهتمت كثيرا بالجانب التجاوزي غير المرئي و الذي عبرو عنه بالحياة الأخرى ورفضهم القاطع لفكرة الموت وأن الروح باقية لا تموت أبدا بل ترجع من حيث أتت.
لذلك من يريد أن يفهم أكتر عليه بقراءة كتاب الأموات، فإن معظم ما يتناوله هذا الكتاب هو وصف الحالات التي يمر بها "الوعي الديناميكي" الذي ترك الجسد وراح يجول في رحاب العالم الآخر (التجاوزي) وفي الحقيقة فإن ما يتناوله الكتاب بشكل عام ليس له علاقة بما يحصل مع الفرد بعد موته بل بعد خروجه عن جسده لفترة زمنية مؤقتة، وذلك لمشاهدة و إختبار واقع خيالي تم إيحاءه إليه قبل أو خلال دخوله في هذه الحالة الإستثنائية من الوعي البديل، وهذا ما عبر عنه بالطائر الذي رأسه رأس إنسان
مجرد أن سلمنا بواقعية هذه الظاهرة يتكون لدينا نظرة مختلفة تماما لمفهوم "كا/با". وأصبح بإمكاننا إستنتاج السبب الذي جعل ال "با" يُعبّر عنها في المخطوطات على شكل طائر لكن رأسه يُستبدل برأي "الميّت" أو "الخارج عن جسده" .
أما ال "كا" فبالرغم من تعدد تفسيراتها التي تؤدي إلى حالة إرباك بدلا من التوضيح، فهي تمثل وفق المفهوم الجديد الإمتداد التجاوزي للإنسان، أو مستوياته العُليا (الذات العليا) وهذا ما قصده المصريون عندما رمزوا إليه في نصوصهم بيدين مرتفعتين للأعلى.
أما ال"آخ" فهي تعني بأن الفرد بلغ مرتبة نصف إله، لكن وفق المفهوم الجديد أصبح أكثر وضوحاً. حيث تعني أنه بعد بلوغ حالة الإرتقاء الروحي (الإتصال مع "كا"، الذات العليا) بحيث أصبح ممكنا الإنتقال إلى العالم التجاوزي (الوعي البديل) حين الطلب، يصبح "الوعي الديناميكي" نشطا عند الفرد بحيث يستطيع الإنتقال إلى أي موقع زماني أو مكاني حسب الرغبة (ال"با" المُجنح) لكن بعد أن نعلم بأن "الوعي الديناميكي ليس مجرد إنتقال الوعي من مكان إلى مكان ليجمع المعلومات بل قادر على إحداث تغييرات في الأشياء المستهدفة، حينها ندرك أن المرتبة التي يبلغها الفرد هي مهمة لدرجة تجعله نصف إله، و هذا بالضبط ما يُقصد به خلال الحديث عن مرتبة ال "أخ" اي وكأننا نتحدث عن مرتبة إمتلاك ال"سيدهي" أو يقضة "الكونداليني" في التعاليم الهندوسية. وبما أن ال "أخ" تعني أيضا حالة "التنور" أو "البهجة" فهذا يجعلها قريبة الشبه بحال "النيرفانا " بمعنى ما.
أما من هو الفرعون ؟ هو الذي إستطاع أن يحقق نصف الإله أي إستطاع الوصول إلى مرحلة التنور، فمن أجل أن يبلغ مرتبة الإله، أو العودة إلى أصوله الإلهية، كان على الفرعون أن "يموت" ثم "يولد" من جديد. هكذا إنجاز كان يُحقق عبر شعائر معينة كان على الفرعون خوضها عدة مرات في حياته (أي الموت والولادة من جديد عدة مرات) وكانت تحدث في يوم محدد في السنة وبرفقة الكهنة، حيث يصعد عبر ممرات الهرم الأكبر ويدخل حجرة الملك ويستلقي داخل الناووس ، فتجري العملية حيث يتم تحفيز الوعي لديه على الإنتقال إلى المستوى التجاوزي (الخروج عن الجسد) بحيث يشعر الملك خلالها بأن روحه غادرت الجسد فعليا وراحت تتجول في الفضاء اللامحدود لفترة معينة قبل العودة مجددا إلى حالة الوعي العادي (الموت والولادة من جديد) (هذا المفهوم إنتقل فيما بعد لشخصية المسيح) الإله الذي مات ثم عاد) هذه الظاهرة أصبحت معروفة جيدا في يومنا هذا بإسم "حالات الإقتراب من الموت"، بعد عودته إلى جسده من هذه الرحلة الوجيزة إلى العالم التجاوزي، يكون الفرعون قد وُلد من جديد، ومن هنا جاء مفهوم "القيامة" أو "الإنبعاث" من جديد، هذه العملية الطقسية، أي الموت و القيامة، تؤدي إلى خلق ال"أخ" ويكفي إجراء هذه الطقوس ١٤ مرة في حياته لكي يكتسب الفرعون ١٤"كا" و ١٤ "أخ"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج