الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


37 – مدخل . . الى العقل المتصنم اغتراب تاريخي . . في دوران خارج المألوف ( الجزء الثالث ) أولا - تشريح نانوي للارتحال في الغيبوبة

أمين أحمد ثابت

2022 / 11 / 30
المجتمع المدني


استكمالا لمبحثنا الاساسي حول الذات في موصفها الخاص ( العقل ) ، وذلك فيما يخصنا عربا ويمنيين – فحول اللفظية المحددة بالذات نفسها وفي موضع اهتمامنا ( الذات العربية ) – فردا او مجتمعا – كنا قد كشفنا عن طابعها الغربالي المثقب خلال مسارها التاريخي كمجتمع عام عربي او كمجتمعات مشطرة بمعرف الاقطار العربية . . تقديرا ، والذي وسم ومازال يوسم حاضرا ومستقبلا في المدى المنظور . . انه مسار مطبوع بالإعاقة المتنامية المانعة لحقيقة التغير أن يحدث – كغيرها من شعوب مجتمعات الارض – وكيف اصبحت الاعاقة مورثا جوهريا لإنتاج انسان مجتمع تتنامى سمة الفصام المجتمعي لشخصيته لأجيال من بعد اجيال – وهو يعد الجوهر الكاشف لوجه الانسان المطبوع وجودا على شعور الاغتراب ، والذي هو ليس منتجا عصريا – فينا – بل هو مورث غرس في جوهر حقيقتنا الذاتية المتحولة عبر التاريخ ب . . تلك السمة المعلمة علينا مرضيا ونحن لا ندرك ذلك – أما في جزئية محورنا هنا نبحث استكشافا الزاوية الاخرى المتممة لحقيقة اغترابنا وذاتنا المتصنمة – الراهنة والمستقبلية – والتي نكون قد اشرنا إليها في مبحث الجزء الاول ولكن لم نخض فيها .

فمن التاريخ المدون لمسار التجربة البشرية لمختلف شعوب الارض – وايضا ذلك غير المسجل ولكن المدون بافتراضات مجردة الاستقراء التأويلي والظني في بعض منها – ينكشف بشكل مادي الاثر وبشكل موضوعي ملموس عبر الاثار والمستحاثات والأحافير بأن الذات الانسانية المجتمعية عامة قد عبرت التاريخ بتسلسل تحولي لوجود العيش والعلاقات والقيم ومنتج العمل والحاجات ( المادية والروحية ) – هذه الاخيرة التي تعاظم شأنها من بعد ظهور الملكية الخاصة وتعممها ومن ثم تسيدها على كافة شعوب الارض وحكمت وجودها ونظمت حياتها على اساسها – وذلك المنكشف فيما يخص موضوعنا – حول الذات – موصف تحولها التسلسلي عبر التاريخ :

جرى تعقد نشاط الدماغ في الادراك الحسي مخيا – رغم تناقص القدرة الفاعلة للحواس عنده . . ثم ← التفكير المجرد منضافا إليه لاحقا خاصية القدرة على التخيل . . ثم ← انفراز التفكير والتخيل المجرد بين تفكير تفسيري واخر بين تأويلي وظني . . ليظهر متجلى العقل بشقيه ( المنطقي والعاطفي ) . . وثم ← نشأ الاخلاق كقيم حاكمة للمجتمعية البدائية . . ثم ← ظهر الفن والدين وخصص حكم المجتمع عبر ثلاثييه ( الحكمة ، الدين والفن التمسرحي الموسوم بالسحر والشعوذة ) . . ثم ← التفلسف ونشوء الفلسفة وتسيد طابعها الجدلي بين المذاهب الفكرية المجردة
. . ثم ← ظهور العلم بديلا عن الفلسفة كركيزة لمعرفة العالم بما يحتويه –الكوني ظنيا والكوكبي الارضي في مادته غير الحية والحية ، ومن هذه الاخيرة بخصوصية سمة العاقل . . الانسان والمجتمع والعلاقات الاجتماعية و . . ما يتصل بكل مكون منهم على حدة او بمتصلهم الثلاثي على صعيدي الاخلاق والحق . . ونظم الحكم – بين سلطة القوة ( نفوذ عبر الحكم او المال ومن ثم عودة الدين كمكمل شبه قدسي للشراكة في الحكم ) – وهو المثلث الذي فرض نفسه وجودا على كل مراحل التاريخ الانساني الى اليوم وغدا . . ، واخيرا ← التخصصية المجالية العلمية الدقيقة الضيقة والاكثر ضيقا ودقة وهكذا . . ومحاولات عود التفلسف مجددا بأنساق مفتوحة غير ملمومة بطابع خاص بمعرف الفلسفة .

( وطبعا كل ما خلقه العقل من فكر منطقي وتخيلي تحول عبر الممارسة المرحلية كواقع مادي وروحي لإنسان المجتمع ، وتحول عبر المسار الممارسي التاريخي كإرث معاد انتاجه بصيغه المعاصرة عند كل فترة او مرحلة من فترات او مراحل التاريخ – وهذا ينطبق ايضا على حضور منتجات العقل – سابقة الذكر – باستمرارية حضورها اجتماعيا ( على صعيد الفرد او المجتمع ) – أي بمعنى حضور القديم من مراحل التاريخ الماضية في الواقع الجديد – وهو حضور بين ايقوني عصبوي الطابع تزمتي وبين البرقشة الفسيفسائية القديم والحديث وفق طابع المرحلة – وبمعنى ثاني ، أن حتى صور منتجات العقل القديم البدائي تحضر حتى اليوم برداء تسويقي عصري ، تكون غالبا وسيلة انتهازية لخداع العقل الجمعي وتزييف وعيه- كوسيلة مثل غيرها من وسائل التغرير الاستهلاكي - كما وتحضر جامدة بطابع تعصبي عند اقلية مجتمعية ) .

إذا كان ما سبق طرحه اعلاه يعم كافة ( عقل ) انسان مجتمعات الارض وشعوبها . . خلال مسار التاريخي البشري الموسوم بالتغير – أي التطور – والذي انتج اثره المجرد المتحول كفعل ممارسي . . تغيرا – تطوريا – على كافة اصعدة الحياة ونظمها ( المادية والروحية ) وطبائع العمل والانتاج ومخططات التفكير الاستباقي للمستقبل ، وبصورة محددة على ذات انسان المجتمع – الفردي ، الخاص والعام – تغيرا في وعيه ومظهره ومسلكه وتعامله وتفاعله الاجتماعي او مع العمل الوظيفي . . الخ – ولن نخوض حول فارق التطور بين شعوب بلدان توصف بالمتقدمة واخرى متأخرة – في هذه الاخيرة يفرق بين مجموعها من حيث الدرجة من النمو التطوري المتأخر . . الى راهن اليوم – فما يهمنا هنا الوقوف على قاعدة المسار العام التاريخي لتطور الانسان والمجتمع ، ولنقرأ حقيقة ذاتنا العربية الموجودة – موضوعيا – داخل ذلك المسار العام التطوري ، وذلك لنكتشف حقيقة وجودنا الذاتي الراهن والمستقبلي . . فيما يتجلى ملموسيا برهنيتنا داخل قمقم مغلق من الإعاقة والتعثر . . كإشكالية تبدو لا حل لها ، فكل المحاولات الفكرية النظرية والعلمية التعلمية والممارسة السياسية والثقافية ( الثوروية ) النازعة من بعد منتصف القرن العشريني وحتى نهاية عقد الثمانينات منه . . والى المعايشة الاستهلاكية للحداثة والمعاصرة لزمنية – الخديعة الغربية الايديولوجية بمسمى العولمة – من بعد تسعينات القرن الماضي وصولا الى اللحظة القائمة بمتهدد الصراع العالمي الامبريالي بين الاقطاب الغربية والقطبين المقابلين الروسي والصيني بفشل تلك الايديولوجية الفاشية . . المنتجة أمريكيا بالأصل .

والذي يعني اننا نحاول طرح ( معالجة بمنظور وتحليل واستنطاق اخر ، وبخروج بمؤشرات مغايرة جديدة لفتح اشكالية " تعوقنا الذاتي " والعودة الى المسار الطبيعي للتطور – كغيرنا من شعوب مجتمعات الارض وانسانها ) – ما دامت كل المحاولات لم يسفر عنها أي أثر . . حتى في رج ذاتنا . . ونحن داخل ذلك القمقم المغلق – والذي يعد طرحا مضافا متمما للجزئيين السابقين من هذا الموضوع ، ليكون شبه مستكملا بمعنى من المعاني – كخط رؤية منهاجية مغايرة – لكامل مؤلف السلسلة – ولكن ليصبر علينا القارئ النبيه في طبيعة منهاجيتنا الخاصة التي نتبعها و . . ولو قليلا ، فقبل ولوجنا في منظور بحثنا المغاير . . يستدعينا او الخوض في مفصلات خصصنا بها عبر كل مراحل التاريخ الماضية وصولا الى اليوم ، وهو ما سيفتح لنا بوضوح الدخول والسير في منظورنا – المعالجي بشكل غير مباشر – لوجودنا كظاهرة مجتمعية وذات انسانية عبر عليها التاريخ لتجد نفسها كخلق مشوه معاق . . تنتظر منقذ لشفائها . . وإن كان تدريجيا وببطء ، يكون بدء التشافي كسر القمقم او القوقعة الساجنة لها لمئات او آلاف من السنين و . . إعادتها لبيئة المسار الطبيعي التاريخي للشعوب ، لتكون المرحلة التطببية – مجازا – اللاحقة العمل على تحلل الطبيعة السالبة للذات وتثبيت حقن التظهير للجوهر الانساني علاجيا – الذي ظل معطلا وبحكم التلاشي فينا – واخيرا العمل ببدء المرحلة الاخيرة تطبيبا . . ما يشبه ( العلاج الطبيعي ) ، بأن تعود هذه الذات – المنتقلة من العلة المرضية التاريخية الى القابلة للتشافي – على ممارسة وجودها ( الحقيقي ) – الغائب طوال التاريخ الانساني - المنبعث تخلقا كطائر العنقاء الاسطوري من وسط الرماد ، لتعود ذاتا طبيعية الوجود بتفاعل حياتي ( إيجابي . . منتج وليس مستهلك فقط ) ، فشفائها الكامل سيطبعها ذاتا معاصرة اصيلة – كسواها من ذوات انسان شعوب المجتمعات الاخرى . . بما فيها المتقدمة – فلن يبقى من جوهر ارثها الخاص المجتمعي غير ذلك الاصيل الموجب كقيمية انسانية عامة ، القابل للتطور حتى اللحظة الراهنة ، والذي سيتجلى ويتجسد نوعيا في صورة ذلك الاخير من طابع التطور الموسوم به العصر الحالي ، حيث لن يعد فينا انسانا ومجتمعا وواقعا وحياة أي وجود تناقضي متعارض ومتداخل من بنى التاريخ القديمة والحديثة والمعاصرة .

عودة لعنواننا الفرعي لهذا الجزء – الذي هو ليس إلا تعبيرا مجازيا لمنكشف حقيقتنا المطبوعة على الإعاقة ووسمنا بالذات الفصامية الحاضرة حديثا الى وقتنا الراهن – فارتحال الغيبوبة الذاتية ، تكشف اللفظة الأولى الى طبيعتنا الذاتية خلال مسار التاريخ الانساني من حيث جوهره المعلم بالتغير او التطور ، أما دلالة لفظة الحال وصفا لذاتنا تدل على أن مرتحلنا عبر ناقلة التاريخ قد حملتنا عبر مسار طويل من المراحل وصولا الى الآن و . . نحن في حالة من فقدان الوعي – الذي يفقد تبعا له الفعل الطبيعي ( التغييري ) – والذي بجملة العنوان يشي بدلالة الى حقيقة توقفنا التاريخي الطبيعي - التطوري عند مرحلة قديمة من قدم التاريخ الانساني ، ليطبع وجودنا على صدر ذلك المسار الامامي الزمني لحركة الشعوب . . بحركة دورانية مغلقة ومفرغة حول طبيعتنا الذاتية التي وقفنا عندها قديما ، حركة تعيد فينا وبواقعنا وحياتنا كل ارث الماضي القديم جدا بمراحله السابقة من بعد المرحلة الوحشية وصولا الى مرحلة التوقف تلك ك . . كآخر معلم خاص بنا من حيث التطور الطبيعي – ولوجودنا الموضوعي مع غيرنا في المسار الزمني الموضوعي للتاريخ ، يجعلنا اصلنا البشري – الإنساني – ذاتا متفاعلة – ولكن سلبا - في وجودها الزمني مع ما يولده الانسان العام ومجتمعاته من ارث تطوري متواصل على كافة اصعدة الوجود المادي والحياة – تلك الغيبوبة وسمت حقيقة وجودنا الحياتي وانساننا المتنقل عبر مراحل التاريخ اللاحقة الى اليوم ب ( التفاعل السلبي ) ، اضافات التطور المجتمعات البشرية مكتسبة فينا ك ( استهلاك ) – أي ما يجعلها غير اصيلة نابعة من خصوصيتنا – المتصنمة بإرث ماضوي سحيق – بقدر ماهي منتجة عبر انسان الشعوب الاخرى ومكتسبة بمعايشة استهلاكية معاصرة في كل مرحلة من مراحل التاريخ – من بعد حقيقة توقف طبيعتنا عن التطور – الى اللحظة الراهنة والمستقبلية – وجملة تلك التأثيرات العصرية المكتسبة فينا – كجبر موضوعي من جبرية التاريخ - عبر كل المراحل من بعد سقوطنا من تشرنقنا المرضي الاعاقي بتمحورنا على انفسنا في حركة دوران مفرغ – تفرض سمات كل فترة متأخرة من مرحلة تاريخية من مسار التاريخ نفسها علينا كوجود ظاهري وحياة ظاهرة شكلا . . عصرية ، فكل سمات مرحلة لاحقة يعد الوجود زمنيا فيها وجودا عصريا ، بحيث يكون وجودها الشكلي الظاهري سائدا على مجتمعات الارض وانسانها على حساب الخصوصية المجتمعية لإنسان هذا المجتمع او ذاك – باستثناء تلك الاقليات من الشعوب العشائرية الوحشية التي وجدت نفسها مقطوعة الاتصال بإنسان المجتمعات الاخرى ، وما جبل وجودها أن تجد نفسها خارج مسار التاريخ فعليا ، وإن كانت قد اعيد وجودها التفاعلي التعايشي مع الشعوب الاخرى . . كعود الى المسار الانساني العام ، وذلك بعد اكتشاف خارطة الارض كلها وبشعوبها القديمة التي وجدت خارج التاريخ ، خاصة بعد احتلالها ودمجها قسريا كتابعة مستعبد انسانها وملحق موطنها بمركز الدولة المستعمرة لها – والذي يعني فيما يخصنا حاضرا ، أن سمات العصر الحديث الى اليوم تفرض نفسها وجودا فينا وعلى حياتنا – ولكونها مكتسبات غير اصيلة لم ننتجها نحن – فإن تسيدها فينا وعلى حياتنا وواقعنا تكون معجونة بكل ارثنا القديم عبر كل مراحل التاريخ – التي انتجناها حتى اللحظة الاخيرة من التوقف الانقطاعي عن التطور ، والتي انضافت علينا ( سلبا ) خلال كل المراحل اللاحقة الى اليوم من غيرنا – لنجد انفسنا عند النوعيين القلائل المستيقظين من الامة العربية – خلال الألف سنة الاخيرة تقريبا ، وتحديدا من بعد العقود الثلاثة الاولى من القرن العشرين ، وبأكثر تحديد زمني من بعد منتصف القرن العشرين . . انهم يقفون مصعوقين امام حقيقة مشوهة لذات الانسان العربي وواقعه وحياته ، حيث تختلط سمات العصر الحديث كمظاهر فينا كذات وعلى حياتنا وواقعنا ، ولكنها تكون بمضامين مختلفة متنوعة جوهرا ، والتي تعلق فينا كمورثة من مراحل التاريخ القديمة والسابقة لزمننا الحالي – يجدون ذات الانسان العربي في مجتمعاته القطرية وبوجود حياتي وقيمي ووعي عقلي ( مشوه . . مسخي ) . . لا هو بالمعاصر ولا هو مطبوع على اية مرحلة من مراحل التاريخ القديم والسحيق – من هنا تاهت الخيوط لفتح اشكاليتنا التاريخية المعاقة ، مما جعلت يبدو واضحا أن كل الجهود الذهنية الفكرية والعملية لإعادة انسان المجتمعات العربية الى المسار الطبيعي التطوري لشعوب المجتمعات وذات الانسان العام ، وذلك بكونها لم تمتلك قوة زحزحة لإخراج ذاتنا عن حقيقتها الجامدة – المقاومة بنفسها مسألة الخروج عن حالتها المسخية – ولو . . قيد شعرة ، حيث كل المحاولات خلال ال70 عاما الماضية واخرها بدء العقد الثاني من القرن ال21 الى اليوم ، ما زالت تعيد انتاج التشوه بأسوأ مما كان قبلا . . لا أدريا ، لتجد الصفوة القلائل من النخب العربية نفسها عاجزة عن عمل شيء – بعد ما يكونون بضعة منهم قد افنوا ثلثي او ثلاثة ارباع عمر حياتهم في محاولة اكتشاف جوهر حقيقة الاعاقة وتقديم ولو بعض حلول افتراضية مجردة ناتجة عن تصوراتهم الاستقرائية لفتح عقدة التشوه فينا والتي اصبحت معلمة علينا كجوهر متوارث فينا عبر كل مراحل التاريخ القديمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة